تتم ممارسة الموظف لأعمال وظيفته التي عُيّن عليها سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، وهو يتطلع إلى تحسين وضعه المادي والمعنوي عن طريق ما يُعرف بالترقية، وبالذات عندما يكون من ذوي الكفاءة والجدارة والانضباط. والمقصود بترقية الموظف هو نقله من مرتبته أو درجته الوظيفية التي يشغلها إلى مرتبة أو درجة وظيفية أعلى منها...
...وما يترتب على ذلك من تحسن وضعه المادي والمعنوي معاً، حيث يحصل على زيادة في راتبه وتغيُّر في مركزه الوظيفي إلى الأفضل.
وتُعتبر الترقية أحد الأساليب الناجحة لشغل الوظائف بذوي الكفاءة والجدارة وتتمثَّل بالنسبة للقطاع الحكومي في تلك الوظائف غير المخصصة لتعيين الخريجين من الجامعات وغيرها والتي يُطلق عليها مستويات الدخول وذلك بحكم معرفة وإحاطة الجهة الإدارية بمستوى كفاءة وجدارة الموظفين المطلوب ترقيتهم.
ونجاح هذا الأسلوب في شغل الوظائف مقيد بأن تكون الترقية على أساس الكفاءة والجدارة والعدالة والمساواة، إضافة لذلك فالترقية حافز تشجيعي، فالترقية غاية كل موظف ومطلبه، بالرغم من الجدل الذي أُثير حول إن كانت الترقية تُعتبر أحد حقوق الموظف من عدمه، فالعُرف الإداري ربما يتجه إلى أنها حق لكل موظف تثبت جدارته وكفاءته في حالة توفر الوظيفة المناسبة لمؤهلاته العلمية وخبراته العملية.
وللترقية حسب الأنظمة الوظيفية معايير وأسس تتم على ضوئها، فهناك معيار الأقدمية الذي ربما يكون ملائماً للترقية على الوظائف السهلة أو النمطية التي لا يتطلب عملها مجهوداً ذهنياً كالوظائف الكتابية ووظائف السكرتارية والنسخ ونحوها، وحسب هذا المعيار يُرتب الموظفون حسب أقدميتهم في المرتبة أو الدرجة المثبتين عليها من أجل شغل المرتبة أو الدرجة المطلوب الترقية عليها وتتم ترقيتهم حسب ذلك.
أما المعيار الآخر فهو معيار الكفاءة وبموجبه تتم ترقية الموظف ليس على أساس طول المدة التي قضاها في مرتبته، بل على أساس مدى قدرته وكفاءته حتى وإن وجد من زملائه من يقدمه في المرتبة ولكن أقل كفاءة، وهذا المعيار يناسب الترقية على الوظائف ذات الأهمية كالوظائف الإشرافية والقيادية والاستشارية كالمديرين العاملين ومديري الإدارات ورؤساء الأقسام والوظائف المالية والحسابية والمستشارين القانونيين.
وتجد الإشارة إلى أن نظام الخدمة المدنية في بلادنا قد أخذ بالمعيارين (الأقدمية والكفاءة) حيال ترقية الموظفين، فقد جمع بينهما في الترقية للوظائف المصنفة في المرتبة العاشرة فما دون من سلم رواتب الموظفين الخاضعين لذلك النظام حيث حدد معايير للترقية وهي التأهيل العلمي والأقدمية والتدريب وتقارير الأداء الوظيفي ومن مجموع النقاط التي يحصل عليها الموظف في هذه المعايير تتم مفاضلته مع زملائه، أما الترقية للوظائف القيادية من المرتبة الحادية عشرة حتى المرتبة الخامسة عشرة والوظائف المستثناة من المسابقة أو من المسابقة والمؤهل والتي استثنيت لأسباب أمنية أو اجتماعية أو أدبية فإن معيار الكفاءة فقط هو الأمر المفترض الذي يحكم الترقية عليها، وهي مسئولية المشرف أو المسئول الذي أوكل له النظام ذلك، حيث إن صلاحية الاختيار على ضوء المعيار المشار إليه تركت للوزير المختص أو المفوض من قِبله في شغل تلك الوظائف بسبب أهمية وحساسية هذه الوظائف.
