من الطبيعي أن يسود بيئة العمل جو من التوتر بين الحين والآخر ، وكلما زادت الضغوط تدهورت معها الصحة النفسية والجسدية ، ولا تتحمل المرأة العاملة على وجه الخصوص بعض المشاكل كونها لا تستطيع الفصل غالباً بين جو العمل وبين بيتها أسرتها ، سواء كانت موظفة أم مديرة وقائدة لمركبة أحد الشركات.
ونفس الشئ ينطبق على الموظفين من الرجال أيضاً ، ويؤكد الخبراء أن التوتر في بيئة العمل طبيعي أن يحدث ، وخاصة أن بعض المديرين يلجئون أحياناً إلى ضخ نوع من التوتر لزيادة إنتاجية العمل ، وذلك وفقاً لدراسة أمريكية جديدة أعدتها بوز أند كومباني بالشراكة مع مركز كاتزنباخ - وهو مركز جديد يعنى بوضع وتطبيق أفكار تجديدية في ثقافة الشركات ، أنشئ في إطار شراكة استراتيجية مع بوز أند كومباني وشركة الاستشارات الإدارية كاتزنباخ بارتنرز ال ال سي.
حيث أظهرت أبحاث المركز في شركات كبرى من مختلف القطاعات أن الموظفين السعداء قد يصابون بالملل واللامبالاة ويصبحون أقل إنتاجية من أولئك الذين يخضعون لقليل من "التوتر المحكم".
وبحسب جريدة "القبس" يقول رئيس بوز أند كومباني ومديرها العام في الشرق الأوسط جو صدي: "أن مقداراً معيناً من الصراع مفيد للشركات التي تصل بالفعل إلى أدائها الأقصى في ظل المقادير الصحيحة من الضغط ، وأحد أعمدة عمل أي قائد أو مدير خلق المعارك الصحيحة والتأكد من خوضها بطريقة سليمة ، هذا ما يسمى خلق "المعركة الصحيحة" أي استخدام التوتر بطريقة إستراتيجية لإخراج أفضل ما لدى الهياكل التنظيمية وقادتها".
العمل تحت الضغوط
ن
فس النتائج توصلت لها دراسة أجرتها المؤسسة النفسية البريطانية ، التي توصلت إلى أن نصف البشر يعملون بشكل أفضل تحت الضغوط، وهذا مثال آخر على أن رد الفعل الجسدي للجسم يقول "يا قاتل يا مقتول" فتزداد دقات القلب ويرتفع مستوى الطاقة وتبدو المهام الصعبة أكثر سهولة.
وحلل الباحثون هذا الأمر بأنك حين تقعي تحت ضغط تمنحك الغدة فوق الكلوية دفعة من الأدرينالين وتفرز هرمون التوتر (الكورتيزول) الذي ينشط جسمك، وفي الوقت ذاته تتسع الرئتان وتتسارع دقات القلب وتزداد دفعات الأوكسجين التي تساعدك على التيقظ، وعلى التفكير أسرع وبوضوح أكبر.
ولكن في المقابل قد يؤدي زيادة العبء إلى تدهور ذهني حين لا يستجيب الجسد كما ينبغي لكي يمد بالأحماض الأمينية الضرورية التي يحتاجها لكي يبقى فاعلاً في الأمور المهمة
المشاعر السلبية
إذا "التوتر المحكم" لا يعني إدخال مشاعر سلبية طوال الوقت تؤدي إلى كره الموظفين لعملهم ، وعن هذا الأمر يشير الدكتور سعيد وهاس بحسب جريدة "اليوم" : أن كره العمل لا ينعكس سلباً على الشخص نفسه فقط بل على أدائه وإنتاجه وهو لا شك خسارة على الصعيد الفردي وعلي سير وإنتاجية العمل ، والتغلب على أي عوارض نفسية تكمن فى معرفة المسببات ، ولعل البنية المعرفية للفرد هي من يقف وراء مشاعره السلبية تجاه العمل.
ويؤكد د. وهاس : أنه يجب تحسين بيئة العمل من حيث مراعاة الفروق الفردية من الأفراد، ووضع الشخص المناسب في الموقع المناسب، مع تفعيل الموضوعية من قبل المسئولين في التعامل مع الموظفين، وغياب العوامل الشخصية والانفعالات، مع مراعاة زيادة الحوافز سواء المادية المعنوية، وخلق بيئة عمل سليمة تعنى بالجوانب النفسية للعاملين ، وزيادة الإنتاج وتحسين الأداء .
خطر على القلب
ولا تؤثر ضغوط العمل من الناحية النفسية فقط ولكنها تنعكس أيضاً على الناحية الجسمانية، حيث أشارت أحد الأبحاث الأمريكية السابقة نشرتها مجلة "الطب النفسي الجسماني" أن الإجهاد والانفعال في العمل يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب.
وأفادت الدراسة أن خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم الشرياني الذي يعتبر أحد عوامل الخطر الرئيسية لأمراض القلب أعلى لدى الأشخاص الذين يعملون في وظائف انفعالية لا تتيح لهم حرية الاختيار الكاملة أو اتخاذ القرار مقارنة بالعاملين الذين لا يضطرون للعمل في مثل هذه الوظائف.
