authentication required

 

بقلم: د. طلال الأحمدي

جرت العادة على اختصار مصطلح الجودة على الأحرف الأولى لمفرداته (TQM) وقد حظي هذا المصطلح بتعاريف كثيرة ومتنوعة مما خلق بعض الخلط وعدم التفريق بينها.
فالجودة: يقتصر مفهومها على المواصفات والخصائص المتوقعة في الخدمات وفي العمليات والأنشطة المصاحبة التي من خلالها تتحقق تلك المواصفات.
أما إدارة الجودة الشاملة فتعني جميع الأنشطة التي يبذلها المسئولون عن تسيير شؤون المنظمة والتي تشمل التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقويم, وهي مستمرة لتحسين الجودة والمحافظة عليها.
والسؤال هنا: لماذا نسعى لتحقيق إدارة الجودة الشاملة في منظماتنا ومؤسساتنا العامة والخاصة؟
الجواب: لقد تبين أن كثيرًا من النظريات الإدارية المعاصرة والسائدة في كثير من المنظمات ــ ما هي إلا نماذج يعتريها النقص لا تساعد على استمرارية المؤسسة رغم أنها تضمن لها إنتاجية عالية، وتحقق لها أرباحًا متزايدة إلا أنها غير ملزمة بجودة المنتج أو الخدمة ــ لهذا بدأ تلوح في الأفق بوادر الرفض لما هو متبع، والبحث عن صيغ إدارية وعملية أكثر فاعلية وكفاءة في ضمان الجودة لإمكان المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية - إن زيادة الوعي العلمي والثقافي لدى الأفراد يدفع إلى المطالبة بتوفير خدمات ذات جودة عالية وبصورة مستمرة - وقد أدى الضغط المتزايد من قبل الأفراد إلى أن تعيد المؤسسات حساباتها وتراجع خططها وأساليب العمل فيها ونوعية العاملين بها ــ كما برزت عوامل أخرى أكثر قوة في الدعوة إلى الأخذ بأفكار الجودة الشاملة بظهور اقتصاد عالمي جديد يقوم على اجتياز الحدود وعلى المنافسة القوية في ظل تزايد الطلب على جودة السلع والخدمات وفي ظل المعرفة المتسارعة والتقنيات العالية وثورة نظم الاتصال والمعلومات وانتشار مراكز كبيرة لإنتاج وتطوير العلوم والمعارف والتقنيات.

خصائص وسمات إدارة الجودة الشاملة:

تعتبر إدارة الجودة الشاملة فلسفة إدارية حديثة ومعاصرة, استمدت جذورها من النظريات والكتابات الإدارية التي سبقتها واستفادت بأحسن ما فيها. وهي فلسفة تركز على جودة المنتج أو الخدمة وعدم التوقف عند حد معين بل الاستمرار بالتحسين طالما هناك من يستفيد منه.
وتعرف كذلك بأنها فلسفة إدارية تعتمد على مبدأ مشاركة جميع العاملين في تحقيق الجودة ويتحمل الجميع مسئولية ذلك. وتأخذ بعين الاعتبار حاجات الجمهور وتحاول تحقيقها أو أبعد مما يتوقع الجمهور. وهي ثقافة تعتمد على إشاعة قيم التعاون من أجل نجاح العمل وتحقيقها أهداف المنظمة. وتساعد على ظهور الأفكار الخلاقة والمبدعة وتعمل على تحقيقها. كما تسعى إلى تحقيق الميزة التنافسية واعتماد مبدأ العائد طويل الأمد. كما أنها فلسفة تؤمن بملاءمة الوسائل مع الغايات، فالجودة لا تتحقق إلا بضمان جودة الطرفين. وتعتبر كذلك نظامًا متكاملًا يضمن للدول والمنظمات من خلال الإنتاج المتميز السمعة والمكانة العالية بين الدول والمنظمات.
وعادة ما تتبع الأساليب العلمية في حل المشكلات، حيث يحكمها دستور أخلاقي يتمثل في توفير الثقة في المنتج وفي مواعيد الإنجاز. كما أنها تتيح قدرة للمنظمة على التأقلم السريع مع مختلف المتغيرات المستجدة على مختلف الأصعدة الداخلية والخارجية وما يتفرع منها من متغيرات إضافية جديدة.

