تعد المنظمات نتاجا مجتمعيا، ولا تقوم لمجرد الوجود ذاته، بمعنى أن كل منظمة في المجتمع تعمل على تحقيق هدف أو تقديم خدمة أو منتج معين لأفراد المجتمع.
على هذا الأساس أصبح لأفراد المجتمع أو جمهور المنظمة على وجه التحديد دور في الاعتراف بوجود المنظمة، فالجماهير هي التي تمنح الدعم والتأييد الذي تحتاجه أي منظمة في ظل تنوع وتنافس المنظمات، وتنامي أهمية الرأي العام، وانتشار تكنولوجيا المعلومات والاتصال الرقمي، وأيضاً الحاجة إلى الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وإطلاق الحريات العامة كنتيجة حتمية لما يحدث على الصعيد الدولي والإقليمي، وكإفراز طبيعي للعولمة وثورة المعرفة.
وقد أدركت الشركات والمؤسسات والمنظمات أن نجاحها يرتبط بقدرتها على الاتصال بالجماهير وتشكيل صورة إيجابية لنفسها، وتحسين سمعتها، والتأثير على الرأي العام.
هذا الواقع جعل العلاقات العامة - أو ما يطلق عليها (إدارة الاتصالات) .حاجة ماسة وجوهرية لكل المنظمات الحديثة بمختلف أنواعها، فلا يمكن تجنب العلاقات العامة أو حتى تجاهلها، فبدون اتصال لا يتم أي نشاط ولا يتحقق أي هدف، وهذا معناه: (أن العلاقات العامة ظاهرة اجتماعية جبرية وحتمية، فأينما يوجد تجمع إنساني فلابد من قيام علاقات بين أفراد ومنظمات هذا المجتمع) .
ومما لا شك فيه أن هذا الوضع ينعكس على البعد الاستراتيجي للعلاقات العامة فيما يتعلق بإدارة المنظمة وصناعة القرار فيها، بعيداً عن المفهوم التقليدي للعلاقات العامة في كونها ارتبطت في أذهان البعض بأعمال التشريفات والمجاملات والاستقبال والقيام بالمهام الإعلانية فقط.
- مفهوم العلاقات العامة :
تعد إدارة العلاقات العامة داخل أي منظمة جزءاً من هيكلها التنظيمي، إلا أنها ليست نشاطاً إدارياً فقط كأي إدارة أخرى داخل هذا الهيكل، وإنما هي نشاط جوهره الاتصال، فالعلاقات العامة تمثل نظاماً مفتوحاً تتفاعل مع بيئتها وتؤثر فيها وتتأثر بها( ).
وإذا كانت العلاقات العامة قد أصبحت أمراً لازماً بالنسبة للمنظمات الحكومية والخاصة، فأنها ألزم ما تكون بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني، حيث لا يوجد منظمة تحتاج إلى وظيفة العلاقات العامة أكثر من احتياج منظمات المجتمع المدني لهذه الوظيفة، فطبيعة عمل منظمات المجتمع المدني القائم على مبدأ المشاركة والنزوع نحو العمل الطوعي وعدم الربحية يجعلها في حاجة ماسة للتواصل والاتصال المستمر بأفراد المجتمع لكي تضمن إقامة علاقات التفاهم والثقة المتبادلة مع جماهيرها، وبذلك يمكن حثهم على التجاوب مع سياساتها، أو التضحية بالجهد أو الوقت أو المال لدعمها في تحقيق أهدافها وتنفيذ برامجها،
كما أن المنظمات تهتم أيضاً بوظيفة العلاقات العامة أكثر من غيرها من أجل بناء صورتها الذهنية لدى جماهيرها المعنية، وذلك لأن الصورة الذهنية الجيدة هي أساس نجاح المنظمات، حيث تفتقر في أوقات كثيرة إلى عناصر التقييم المادي لمعرفة مدى نجاحها في تحقيق أهدافها.
ولا يختلف مفهوم العلاقات العامة باختلاف المنظمات، ويحدث الاختلاف فقط في الواقع العملي حينما تعكس أهداف العلاقات العامة فلسفة المنظمة التي تعبر عنها، فالأهداف التي تحددها إدارة علاقات عامة في منظمة تسعى إلى الربح تختلف عن الأهداف التي تحددها إدارة علاقات عامة في منظمة أخرى لا تسعى إلى اربح، على الرغم من وجود بعض الأهداف المشتركة بينهما.
- التعريف الثاني:
لكن عدم وضوح مفهوم العلاقات العامة لدى إدارة المنظمة يؤدي إلى:
عدم الاهتمام بالعلاقات العامة كنشاط له أصول وأسس علمية يقوم عليها.
عدم وضوح نشاط العلاقات العامة وتداخل الاختصاصات بين الإدارات داخل المنظمة.
تهميش دور العاملين في مجال العلاقات العامة.
صعوبة تحديد ميزانية تقديرية لازمة لتنفيذ برامج العلاقات العامة.
وفي المقابل فإن وضوح مفهوم العلاقات العامة يؤدي إلى:
1 ـ المساهمة في الحد من تداخل الاختصاصات وتضاربها بين إدارة العلاقات العامة والإدارات الأخرى.
2 ـ إمكانية تحديد أهداف ومسئوليات إدارة العلاقات العامة بوضوح، وبالتالي وضع تنظيم إداري عملي جيد لها.
3 ـ إمكانية وضع الخطط والبرامج التي يسير وفقاً لها نشاط إدارة العلاقات العامة وتحديد المخصصات المالية والعناصر البشرية اللازمة.
تعريف العلاقات العـامة:
تتعدد التعريفات التي تقدم حول مفهوم العلاقات العامة، ولا يوجد تعريف واحد جامع للعلاقات العامة، فيرى البعض مفهوم العلاقات العامة في ضوء الفكر الإداري، أو من وجهة نظر علم الاتصال والإعلام أو التسويق أو علم لاجتماع، وعليه نشير هنا إلى بعض هذه التعريفات بغرض توضيح وتقريب مفهوم العلاقات العامة للعاملين في إدارة المنظمات.
