<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الفساد الإدارى.
- مفهوم الفساد الإداري.
- أنواع الفساد الإداري.
- أسباب الفساد الإداري.
- آثار الفساد الإداري.
- آليات الإصلاح الإدارى.
- وسائل مواجهة الفساد وعلاجه.
تعد ظاهره الفساد الإداري والمالي من الظواهر الخطيرة التي تواجه البلدان وعلى الأخص الدول النامية حيث أخذت تنخر في جسم مجتمعاتها بدأت بالأمن وما تبعه من شلل في عملية البناء والتنمية الاقتصادية والتي تنطوي على تدمير الاقتصاد والقدرة المالية والإدارية وبالتالي عجز الدولة على مواجهة تحديات أعمار أو إعادة أعمار وبناء البنى التحتيه اللازمة لنموها , ولاقت هذه المشكلة اهتمام الكثير من الباحثين والمهتمين واتفقت الآراء على ضرورة وضع وتأسيس إطار عمل مؤسسي الغرض منه تطويق المشكلة وعلاجها من خلال خطوات جديه ومحدده ومكافحة الفساد بكل صوره ومظاهره وفي كافة مجالات الحياة لتعجيل عملية التنمية الاقتصادية.
إن الفساد الإداري آفة لا تقل خطورة عن أي آفة مهلكة , وأي آفة لا نتصدى لها ونجتث جذورها فإنها لا تُبقي ولا تذر , وتقتل كل الإمكانيات المتاحة للأمة سواء المادية منها أو القدرات البشرية , وكم من أمة من الأمم أفِل نجمها بل وزالت من الوجود بسبب الترهل الذي سببه تراخيها عن مقارعة تلك الآفة[1].
ومن الثابت بأن الفساد الإداري والمالي هو أكبر معوق للتنمية , وقد ازداد الاهتمام بهذا الموضوع لأسباب متعددة , منها : ( انفتاح الدول بعضها على بعض – سرعة انتشار المعلومات – زيادة مشاركة الشعوب في صنع القرار – تأثر مصالح الدول الصناعية والنامية من انتشار هذه الظاهرة ).
والفساد يشكل أخطر مدمر لعملية التنمية حيث يؤدي إلى استنفاد الموارد وإختلالات في البنى الأساسية التي ترتكز عليها عملية التنمية ويؤدي إلى تهديد سيادة الدولة, ومعاناتها من مديونيات كبيرة لعدم قدرة الدولة على تحقيق النواتج الكافية لسد تلك الديون وتحقيق مستوى نمو مقبول بوجوده, كما أن الفساد يخرق النظام العام ويضرب المرتكزات الأساسية التي يرتكز عليها ذلك النظام.
أولا: مفهوم الفساد الإداري.
يقصد بالفساد الإداري وجود الخلل في الأداء نتيجة الخطأ والنسيان وإتباع الشهوات والزلل والانحراف عن الطريق المستقيم , أن الفساد هو : " سوء استغلال السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة " والفساد الإداري يحتوي على قدر من الانحراف المتعمد في تنفيذ العمل الإداري المناط بالشخص , غير أن ثمة انحرافا إداريا يتجاوز فيه الموظف القانون وسلطاته الممنوحة دون قصد سيء بسبب الإهمال واللامبالاة , وهذا الانحراف لا يرقى إلى مستوى الفساد الإداري لكنه انحراف يعاقب عليه القانون وقد يؤدي في النهاية إذا لم يعالج إلى فساد إداري .
وتعرّف منظمة الشفافية الفساد بأنه استغلال السلطة من أجل المنفعة الخاصة, ووضع البنك الدولي تعريفاً للأنشطة التي يمكن أن تندرج تحت تعريف الفساد, وذلك عندما قال بأن الفساد هو إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص, فالفساد يحدث عادة عندما يقوم موظف بقبول أو طلب أو ابتزاز رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمناقصة عامة, كما يتم عندما يعرض وكلاء أو وسطاء لشركات, أو أعمال خاصة, وتقديم رشوة للاستفادة من سياسات أو إجراءات عامة, للتغلب على منافسين, وتحقيق أرباح خارج إطار القوانين المرعية.
