إعداد
أحمد السيد كردي
كثير منا يسأل نفسه أحيانا كيف لي أن أثق في النفس وهي الأمارة بالسوء ويختلط عليه الحابل بالنابل, فالثقة بالنفس من المحاور الهامة للباحثين والمهتمين فى مجال التنمية البشرية حيث أن أحد القواعد الرئيسية فى بناء الذات هو كيفية تعزيزها بالثقة بالنفس ولكن هل سنثق فى النفس والتى هى من أعداء الإنسان " الدنيا والنفس والهوى والشيطان " وكما قال تعالى عن أحد أنواع النفس البشرية وهى المرتبة الثالثة وأسوأ أنواع النفوس " وما أبرىء نفسى إن النفس لأمارة بالسوء إلا مارحم ربى" فهل ندع لها الأمان ونثق فيها فقد توردنا المهالك .
أم ستكون ثقتنا فى الله هى الثقة المطلقة , فإلى كل الطامعين فى تنمية الذات على خير وجه والباحثين عن سر السعادة , إليكم هذا النبأ العاجل؛؛؛؛؛؛؛؛
الثقة بالنفس من الثقة بالله .
فكيف تكون ثقتنا بأنفسنا هو السبيل الصحيح الذى يوصلنا إلى رضا الله سبحانه وتعالى , فالمسلم الصحيح هو الكيس الفطن الذى لا يعوقة فى طريق الحق لومة لائم الذى وصفهم الحق سبحانة وتعالى بأنهم رجال لا يخافون فى الله لومة لائم من قوة العقيدة لديهم جعلت إيمانهم بالله يبنى ويعزز لديهم الثقة بما عند الله ونجحوا فى حياتهم الدنيا والأخرة , فالمسلم الحق هو صاحب أسمى هدف وهو ما تلخص فى " إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا وأعمل لأخرتك كأنك تموت غدا .
الثقة بالنفس الحق هو أن تعلم نفسك بأن الله سبحانة وتعالى أعطاك من النعم والقدرات والطاقات البشرية تتخطى بها حاجز المستحيل, فأنا قادر على الإعطاء والنجاح بتوفيق من الله , وإن لم يكتب لى النجاح فلا تهتز ثقتى بنفسى وإيمانى بالله فأنا أرضى بما هو مقدر ومكتوب وأعلم أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا .
قد يمتلك الإنسان ذكاءا خارقا إلا انه قد لا يستفيد منه, ولك أن تسأل لماذا ؟ وقد يمتلك أيضا كفاءة معينة أو عدة كفاءات إلا انه أيضا لا يستفيد منها ,وهنا أيضا تسأل لماذا ؟
وقد يمتلك مقومات القوة البدنية والعقلية أيضا , إلا انه ومع ذلك يبقى جبانا ضعيف الإرادة , وتسأل لماذا ؟
الإجابة على كل تلك التساؤلات واحدة وان تعددت , غياب الثقة بالنفس : إذن إن الثقة بالنفس مفتاح النجاح في الحياة , فالذي يثق بنفسه يستطيع ان يفعل كل شيء في الحياة , والذي لا يثق بنفسه لا يقدر على أي شيء على الإطلاق , والثقة بالنفس تجعل الفرد يصل إلى درجة الطمأنينة والراحة الذاتية والنفسية حتى يسمو بها إلى أعلى مراتب النفس مع الله سبحانة وتعالى وهى النفس المطمأنة التى جعلت من ثقتها الله قوة وشجاعة فى شخصيتها حتى إن طلبت فى شهادة حق لا تردع ولا تتذذب ولا تهاب إلا من العلى الكريم .
اقرأ تاريخ الناجحين في الحياة لتجد أنهم كانوا يثقون بأنفسهم دائما , على عكس الفاشلين الذين كانوا لا يرتفعون بمستواهم الفكري إلى مرحلة الثقة بالنفس , وبإمكانك أن تجرب نفسك شخصيا فأنت تشعر بقدرة خارقة عندما تعطي الثقة لنفسك وبذلك تستطيع أن تحقق آمالك وأهدافك , بينما تفشل في القيام بعمل بسيط عندما تبدأ بنزع الثقة من نفسك.
سر الثقة بالنفس أن تحقق انجازا في الحياة , وهذا يحتاج إلى شيئين:
الأول : القدرة الإيمانية .
الثاني : القدرة النفسية .
فالقدرة الإيمانية تعود إلى القواعد المرسوخة بالفرد من التربية على الأسس القويمة والتنشئة الصحيحة على الثقة بالله وحب الله قولا وعملا , والقدرة النفسية لها أهمية كبيرة , أنها تحرك القوة المادية وتنقلها من مرحلة الممكن إلى مرحلة الواقع , من هنا .. فأن ضعف الثقة بالنفس يؤثر على هذه القدرة النفسية ويجعلها في مستوى أدنى من العمل الذي تريد القيام به , أي أن تحقيق الأعمال بحاجة إلى أعداد نفسي بقدر ما هو بحاجة إلى أعداد مادي , أي انه يجب أن يكون إزاء أي عمل ثقة بالقدرة على تحقيقه بنفس المستوى .
ولكن ما هي الطريقة المثلى لتحقيق الثقة بالنفس ؟
أفضل طريقة لإيجاد الثقة بالنفس أن تعتقد بأنك أصبحت قادرا ومسئولا في الحياة ويجب أن توحي إلى نفسك بهذه الحقيقة , حتى تتمكن من غرس الثقة بالنفس , والإيحاء يتم بالكتابة أو الحفظ لذات المشكلة التي تعاني منها , والقيام بترديدها مرارا وتكرارا في أثناء النوم , كما ينصح الأخصائيون بأن يكون آخر شيء يفكر فيه المصاب في الليل هو هذا الشيء الذي يراد إيحاؤه في النفس .
