مصري يوسف / القاهرة
لكل فرد على وجه الأرض حدود لطاقته، كما أن هناك أيضاً حدوداً لذاكرته، وتقل تلك القدرة على التذكر مع تعدد وتنوع الوظائف التي يقوم بها الفرد، أو تعدد المهام داخل الوظيفة الواحدة، ومن هنا يحتّم هذا على الفرد أن يستعين بذاكرة بديلة، لا تعرف النسيان.
وعلى الفرد في هذه الحالة أن يجد هذا البديل الذي يتيح له القيام بمهامه المنوطة به دون تقصير، مما يدعو إلى إعداد دليل يتم فيه تدوين جميع الأعمال، بشكل يسهل التذكر والعودة إليها، في مدونة يطلق عليها خبراء الإدارة "الدليل الإرشادي".
ما هو الدليل الإرشادي؟
يكمن المفهوم الأساسي للدليل الإرشادي في أنه عن طريق تدوين كل شيء بنظام ودقة في تلك القائمة يمكن أداء الأعمال عن طريق أفضل وإنجاز كل شيء في القائمة، فلن تكون مضطراً إلى تذكر كل شيء، ولكنك بالطبع ستكون مضطراً إلى تذكر مكان القائمة، ولقد اعتاد الكثيرون على كتابة وتدوين الأسماء والعناوين وأرقام التليفونات في أوراق صغيرة ولصقها على الحائط، وكتابة الأشياء المطلوبة على ظهر أظرف الخطابات، إلى جانب كتابة الملاحظات على أي ورقة تجدها في يدك حتى لا تنسى القيام بهذا الشيء.
ولعل مثل هذه الطرق أثبتت عدم فعاليتها أو تأثيرها بشكل يجعل الفرد قادراً على إنجاز العمل غير المكتمل، ومن هنا تأتي أهمية الدليل الإرشادي الذي يمكنك من تنسيق الأعمال بشكل محكم ودقيق ومنظم، حتى يتسنى للفرد التحكم بشكل أفضل في يوم العمل وما يعج به من ضغوط.
والدليل الإرشادي هو بمثابة القائمة التي يدون بها الفرد جميع أعماله؛ فإذا كان هناك عمل مسند إليك ومطلوب منك أداؤه فقم بتدوينه في الدليل الإرشادي؛ مما يدعوك إلى عدم الاحتفاظ بأوراق كثيرة داخل مكتبك، قد تجعل مكتبك يعج بالفوضى التي لا طائل من ورائها.
كيف تنظم دليلك؟
ولكي تستفيد من الدليل الإرشادي أكثر استفادة فيجب أن تتأكد في البداية أنك تقوم بتدوين كل شيء، فكلما زاد عدد المشاريع والمكالمات الهاتفية والمهام والنقاط الأخرى التي تسجلها على الأوراق أصبحت قدرتك عظيمة على التحكم في الأعمال والأشياء التي تحدث خلال العمل اليومي.
وبالطبع لا تخشى بدرجة كبيرة من حجم الدليل فعند الانتهاء من ورقة في الدليل، عليك الكتابة في الورقة الثانية، حتى يتسنى لك كتابة الأعمال والهدف منها فمثلاً: عند تدوين مكالمة هاتفية معينة فإنك قد تنسى بعد فترة -كنتيجة لازدحام المهام- الغرض من هذه المكالمة الهاتفية مما يدعوك إلى كتابة الهدف من المكالمة حتى يمكنك تذكر أهمية المكالمة، ويشير بعض المتخصصين في التنظيم والإدارة على ضرورة أن تكتب داخل الدليل على شكل نقاط وليس في شكل سردي، وذلك حتى يسهل عليك استرجاعها وتذكرها بسهولة، كما أن هذه النقاط تساعدك في عدم فقد أي مهمة في زحمة الورقة أو الدليل، كما أنه يتيح مساحة أكبر في الدليل.
وكنوع من الفرحة النفسية للفرد، ومن جانب آخر تخفيف الأعباء عن العقل يجب حذف الأعمال التي يُنتهى من أدائها من الدليل لتقليل المهام والإحساس بمتعة الانتهاء من المهمة.
ولسهولة الرجوع إليها عليك بدمج النقاط القديمة في الصفحات الجديدة للدليل، والقاعدة التنظيمية تقول: إنه عندما تنتهي من نصف المهام داخل الورقة الإرشادية عليك بنقل المهام إلى ورقة جديدة حتى لا تختلط المهام، وفي حال رغبتك في الاحتفاظ بالدليل القديم عليك بإعداد ملف يُطلق عليه الأعمال القديمة حتى يمكنك العودة إليه بسهولة، وحتى يمكنك تجنب الاختلاط بالملفات الجديدة.
ومن وقت لآخر يجب على الفرد أن يتصفح الدليل، ويقرأ النقاط المدونة داخله حتى يمكنه تحديد أي هذه المهام أكثر إلحاحاً في الوقت الراهن، وتستحق الاهتمام والتنفيذ قبل الشروع في تنفيذ مهمة أخرى، وقد تتم عملية المراجعة في نهاية يوم العمل حتى يمكن هذا من تحديد المهام الملحة لليوم التالي.
حدود الدليل
من المؤسف ألاّ يستطيع الدليل- وككل شيء- أن يقوم بكل المهام المطلوبة منه، وإن كان مازال يحتفظ بدوره العظيم في تنظيم الأعمال وتحديد المهام.
ولعل أكبر عيوب الدليل الإرشادي هو صعوبة الاحتفاظ به، ودائماً ما يعاني الفرد من الأوراق والاحتفاظ به بشكل كامل، فبعض الأعمال قد تتعرض للتأجيل لفترة قد تكون طويلة أو قصيرة، وهنا تواجه مشكلة تذكّر التوقيت الجديد للقيام بهذه المهمة، مما يحتم تسجيلاً جديداً لهذه النقطة أو المهمة، والتي يُعاد تنظيمها داخل الدليل الإرشادي باستعمال الهامش لكتابة الملاحظات، وإن كانت هذه الطريقة لا تجدي نفعاً؛ لأنه سرعان ما يعج الدليل بالملاحظات التي لا حصر لها.
وهنا تأتي مشكلة الحفاظ على المهمة في ظل توقيت طويل، فمثلاً لا يستطيع الدليل أن يحتفظ بشيء مطلوب تنفيذه بعد ستة أشهر على سبيل المثال، مما يُعدّ ضمن العوائق الشائكة، فقد صُمّم الدليل على الاستخدام في تأدية العمل اليومي، ولكن في هذه الحالة يمكن للفرد أن يعد أكثر من دليل إرشادي، فدليل للأعمال اليومية وآخر للمهام طويلة المدى.
وقد تكون هذه العملية تحتاج لمتابعة أكثر من دليل، والتي قد ترهق بعض الأفراد مما يؤدي بالطبع إلى ضياع بعض المهام.
وأخيراً، يواجه الدليل مشكلة في تدوين الأسماء وأرقام الهواتف، وذلك لأن بعض الأفراد قد تعوّدوا على التخلص من صفحات الدليل من فترة إلى أخرى، مما يحتم نقل هذه الأسماء والأرقام مرة أخرى إلى دليل دائم.
وفي كل الأحوال يظل الدليل الإرشادي عنصراً هاماً وفعّالاً في تنظيم المهام والحفاظ على عدم ضياعها في طيات العمل اليومي.