ويتمثل الفساد في الحياة العامة في استخدام السلطة العامة من أجل كسب أو ربح شخصي, أو من أجل تحقيق هيبة أو مكانة اجتماعية, أو من أجل تحقيق منفعة لجماعة أو طبقة ما, بالطريقة التي يترتب عليها خرق القانون أو مخالفة التشريع ومعايير السلوك الأخلاقي, وبذلك يتضمن الفساد انتهاكاً للواجب العام, وانحرافاً عن المعايير الأخلاقية في التعامل, ومن ثم يعد هذا السلوك غير مشروع من ناحية وغير قانوني من ناحية أخرى. ولا يمكن اعتبار الفساد في الوقت الحالي مسألة داخلية بحتة, بل إن مسألة الفساد في عصرنا, عصر العولمة, أصبحت تشكل طبقة عالمية, لها بنية تنظيمية عالمية مركزية محكمة تتمثل في قيادة وأيديولوجيا، وإعلام، وقوى مالية وعسكرية وأمنية هائلة، في ظروف العولمة المعاصرة تفرز مراكز الفساد العالمية قوى محلية ذيلية تعمل لديها بالعولمة من خلال عملها في خدمة مصالحها الخاصة.
وإن هذه العملية التنظيمية تتمتع اليوم بطاقات هائلة تتمثل في خدمات ثورة المعلوماتية التي تضع في تصرف قيادات الفساد العالمية كل ما تحتاجه من المعلومات البالغة التنظيم والدقة والتفصيل عن عمل وممارسات وأخلاقيات وسلوكيات الكتل التنظيمية والقياديين القائمين على رأس العمل. وقد يتضمن مصطلح الفساد الإداري محاور عديدة .
1 . الفساد السياسي ويتمثل بالانحراف عن النهج المحدد لأدبيات التكتل أو الحزب أو المنظمة السياسية نتيجة الشعور بالأزلية أو كونه الأوحد أو الأعظم أو المنظر ، أو بيع المبادئ الموضوعة في أدبيات المنظمة للكتل الدولية أو الإقليمية القومية لسبب أو أكثر فالخيانة والتواطؤ والتغافل والإذعان والجهل والضغط ... وغيرها .
2 . الفساد الإداري ويتعلق بمظاهر الفساد والانحراف الإداري أو الوظيفي من خلال المنظمة والتي تصدر من الموظف العام إثناء تأدية العمل بمخالفة التشريع القانوني وضوابط القيم الفردية ، أي استغلال موظفي الدولة لمواقعهم وصلاحياتهم للحصول على مكاسب ومنافع بطرق غير مشروعة .
3 . الفساد المالي ومظاهره ... الانحرافات المالية ومخالفة الأحكام والقواعد المعتمدة حالياً في تنظيمات الدولة (إدارياً) ومؤسساتها مع مخالفة ضوابط وتعليمات الرقابة المالية .
4 . الفساد الأخلاقي ويتمثل بالانحرافات الأخلاقية وسلوك الفرد وتصرفاته غير المنضبطة بدين أو تقاليد أو عرف اجتماعي مقبول .
ثانيا: أنواع الفساد الإداري.
يقسم الفساد الإداري إلى أربع مجموعات , وهي [2]:
1. الانحرافات التنظيمية , ويقصد بها تلك المخالفات التي تصدر عن الموظف في أثناء تأديته لمهمات وظيفته والتي تتعلق بصفة أساسية بالعمل , ومن أهمها :
-عدم احترام العمل , ومن صور ذلك : ( التأخر في الحضور صباحا – الخروج في وقت مبكر عن وقت الدوام الرسمي – النظر إلى الزمن المتبقي من العمل بدون النظر إلى مقدار إنتاجيته – قراءة الجرائد واستقبال الزوار – التنقل من مكتب إلى آخر ..... ).
- امتناع الموظف عن أداء العمل المطلوب منه , ومن صور ذلك : (رفض الموظف أداء العمل المكلف به – عدم القيام بالعمل على الوجه الصحيح – التأخير في أداء العمل .... ).
- التراخي , ومن صور ذلك : ( الكسل – الرغبة في الحصول على أكبر اجر مقابل أقل جهد – تنفيذ الحد الأدنى من العمل .... ) .
- عدم الالتزام بأوامر وتعليمات الرؤساء , ومن صور ذلك : (العدوانية نحو الرئيس – عدم إطاعة أوامر الرئيس – البحث عن المنافذ والأعذار لعدم تنفيذ أوامر الرئيس ..... ).