التعريف الأول:
استغرق "ريكس هارلو" Rex Harlow وقتاً طويلاً قضاه في تجميع تعريفات العلاقات العامة وتصنيف أفكارها الرئيسية، واستطاع من خلال تحليله للتعريفات أن يتوصل إلى التعريف التالي:
(العلاقات العامة هي وظيفة إدارية مميزة تساعد في إيجاد اتصال وفهم وقبول وتعاون متبادلين بين المنظمة وجمهورها والحفاظ عليهما، متضمنة إدارة الأزمات والمساعدة في إبقاء الإدارة على علم بالتغييرات في الرأي العام والتجاوب معه، وتحديد مسئولية الإدارة في خدمة المصلحة العامة والتأكيد على هذا الدور، وخدمة نظام الإنذار المبكر للمساعدة في توقع تغيير الاتجاهات مستعينة بالبحوث والاتصال كأدوات رئيسية) .
ويعرفها إبراهيم إمام بأنها: (فن الحصول على رضا الجمهور وثقته وتأييده، والوصول إلى ذلك عن طريق الاتصال والتفسير)
- التعريف الثالث:
ويعرف قاموس "ويستر" الدولي العلاقات العامة بأنها (كل نشاط تقوم به المؤسسات الصناعية أو المهن المختلفة والنقابات والأجهزة الحكومية وغير الحكومية، ويقصد به تكوين علاقات طيبة بالجماهير المختلفة كالمستهلكين والموظفين وحملة الأسهم وغيرهم حتى تكتسب رضا المجتمع الذي تعيش فيه)( ).
- التعريف الرابع:
وتعرف جمعية العلاقات العامة الدولية العلاقات العامة بأنها (وظيفة الإدارة المستمرة والمخططة والتي تسعى بها المؤسسات والمنظمات الخاصة والعامة لكسب تفاهم وتعاطف وتأييد الجماهير التي تهمها، والحفاظ على استمرار هذا التفاهم والتعاطف والتأييد، وذلك من خلال: قياس اتجاه الرأي العام لضمان توافقه قدر الإمكان مع سياستها وأنشطتها، وتحقيق المزيد من التعاون الأخلاقي والأداء الفعال للمصالح المشتركة باستخدام الإعلام الشامل المخطط)( ).
- التعريف الخامس:
وخلص سمير حسين إلى التعريف التالي ).
(العلاقات العامة وظيفة إدارية أساسية، لها جانباها الاستشاري – الذي يتمثل في تقديم النصح والمشورة للإدارة، مما يساهم في ترشيد القرارات الإدارية – والتنفيذي – الذي يتمثل في القيام بالعمليات الاتصالية – وهي أساساً عملية علاقات مع الجماهير الداخلية والخارجية للمنشأة ومع البيئة مهمتها الأساسية إحداث تأثيرات إيجابية لدى هذه الجماهير بالاستخدام المستمر للبحوث والأنشطة الاتصالية وفق تخطيط مدروس، بما يؤدي إلى إيجاد أكبر قدر ممكن من المعرفة التبادلية المشتركة بين الإدارة والعاملين داخل المنشأة لتوفير المناخ المناسب لزيادة الكفاءة الإنتاجية، وإلى تكوين صورة ذهنية متميزة عن المنشأة لدى الجمهور الخارجي، وتوطيد السمعة الطيبة لها، مما يسهم في تحقيق التكيف والتوافق بين المنشأة والمجتمع لزيادة فاعلية الأداء الاقتصادي للمنشأة، وتدعيم مكانتها الاجتماعية).
أهم خصائص العلاقات العـامة:
تتضمن محتويات العديد من تعريفات العلاقات العامة أفكاراً وعناصر مشتركة، وعلى ضوء مراجعة هذه التعريفات يمكن أن نحدد أهم خصائص العلاقات العامة على النحو الآتي:
1. العلاقات العامة ليست من الأنشطة الثانوية قليلة الأهمية، بل تشكل عنصراً أساسياً في أنشطة المنظمات، فهي ضرورية في جميع المنشآت وعلى مختلف المستويات، يفرضها المجتمع الحديث.
2. العلاقات العامة وظيفة إدارية أساسية من وظائف الإدارة، وهي وظيفة مستمرة ومخططة، لا يمكن اعتبارها وظيفة عرضية كردود أفعال آنية لمواجهة المشكلات والأزمات التي تواجه المنظمة.
3. العلاقات العامة وظيفة (استشارية - تنفيذية)، استشارية لأنها تقدم للإدارة العليا مشورتها في كيفية التعامل مع الجماهير، وتنفيذية لأنها تنفذ خطط العلاقات العامة وبرامجها وحملاتها.
4. العلاقات العامة وظيفة اتصالية ذات تأثير متبادل، حيث تعكس وجهة نظر الجماهير للإدارة العليا وتعكس وجهة نظر الإدارة لكافة الجماهير المعنية من خلال استخدام كافة الوسائل والأشكال والقنوات والأساليب الاتصالية المتاحة للمنظمة.
5. الرأي العام هو مجال عمل العلاقات العامة وهدفها الأساسي من خلال التأثير على اتجاهاته وكسب تعاطفه وتأييده بما يحقق الصالح العام للمنظمة ولجماهيرها المعنية.
6. تعتمد العلاقات العامة في ممارسة أنشطتها على الأسلوب العلمي القائم على الدراسات والبحوث المستمرة، والتخطيط العلمي السليم، فهي ليست نشاطاً عشوائياً.
أهداف وأنشطة ووظائف العلاقات العامة :
أولاً: الأهداف
يقوم نشاط منظمات المجتمع (حكومية – خاصة – أهلية ) على مبادئ ومرتكزات مختلفة ، على سبيل المثال يحصل العاملون في المنظمات الحكومية والقطاع الخاص على مكافآت مالية أو مرتبات مقابل ما يقومون به من أعمال، في حين لا يحصل المتطوعون العاملون في المنظمات الأهلية التي لا تهدف إلى الربح على أي مقابل مادي، وهذا من أهم ما يميز منظمات المجتمع المدني.