وانعدام الثقة بالنفس ليس حالة مرضية محدودة بل أنها حالة تكون سببا للكثير من الأمراض النفسية حيث أنها تمثل الهزيمة النفسية للذات.
يوجد نوعان من الثقة بالنفس:
النوع الأول: الثقة المطلقة بالنفس :
وهي ثقة يمكن أن نطلق عليها نافعة ومعجزية لمن يتمتع بها , وتستند إلى مبررات قوية خالية من الشك , ويمتاز صاحب الثقة المطلقة بالنفس بإقدامه على الحياة بقوة دون خوف أو تردد .
النوع الثاني : الثقة بالنفس المحددة:
وتكون الثقة محددة في جانب أو موقف معين , ويتجاهل الشخص جوانب او مواقف أخرى.
هل تعلم أن غالبية الناس لا يثقون بأنفسهم ؟
قد تكون الثقة بالنفس المطلقة والمحددة نوعين مثاليين في الثقة بالنفس , ولكن العديد من الناس خارج هذين النوعين , واغلبهم يفتقدون الثقة بالنفس , وفي هذا الموضوع يقول عالم النفس الشهير ( الفريد ادلر ) : ان البشر جميعا خرجوا إلى الحياة ضعافا عراة عاجزين , وقد ترك هذا أثرا باقيا في التصرف الإنساني ويظل كل شيء حولنا أقوى منا زمنا يطول او يقصر , حتى إذا نضجنا ألفينا أنفسنا كذلك , تواجهنا قوى لا حول لنا أمامها ولا قوة , ويقفل علينا شرك الحياة العصرية المتشبعة كما يقف الشرك على الفأر , فهذه الظروف القاهرة التي تخلق ونعيش فيها تترك في الإنسان إحساسا بالنقص باقي الأثر , ومن ثم تنشأ أهداف القوة والسيطرة التي توجه تصرفات البشر ) .
والإنسان بطبيعته ضعيف , فقد خرج ضعيفا من بطن أمه لا يعلم شيئا و ثم بدأ طريقه في الحياة , يتعلم ويتكون وينمو ويزداد قوة وثقة بنفسه مع الوقت , ولنأخذ على سبيل المثال الطفل الذي يبدأ أول خطواته في المشي فأنه في البداية يكون خائفا من القيام بأول خطوة , ثم تزداد ثقته بنفسه فيقوم بخطوة أخرى وهكذا , فكلما ازدادت ثقته بنفسه ازداد قوة ونجح في أداء الخطوات الأخرى . إذن فالإنسان يولد ومعه طاقة قوية ودافع وحب لانجاز شيء ما , فهذا الطفل لم يتعلم بعد شيئا في الحياة سوى المشي وها هو يسعى للنجاح , ومن أحسن الخطوات في التمتع بالثقة بالنفس هي الإحساس بالنقص , فإذا شعر الإنسان بالنقص بين الناس , فبدون شك سوف يحاول أن يحاكي الناس ويصبح مثلهم , وهذا ما يدفع العديد من الناس إلى زيادة جرعات الثقة بالنفس , وكلما نجح الإنسان في تحقيق ما كان يراه صعبا فينبغي أن يواصل حتى يحقق أهدافه ويزيد من نجاحاته .
من جد وجد ومن زرع حصد
عندما يصل الإنسان إلى هدفه , ويشعر بنشوة النجاح فأنه يشعر براحة نفسية وبسعادة وفخر , ولعل السعادة هي ثمرة الثقة بالنفس , ومن ثمرات الثقة بالنفس ما يلي :
1- ينتابك شعور بأن الحياة جميلة لأنها فى طاعة الله وإن لم تكن فى عبادة فهى فى عادة مباحة والنية تحول العادة إلى عبادة .
2- تدرك أن إمكاناتك وقدراتك قادرة على مواجهة التحديات والصعوباتفى مرضات الله.
3- تدرك مكامن الضعف والقوة في قدراتك .
4- تجعلك تزيد من وتيرة الانطلاق إلى الأمام .
5- تجعلك قدوة للآخرين فسلوك رجل فى ألف رجل خير من دعوة ألف رجل لرجل .
6- تجعلك تتعرف على النموذج المناسب لك في الحياة الكفيل بنجاحك والذى وضعة لك حبيبك ومصطفاك محمد صلى الله علية وسلم والقائد الأعلى للتنمية البشرية فى العالم الإسلامى على مر العصور والأزمان.
7- تتمكن من معرفة أهدافك وتزيد من عزيمتك للوصول إليها فكل الأهداف مادامت مشروعة فاعلم أنك فى رباط الله وفى مجاهدة للنفس حتى تصل إلى ماتريد .
8- تجعلك تستغل كافة طاقاتك وقدراتك .
9- تجعلك قادرا على التخلص من السلبية والهزيمة والعجز والفشل .
10- تقوي إرادتك ورغبتك في مزيج من النجاح .
إعلم أن صاحب النفس المطمئنة هو إنسان ذو ثقة بنفسة لأنه رباها على مرضات الله ولن يتأتى ذلك إلا بترويض النفس الأمارة بالسوء وأن تتحلى بالصبر فالطريق إلى النفس المطمأنة ليس بالسهل .
********************
- وفاء حسين صالح , الثقة بالنفس مفتاح النجاح.
- جلال فرحي , الثقة المطلقة بالنفس.. والثقة المحددة.