- السليبة , ومن صور ذلك : ( اللامبالاة – عدم إبداء الرأي – عدم الميل إلى التجديد والتطوير والابتكار – العزوف عن المشاركة في اتخاذ القرارات – الانعزالية – عدم الرغبة في التعاون – عدم تشجيع العمل الجماعي – تجنب الاتصال بالأفراد ...... ) .
- عدم تحمل المسؤولية , ومن صور ذلك : ( تحويل الأوراق من مستوى إداري إلى آخر – التهرب من الإمضاءات والتوقيعات لعدم تحمل المسؤولية ..... ) .
- إفشاء أسرار العمل .
2. الانحرافات السلوكية , ويقصد بها تلك المخالفات الإدارية التي يرتكبها الموظف وتتعلق بمسلكه الشخصي وتصرفه , ومن أهمها :
- عدم المحافظة على كرامة الوظيفة , ومن صور ذلك : ( ارتكاب الموظف لفعل مخل بالحياء في العمل كاستعمال المخدرات أو التورط في جرائم أخلاقية ) .
- سوء استعمال السلطة , ومن صور ذلك : ( كتقديم الخدمات الشخصية وتسهيل الأمور وتجاوز اعتبارات العدالة الموضوعية في منح أقارب أو معارف المسئولين ما يطلب منهم).
- المحسوبية , ويترتب على انتشار ظاهرة المحسوبية شغل الوظائف العامة بأشخاص غير مؤهلين مما يؤثر على انخفاض كفاءة الإدارة في تقديم الخدمات وزيادة الإنتاج .
- الوساطة , فيستعمل بعض الموظفين الوساطة شكلا من أشكال تبادل المصالح .
3. الانحرافات المالية , ويقصد بها المخالفات المالية والإدارية التي تتصل بسير العمل المنوط بالموظف , وتتمثل هذه المخالفات فيما يلي :
- مخالفة القواعد والأحكام المالية المنصوص عليها داخل المنظمة .
- فرض المغارم , وتعني قيام الموظف بتسخير سلطة وظيفته للانتفاع من الأعمال الموكلة إليه في فرض الإتاوة على بعض الأشخاص أو استخدام القوة البشرية الحكومية من العمال والموظفين في الأمور الشخصية في غير الأعمال الرسمية المخصصة لهم .
- الإسراف في استخدام المال العام , ومن صوره : ( تبديد الأموال العامة في الإنفاق على الأبنية والأثاث – المبالغة في استخدام المقتنيات العامة في الأمور الشخصية – إقامة الحفلات والدعايات ببذخ على الدعاية والإعلان والنشر في الصحف والمجلات في مناسبات التهاني والتعازي والتأييد والتوديع ..).
4. الانحرافات الجنائية , ومن أكثرها ما يلي :
- الرشوة Bribry : وتعني حصول الشخص على منفعة تكون مالية في الغالب لتمرير أو تنفيذ إعمال خلاف التشريع أو أصول المهنة .
- الابتزاز والتزوير Black Mailing : لغرض الحصول على المال من الأشخاص مستغلاً موقعه الوظيفي بتبريرات قانونية أو إدارية أو إخفاء التعليمات النافذة على الأشخاص المعنيين كما يحدث في دوائر الضريبة أو تزوير الشهادة الدراسية أو تزوير النقود .
- نهب المال العام Embezzlement : والسوق السوداء والتهريب بأستخدام الصلاحيات الممنوحة للشخص أو الاحتيال أو استغلال الموقع الوظيفي للتصرف بأموال الدولة بشكل سري من غير وجه حق أو تمرير السلع عبر منافذ السوق السوداء أو تهريب الثروة النفطية .
أنواع الفساد من حيث الحجم
1. الفساد الصغير (Minor Corruption) (فساد الدرجات الوظيفية الدنيا) وهو الفساد الذي يمارس من فرد واحد دون تنسيق مع الآخرين لذا نراه ينتشر بين صغار الموظفين عن طريق استلام رشاوى من الآخرين .
2. الفساد الكبير (Gross Corruption) (فساد الدرجات الوظيفية العليا من الموظفين) والذي يقوم به كبار المسؤولين والموظفين لتحقيق مصالح مادية أو اجتماعية كبيرة وهو أهم واشمل واخطر لتكليفه الدولة مبالغ ضخمة .
أنواع الفساد من ناحية الانتشار
1. فساد دولي :- وهذا النوع من الفساد يأخذ مدى واسعاً عالميا يعبر حدود الدول وحتى القارات ضمن ما يطلق عليها (بالعولمة) بفتح الحدود والمعابر بين البلاد وتحت مظلة ونظام الاقتصاد الحر .
ترتبط المؤسسات الاقتصادية للدولة داخل وخارج البلد بالكيان السياسي أو قيادته لتمرير منافع اقتصادية نفعية يصعب الفصل بينهما لهذا يكون هذا الفساد أخطبوطياً يلف كيانات واقتصادات على مدى واسع ويعتبر الأخطر نوعاً .
2. فساد محلي :- وهو الذي ينتشر داخل البلد الواحد في منشأته الاقتصادية وضمن المناصب الصغيرة ومن الذين لا ارتباط لهم خارج الحدود (مع شركات أو كيانات كبرى أو عالمية) .
ثالثا: أسباب الفساد الإداري.
إن المجتمعات تعاني من ظاهرة الفساد بسبب غيبة الرؤية وتداخل القضايا بل وازدواج النظرة أحيانا , ويضيف بأن الثقافة المجتمعية من الأسباب المؤدية لظاهرة الفساد وأن علاج الفساد يكمن في التركيز على الإصلاح الاجتماعي وليس مجرد التوقف عند الإصلاح الاقتصادي لأن – من وجهة نظره – المناخ العام في كل مجتمع هو الذي يحدد درجة تقبله للفساد من عدمه ويطرح أيضا أسلوب مواجهته سواء تم ذلك بالطرق القانونية أو الجهود الثقافية [3].
والفساد يعود في الغالب إلى سببين رئيسيين , هما : الرغبة في الحصول على منافع غير مشروعة ومحاولة التهرب من الكلفة الواجبة, وتتعدد الأسباب المؤدية على الفساد الإداري , وتقسم إلى مجموعتين :
1. أسباب بيئية اجتماعية خارجية , وتنقسم إلى :
- أسباب تربوية وسلوكية : بعدم الاهتمام بغرس القيم والأخلاق الدينية في نفوس الأطفال مما يؤدي إلى سلوكيات غير حميدة بقبول الرشوة وعدم المسئولية وعدم احترام القانون .
- أسباب اقتصادية : فيعاني أكثر الموظفين – خصوصا في الدول النامية – من نقص كبير في الرواتب والامتيازات , ما يعني عدم القدرة على الوفاء بمتطلبات المعيشة ومن هنا يد الموظف نفسه مضطرا لتقبل الهدية ( الرشوة ) من المواطنين ليسد بها النقص المادي الناتج عن ضعف الرواتب .
- أسباب سياسية : تواجه بعض الدول وخصوصا في الدول النامية تغييرات في الحكومات والنظم الحاكمة فتنقلب من ديموقراطية إلى ديكتاتورية والعكس , الأمر الذي يخلق جوا من عدم الاستقرار السياسي مما يهيئ الجو للفساد الإداري .
2. أسباب بيئية داخلية ( قانونية ) : وقد يرجع الانحراف الإداري إلى سوء صياغة القوانين واللوائح المنظمة للعمل وذلك نتيجة لغموض مواد القوانين أو تضاربها في بعض الأحيان , الأمر الذي يعطي الموظف فرصة للتهرب من تنفيذ القانون أو الذهاب إلى تفسيره بطريقته الخاصة التي قد تتعارض مع مصالح المواطنين .
نلخص مما تقدم ان اسباب ظاهرة الفساد الاداري تتعدد وتتباين وفقاً لطبيعة الفرد والمنظمة والمجتمع , وبالتالي يختلف تأثيرها ويتباين في مجتمع الى اخر ومن دولة الى اخرى وذلك نتيجة للمتغيرات البيئية في هذا المجتمع او ذلك .
بصورة عامة يمكن سرد اسباب ودوافع السلوك غير الاخلاقي في النقاط الاتية :
1- سوء الادارة : ويتمثل في ضعف الرقابة والمتابعة وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب , وعدم وضوح الواجبات والمسؤوليات للموظف الحكومي .
2- انخفاض الاجور والمرتبات التي يحصل عليها الموظف وعدم كفايتها لتلبية واشباع حاجته وسد متطلبات عائلته .
3- ارتفاع الاسعار والخدمات التي يحتاجها الموظف وذلك نتيجة لظهور السوق السوداء واختفاء السلع في قنوات التوزيع الرسمية , وبالتالي انخفاض القوة الشرائية للاجر او الراتب .