من هذا المنطلق تختلف الأهداف التي تسعى العلاقات العامة لتحقيقها من منظمة إلى أخرى وفقاً لطبيعة عملها، ونوع إنتاجها أو الخدمة التي تقدمها، وحجم العاملين بها، وهذه العناصر بدورها تحدد طبيعة نوع ومستوى الجمهور المستهدف الذي يعد من أهم العناصر التي يجب أن تهتم به العلاقات العامة
وفي ضوء تعريفات العلاقات العامة، يمكن تحديد هدفها الرئيسي في كافة المنظمات بشكل عام، ويتمثل في :
(توفير مناخ ملائم وتحقيق الانسجام والتوافق والتكيف بين المنظمات ومحيطها العام، بما يساعد المنظمة على تكوين صورة ذهنية وانطباعات إيجابية عنها لدى كافة الأطراف المرتبطة بها ـ سواءً من داخلها أم من خارجها ـ وبالتالي يتحقق لها البقاء والاستمرار والنمو)( ).
وينبثق من هذا الهدف الرئيسي عدة أهداف فرعية تختلف من منظمة إلى أخرى .
وعليه نرى على سبيل المثال أن للعلاقات العامة في منظمات المجتمع المدني (المنظمات الأهلية )عدة أهداف تسعى إلـ PR لتحقيقها، لعل أهمها ما يلي:
1. تأسيس هوية المنظمة، وتقديم صورة حقيقية عنها وعن أهدافها وأنشطتها ومشروعاتها وإنجازاتها.
2. السعي المتواصل للمحافظة على السمعة الحسنة للمنظمة ودعم الانطباعات الإيجابية نحوها، والعمل على توسيع القاعدة الشعبية للمنظمة.
3. الاتصال برجال الأعمال والمؤسسات التجارية ومصادر التمويل المختلفة، وكسب تأييدهم ودعمهم للمنظمة ولمشروعاتها وللدور الذي تقوم به في خدمة المجتمع، حتى يتحقق للمنظمة الدعم المالي الذي يساعدها على أداء رسالتها.
4. تنمية الشعور لدى أفراد المجتمع بقيمة العمل التطوعي وأهميته في تحقيق التنمية المجتمعية، لجذب المزيد من المتطوعين وترغيبهم وتحفيزهم للمشاركة في أنشطة المنظمة.
5. تنسيق المواقف وتنمية الاتصال والتعاون المشترك بين المنظمة وبقية منظمات المجتمع المدني.
6. تقديم النصح والمشورة للإدارة العليا بشأن القضايا والمواقف التي تواجه المنظمة، وبشأن سياستها وخططها الحالية والمستقبلية، وخاصة فيما يتعلق بجماهير المنظمة.
7. المحافظة على العلاقات الطيبة والقوية بين أعضاء المنظمة والعاملين فيها والمتطوعين معها وتنمية العلاقات الجيدة بينهم وبين الجماهير المرتبطة بالمنظمة بشكل مباشر أو غير مباشر.
ثانياً: الأنشطة:
لكي تحقق العلاقات العامة أهدافها، لابد أن تقوم بمجموعة من الوظائف والأنشطة التي تؤدي إلى تحقيق الأهداف المحددة سلفاً، وعدم القيام بالتحديد الواضح والدقيق لوظائف وأنشطة العلاقات العامة في المنظمات غالباً ما يؤدي إلى( ):
1. الخلط بين نشاط العلاقات العامة وبين الأنشطة الأخرى بالمنظمة، مما يترتب عليه وجود نوع من الصراع بين إدارة العلاقات العامة وبين الإدارات الأخرى بالمنظمة.
2. عدم إعطاء الأهمية المناسبة لنشاط العلاقات واعتبارها نشاطاً فرعيا يؤدّي من خلال المجهودات الشخصية لكل من يعمل بالمنظمة أو ينتمي إليها.
3. حدوث الكثير من الخلافات التنظيمية والتضارب في الأداء والتشتت في الجهود بالمنظمة وعدم التنسيق بين الأنشطة نظراً للتداخل والاختلاف بين إدارة العلاقات العامة وغيرها من إدارات المنظمة.
ويمكن تحديد ثلاثة محاور رئيسية لنشاط العلاقات العامة وهي( ):
أ. محور الإعلام.. ويشمل:
1. التعريف بالمنظمة من خلال الشرح والتفسير عبر وسائل الإعلام المختلفة والمناسبة وبلغة سهلة الفهم للجماهير المعنية.
2. تخطيط وتنفيذ برامج العلاقات العامة وحملاتها.
3. إعداد وتحرير البيانات والمعلومات وإيصالها لوسائل الإعلام المختلفة.
4. إعداد وتحرير الكتيبات والأدلة والتقارير والمطويات والنشرات والمطبوعات الأخرى.
5. إعداد وتحرير مجلة المنظمة ودورياتها المختلفة.
6. تخطيط وتنفيذ الملصقات والإعلانات.
7. تنظيم اللقاءات والمؤتمرات والندوات والحفلات.
8. تنظيم الزيارات والرحلات واليوم المفتوح والاستقبالات والمعارض.
9. إعداد كافة أنواع المواد الإذاعية والتليفزيونية.
10. الإشراف على لوحة الإعلانات في المنظمة.
11. القيام بحملات جمع التمويل المناسب لأنشطة المنظمة.
12. رفع كفاءة استخدام وسائل الاتصال المتاحة.
ب. محور الاستعلام.. ويشمل:
1. إجراء البحوث والدراسات وجمع المعلومات عن جمهور المنظمة أو الرأي العام والوصول إلى مؤشرات دقيقة عن مواقفها تجاه المنظمة.
2. تحليل اتجاهات الجمهور والرأي العام تجاه المنظمة ومتابعة هذه الاتجاهات لمعالجة الجوانب السلبية منها ودعم الإيجابية منها تجاه المنظمة.
3. التأكد من صحة المعلومات التي تنقل للجمهور، والعمل على تصحيحها وتدارك الموقف في حال كون هذه المعلومات غير صحيحة.
4. متابعة شكاوى الجماهير والتعرف على أسبابها وتقديم الحلول لها.
5. متابعة ما ينشر عن المنظمة في وسائل الإعلام المختلفة، والتصدي للرد على أي شائعات أو أخبار كاذبة أو معلومات مضللة وغير صحيحة عن المنظمة.
جـ. محور التنسيق.. ويشمل:
1. ربط خطة العلاقات العامة مع خطط الإدارات الأخرى في إطار الخطة الشاملة للمنظمة.
