فاتن عمارة
مفهوم الزواج الناجح
النجاح والفشل في الزواج شيء نسبي ومتقلب لكن قواعدهما ثابتة فما يراه البعض نجاح قد يكون فشلاً من وجهة نظر الآخرين، لكن ظواهرهما وعلامتهما ثابتة.
النجاح شيء يصنعه الإنسان بنفسه وبإرادته مستعيناً بالله وباستشارة المتخصصين. فحين تواجه الزوجين مشكلة يحاولان جاهدين حلها ولا يسلما بأن هذا هو النصيب والقدر فهذا منطق الضعفاء.
النجاح يعنى السعادة؛ لأن الإنسان عندما يكون ناجحاً في حياته الزوجية ينعكس هذا النجاح على أدائه لأدواره في الحياة ونجاح يجر نجاح وهكذا.
يتحقق النجاح الحقيقي في الزواج حين يجمع الزوجين هدف مشترك هو رضوان الله عز وجل، ويسلكان معاً السبل التي تحقق هذا الهدف.
توجيهات القرآن للزوجين
قال تعالى:(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [ الروم: 21].
وقال عز من قائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم :6].
وقال سبحانه: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[ البقرة:228].
توجيهات الرسول -صلى الله عليه وسلم- للزوجة المسلمة
"الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة". أخرجه مسلم (1467) من حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما-.
" خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، ...). أخرجه النسائي (3231) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه- .
"إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت". أخرجه ابن حبان (4163) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-.
ثلاثية الحياة الزوجية
السكن:- ويعني أن تكون الزوجة هي ملاذ الزوج الآمن الذي يأوي إليه بعد طول تعب، حيث يجد وجهاً طلقاً، وآذاناً صاغية، وقلباً حانياً، وحديثاً رقيقاً؛ فيسكن إليها ويطمئن بها.
المودة:- وهى المحبة والألفة، وتزداد بقدر ما في كل منهما من خصال الخير، خاصة إذا تعاملا بلطف وود.
الرحمة :- وهي الشفقة والحنو؛ وهي محصلة أو نتاج السكن والمودة.
المراحل العمرية للزواج.
المرحلة الأولى: التعارف(من 3:1 سنوات) فهم النفسيات – اكتشاف الطرف الآخر –معرفة المفاتيح والأنهار (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا)[النساء:19].
المرحلة الثانية: التآلف (من5:3 سنوات) تعميق الميل القلبي وحصد ثمار المحبة (ولا تنسوا الفضل بينكم)[ البقرة:237].
المرحلة الثالثة: التفاهم (من7:5 سنوات) الحوار الهادئ والعاطفة الرقراقة (لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)[ الروم:21].
المرحلة الرابعة: التكاتف (بعد 7سنوات) يشعر كل منهما أنه لا يستغني عن الآخر (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن).[ البقرة: 187]
مفاتيح السعادة الزوجية
1- حسن الاستقبال ومنه:
• طلاقة الوجه.
• التزين والتطيب.
• الأخبار السارة.
• الكلمة الطيبة وعبارات الشوق.
• تجهيز الطعام وإتقانه.
• نظافة البيت والأبناء.
2- عذوبة الخطاب ولطف النداء:
- من خلال الكلمة الطيبة الحلوة وندائه بأحب الأسماء إليه.
3- التزين والتطيب:
- إن الله جميل يحب الجمال.
- الزينة من سنن الفطرة.
- التزين من صفات المرأة الصالحة .
4 -علاقة حميمة
- الاستجابة السريعة لمطلب الزوج سبيل لعفته وإدخال السرور على نفسه.
- صيانة المجتمع من الفواحش.
- شاركيه ولا تكوني كالميت بين يدي المغسل، واحرصي على آداب اللقاء؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح" متفق عليه من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه- (البخاري 5193، ومسلم 1436).
5- طاعة الزوج في غير معصية الله
للطاعة أجر عظيم:
قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" رواه الترمذي (1159) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه-.
وعلى الزوجة أن تقتدي بأمهات المؤمنين في طاعتهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- وفاطمة وأسماء بنت أبى بكر -رضي الله عنهما- وغيرهن من الصالحات حتى تفوز بالسعادة في الدنيا والآخرة.
6-الوفـــــاء.
للوفاء آثار عظيمة فقد تنز ل بالزوج المحن في الصحة أو المال، ويتبدل الحال وهنا تظهر أصالة الزوجة ومعدنها؛ فتقف بجانب زوجها بروحها وبكل ما تملك مما يخفف على الزوج محنته، وتزيد أواصر المحبة بين الزوجين (ولا تنسوا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)[البقرة:237] .
تصدق الزوجة على زوجها وعن زوجها من الوفاء، حيث أجر القرابة وأجر الصدقة.
7- إكرام أهله وضيفه.
المرأة الصالحة تعين زوجها على البر بوالديه وصلة رحمه حتى يفوز بالأجر العظيم، ويكون لها فيه نصيب.