4- ضعف تطبيق القوانين والانظمة والقرارات التي تنظم الوظيفة والعمل , وتنظيم سلوك العاملين في المنظمات، ان تطبيق القوانين والنظم والقرارات يحتاج الى قيادات ادارية مخلصة للوطن وملتزمة دينياً واخلاقياً في اداء الواجب والعمل , لان اخطر انواع الفساد في رأي هو فساد القادة , ولذلك يتطلب الامر من القيادات الادارية الملتزمة والشجاعة القادرة على مواجهة الفساد والتسيب والتي تحمل الغربة والاستعداد للتضحية بالمصلحة الشخصية من اجل خدمة الوطن والمجتمع .
5- سوء التنظيم وعدم الاستقرار الاداري : ان عدم وجود هيكل تنظيمي جيد , استقرار القيادة الادارية وتغيرها بأستمرار , وعدم وجود دليل تنظيمي يتضمن ارشادات وتوجيهات ادارية لسلوك الموظفين والعاملين .... الخ , كل ذلك يساهم في تدني السلوك الوظيفي المرغوب ويؤدي الى تفشي السلوك اللااخلاقي في المنظمة .
6- سوء تطبيق الاجراءات العلمية في اختيار وتعيين الموظفين نتيجة لعدم استخدام اسلوب المقابلات الشخصية والاختبارات اللازمة لاختيار العاملين الذين تتوفر فيهم الكفاءة والصدق والامانة في التعامل والعمل وكذلك اهمال استخدام التقارير السنوية وتقويم الاداء ومعايير الترفيع والترقية ....الخ.
رابعا: آثار الفساد الإداري.
الفساد الإداري له آثار كبيرة على الدولة في عدد من مناحيها , يمكن إدراجها على النحو التالي [4]:
1- أثر الفساد الإداري على الإيرادات الحكومية: تخسر الحكومات مبالغ كبيرة من الإيرادات المستحقة عندما تتم رشوة موظفي الدولة حتى يتجاهلوا جزءا من الإنتاج والدخل والواردات في تقويمهم للضرائب المستحقة على هذه النشاطات الاقتصادية , بالإضافة إلى ذلك تهدر الحكومات كثيرا من مواردها عندما يتم تقديم الدعم إلى فئات غير مستحقة ولكنها تتمكن من الحصول عليه برشوة أو نفوذ أو أي وسيلة أخرى , وهذا المر يؤثر بدوره على الأداء الاقتصادي للدولة .
2- أثر الفساد الإداري على النمو الاقتصادي: تشير كثير من الدراسات النظرية والتطبيقية بأن الفساد الإداري والمالي له آثارا سلبية على النمو الاقتصادي , حيث أن خفض معدلات الاستثمار ومن ثم خفض حجم الطلب الكلي سيؤدي إلى تخفيض معدل النمو الاقتصادي .
3- أثر الفساد الإداري على مستوى الفقر وتوزيع الدخل: يؤدي الفساد الإداري إلى توسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء, وهذا الأثر يتم عبر عدة طرق أهمها :
- تراجع مستويات المعيشة يؤدي إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي وهذا الأمر يساعد على تراجع المستويات المعيشية .
- قد يتهرب الأغنياء من دفع الضرائب ويمارسون سبلا ملتوية للتهرب كالرشوة , وهذا يساعد على تعميق الفجوة بين الأغنياء والفقراء .
- يؤدي الفساد إلى زيادة كلفة الخدمات الحكومية مثل : التعليم والسكن وغيرها من الخدمات الأساسية , وهذا بدوره يقلل من حجم هذه الخدمات وجودتها مما ينعكس سلبا على الفئات الأكثر حاجة إلى هذه الخدمات .
وسيؤدي الفساد إلى هدر المال العام الذي يحتاج له المجتمع لكل من عملية التنمية وعملية التصحيح وتخفيف أعبائها على الفقراء وستشكل القرارات الصادرة وخصوصاً في المجال الاقتصادي, خدمة مثمرة لأصحاب النفوذ وخدمة مفسدة وضارة للمصلحة الوطنية العامة, وستخرج الأموال المحصلة نتيجة الفساد إلى خارج البلاد.