كما أن مبدأ الكفاءة والجدارة له دور كبير في الترقية على وظائف الكوادر الوظيفية الأخرى كوظائف القضاة ومن في حكمهم، ووظائف أعضاء هيئة التدريس بالجامعات ومن في حكمهم ووظائف التعليم العام والوظائف الصحية.
وسنورد بعض المبادئ المستخلصة من القواعد الوظيفية التي تُسهم في عملية الترقية على الوظائف العامة وهي:
* توفر مبدأ القناعة بأن الوظيفة العامة خدمة عامة للوطن وللمواطن، وأن مزاياها من مراتب ورواتب وبدلات ونحوهما إنما هي للأعمال والوظائف وليست للأشخاص، ولذلك يتساوى المواطنون الذين تتوفر لديهم شروط شغلها.
* عدم التفريق بين موظف وآخر في الترقية على هذه الوظائف ما دام أن الجدارة والكفاءة متوفرة لديهما، وأن الفيصل في تفضيل أحدهما ينبغي أن يكون على أساس ما يتوفر لديه من مقومات ومؤهلات تزيد عما لدى زميله الآخر.
* شمول إجراءات الترقية بالمفاضلة أو المسابقة جميع الموظفين المستحقين للترقية بمن في ذلك موظفو الفروع في المناطق والمحافظات وألا يستبعد أي منهم إلا بإقرار خطي منه بعدم رغبته الترقية إما لعدم مناسبة مقر الوظيفة المطروحة للترقية له أو نحو ذلك.
* لكل من التدريب وتقارير الأداء الوظيفي دور في ترقية الموظفين، ولذلك ينبغي ألا يقتصر تدريب الموظفين على البعض دون البعض الآخر، أو على موظفي المراكز الرئيسة دون الفروع.. بل ينبغي أن تُتاح فرصة التدريب لأكبر عدد ممكن من الموظفين، كما ينبغي أن يكون تقرير الأداء موضوعياً يعكس الصورة الحقيقية لوضع الموظف وأن يكون واقعياً وبعيداً عن المحسوبية والارتجالية، فإعداد تقرير الأداء الوظيفي أمانة في عنق المسئول أو المشرف وينبغي عليه أن يؤدي هذه الأمانة بجدية وعدالة وإخلاص.
* ينبغي على الجهة الإدارية ألا تحتكر الوظائف وتحول دون ترقية الموظفين من ذوي الكفاءة عليها بحجة شغلها بالتعيين أو النقل من خارج الجهة من أجل زيادة القوى العاملة لديها، إذ يمكنها ترقية هؤلاء ومن ثم شغل وظائفهم بالتعيين أو النقل في حالة عدم وجود مستحقين للترقية عليها من ذوي الكفاءة.
* بالنسبة للترقية إلى الوظائف القيادية التي تتم الترقية عليها بالاختيار وهي المرتبة الحادية عشرة فما فوق فينبغي أن يكون هذا الاختيار موضوعياً وعادلاً وفي إطار مبدأ الجدارة ومصلحة العمل وأن يتم تحري الدقة في ذلك عن طريق معايير واضحة يحددها صاحب القرار في حالة التساوي بين أكثر من موظف في عوامل الجدارة أو الكفاءة باعتبار أن معايير المفاضلة أو المسابقة لا تُطبق على الترقية على هذه الوظائف.
* وأخيراً فإن الجهة الإدارية إذا قررت اللجوء إلى أسلوب الترقية أو غيره في شغل وظائفها فينبغي أن تأخذ في الاعتبار حق جميع الموظفين الذين تتوفر لديهم شروط شغل الوظائف وعدم التفضيل بينهم إلا لسبب موضوعي واضح، وأن تبذل قصارى جهدها في دقة الاختيار بأن يتم شغل الوظائف بالأصلح والأفضل من بينهم ووفق مبادئ الجدارة والعدالة والمساواة.. والله الموفق.
المصدر: عبدالله بن راشد السنيدى .
نشرت فى 30 سبتمبر 2010
بواسطة ahmedkordy
أحمد السيد كردي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
30,756,915