اتخاذ القرار هو أحد أهم المهام الإدارية لتي تواجه المدير ، بل وتواجه الإنسان بشكل عام وقد يؤدي التردد في اتخاذ القرار إلي ضياع العديد من الفرص ، فالتردد من أسوأ الأمور التي قد تضيع الفرص والوقت كما يصفه الفيلسوف الصيني يونج سلبية التردد ، مؤكداً أن الإقدام علي أمر ما يبدأ دائماً بقرار
فالقدرة علي اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب من أصعب الأمور التي تواجهنا في حياتنا العملية والأسرية حيث يتطلب ذلك الاختيار بين بدائل معينة أو الاختيار بين الخطأ والصواب أو بين الأبيض والأسود.. ترجع تلك الصعوبة إلي عدة عوامل منها, صعوبة الحصول علي كل المعلومات الخاصة بالقرار المطلوب اتخاذه أو الشعور بالخوف أو القلق من سوء تقديرنا لتقييم بعض الأمور مما يزيد الأمر تعقيدا.. والعملية محيرة.. فإذا كان اتخاذ القرار الصائب صعباً بالنسبة للرجل فإنه أكثر صعوبة بالنسبة للمرأة نظراً لطبيعتها لكن هناك العديد من التدريبات التي يمكن تعلمها لتساعد علي مواجهة التحديات التي تحد من قدرة المرأة علي اتخاذ قرارات حياتية ، والكثير من قادة التنمية البشرية يقدمون دائماً تدريبات كثيرة ومحاضرات عديدة في فنون اتخاذ القر
أسس اتخاذ القرار
دكتورة آية ماهر - أستاذ الموارد البشرية بالجامعة الأمريكية ومقرر مجموعة تدريب القوة البشرية بلجنة التعليم بأمانة السياسات – تؤكد بحسب جريدة " الأهرام" أن تعلم مهارات اتخاذ القرار أصبح من ضمن برامج التدريب الأساسية للموارد البشرية في كبري الشركات العالمية, وضرورة عصرية لأي امرأة نظراً لكثرة المتغيرات والأحداث التي تواجهها في حياتها اليومية والتي تتطلب دراية أكثر بهذه الجزئية التي تمس كل الأمور الأساسية..
لذلك تقدم د. آية روشتة عملية وفعالة لكل سيدة تود التخلص من التردد في اتخاذ القرار تتلخص فيما يلي :
* لا تتركي أمر اتخاذ القرار معلقاً لعدم الرغبة ، لأن هذا الوضع أكثر الأوضاع سلبية وخطورة في مجتمعنا.. فاتخاذ القرار حتى إذا كان خاطئا أفضل من عدم اتخاذه ، لأننا لن ننجح لو لم نتعلم من أخطائنا هذا بالإضافة إلي أن عدم اتخاذ القرار يجعل المرأة تدور في حلقة مفرغة وتضيع منها فرص قد لا تتكرر.. وقد ينتج عن ذلك الشعور بالعجز في مواجهة الأحداث وحل المشكلات، لذلك تذكري أن اتخاذ القرار يكسبك جرأة وشجاعة وخبرة ويتيح لك فرصة التقويم الذاتي.
* تأكدي أن عدم المرونة في طريقة التفكير بسبب الشعور باليأس من عدم القدرة علي اختيار القرار السليم فتكون النتيجة السلبية التي يمكن التحكم فيها والتخلص منها من خلال استشارة أهل الخبرة والتزود بالمعلومات الكافية حتى تتضح الصورة كاملة أمام عينيك, وعندئذ سوف تتولد لديك أفكار جديدة وتصبحين أكثر ايجابية.
* اعلمي أن عدم وضوح الهدف المطلوب اتخاذ قرار بشأنه أمر شائع بين النساء حيث نجد أن الكثيرات يمضين وقتا طويلا في التفكير في اتخاذ قرار العائد منه ضعيف جدا لذلك عليك أن تسألي نفسك أولا ما هو الهدف من هذا القرار؟ وهل العائد منه مجزي بالقدر الكافي أو يستحق الخوض فيه أم لا..؟
* لا تندفعي في الحكم علي الأمور قبل معرفة المعلومات الضرورية لمقارنة البدائل المتاحة وعدم التمسك بفكرة سابقة نجحت من قبل لأن ذلك ليس معناه أنها ستنجح من جديد.. الأفضل تحديد بدائل للقرار وجمع كل المعلومات عن هذه البدائل واعتبار إن نجاح كل قرار له ظروفه الخاصة فهو وليد وقته.