2. ربط أنشطة العلاقات العامة بالأنشطة الأخرى في المنظمة والتنسيق فيما بينها بما يمنع التداخل والتعارض بينها.
3. تقديم المشورة للإدارة العليا حول سياسة المنظمة، والمشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر في جماهير المنظمة.
4. تأمين الاتصال بين الإدارات المختلفة في المنظمة.
5. التنسيق بين الإدارات المختلفة في المنظمة لتحقيق الانسجام فيما بينهما، وأيضاً تحقيق الانسجام والتكيف فيما بينهما وبين الجمهور الداخلي والخارجي للمنظمة.
ثالثاً: الوظائف:
هناك وظائف رئيسية للعلاقات العامة، من خلالها تقوم بتنفيذ الأنشطة المختلفة لتحقيق أهدافها بما يخدم الأهداف العامة للمنظمة، وهذه الوظائف هي( ):
أولاً: البحـث
ويقصد به القيام بالدراسات والبحوث المتعلقة بقياس اتجاهات الرأي العام بين كل من الجماهير الداخلية والخارجية للمنظمة، وجمع الحقائق والبيانات والمعلومات الخاصة بذلك، ومن ثم القيام بتقدير مدى نجاح الحملات والبرامج والأنشطة الإعلامية ووسائلها المختلفة والمبني على قاعدة المعلومات والبيانات الدقيقة.
ثانياً: التخطيط
ويقصد به القيام بتحديد الوسائل الإعلامية المختلفة والمناسبة لكل جمهور، ومن ثم تحديد أسلوب الاتصال بالجمهور المستهدف كالهيئات والأفراد المتطوعين، وقادة الرأي، وجهات التمويل وكل الفئات المعنية بنشاط المنظمة، وذلك من أجل القيام بتنفيذ الخطط المختلفة التي تم رسمها من قبل.
ثالثاً: الاتصـال:
ويقصد به القيام بتحديد الوسائل الإعلامية المختلفة والمناسبة لكل جمهور، ومن ثم تحديد أسلوب الاتصال بالجمهور المستهدف، كالهيئات والأفراد المتطوعين، وقادة الرأي، ومصادر التمويل، وكل الفئات المعنية بنشاط المنظمة، وذلك من أجل القيام بتنفيذ الخطط المختلفة التي تم رسمها من قبل.
رابعاً: التنسيق:
وهو تحقيق الانسجام والتنسيق بين كافة أنشطة العلاقات العامة، وأنشطة الإدارات الأخرى بالمنظمة، وذلك من أجل الوصول في نهاية الأمر إلى تنفيذ أنشطة المنظمة وتحقيق أهدافها بفاعلية عالية ودون أدنى تنافر أو ازدواج بين الإدارات المختلفة بالمنظمة.
خامساً: التقويم
ويقصد به قياس النتائج الفعلية لتطبيق برامج العلاقات العامة، وتحديد أوجه التقصير، وبالتالي اتخاذ الإجراءات لتصحيح أوجه الخلل ولضمان فعالية تنفيذ البرامج وتحقيق الأهداف المنشودة.
نماذج ممارسة العلاقات العامة( ):
لكي يتم رفع وتحسين مستوى ممارسة العلاقات العامة في المنظمات، فيجب أولاً أن نفهم كيف ولماذا تمارس المنظمة العلاقات العامة بالطريقة التي تمارس بها ؟
وعليه، فقد اقترح "جرونج وهانت" Grunig & Hunt مفهوماً نظرياً لكيفية ممارسة العلاقات العامة على مستوى المنظمة، وهذا المفهوم يقوم على الربط بين متغيرين هما:
ـ اتجاه الاتصال (اتجاه واحد ــ اتجاهين). ـ تأثير الاتصال (متناسق ــ غير متناسق).
ونتج عن الربط بين هذين المتغيرين أربعة نماذج لممارسة العلاقات العامة هي:
- النموذج الأول: نموذج النشر (الوكيل الصحفي):
وفق هذا النموذج تتم ممارسة العلاقات العامة بهدف تحقيق شهرة ودعاية للمنظمة من خلال نشر اسم المنظمة التي تمثلها بكل الطرق الممكنة، وغالباً ما تكون المعلومات المقدمة للجمهور غير كافية أو تكون معتمدة على بعض الحقائق، أو مضللة لخداع الجمهور،كما أنها تستخدم الاتصال أحادي الاتجاه (من المنظمة إلى الجمهور) ولا تستخدم البحث العلمي، وإذا استخدمته فبأشكاله الأولية، مثلاً القيام بعد الحضور في أي نشاط تقوم به.
- النموذج الثاني: (نموذج الإعلام العام):
وفق هذا النموذج فالإعلام العام هو أهم أهدافه، فيركز ممارسو العلاقات العامة في هذا النموذج على نقل المعلومات ونشر الأخبار بأمانة وموضوعية من المنظمة إلى جماهيرها، والاتصال فيه أحادي الاتجاه أيضاً، وتنحصر البحوث في هذا النموذج على البحوث الانقرائية وبحوث التعرض.
- النموذج الثالث: (النموذج غير المتناسق بالاتجاهين):
يعتمد على الاتصال في اتجاهين، من المنظمة إلى جمهورها (الداخلي والخارجي)، ومن الجمهور إلى المنظمة، وينحصر الهدف الأساسي للعلاقات العامة بالإقناع المخطط والمبني على أسس علمية، وذلك لإقناع الجماهير المعنية بنشاط المنظمة، وتحويل هذا الإقناع إلى سلوك مؤيد للمنظمة.
وعملية الاتصال في هذا النموذج غير متوازنة، حيث تحاول العلاقات العامة التأثير على الجمهور وإقناعه لمصلحة المنظمة، دون أن تحاول هي تعديل سياساتها وبرامجها استجابة لآراء ورغبات الجماهير، ولكي تحقق العلاقات العامة هذا الهدف فإنها تقوم بإعداد خططها وبرامجها بشكل دقيق معتمدة على أسس علمية، كما تستخدم البحث التقييمي الذي يهدف إلى قياس أثر وجهود برامج العلاقات العامة في اتجاهات الجماهير وسلوكها.