يضعف الفساد من شرعية الدولة, ويسهم بحدوث اضطرابات وقلاقل تهدد الأمن والاستقرار, ويقود إلى التشكيك في فعالية القانون وفي قيم الثقة والأمانة إلى جانب تهديده للمصلحة العامة من خلال إسهامه في خلق نسق قيمي تعكسه مجموعة من العناصر الفاسدة أو ما يسمى (public hads) وهو ما يؤدي إلى ترسيخ مجموعة من السلوكات السلبية.
وعلى صعيد آخر يؤثر الفساد على كل من العدالة التوزيعية والفعالية الاقتصادية نظراً لارتباطه بإعادة توزيع أو تخصيص بعض السلع والخدمات, حيث يسهم الفساد في إعادة تخصيص الثروات لصالح الأكثر قوة ممن يحتكرون السلطة[5].
خامسا: آليات الإصلاح الإدارى.
يعرف الإصلاح الإداري على أنه : " إدخال تعديل في تنظيمات إدارية قائمة , أو استحداث تنظيمات إدارية جديدة وإصدار الأنظمة والقوانين واللوائح اللازمة لذلك "[6] . وهناك بعض الآليات والسياسات والإجراءات التي يمكن إتباعها لتحقيق الإصلاح للقطاعات التي عانت من الفساد الإداري .
وهناك عدد من الآليات المقترحة وهي :
1. إصلاح النظام المصرفي والسيطرة عليه لمنع سارقي المال العام من الاختباء والتخفي فيه .
2. تكوين مؤسسات رقابية مستقلة تشرف على مراقبة العمل في الهيئات الحكومية والخاصة على حد سواء .
3. الحد من البيروقراطية المعقدة الروتين والحد من وضع العراقيل أمام مصالح الناس , فهذا الأمر يجعل المواطن يلجا إلى طرق ملتوية لإنهاء معاملته وتيسير أمره الرشوة مثلا .
4. الردع القانوني .
5. تحسين الوضع المادي للموظف حتى لا يحتاج ويذهب لأخذ الرشوة .
6. تطوير القواعد النظامية المطبقة .
7. تبني نظم حديثة توفر حماية أفضل .
8. إزالة جميع المعوقات التي تمنع من الحصول على التعويض ومحاسبة الجاني .
9. الاهتمام بأخلاقيات الوظيفة العامة .
10. إشعار الموظف العام بالمسؤولية الملقاة عليه .
11. تكثيف الجهود الخاصة بالتوعية الإدارية .
12. تفعيل دور التدريب العملي لكي يؤدي دوره في توجيه الموظف إلى سبل اكتساب الأخلاقيات الإدارية الحميدة والالتزام بها سلوكيا ومهنيا .
ويجب على الدولة العمل على:
1) استحداث نظم جديدة لتقييم الأداء الحكومي, وجمع المعلومات عن الفساد والمفسدين, ومعاقبة كبار المسؤولين بشكل صارم وسريع.
2) توعية المواطنين بالآثار السلبية للفساد على عملية التنمية بمختلف جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة.
3) التشهير برموز الفساد ولا سيما أصحاب النفوذ والسلطة والمناصب الرخيصة, وانتشار هيئة مشتركة حكومية شعبية تابعة في مرجعيتها لمكتب رئيس الدولة, وتعريف المواطنين من خلال اللوحات التعريفية والإرشادية في كل مؤسسة حكومية مدنية أو أمنية, ولا سيما أقسام الشرطة والجوازات, ومفارز الحدود والجمارك ومجالس المدن والبلديات ومصالح الضرائب والمصالح العقارية والبريد بما لهم من حقوق وما يترتب عليهم من واجبات منعاً للابتزاز الذي يتعرض له المواطن.
4) زيادة دخول المواطنين إلى درجة تكفل لهم حياة كريمة, ويمكن توفير اعتمادات ومستحقات هذه الزيادة من خلال ترشيد الإنفاق الحكومي.
5) العمل على إيجاد صيغة قانونية تنص صراحة على منح عفو من العقوبة ومكافأة مالية لمن يبلّغ عن حدوث صفقة فاسدة أو أعمال محظورة في أي مؤسسة حكومية.
6) وتمثل الخصخصة أحد الحلول المساعدة في محاصرة الفساد وتحجيمه والحد من تناميه.
7) الشفافية في عمل الدولة ومؤسساتها, والحكم الرشيد, أي الحكمة في استخدام الموارد وحسن اختيار السياسات الاقتصادية, والمساءلة القانونية على إدارة شؤون الدولة, والمحاسبة الصارمة لمرتكبي الفساد.
