بنظرة تاريخية سريعة نجد أن الفصول التدريبية التقليدية كانت هي الصيغة المسيطرة في مجال نقل المعرفة، بل حتى في أيامنا هذه نجد أن ما يقرب من 80% من التدريب يتم داخل الفصول التدريبية، كما أنعمر آخر تقنيات التعلم (قبل ظهور التقنيات الحديثة) وهي الكتاب المطبوع يزيد عن (500) عام، في حين نلحظ أنه قد ظهر خلال العشر سنوات الأخيرة فقط ما يزيد عن عشرتقنيات رئيسة جديدة للتعلم والتعاون والمشاركة، وقد كشفت الخبرات المبكرة فيالتعامل مع هذه التقنيات عن فرص تحسين عميقة في نوعية خبرات التعلم وكفاءتها ومدىمناسبتها وكلفتها.
لقد بدأنا الآن فقط ندرك كيف ستتطور خبرات التعلم من خلالاستثمار جمع أو مزيج موَلَّف من أساليب التعلم التقليدية وأساليب التعلم المعتمدةعلى التقنية الحديثة، وكيف سيكون للتعلم المُوَلَّف تأثير استراتيجي في عمليات مهمةفي مجالات أو قطاعات العمل.
إن المؤسسات تنظر اليوم إلى ما هو أبعد من أتمتةنماذج التدريب، إنها تتطلع إلى اتجاهات حديثة لنقل المعرفة ودعم الأداء تستجيب بشكلأفضل إلى أهداف قطاع العمل وتحقق نتائج ملموسة يمكن قياسها، ومن خلال التركيز علىأهداف محددة لقطاع العمل بدلا من التركيز على تقنية التعلم ذاتها؛ تتوفر الفرصةلإعادة التفكير بشكل جوهري في تصميم المواد والبرامج التدريبية، وإمعان النظر فيالمداخل التي تحقق عملية تعلم مستمرة مع مشاركة فاعلة لعموم المؤسسة.
ما التعليم المدمج؟
يمكن وصف التعليم المدمج ـ في إطار ميسر ـ بأنه "برنامج تعلم تستخدمفيه أكثر من وسيلة لنقل (توصيل) المعرفة والخبرة إلى المستهدفين بغرض تحقيق أحسن مايمكن بالنسبة لمخرجات التعلم وكلفة تنفيذ البرنامج" كما عرفه آخرون "هو نوع من التعليم الحديث يدمجالمدرب بين التعليم التقليدي و التعليم الإلكتروني " و أيضاً " يقصد بالتعلم الخليط مزج أو خلط ادوار المعلم التقليدية في الفصول الدراسية التقليدية مع الفصول الافتراضية والمعلم الالكتروني أي انه تعلم يجمع بين التعلم التقليدي والتعلم الالكتروني ."
، ولا تكمن أهمية التعليمالمدمج في مجرد مزج أنماط نقل مختلفة، بل في التركيز على مخرجات التعليم وقطاعالعمل، ولذلك يمكن إعادة صياغة هذا التعريف على النحو الآتي:
يركز التعليمالمدمج على التحقيق الأفضل لأهداف التعليم، من خلال استعمال تقنيات التعليم "الصحيحة" لمقابلة أنماط التعلم الشخصية "الصحيحة" من أجل نقل المهارات "الصحيحة" للشخص " المناسب" في الوقت "الصحيح".
ويتضمن هذا التعريف المبادئ الآتية:
- التركيز على أهداف التعليم بدلا من وسيلة نقل الخبرة.
- ضرورة دعم العديد منأنماط التعلم الشخصية المختلفة للوصول إلى الفئة المستهدفة.
- يبني كل فرد خبرةالتعلم على معارف ذاتية مختلفة.
- استراتيجية التعليم الفعالة ـ في كثير منالحالات ـ هي "وصول الفرد إلى ما يريد تماما في الوقت الذي يريده".
لقد أظهرتخبرات الرواد في مجال التعليم المدمج أن تُمَّثل هذه المبادئ أثناء التطبيق يمكنأن يسفر عن تحسينات جذرية في مدى الفاعلية والجدوى الاقتصادية لبرنامج التعليممقارنة بالأساليب التقليدية. وتتسم هذه التحسينات بدرجة عالية من العمق تمنحهاالقدرة على تغيير القدرة التنافسية لعموم المؤسسة.
مسميات التعليم المدمج:
تعددت المسميات و المعنى ثابت منها :
التعليم المزيج .
التعليم الخليط .
التعليم المتمازج .
التعليم المؤلف .
Blended Learning ( BL ).
أبعاد الدمج :
غالبا ما تَرافق الاستخدامالأولي لعبارة "التعليم المدمج " بالربط اليسير بين التدريب في الفصل الدراسيالتقليدي وأنشطة التعلم الإلكتروني، وقد تطور المصطلح ليشمل مجموعة أغنى منإستراتيجيات التعلم ، وقد يضم برنامج التعليم المدمج واحدا أو أكثرمن الأبعاد على النحو الآتي:
الدمج بين التعليم الشبكي online والتعليم غيرالشبكي offline:
تضم خبرات التعلم المدمج أنماطالتعلم الشبكي* online learning وغير الشبكي، ويتم التعلم الشبكي عادة من خلالتقنيات الإنترنت والإنترانت، أما التعلم غير الشبكي فهو يتم في المواقف الصفيةالتقليدية، ومن الأمثلة على هذا النوع من التعليم المدمج البرامج التي تتطلببحثا في المصادر باستخدام الشبكة العنكبوتية web ودراسة المواد المتاحة من خلالهاوذلك أثناء جلسات تدريبية واقعية في الفصول الدراسية وبإشراف المدرب.
الدمج بين التعليم الشبكي و التعليم غير الشبكي
الدمجبين التعلم الذاتيself-paced ، والتعلم التعاوني الفوري live collaborative :
يشمل التعلم الذاتي أو التعلم بالسرعة الذاتية عمليات التعلم الفردي والتعلمعند الطلب والتي تتم بناء على حاجة المتدرب ووفق السرعة التي تناسبه، أما التعلمالتعاوني ـ في المقابل ـ فيتضمن اتصالا أكثر حيوية (ديناميكية) بين المتدربين، يؤديإلى مشاركة المعرفة والخبرة، وقد يشمل الدمج بين التعلم الذاتي والتعلم التعاونيـ على سبيل المثال ـ مراجعة بعض المواد والأدبيات المهمة حول منتج جديد، ثم مناقشةتطبيقات ذلك في عمل المتدرب من خلال التواصل الفوري باستخدام شبكات المعلومات.
ويجعلها متاحة لجميع العاملين من خلال شبكات المعلوماتللاستفادة منها عند الحاجة.
الدمج بين التعلم الذاتي و التعلم التعاوني الفوري
الدمج بين المحتوى الخاص (المعد حسب الحاجة) custom content والمحتوى الجاهز off-the-shelf content:
المحتوى الجاهز هوالمحتوى الشامل أو العام الذي يغفل البيئة والمتطلبات الفريدة للمؤسسة، ومع أن كلفةشراء أو توفير مثل هذا المحتوى تكون في العادة أقل بكثير وتكون قيمة إنتاجه أعلى منالمحتوى الخاص الذي يعد ذاتيا، فإن المحتوى العام ذا السرعة الذاتية يمكن تكييفهوتهيئته من خلال دمج عدد من الخبرات (الصفية أو الشبكية) ، وقد فتحت المعاييرالصناعية ـ مثل(SCORM )النموذج المرجعي لمكونات المحتوى التشاركي) ـ الباب نحوتحقيق مرونة أكبر في دمج المحتوى الجاهز والمحتوى الخاص لتحسين خبرات المستخدمبكلفة أقل.
الدمج بين المحتوى المعد حسب الحاجة و المحتوى الجاهز
الدمج بين العمل والتعلم:
إن النجاح الحقيقي وفاعلية التعلم فيالمؤسسة يرتبطان بالتلازم بين العمل والتعلم، وعندما يكون التعلم متضمنا في عملياتقطاع العمل مثل المبيعات أو تطوير المنتجات، يصبح العمل مصدرا لمحتوى التعلم،ويزداد حجم محتوى التعلم المتاح عند الطلب بما يلبي حاجة المستفيدين من هذاالمحتوى.
يُستَشَّف مما سبق أن العديد من المعوقات ذات الصلة بالوقت، والمكان،والشكل والتي ترتبط بالفصل الدراسي لم تعد موجودة، وحتى البناء التنظيمي المعدمسبقا للبرنامج التدريبي يمكن تحويله إلى عمليات أو خبرات تعلم مستمرة.
التعليم المدمج كما يجب أن يكون :
فيديو