* لا تجاهلي العقبات والمشاكل المحتملة باعتبار أن كل شيء يمكن ترتيبه فيما بعد, ويتطلب ذلك الاستفادة من أخطائك السابقة أو أخطاء الغير والاستعانة بذوي الخبرة في ذلك لتقدير تلك العقبات للتصدي لها.
* تعلمي ألا تفتحي المجال للعواطف والمجاملات لأن ذلك لا يتناسب مع الاختيار السليم بين البدائل فعليك أن تكوني حيادية وموضوعية وصادقة مع نفسك عند اتخاذك أي قرار لأن القرارات النابعة من المجاملة أو من العاطفة يكون مصيرها دائما الفشل وعواقبها سلبية.
قرار ناجح
وتنصح د.آية ماهر أي سيدة ترغب في اتخاذ قرار ناجح بإتباع النقاط التالية
أولا: تحديد دقيق للمشكلة التي تتخذ القرار من أجلها.
ثانيا: دراسة المعايير التي علي أساسها سوف تفاضلين بين الاختيارات فإذا كنت تأخذين قرارا متعلقا بشراء سلعة عليك تحديد أولويات معاييرك سواء كانت السعر أم الجودة أم الإمكانيات وغيرها من المعايير.
ثالثا:تحديد البدائل المتاحة وجمع المعلومات عنها لتحديد مجموع أهمية المعايير لكل بديل للمفاضلة بينهم.
رابعا: اختيار القرار الأمثل والأعلى تقديرا لمعاييرك فإذا كان قرار شراء فيفضل أن تشتري المنتج الذي يجمع بين أفضل مجموعة من المعايير فيكون ذات جودة عالية وإمكانيات مناسبة وسعر متوسط مثلا. فإذا وجدت أن قرارك ساعد علي حل المشكلة فإن ذلك معناه أنه قرار صائب وانك نجحت في اتخاذه.
وأخيرا تقدم دكتورة آية ماهر نصيحة لكل سيدة تقول فيها: تذكري دائماً أن عملية اتخاذ القرار ليست نهاية المطاف بل هي في الحقيقة بدايته حيث يحتاج تنفيذه إلي المتابعة والتقويم الذي يتطلب أحياناً إجراء بعض التعديلات علي هذا القرار وان اتخاذ القرار ليس هو المهم في النهاية وإنما الأهم هو كيفية تنفيذ ما بعد اتخاذ القرار في الوقت المحدد لذلك, فلا تحبطي أو تصابي بخيبة أمل حتى إذا اكتشفت أن قرارك خاطئ ، لأن تعلم اتخاذ القرار عملية تحتاج إلي الممارسة والتجربة فهو علم أساسي من ضمن علوم الإدارة والحياة العامة,
وعليك أن تستفيدي من أي فشل واجهته عند اتخاذ قرارات تحسين قراراتك المستقبلية وتريثي عند اختيارك لقرار محير وراجعي نفسك مرة ثانية بعد عدة أيام وفي أوقات مختلفة أو استشيري أهل الخبرة ، وتذكري أخيرا أن العزم والتعقل والدراسة سيصلون بك حقا إلي القرار السليم الناجح.
إيجابية في التفكير
ولأن اتخاذ القرار أحد وأهم مقومات النجاح ، وهو بدوره يحتاج إلي إيجابية في التفكير تؤدي إلي مرونة في اتخاذ القرار من هنا ينصح د. إبراهيم الفقى المدرب والمحاضر العالمي ورائد التنمية البشرية في كتابه " قوة التفكير " من يرد النجاح بالتفكير الإيجابي فيقول : إذا أردت فعلاً أن تحدث تغييراً إيجابياً في حياتك وكنت جاداً في ذلك ورغبتك قوية وقررت قراراً قاطعاً أنك ستبدأ الآن ، وأنه مهما كانت التحديات ستستمر حتى تحصل على هدفك.
ابدأي بالخطوة الأولي وهى التوكل على الله سبحانه وتعالي وبذلك تحصل على الطاقة الروحانية اللازمة للتغيير ثم لاحظ أفكارك وغيرها إلى الأفكار التي تدعمك وتحمسك وتجعل حالة الطوارئ عندك تعمل لصالحك.
ثم يتحدث عن أربع خطوات تحسن الحالة النفسية وتدفعك للتفكير الإيجابي وهي:
أولاً : الاعتراف بأنك تعانين من حالة نفسية سيئة ، ويؤكد الخبراء أن الحالة النفسية المتردية لا توضح عن نفسها حين لا نعبأ بها ،لأنها لا تعلن عن نفسها ، ولا تنتظر منها أن تقول لك: "لقد تسربت إليك فاحرص على خطواتك".