سادسا: وسائل مواجهة الفساد وعلاجه.
لما كانت اسباب الفساد الاداري كثيرة ومتباينة , فأن وسائل مواجهته وعلاجه , هي الاخرى كثيرة ومتباينة , لانها لابد من وان تتوافق مع انواع الفساد واسبابه , ومن اجل مواجهة الفساد الاداري وعلاجه لابد من العمل بالاتجاه الذي يحقق الاتي :
1- ايجاد اتفاق اجتماعي على معيار للقيم: وهذ يتطلب ضرورة واهمية تطوير فهم عام لمعيار واحد للقيم على مستوى الامة بحيث يضع الامانة كاحدى الفضائل السامية الجديرة بالتقدير والثناء . وفي نفس الوقت ايجاد او خلق كره عام واشمئزاز لدى المواطنين من الفساد بحيث يعتبرونه من كبريات الرذائل , وهذا لا يمكن ان يتم الامن خلال التعليم بمختلف مراحله وبواسطة وسائل الاعلام المختلفة ايضاً .
2- امانة ونزاهة وشفافية القيادات العليا: لما كان فساد القادة هو من اخطر اشكال الفساد فان عدم وجود الامانة والاستقامة لدى القادة السياسيين وكبار الموظفين وكبار الموظفين سيؤدي حتماً الى تجرؤ صغار الموظفين على سلوك ودروب الفساد والرشوة المشينة واستقلال المواطنين وهنا لابد من احكام الرقابة على تصرفات كبار الموظفين ومطالبتهم بتقيم تقارير دورية عن موجوداتهم الثابتة والمتداولة وبواسطة وضع قواعد لسلوك موظفي الدولة واعلانها من حين الى آخر ليطلع عليها المواطنون حتى يكون بامكانهم الحكم بانفسهم فيما اذا كان هناك خروج من قبل الموظفين على هذه القاعدة والسلوك المطلوب .
3- نشر التعليم وتوعية المواطنين: لاشك ان جهل المواطنين وعدم معرفتهم لحقوقهم يجعلهم فريسة للموظفين المرتشين , فيدفعون لهم الرشوة من اجل انجاز معاملاتهم وبالتالي اتساع ظاهرة الفساد وتحميل المواطنين مالا طاقة لهم بها ولمعالجة مثل هذا الوضع لابد من نشر التعليم او الدورات او الوعي الاجتماعي بين صفوف المواطنين وتعريفهم بحقوقهم , وبما يؤدي الى امتناعهم عن دفع الرشوة الى المواطنين , والى تقليل نسبة الفساد في الادارة وتحجيم المنظومات الفاسدة داخل الجهاز الاداري وصولاً الى تفتيتها والقضاء عليها .
4- محاسبة موظفي الدولة: ان ضعف او انعدام عنصر الرقابة والمحاسبة على موظفي الدولة يؤدي الى انتشار وتفشي الفساد بينهم , والى اساءة استعمالهم لسلطاتهم التقديرية وتجاوز حدود صلاحيتهم والعبث باموال الدولة من ناحية واسغلال المواطنين من ناحية اخرى . وهنا لابد من تشخيص وتحديد الاشخاص المنحرفين وكشف المنظومات الفاسدة داخل الجهاز الاداري من خلال انشاء الاجهزة الرقابية اللازمة والقادرة على كشف الانحرافات والممارسات اللااخلاقية داخل الجهاز الاداري المعني والتحقيق مع الموظفين المنحرفين وفرض العقوبات التي يستحقونها عليهم ليكونوا عبرة للاخرين .
5- تبسيط اجراءات العمل والتخلص من المعوقات الادارية: ان كثرة المعوقات الادارية , كتعقيد الاجراءات وعدم تبسيطها وطول خطواتها يعد من الاسباب الرئيسية للفساد الاداري في الاجهزة الحكومية وخاصة الخدمية منها , وذلك لان الاجراءات الطويلة والمعقدة تؤدي الى الفساد نتيجة لاجبار المواطنين على دفع الرشاوي الى الموظفين الذين يتولون انجاز معاملاتهم لقناعة هؤلاء المواطنين بانه عدم الدفع سيؤدي الى تاخير انجاز معاملاتهم او حتى ضياعها داخل الدائرة ولمعالجة مثل هذه الحالات لابد من دراسة القوانين والانظمة والتعليمات وادخال التعديلات المناسبة عليها وتصميم الاجراءات البسيطة والسريعة لانجاز معاملات المواطنين وتجنيبهم دفع الرشاوي للمواطنين .