- النموذج الرابع: (النموذج المتناسق بالاتجاهين):
وفقاً لهذا النموذج تهدف العلاقات العامة إلى تحقيق التفاهم المتبادل بين المنظمة وجماهيرها والاتصال فيه يتم في اتجاهين متوازيين، فالعلاقات العامة تهتم بإقناع الجمهور والتأثير فيه، وللجمهور قوة تأثير توازي قوة تأثير المنظمة، فيؤثر على إدارة المنظمة لتعديل سياساتها وقراراتها وخططها تلبية لرغباته واتجاهاته، ويستخدم هذا النموذج البحث التكويني والبحث التقييمي.
حيث يستخدم البحث التكويني لمعرفة مفهوم المنظمة لدى الجمهور، وتقديم النصح والمشورة للإدارة العليا فيما يتعلق بردود فعل الجمهور على سياسات المنظمة واقتراح تغيير أو تعديل هذه السياسات لتكون أكثر فائدة للجمهور، أيضاً يستخدم لمعرفة مدى تفهم الجمهور للمنظمة ومدى تفهم المنظمة للجمهور، أما البحث التقييمي فيستخدم لمعرفة مستوى التفاهم المتبادل بين المنظمة وجماهيرها نتيجة لجهود العلاقات العامة، ويوضح الجدول التالي أوجه المقارنة بين هذه النماذج وفقاً لخصائصها كما يلي( ):
خصائص نماذج ممارسة العلاقات العامة
الخصائص النمـــــــــاذج
وكيل النشر الإعلام العام غير متناسق في اتجاهين متناسق في اتجاهين
الهدف الرعاية نشر المعلومات الإقناع العلمي التفاهم المتبادل
طبيعة الاتصال اتجاه واحد: الحقيقة الكاملة ليست جوهرية اتجاه واحد: الحقيقة مهمة اتجاهان: تأثيرات غير متوازنة اتجاهان: تأثيرات متوازنة
نموذج الاتصال المصدر المستقبل المصدر المستقبل المصدر المستقبل
المجموعة المجموعة
الرسالة الاتصالية تعتمد على معلومات
غير كاملة أو مضللة تعتمد على معلومات وأخبار دقيقة وموضوعية تعتمد على أسس علمية وفقاً لنتائج البحوث ونظريات العلوم الاجتماعية تعتمد على نتائج البحوث ونظريات الاتصال والعلوم الاجتماعية
طبيعة البحث نادراً ما يستخدمون البحوث فيما عدا قيامهم بملاحظات غير دقيقة يستعينون بعدد قليل من البحوث (الانقرائية، التعرض) يستخدمون البحوث لقياس الاتجاهات والسلوكيات قبل وبعد حملة العلاقات العامة لمعرفة التأثير الذي أحدثته (تقييم الاتجاهات) تستخدم البحوث التقويمية والتكوينية لمعرفة فكرة الجمهور عن المنظمة ولتقديم النصح للإدارة عن رد فعل الجمهور (تقييم التفاهم)
وفي دراسة لـ Larissa Schneidr تناولت العلاقة بين بناء المنظمة ونماذج ممارسة العلاقات العامة، بالاعتماد على تصنيف المنظمات وفقاً لبنائها التنظيمي وبيئتها المحيطة بها، وتوصلت إلى عدة نتائج، يمكن عرضها في الجدول التالي( ):
جدول رقم (5)
العلاقة بين طبيعة المنظمة ونموذج ممارسة العلاقات العامة
نوع المنظمة طبيعتها نموذج ممارستها
للعلاقات العامة
تقليدية معرفة ومعلومات أقل
موظفين أيضاً أقل وكيل النشر (الدعاية)
آلية (ميكانيكية) تركيبات أقل تعقيداً
ونشاط أكبر نموذج الإعلام العـام
عضوية أقل في النشاط
أعلى في التعقيد نموذج المتناسق ذى الاتجاهين
مختلطة
(عضوية + آلية) كبيرة في النشاط
وذات تعقيد أعلى نموذج المتناسق + غير المتناسق
ذى الاتجاهين
- نماذج ممارسة العلاقات العامة في المنظمات المختلفة:
بعد عرض نماذج ممارسة العلاقات العامة، لابد من الإجابة على سؤال يطرح نفسه: أي النماذج هو الأنسب لممارسة العلاقات العامة في المنظمات؟
وللإجابة على هذا السؤال لابد من الإشارة إلى النظرة التكاملية في إدارة المنظمة، والتي يقصد بها أنه: (ليس هناك مدخل واحد صالح كل وقت، ولكل الظروف، وأن المدخل الأفضل يتوقف على طبيعة المنظمة والبيئة التي تعيش فيها، وطبيعة الموقف الذي تواجهه) .
كما أن "جرونج"Gruning يشير إلى أن المنظمات تستخدم أكثر من نموذج عادة، فقد تستخدم نماذج مختلفة كاستراتيجيات للتعامل مع فئات جماهير مختلفة أو مشكلات وأنشطة مختلفة للعلاقات العامة( ).
وهذا الاتجاه يتفق مع نتائج الدراسة التي أجريت حول (العلاقات العامة في الشركات المتعددة الجنسيات العاملة في مصر) ( ).
فقد أكدت نتائجها أنه لا يوجد نموذج واحد فقط تتم ممارسة العلاقات العامة من خلاله في الشركات المتعددة الجنسية، بل تتم ممارسة العلاقات العامة وفقاً لأكثر من نموذج حيث يأتي النموذج المتناسق (المتوازن) في اتجاهين على رأس النماذج المستخدمة.
وبناءً على ما سبق نعتقد أن ممارسة العلاقات العامة في المنظمات ، لابد أن تتم وفقاً لأكثر من نموذج حسب طبيعة نشاط المنظمة وبيئتها التنظيمية وبيئة المحيط الذي تعمل فيه.
تنظيم إدارة العلاقات العامة :
تحتاج أي منظمة إلى تنظيم إداري، تستطيع من خلاله تنظيم العمل وتوزيعه على الأفراد العاملين فيها بشكل يوضح العلاقات بينهم، ويحدد السلطات والمسئوليات لكل منهم، ولربط وظائف المنظمة المختلفة بعضها ببعض والتنسيق بينها، من أجل تحقيق أهداف المنظمة.