وللحد من هذه التأثيرات ينصح بتجنب العوامل المؤهلة للتوتر النفسي والإجهاد أثناء العمل وذلك من طريق وضع خطة عمل قابلة للتطبيق، وأخذ فترات قصيرة للراحة بين الحين والآخر، وأثناء العمل ينبغي الحرص على التنفس بشكل سليم وعميق من أجل تجديد التهوية الرئوية وتنشيط الدورة الدموية.
يضعف جهاز المناعة
|
ووجد الباحثون بعد متابعة أكثر من ثمانية آلاف موظف في شركات مختلفة لمدة ثلاث سنوات، أن العاملين في وظائف ضاغطة ومتطلبة أصيبوا بالزكام بنسبة أكثر بحوالي 20 % من أقرانهم العاملين في الوظائف الأقل تطلباً، كما زاد الشعور بعدم الأمان الوظيفي من فرص الإصابة بالأنفلونزا والالتهابات الهضمية بوجه خاص.
ولاحظ هؤلاء أن الأشخاص العاملين في نظام المناوبات أكثر عرضة للإصابة بالأمراض من العاملين في دوام ثابت نهاراً كما يكون الخطر أعلى بين العاملين في ثلاث مناوبات.
وحذر الباحثون من أن الإرهاق في العمل يزيد خطر الإصابات أيضاً ، فعلى سبيل المثال يعاني العاملين في مهنة كي الملابس من التهابات معوية وهضمية أكثر من غيرهم بحوالي الضعف مشيرين إلى أن معظم الموظفين الذين يغيبون عن العمل بسبب البرد أو الزكام يكونون غالباً غير راضين عن عملهم ولا يملكون دافع مشجع للذهاب إلى العمل الذي يصيبهم بالإحباط والكآبة.
ودع التوتر بنمط مختلف
وإذا لم يتوقف الضغط أو التوتر بجو العمل ، من الخطأ أن تستسلم إلى هذه المشاعر ، إليك بعض الطرق البسيطة وأنماط حياة جديدة قد تخلصك من مشاعرك السلبية تجاه العمل .
1 – حمام بارد صباحاً : أكد خبراء بريطانيون من جامعة "هال" أن الحصول على حمام بارد في الصباح يساعد في تقليل مستويات التوتر والضغط النفسي عند العاملين ممن يعانون من كثرة التعرض إلى الضغوط النفسية ،ويرى العلماء أن الحمام البارد الذي يعتبر جزءاً مهما من نمط الحياة الصحي عند الرياضيين، يساعد على التخلص من التوترات والمؤثرات الحياتية الضارة بالصحة، والتي يستلزم التخلص منها أخذ حمام بارد قبل الذهاب إلى العمل.
وخلص الباحثون بعد متابعة مجموعة من طلاب الجامعات طلب منهم وضع أيديهم في ماء بارد أثناء إجابتهم على عدد من الأسئلة أن هذا التدريب زاد درجات التحمل النفسي لديهم، وحسّن قدرتهم على مواجهة المواقف المثيرة للتوتر.
2 – تمارين التنفس : يعيد التنفس العميق الجسم إلى وضعه الطبيعي بعد انقباضه بسبب التوتر مما يؤدي إلى انخفاض كمية الأكسجين في المخ مما يترتب عليه ضعف التركيز والانتباه، وبهذه التمارين البسيطة يمكنك استعادة توازنك وثقتك بنفسك :
أولاً : استنشاق الهواء من الأنف مع العد الداخلي البطيء من 1 إلى 4 ، مع ملاحظة عدم الوقوف بعد كل رقم.
ثانياً: احبس الهواء مع العد الداخلي من 1 إلى 4.
ثالثاً: زفير مع الفم مع العد الداخلي من 4 إلى 1 ، كرر هذه العملية مرتين أو ثلاثة، كلما أحسست بالتوتر.. وسوف تتحسن حالتك
3 – فترات من الراحة : تجنب العمل الطويل والمستمر ، إذ ينصح الخبراء بأخذ فترات قصيرة من الراحة بين كل ساعتين من العمل المتواصل لتجنب الإجهاد والضغوط النفسية الناجمة عن العمل ومن أجل إنجاز المهام بنوعية ممتازة.
4 - حاول ألا تبالغ في الشعور بالقلق، وخفف من اندفاعك ومن حدة مناقشتك.، أما إذا كنت بموقع مسؤولية فحاول أن تستخدم العدل في حكمك على الآخرين .
5 - انظر إلى الحياة بشكل إيجابي، واتخذ القرارات المناسبة، وتخيل أن النتيجة سوف تكون جيدة، لكن كن مستعداً أيضا لقبول الأمر الواقع والتعايش معه.
6 - لا تكن قاسياً على نفسك ، فكلنا يمكن أن نقع في الخطأ، وانظر إليه في حالة وقوعه كفرصة لاكتساب المزيد من الخبرات.
7 - تذكري نجاحاتك السابقة، ونظم أوقاتك وحدد الأولويات، وابدأ بالعمل الذي لا تحبه أولا، وليكن ضمن برنامج عملك اليومي فترة من الوقت للترفيه عن النفس.
8 - لا تجعل برنامج عملك مزدحماً، وحاول أن تري الجانب الممتع في الحياة،وتذكر أن الابتسامة أو الضحك هي وسيلة رائعة للوقاية من التوتر..كما أن الجانب الروحي مهم جدا أيضا.