6- تقويم ومكافاة الموظف الأمين: في ظل الفساد المتفشي في الاجهزة الحكومية نجد ان الموظف الامين والنزيه لا يلقى التقدير والاحترام والدعم , بل يصبح في مأزق ويتلقى الاهانات والسخرية من الكثرة الفاسدة والمنظومات المنحرفة بسبب امانته واخلاصه واجتهاده , بل قد يصل الامر الى تعرضه الى العقوبة او الجزاء لانه امين ونزيه . وهنا لا علاج الا بدعم واسناد الموظف الامين وتقديم الحوافز المناسبة له وتقويمه واعتباره مثالاً وقدوة حسنة يمكن ان يقتدى بها الاخرين ويعدلون من سلوكهم المنحرف وتصرفاتهم الادارية الفاسدة .
7- اعادة النظر بمستويات الرواتب والاجور بين فترة واخرى: ان انخفاض مستوى الرواتب والأجور المدفوعة لموظفي الدولة يعد هو الاخر من الاسباب الرئيسية لانتشار ظاهرة الفساد داخل الاجهزة الحكومية , وخصوصاً اذا كان راتب الموظف لا يمكنه من توفير العيش الكريم له ولافراد عائلته , فأن ذلك سيدفعه للبحث عن مصادر اخرى لاجل زيادة دخله ولمواجهة متطلبات الحياة , وهذا ما يؤدي به الى اللجوء الى الرشوة والفساد وانتشارهما نتيجة لانحراف مثل هؤلاء الموظفين لقبولهم الرشوة والتعامل بها . ان افضل علاج لمثل هذه الحالة هو دراسة رواتب واجور وأجراء تعديلات اللازمة على سلم او درجات الرواتب من حين لاخر وما يتناسب مع مستويات المعيشة وظروف السوق لكي يتمكن الموظف الحكومي من مواجهة الارتفاعات المستمرة في اسعار السلع والخدمات , ولاجل تأمين الحياة الحرة الكريمة لهم ولافراد عوائلهم .
نلخص من كل ما تقدم ان ظاهرة الفساد الاداري في الاجهزة الحكومية في العديد من الاقطار النامية هي ظاهرة تكاد تكون عامة وملموسة وهي موجودة ايضاً في الدول المتقدمة ولكن بدرجات اقل . كما ويلاحظ ان ظاهرة الفساد الاداري معقدة يكتنف جوانبها الكثير من الغموض, ويعود سبب انتشار الفساد واستمراريته الى العديد من الاسباب والعوامل المتدخلة ببعضها والتي يصعب فصل كل عنصر منها على حدة , وايجاد الحلول والمعالجات المناسبة لها بصورة منفردة وعليه فان أي استراتيجية للقضاء على الفساد لابد لها لكي تنجح من مواجهة مشكلة الفساد بنظرة شاملة يتركز الجهد على حصر هذه المشكلة او الظاهرة وتحجيم ابعادها والوقوف على اهم اسبابها ومسبباتها وايجاد الحلول المناسبة لجميع عوامل واسباب الفساد دون استثناء البعض منها .
[1] خليفة عبد الله السيف, متى نرى آلية صحيحة لمحاربة الفساد, http://www.alwatan.com.sa/daily/2002-10-19/resders.htm
[2]أحمد بن عبد الرحمن الشميمري ." مظاهر الانحراف الوظيفي " , مجلة التدريب والتقنية , ع 57 ,2010م ص 26 – 28 .
[3] مصطفى الفقى , الفساد الإداري والمالي بين السياسات والإجراءات, http://www.cipe-egypt.org/articles/art0900.htm
[4] هناء اليمانى , الفساد الإدارى وعلاجة من منظور إسلامى , 2009م.
[5] سامر نصر, اثر الفساد على عملية الاصلاح داخل سورية, الحوار المتمدن - العدد: 2358 -30/7/ 2008 م.
[6] صافي إمام موسى , استراتيجية الإصلاح الإداري وإعادة التنظيم في نطاق الفكر والنظريات ( ط1 ) . الرياض : دار العلوم للطباعة والنشر 1985م.