ويعرف التنظيم بأنه عبارة عن:
"هيكل من العلاقات الشخصية، يتم التمييز فيه بين الأفراد وفقاً للسلطة أو المركز أو الدور الذي يقوم به كل منهم، وتتحدد نتيجة لذلك العلاقات الشخصية، وتميل التصرفات السلوكية للأفراد إلى الالتزام بالأنماط المتوقعة، وبالتالي تقل الفجائية والغموض في تلك التصرفات"( ).
ثمة تعريف آخر يرى أن التنظيم هو "تحديد الأعمال والمهام الرئيسية للمنظمة،وتجميعها في وظائف وأنشطة، وإسنادها إلى العاملين،مع توضيح اختصاص ومسئولية كل منهم وتفويضهم السلطات اللازمة التي تمكنهم من القيام بها، على أن يتم ذلك بشكل متناسق ومتجانس في ظل إطار واضح يؤدي في النهاية إلى تحقيق الأهداف المقررة".( ).
مما سبق يمكن القول أن التنظيم يمثل الهيكل أو الإطار الذي يضم مجموعة الأنشطة، موزعة إلى وحدات تنظيمية،وهي بدورها تنقسم إلى وحدات أصغر، وهي بدورها تنقسم إلى وحدات أكثر صغراً ويتكون بذلك تسلسل في المستويات يشير إلى التقسيم الرأسي للسلطة وتوزيع المسئولية وتحديد الواجبات للوحدات التنظيمية، وهذا الأمر يتطلب تحديد الأنشطة المطلوبة لتحقيق أهداف المنظمة، وتحديد الأفراد المسئولين عن تنفيذ هذه الأنشطة، وأيضاً تحديد الإمكانيات والموارد التي سيستخدمها الأفراد، وتوضيح العلاقات الإدارية بينهم من حيث السلطة والمسئولية.
ويؤثر الهيكل التنظيمي للمنظمة على فاعليتها من حيث: اتخاذ القرارات، وتنفيذ الأنشطة والمسئولية والمحاسبة عليها، والسلطة والرقابة داخل المنظمة، والعلاقة فيما بين أعضائها، ولا شك في أن المنظمة ستعاني من انخفاض كفاءة العمل والروح المعنوية للأفراد العاملين فيها إذا تركت الأمور التنظيمية والإدارية بدون أي دراسة أو اعتبار لأهميتها( ).
- عوامل تحديد المستوى والشكل التنظيمي للعلاقات العامة:
لا شك أن المستوى والشكل التنظيمي المناسب للعلاقات العامة يختلف من منظمة لأخرى، وذلك تبعاً للعديد من العوامل، أهمها: ( ).
1. حجم المنظمة: حيث يقاس حجم المنظمة بعدد العلاقات التي تعيشها المنظمة في علاقاتها الداخلية والخارجية، على اعتبار أن اتساع هذه العلاقات يمثل دليلاً على حيوية المنظمة ومدى توسعها.
2. طبيعة الإدارة العليا للمنظمة: ومدى اقتناعها بدور العلاقات العامة، وقدرتها على مساعدتها في القيام بأدوارها المختلفة، وفي مقدمة هذه الأدوار وضع السياسات الخاصة بإدارة المنظمة، والمرتبطة باتجاهات الرأي العام وبفئات جمهور المنظمة، من أجل الحصول على تأييدهم لسياسة وأهداف المنظمة.
3. طبيعة النشاط: فمنظمات المجتمع المدني تمارس أنشطة تختلف عن المؤسسات التجارية أو المنظمات الحكومية، وكل منظمة تحتاج إلى نوع معين من التنظيم للعلاقات العامة يختلف عن مثيله في المنظمات التي تمارس أنواعاً أخرى من النشاط، وأيضاً يتأثر تنظيم إدارة العلاقات بالنطاق الجغرافي لنشاط المنظمة.
4. حجم ونوعية الجمهور: الذي تتعامل معه المنظمة، فكلما زاد عدد الجماهير المختلفة المرتبطة بالمنظمة كلما صار من المتوقع أن تتسع وظيفة العلاقات العامة، وتتنوع أقسامها بما يتفق مع رسالتها وأهدافها في التعامل مع الجمهور بمختلف فئاته.
5. مدى توافر الموارد والإمكانيات المالية للمنظمة: والتي تنعكس على وظيفة العلاقات العامة داخل المنظمة، وتعزيز مكانتها، فالعلاقات العامة عادة ما تكون أول ضحايا الاهتزاز المالي للمنظمة.
ووفقاً لهذه العوامل يمكن تحديد مستوى إدارة العلاقات العامة في المنظمة وحجمها، فقد يقتصر نشاطها على شخص واحد مختص، أو عدة أشخاص يديرون شئونها، وقد يتسع ليشمل العديد من الأقسام والأفراد المتخصصين في هذا المجال.
وعادة ما يتم تصميم التنظيم الداخلي للعلاقات العامة في أي منظمة وفقاً للأساليب التالية:
التنظيم الاتصالي: يقوم على أساس الاتصال بفئات الجماهير النوعية التي تربطها علاقات معينة مع المنظمة مثل قسم الاتصال بالمتطوعين، قسم الاتصال بوسائل الإعلام، قسم الاتصال بالممولين … وهكذا.
التنظيم الوظيفي: يقوم على تقسيم أنشطة العلاقات العامة حسب نوعها (قسم البحوث، قسم التخطيط، قسم الصحافة، قسم الإنتاج … وهكذا.
التنظيم الوظيفي الاتصالي: يجمع بين الأسلوبين، فيتم توزيع العمل على أقسام تختص بالوظائف وأقسام أخرى تتفرغ للاتصال بفئات الجمهور.
ويجب إعادة النظر في الهيكل التنظيمى للعلاقات العامة من وقت لآخر، للتأكد من مدى صلاحيتها، واستمرار ملاءمتها للمنظمة، وذلك في ضوء المستجدات التي تطرأ على المنظمة سواءً في داخلها أم في بيئتها الخارجية.