وأول خطوة يجب عملها هي الاعتراف بأنك فى حالة سيئة ولا تتجاهلي حزنك أو ألمك ، حتى لا تتراكم لديك الأحزان ، فلا تحاولي أن تكبتينها حتى لا تخرج يوماً بشكل يؤلمك جداً.
ثانياً : اعترفي أنك المسئول دائماً عن شعورك السلبي ،فمشاعر الضيق والألم التي نشعر بها ونرجعها إلى أسباب خارجية وخارج نطاق الذات تخف عندما نتحمل نحن المسؤولية كاملة ونكون راغبين فعلاً في الوقوف على أسباب سعادتنا إن في فقداننا لهذه الأسباب ثم العثور عليها ثانية حين نحمل أنفسنا مسؤولية ما يعترينا من ضيق وآلام ونكتشف ثانية أننا نحن سبب الداء وأن عندنا وفي ذواتنا الدواء مع هذا كله ما يدل على أننا نمسك زمام أمورنا بأيدينا ولدينا الانضباط الذاتي في تصريف أمورنا وهذا هو سر قوتنا ، ولكن في الحقيقة كل واحد منا هو الوحيد على هذه الأرض الذي يمكن أن يدخل السرور إلى قلبه وهو الشخص الوحيد الذي يجعل التعاسة لنفسه.
ثالثاً : جمعي أفكارك ، فإذا بررت مشاعرك السلبية تكون بذلك قد ألزمت نفسك بالتعاسة، ولا تأخذي أحد المبررات التالية لسلوكك:
* ما أفكر به حقيقي .
* لي الحق أن أشعر بتردي حالتي النفسية.
* حالتي خطيرة.
* مشاكلي كثيرة ولا أحد يفهمني.
* أنتم لا تشعرون بي.
* انتظر حتى الصباح لأكون سعيداً.
بدلاً من إعطاء المبررات السلبية ، ينصح الخبراء بضرورة مواجهة التحديات التي توجهك ،ولا تحاصري نفسك بالأوهام التي تدمرك، تريثي برهة من الزمن وحللي المشكلة التي تواجهينها وانظري بعين العقل حتى تتضح لك الأمور ولا تصدقي ما توخيه إليك نفسك من مبادئ خاطئة.
رابعاً : لا توجهي اللوم لأحد ، ولا تضيع وقتك في لوم الآخرين وأنهم سبب ما أنت فيه ، فقط اطرح عن تفكيرك كل ما يسيئ إلى نفسك ودنياك وفكر بإيجابية ،وليس شرطاً أن تحكي همك لصديق كي تشعر بتحسن وتشكو حالك وحال الدنيا إليه.
أدوات النجاح
ويؤكد د. إبراهيم الفقي علي أن العلاقة بالله تعالى هي أول جذور النجاح..وهي من أقوى الأسباب المانحة للدافعية والقوة والطاقة..
د. ابراهيم الفقي
التطبع بالأخلاق فالنجاح يعتمد 93% منه على المهارات الشخصية “وهي ما يتضمن الأخلاق وأسلوب التعامل مع المجتمع والأخلاق”..و7% مهارات مهنية..
ويعد المعيار الأساسي في تقييم الشخص هو مدى جودة أسلوبه في التعامل مع المجتمع والتزامه بالقيم الأخلاقية..ذلك إن العمل الجماعي الناجح يتأسس على مجموعات مترابطة تملك من أدوات التواصل الشئ الكثير..وهو مالا يمكن توافره إلا بين أفراد يلتزمون بالأخلاق..
ويضيف د . الفقي : التفاؤل والتفكير الايجابي..هما من أهم جذور النجاح..
نظرية نشاطات العقل: كل ما تفكر فيه يتسع ويكبر بنفس النوع.
يقول الدكتور ويليام جيمس أستاذ علم النفس الحديث : “إذا انتظرت التقدير ستقابل بالإحباط التام”
ويؤكد خبراء علم النفس إن ضعف التقدير الذاتي هو سبب كل مشاكل الإدمان في العالم..
إن شعور الإنسان بالدونية هو من أشد ما يجعله غير متزن نفسيا..على الإنسان أن يقدر نفسه بنفسه وأن يعلم أن الله تعالى جعله أشد المخلوقات وأقواها وأقدرها على الانجاز..
فلا يوجد أي إنسان سلبي..وكل الناس قادرة على النجاح..وانتظار التقدير من الناس لا طائل من ورائه أبدا..فكل مشغول بحياته الخاصة ومشاكله..