إذا أساءت الزوجة كانت مصدر فتنة للزوج وحيرة حتى يهلك وتهلك معه وتدمر الأسرة، قال صلى الله عليه وسلم: "رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف" قيل: من يا رسول الله ؟ قال : "من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة".أخرجه مسلم (2551) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه-.
وإذا أخطأا في حقك اصبري ولا تقابلي الخطأ بخطأ مرضاة لله -عز وجل- فهو الذي يدافع عن الذين آمنوا وسوف يرضيهم عنك؛ فهو وحده الذي يملك القلوب ولا تنسي "كما تدين تدان".
8- حفظه في غيبته.
أثنى الله عز وجل على الحافظات للغيب فقال: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)[ النساء:34].
مدح النبي صلى الله عليه وسلم المرأة التي تصون غيبة زوجها فقال: " خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالها". أخرجه الطيالسي (2444)، والنسائي (3231) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -.
كيف تحفظين غيبة زوجك؟
1 -حفظ أسراره فيما يحدث بينهما من مشكلات وخلافات وأسرار غرفة النوم.
2- حفظ أولاده بحسن تربيتهم وتعليمهم ورعايتهم.
3- حفظه في ماله سواء كان نقوداً أو أثاثاً، فلا تتصرفي في ماله إلا برضاه ولا تبذري ولا تسرفي.
4- تحفظه في نفسها وعرضها فلا تخرج إلا بإذنه وعليها أن تلتزم الآداب الشرعية في الملبس فلا تتبرج أو تتعطر، أو تختلط بالأجانب.
5- لا تأذن لأحد بدخول بيته إلا بإذنه.
احفظي ماله وأولاده.
المرأة راعية ومسؤولة عن رعيتها.
لا تبذير ولا إسراف ولا تنفق إلا بأذن زوجها، و لا ترهق زوجها بكثرة الطلبات؛ بل تحثه على الإنفاق في سبيل الله.
تهتم بتربية أولادها إيمانياً كما تهتم بنظافتهم وصحتهم فتلقنهم آداب الإسلام.
9 - البيت محراب عبادة.
اجعلي البيت مكاناً لذكر الله (لافتات لأذكار الأحوال- تسمية- سمي الغرف بألفاظ الذكر - عليك بالقرآن وخاصة سورة البقرة- مكتبة كتب وشرائط – المأثورات - سبورة عليها واجب عملي لكل أفراد الأسرة- أحد الأفراد يدعو والآخرون يؤمِّنون).
أعدي الطعام إعداداً جيدًا (نية صالحة + تعب وجهد =أجر عظيم)
اجعلي بيتك قبلة ( مكان محدد للصلاة - درس نسائي للأقارب والأصدقاء- دعوة الصالحين للزيارة وربط الأولاد بهم- صلاة التراويح مع فائدة أو كلمة توجيهية).
اعقدي درساً أسبوعياً مع الزوج والأولاد.
صيام يوم مشترك لكل أهل البيت ولو مرة كل شهر.
احرصي على نظافة البيت وترتيبه.
ضعي صندوقاً خيرياً جميل المنظر في ركن، واكتبي عليه عبارة موحية.
10 -تعاونوا على البر والتقوى
- التعاون على الطاعة من صلاة أو ذكر أو صلة أرحام أو الدعوة إلى الله.
- التعاون على تربية الأولاد حيث حنان الأم وتأديب الأب.
11- الصبــر
على الزوجة المسلمة أن تصبر في السراء والضراء، وتصبر على أي تقصير أو أذى يحدث من الزوج وتحتسب، فقد حث الإسلام على الصبر لعظم أجره وجزيل ثوابه؛ قال صلى الله عليه وسلم: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. من حديث أبي سعيد وأبي هريرة – رضي الله عنهما – (البخاري (5641،5642)، ومسلم (2573).
فهنيئاً لك أختي الصابرة صلوات ربك ورحمته، وهنيئاً لك تكفير الخطايا.
وأخيراً حبيبتي في الله؛ قد تقولين في نفسك إن هذه الأمور صعب القيام بها، أعلم ذلك وهذا أمر مسلم به؛ فقد حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات، وأراك تبحثين عن أسرع الطرق للوصول إلى الجنة؛ فهذا هو أقصر الطرق وأسرعها، ولكن عليك بالاستعانة بالله -عز وجل-، واطرقي باب السماء دائما ليعينك الله على امتثال أمره واتباع سنة حبيبه -صلى الله عليه وسلم- واحتسبي، وليكون لسان حالك (وعجلت إليك رب لترضى)[ طه:84].
نعم حبيبتي؛ فوالله إن السعادة الحقيقة هي في رضوانه -جل وعلا- فاحرصي عليها، فالحياة قصيرة وشيء من الجهد فيها يورثك سعادة أبدية، حيث لا منغصات ولا مكدرات هنا فقط تتحقق السعادة الحقيقية، وعليك أن تجعلي حياتك كلها لله بالنية الصالحة: عاداتك وعباداتك، راحتك وتعبك، فرحك وحزنك، حبك وبغضك فمعاً يدي بيدك لنفوز بسعادة الدنيا وسعادة الآخرة ( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمـِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ* قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)[ الأنعام: 162-164].