العلاقات العامة والصورة الذهنية:
يمكن اعتبار العلاقات العامة حلقة الوصل الحيوية التي تصل بين المنظمة والمجتمع، فالعلاقات العامة في جوهرها نشاط اتصالي، يهدف إلى كسب ثقة الجمهور وتأييده لأهداف وسياسات المنظمة، وإبراز صورة إيجابية للمنظمة أمام جمهورها والمجتمع المحيط بها.
ويعتقد الباحث أن نجاح الشركات والمؤسسات والمنظمات في العصر الحاضر مرتبط بقدرتها على الاتصال بالجماهير، وتشكيل صورة ذهنية إيجابية لنفسها، وتحسين سمعتها، والتأثير على الرأي العام.
ومن هنا تبرز أهمية "الصورة الذهنية" التي يحملها الجمهور تجاه المنظمة، حيث تعكس "هوية المنظمة" كما يراها الجمهور، وينبغي الإشارة هنا إلى الفرق بين المفهومين، فمصطلح "الهوية": يشير إلى ما تحاول المنظمة نشره والتعبير عنه ـــ سواءً أكان بقصد أم بدون قصد ـــ عبر طرق وأساليب متعددة يتم من خلالها التعبير عن هوية المنظمة.
بينما "الصورة الذهنية" تعكس الطريقة التي يرى بها الجمهور المنظمة، فهي التصور الذي يدركه الفرد، وتتواجد فقط داخل ذهن متلقيها. ( ).
تعريف الصورة الذهنية:
ولكي يتضح مفهوم "الصورة الذهنية" أكثر يورد الباحث التعريف التالي لها:
يعرف علي عجوة الصورة الذهنية بأنها:
(( الناتج النهائي للانطباعات الذاتية التي تتكون عند الأفراد أو الجماعات إزاء شخص معين، أو نظام ما، أو شعب، أو جنس بعينه، أو منشأة، أو مؤسسة، أو منظمة محلية، أو دولية، أو مهنة معينة، أو أي شيء آخر يمكن أن يكون له تأثير في حياة الإنسان، وتتكون هذه الانطباعات من خلال التجارب المباشرة وغير المباشرة، وترتبط هذه التجارب بعواطف الأفراد واتجاهاتهم وعقائدهم. وبغض النظر عن صحة أو عدم صحة المعلومات التي تتضمنها خلاصة هذه التجارب، فهي تمثل بالنسبة لأصحابها واقعاً صادقاً ينظرون من خلاله إلى ما حولهم ويفهمونه
أو يقدرونه على أساسها))( ).
وهذه الانطباعات التي يحملها الأفراد، إما أن تكون:
سلبية (معارضة): نسعى للتأثير عليها بأساليب مختلفة لتغييرها.
إيجابية (مؤيدة): نسعى لتعزيزها والحفاظ على استمراريتها.
محايدة (ما بين مؤيد ومعارض): سهلة التأثير.
ويمكن تصنيف الصور الذهنية التي يحملها الجمهور تجاه المنظمة إلى الأنواع التالية( ):
صورة المرآة: هي الصورة التي ترى المنظمة أنها الصورة التي يحملها الجمهور تجاهها، وترى نفسها من خلالها. وهذه الصورة يمكن أن تكون مختلفة تماماً عما يعتقده المسئولون في المنظمة وذلك بسبب ضعف المعرفة في اتجاهات الجمهور نحو المنظمة.
الصورة الحالية: وهي الصورة التي يحملها الجمهور تجاه المنظمة، والتي يمكن أن تكون مبنية على الخبرة والمعرفة الجيدة للمنظمة، أو يمكن أن ترتكز على معلومات مشوهة أو بيانات قليلة وغير صحيحة عن المنظمة.
الصورة المرتجاة (المرغوبة): هي الصورة التي ترغب المنظمة أن تكونها في نفسها في أذهان الجماهير، وهي غالباً ما تكون انطباعات جديدة غير معروفة للجمهور، وتسعى المنظمة لتكوينها
الصورة المثالية: هي أمثل صورة يمكن أن يحملها الجمهور تجاه المنظمة، مع الأخذ في الاعتبار المنافسة بين المنظمات المختلفة والتي تسعى للتأثير على الجماهير.
الصورة المتعددة: تتكون عندما يتعرض الجمهور لنموذجين مختلفين للمنظمة يعطي كل منهما انطباعاً مختلفاً عنها، ومن الطبيعي ألا يستمر هذا التباين في الانطباعات، فإما أن يتحول إلى صورة إيجابية أو إلى صورة إيجابية، أو أن تجمع بين الجانبين في صورة موحدة تضم العناصر الإيجابية والسلبية تبعاً لشدة تأثير كل منهما على أفراد الجمهور( ).
أهمية الصورة الذهنية للمنظمات:
يشكل التمويل والتسويق أهم العوامل المؤثرة على نجاح منظمات في أداء رسالتها، ومدى قدرتها على البقاء والنمو، فالمنظمات المدنية ستظل عاجزة عن تحقيق رسالتها وأهدافها لخدمة المجتمع عندما لا يتواجد الدعم والتمويل اللازم لأنشطتها، وإذا لم تتمكن من جذب أفراد المجتمع وتسويق منتجاتها أو خدماتها أو أنشطتها وبرامجها .
وفي ظل تنافس المنظمات على جذب الجماهير المستهدفة، وكسب ثقتهم ودعمهم، يأتي دور العلاقات العامة، حيث تمثل الجهود الاتصالية المستمرة لكسب ثقة وتأييد فئات الجماهير المختلفة، وبناء صورة ذهنية إيجابية في أذهانهم عن المنظمة تدفعهم لدعمها مادياً ومعنوياً.
ولا يمكن لأي منظمة أن تتنازل عن صورتها الذهنية لدى جمهورها، والسعي لبناء سمعة طيبة لها، فإن أهملت المنظمة ذلك فسيبني الجمهور انطباعه تجاه المنظمة على ما يسمعه من مصادر أخرى.
ويمكن رصد أهم الفوائد التي تحققها المنظمة من بناء صورتها الذهنية الإيجابية فيما يلي:
1. زيادة ثقة الجماهير المختلفة بالمنظمة.
2. جذب مصادر التمويل لدعم المنظمة، وزيادة تمويل برامجها وأنشطتها.