عناصر الجودة الشاملة:

هناك عدة عناصر للجودة الشاملة نستطيع تلخيصها في التالي:
- التركيز على العميل: بأن تكون رغبات واحتياجات المستفيدين المتجددة والمتغيرة هي التي تدفع وتحرك كافة الأنشطة داخل المنظمة لتحقيق رضاء المستفيدين.
- مساندة ودعم الإدارة العليا: فمسئولية الجودة تقع بالدرجة الأولى على إدارة المنظمة، وهي مسئولة عن توفير مصادر تعليم وتدريب العاملين والإداريين وتقديم التسهيلات لهم، ويتطلب منها الصبر والمتابعة في ضوء استراتيجية محددة المعالم من خلال قدرتها على وضع رؤية طويلة الأجل وأن تكون قادرة على تغيير ثقافة المنظمة بتحسين الجودة.
- العمل الجماعي مشاركة العاملين: تعاون كافة الأفراد داخل الإدارات والأقسام والوحدات على كافة المستويات الإدارية، وعلى الإدارة أن تعي أن غير المديرين يمكنهم أن يقدموا إسهامات قيمة، وهذا يتطلب التدريب على أساليب فرق العمل واتخاذ القرارات الجماعية عن طريق الميسرين والمنسقين.
- تدريب العاملين: إن حالات الإبداع والتميز في العمل تعتمد بصورة أساسية على التدريب على إدارة الجودة الشاملة للارتقاء بالأداء.
- احترام وتقدير العاملين: بوجود الاتصال والاحترام المتبادل بين القيادات والعاملين بغض النظر عن مستواهم الوظيفي وتقييم أدائهم بصورة موضوعية وترسيخ مبدأ مكافأة التميز والإبداع.
- التحسين الدائم: الرغبة الدائمة لدى المنظمة في تحقيق تحسين تدريجي وجوهري في كل الأنشطة والمنتجات والخدمات ولعل أسلوب المقارنات المرجعية هو أكثر الأساليب استخدامًا للتحسين والتطوير المستر.
- وجود رؤيا مشتركة بين الإدارة والعاملين: إن الرؤية الاستراتيجية للإدارة العليا يجب تداولها بين كافة الأطراف داخل المنظمة وعلى كافة المستويات بحيث تمثل هذه الرؤية توجهًا موحدًا للمنظمة للعمل على تلاشي الجهود المكررة أو تعارضها.
- نشر ثقافة الجودة: بين جميع فئات العاملين بالمنظمة من خلال صياغة رسالة واضحة للمنظمة تتضمن الجودة باعتبارها أساسًا لتقديم كافة الخدمات، وعلى أن تكون هذه الرسالة الدستور الحاكم لكافة الوظائف الإدارية بالإدارات والأقسام والوحدات بالمنظمة.
الصياغة الاستراتيجية لفلسفة إدارة الجودة الشاملة:
على الإدارة العليا أن تظهر ما يعبر عن انتهاجها لفلسفة إدارة الجودة الشاملة في التوجه الاستراتيجي  (الرؤيا - الرسالة - الأهداف) للمنظمة. كما أنه لا يوجد صياغة جاهزة أو متفق عليها حول صورة التضمين (العبارات أو المفاهيم أو المبادئ التي تذكر) إلا أن التوجه الاستراتيجي يجب أن يعبر فيما يرد فيه عن اعتماد مضمون المبادئ التالية بالإضافة إلى «المفهوم الشمولي للجودة»: التركيز على الجمهور  (المستفيد) والانطلاق منه، التحسين المستمر، تمكين الأفراد والقادة، توطيد العلاقة مع الموردين.
إدارة التغيير للتحول إلى إدارة الجودة الشاملة:
تتعرض المنظمات لعملية التغيير نتيجة لقوى دافعة (خارجية أو داخلية)، لذا يجب على المنظمة إدارة عملية التغيير وفق خطوات محددة. كما أن اعتماد فلسفة إدارة الجودة الشاملة يتطلب تغييرات شاملة وجذرية في المنظمة لذلك تبرز الحاجة إلى التغيير المخطط، ومن هنا تبدو أهمية إدارة التغيير من قبل الإدارة العليا للتحول إلى إدارة الجودة الشاملة في المنظمة.

المصدر: مجلة التدريب والتقنية
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,859,198

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters