الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أمّا بعد:
إنّ الفتاة المؤمنة، لها مكانة عظيمة، ورفيعة عند الله عز وجل وعند رسوله صلى الله عليه وسلم، وعند المسلمين، فهي معززة مكرمة، ومحفوظة مصونة، لا يرضى لها إلاّ أن تكون بنتاً طاهرة عفيفة يعطف عليها الجميع، وزوجة محترمة، وأُماً حنوناً، وأختاً عزيزة، فيا ترى من هذه الفتاة المؤمنة، التي حظيت بهذه المكانة الرفيعة، والمنزلة العالية،في هذا الدين الحنيف، إنها الفتاة التقية، النقية، العفيفة، العابدة، الصادقـة، الصابـرة، الرحيمة، المطيعة، البارة، الرفيقة، المعينة، الصالحة، قال الله تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: من الآية 34] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة» (صحيح مسلم1465).
فيا أيّتها الفتاة المؤمنة: كونـي فتاةً صالحةً بنتاً، وزوجاً، وأماً، وأختاً، متمثلة معنى العبودية لله، واعية هدي دينها، تؤمن إيماناً عميقاً بأنّها خلقت في هـذه الحياة الدنيا لهدف كبير، حدده رب العزة بقولـِهِ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56].
فالفتاة المؤمنة صالحة في نفسها، وفي مجتمعها، فهي في عبادة فهي تبر والديها، وتحسن معاملة زوجها، وتعتـني بتربية أولادها، وتقوم بأعبائها المنزلية، وتصل أرحامها، وغيرها من الأعمال الصالحة، إن كانت تفعل ذلك امتثالاً لأمر اللـه، ومحتسبة الأجر من الله.
فالفتاة المؤمنة محبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم فهي تقدم محبتهما على كل ما سواهما من النفس، والولد، والوالد، والزوج، والأخ، والناس أجمعين، فهي تضع أمام عينيها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» [متفق عليه].
والفتاة المؤمنة أيضاً طائعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنّ هذا من مُقتضيات المحبة الصادقة؛ فهي ممتثلة لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ولو خالف هواها، فتقف عند أوامره فتتبعها بكلِّ دقة وإخلاص، وتقف عند حدوده ونواهيه فتجتنبها وتحذر من الوقوع فيها.
والفتاة المؤمنة بعيدة عن الشرك، فقلبها نقي من الشرك ظاهره وباطنه، صغيره وكبيره، عظيمه وحقيره؛ لأنّها تعلم أنّ الشرك ذنب لا يغفره الله قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [النساء:48].
والفتاة المؤمنة متوكلة على الله في سائر أمورها، مفوضة إليه كل أعمالها، محسنة الثقة بما عنده عما عندها؛ لأنّها تعلم أن من توكلت على الله كفاها، ومن آمنت به هداها، قال الله تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3]. ومع توكلها هذا فهي آخذة بالأسباب.
والفتاة المؤمنة راضية بقضاء الله و قدره؛ لأنّ المسلمة راضية دوماً بقضاء الله وقدره، واضعة نصب عينيها قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وذلك ليس لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له» [رواه البخاري ومسلم]. فتعلم أنّه لا فرق بين المؤمن والمؤمنة في هذا الحديث فلكل سواء.
والفتاة المؤمنة متسترة بحجابها، غير متبرجة، بل إنّها معتزة بحجابها كل الاعتزاز؛ لأنّها تعلم أنّ الله أمر رسوله عليه الصلاة والسلام أن يأمر نساءه بالحجاب فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:59].
فهي مطيعة لأوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم مقتدية بأمهات المؤمنين.
والفتاة المؤمنة، لا تكثر من الخروج إلى الأسواق، وأماكن الاختلاط، إلاّ بقدر الحاجة، فلا تتكلم إلاّ بقدر الحاجة، ولا تخضع في كلامها بالقول؛ لأنّها تعلم أنّ الله حذَّر نساءَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من أن يخضعن بالقول، فقالسبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} [الأحزاب: من الآية32]، وهي تعلم أنّها ليست أفضل من نساء النبي صلى الله عليه وسلم فتعلم أنّها أولى بهذا الأمر من أمهات المؤمنين، وزوجات النبي الكريم.
والفتاة المؤمنة: مُلتزمة بدينها ومعتزة به، فهي قدوة في لباسها، وأخلاقها، ومعاملاتها، همُّها الأكبر مرضات ربها، فهي تعمل ليلاً ونهاراً، داعية إلى دينها، فهي داعية في أسرتها، وفي ومدرستها، وفي عملها، وفي مجتمعها، فهي فتاة صالحة مصلحة، تعمل من أجل ربها، ودينها. فلله درها من فتاة مؤمنة.
وأخيراً: أيّتها الفتاة المؤمنة، كوني عند حسن الظن بك، فإنّك على ثغر عظيم، فقد تكونِ سبباً في نصرة هذا الدين، ورفع الظلم عن المسلمين، كما أنّك قد تكونِ السبب في هزيمة المسلمين، وخذلانهم؛ لأنّك تحتلين مكانة ليست بالهينة، فما عليك إلاّ أن تلتزمي بهذه الصفات التي تميزك عن غيرك، فتسمو بك إلى العليا، وتسعدي في الدنيا والآخرة، وتحظي بمكانة عالية بين أفراد مجتمعك المسلم، فتمسكي بهذه الصفات التي تبرهن على صدق إيمانك، وإسلامك، وحبك لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وأنّك ممتثلة لأمر الله عزوجل مجتنبة لنهيه.
أسألُ اللهُ تعالى أن ينفعَ بك الإسلام، وأن يجعلكِ فتاةً مباركةً أينما كُنت، وأن يرزقك السعادة في الدنيا والآخرة، وأن يجعلك صالحةً مصلحة، قانتةً تائبةً عابدةً، ملتزمة، داعية إلى الله عزوجل إنّه سميع قريب.
وأصلي وأسلم على النبي الكريم..
والحمد لله رب العالمين.
نشرت فى 6 أكتوبر 2011
بواسطة ahmedkordy
أحمد السيد كردي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
30,766,373