3. تساعد على استقطاب المهارات البشرية للتطوع في أنشطة المنظمة.
4. تولد الشعور بالثقة وبالانتماء للمنظمة في نفوس أعضاء المنظمة والعاملين معها.
5. زيادة اهتمام قادة الرأي ووسائل الإعلام بالمنظمة ودورها في خدمة المجتمع.
استخدامات شبكة الإنترنت في مجال العلاقات العامة:
تعد شبكة الإنترنت “Internet من أهم منتجات تطور تكنولوجيا المعلومات في هذا العصر والذي تطورت فيه تكنولوجيا المعلومات بشكل سريع جداً، ليس في مجال الكمبيوتر فقط، وإنما في مجال الاتصالات على وجه العموم حيث أتاح هذا التطور إمكانية التقاء تكنولوجيات مختلفة معاً، فيما يعرف بانصهار أو اندماج أكثر من تكنولوجيا معاً، لتكون منتجاً جديداً مختلفاً يحمل صفات كل تكنولوجيا على حدة، إلاّ أنه يكون متفرداً تماماً في صفاته وقدراته التكنولوجية( ).
وبالتالي أصبحت تكنولوجيا المعلومات ذات تأثير متزايد على مختلف جوانب الحياة اليومية للأفراد والشركات والمنظمات والحكومات، فقد تأثرت وسائل الاتصال ومصادر الحصول على المعلومات وحركة البيع والشراء، ووسائل التسلية، وطريقة إنجاز العمل، وظهور ما بات يعرف بالحكومة الإلكترونية، والأهم من ذلك تأثر طريقة الاتصال، التي تعد جوهر نشاط العلاقات العامة، فقد أصبحت تكنولوجيا المعلومات بمختلف منتجاتها شديدة التأثير على طبيعة النشاط الاتصالي في العلاقات العامة ويتجلى هذا التأثير في وسائل الاتصال، وهوية جمهور المنظمة، وسرعة الاتصال وأساليبه، وشكل الرسالة ومضمونها، ورجع الصدر، وكيفية تصنيف المعلومات وإدارتها( ).
ويتجلى بوضوح تأثير تكنولوجيا المعلومات في العلاقات العامة عند الحديث عن أبرز تطبيقات هذه التكنولوجيا وهي "الإنترنت". فإمكانيات شبكة الإنترنت على إتاحة البيانات والمعلومات كبيرة جداً، بالإضافة إلى سهولة الاتصال عبر هذه الشبكة بأقل التكاليف وبأسرع وقت ممكن، حيث وفرت الإنترنت أدوات وتقنيات الاتصال التي أصبحت في متناول الجميع طالما توافر جهاز الكمبيوتر.
فيستطيع أي فرد أو أى منظمة إنشاء موقع على شبكة الإنترنت، واستخدام البريد الإلكتروني والرسائل الفورية وتنزيل الصور ولقطات الفيديو، ومناقشة الأخبار اليومية من خلال المجموعات الإخبارية، والاتصال بالأفراد والمنظمات والمؤسسات الحكومية على مستوى العالم.
والإنترنت ببساطة هي شبكة من أجهزة الكمبيوتر المتصلة، كل منها متصل بمجموعة أخرى وتعرف بشبكة الويب العالمية “World Wide Web.
أبرز استخدامات العلاقات العامة للإنترنت( ):
تستطيع المنظمات توظيف خدمات شبكة الإنترنت في مجال العلاقات العامة، ويمكن عرض أهم هذه الاستخدامات في الآتي:
1. تصميم موقع المنظمة الإلكتروني على شبكة الإنترنت العالمية، بحيث يمثل أداة جوهرية وحيوية للاتصال بجمهور المنظمة والعالم الخارجي بشكل عام، ويعكس صورة حسنة للمنظمة، على أن يتم مراعاة الجوانب الفنية عند تصميم الموقع، ونشر كل المعلومات عن المنظمة وأنشطتها المختلفة وتحديثه باستمرار.
2. استخدام قواعد البيانات على الشبكة في الحصول على المعلومات والبيانات والأخبار، ومعرفة كل جديد في شتى المجالات، والاستفادة منها في إعداد نشرات ومطويات ومطبوعات المنظمة بشكل عام.
3. استخدام البريد الإلكتروني “”Electronic Mail"، أو ما يعرف اختصاراً “E-Mail”، واستخدام هذه الخدمة كوسيلة اتصال شخصي داخلياً بين أعضاء المنظمة، واتصال إدارة المنظمة بالجمهور الخارجي المستهدف.
4. إجراء البحوث على شبكة الإنترنت من خلال المقابلات عبر الشبكة،ومن خلال البريد الإلكتروني والتصويت في موقع المنظمة، ومجموعات الحوار في المنتديات، وعبر التخاطب المكتوب "الدردشة Chat " والاتصال التليفوني عبر الإنترنت بأقل التكاليف.
5. التعرف على صورة المنظمة من خلال ما ينشر عنها من قبل وسائل الإعلام والمنافسين والمستخدمين وغيرهم في شبكة الإنترنت.
6. تصفح المواقع المختلفة للمنظمات ومراكز الأبحاث والمعاهد والجامعات والتعرف على أنشطة هذه المؤسسات، والاستفادة منها، وتبادل الخبرات معها.
7. الاستفادة من خدمة نقل الملفات في الشبكة للحصول على المعلومات والبيانات والصور، ونقلها أو تحميلها على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالمنظمة.
هذه ـ تقريباً ـ أهم الخدمات التي يستفيد منها ممارسو العلاقات العامة في المنظمات، وهناك غيرها من الخدمات، والتي تزداد، كلما تطورت تكنولوجيا المعلومات.
ولكن استفادة ممارسي العلاقات العامة من شبكة الإنترنت سيكون مرهوناً بزيادة مستخدمي الإنترنت، وبمدى قدرة العاملين في مجال العلاقات العامة على التعامل مع شبكة الإنترنت واستخدام التقنيات الحديثة في هذا المجال.
<!-- / message --><!-- BEGIN TEMPLATE: ad_showthread_firstpost_sig --><!-- END TEMPLATE: ad_showthread_firstpost_sig --><!-- sig -->