يكتسب التدريب على رأس العمل أهمية كبيرة في بيئات العمل وهو نوع من التدريب لا ينتظم فيه الموظف - المتدرب في حلقة أو دورة تدريبية خارج موقع عمل الوظيفة، كما يطلق البعض هذا المصطلح على الدورات والبرامج التدريبية التي ينخرط فيها الموظف بعد التحاقه بالوظيفة والتي تهدف إلى صقل مهاراته أو إكسابه مهارات جديدة فنية أو إدارية أو سلوكية. والتدريب على رأس العمل يتم من خلال وسائل كثيرة وكلها مهمة ولها فوائد عديدة .
وفيما يلي أهم وسائل التدريب على رأس العمل وفوائدها:
- التعريف العام: Orientation :
وهو اطلاع الموظف أو المدير الجديد على المنظمة ورسالتها ورؤيتها وقيمها ومبادئها وأهدافها وخططها المعتمدة ولوائحها وسياساتها واجراءاتها ونماذجها وبرامجها وأقسامها وخدماتها ومسؤولي الأقسام فيها، وذلك قبل مباشرة وممارسة العمل الفعلي.
- التدريب النظري:
في موقع الوظيفة التي سوف يباشرها، ويشمل ذلك اطلاعه على السياسات والإجراءات والنماذج والبرامج الخاصة بمهام هذه الوظيفة، وكيفية ممارستها، وكيف سيتم تقييمه فيها.
- التدريب العملي بالإشراف والتوجيه اللصيق:
وهو أن يمكث لعدة أيام في موقع العمل الفعلي مع موظف أو مسؤول أقدم منه أو أعلى منه، ويشارك في تنفيذ ومباشرة الأعمال والمهمات المختلفة لمدة تتراوح بين عشرة أيام وأسبوعين.
- التدريب العملي بالممارسة:
وفي هذه الفترة يبدأ بممارسة العمل مباشرة بنفسه وبشكل كامل، ولكن تحت إشراف المشرف المباشر، حتى يتم التأكد من استيعابه العمل وقيامه به على أفضل وجه.
وهكذا فإن الوسائل الأربع السابقة من وسائل التدريب مهمة جداً للبداية السليمة للموظف في أول شهرين له في العمل الجديد أو الوظيفة الجديدة. والمشاهد أن كثيراً من المديرين والموظفين ربما يمكث أحدهم سنوات وهو لا يعرف أكثر أنظمة وشروط العمل ولا يعرف الكثير من النماذج والأدوات والسياسات والاجراءات الأساسية للعمل، ولا يعرف خطوط الاتصال ولا مهام الأقسام الأخرى، ولا يعرف رؤية ولا أهداف المنظمة والإدارة. فينتج عن ذلك انه يعمل باجتهاده وعلى ضوء ما يظنه صواباً من ظاهر العمل، فيخطئ مرة ويصيب أخرى، بينما هذه الفترة الوجيزة تحقق الكثير من المنافع للمنظمة وللموظف وتحسن من أدائه وتجنبه الكثير من المعاناة والمشاكل، وتساهم في قيامه بواجباته على الوجه المأمول.
يحرص بعض الموظفين وكذا رؤساؤهم على الالتحاق بما له علاقة بطبيعة أعمالهم من دورات تدريبية تُعقد , سواء في المعاهد الحكومية أو معاهد أهلية مرخص لها أو ما يقدم من قبل الجامعات أو ما تعده وتشرف على تنفيذه الجهات الحكومية بعد اعتماده من قبل الجهة المختصة مثل لجنة تدريب وابتعاث موظفي الخدمة المدنية, أو ما يمكن الالتحاق به من الدورات التدريبية .
لا شك أن هذا الحرص في محله, ويعد امتدادا لحرص الدولة على رفع كفاءة العاملين فيها بكل ما يتهيأ من وسائل. ولقد جسد هذا الحرص والاهتمام أن جُعل التدريب من الواجبات الوظيفية التي على الموظف الوفاء بها, وبجانب ذلك خصصت بُنود في ميزانية كل جهة للإنفاق على التدريب سواء ما يتطلبه كرسوم أو مصاريف سفر أو مخصصات للمتدرب أو المتدربة. ليس هذا فحسب بل أُعطي التدريب المناسب, مجالاً ومستوى, وزناً وظيفياً يمُيز من يحصل عليه عن غيره في الترقية مثلاً.
ما ينفق على التدريب, بشتى أنواعه ومستوياته ومجالاته, يعد استثمارا, غير أن لكل استثمار متطلبات يتوقف على توافرها من عدمه تحقيق الهدف. وبما أن الاستثمار في الطاقة البشرية يُعد الأهم, فلا بد من توفير ولو متطلباته الأساسية, على الأقل, لضمان جني عائداته المستهدفة.
ومن أبرز تلك المتطلبات أن يكون البرنامج التدريبي الذي يُلحق به الموظف يُكسب من يلتحق به معارف ومهارات محددة قابلة للتطبيق, ولو بنسبة مقبولة في مجال العمل الذي ينتمي إليه الموظف الذي تم تدريبه. غير أن الملاحظ أن نسبة ليست قليلة, ممن يتم تدريبهم, لا يجدون في بيئة عمل كل منهم ما يهيئ لهم توظيف ما اكتسبوه من معارف ومهارات, باستثناء من يعمل في مجالات مهيأة مثل الخدمات الصحية وبعض الأعمال المهنية, وحتى في مثل هذه المجالات يوجد في بعض الحالات ما يحول دون الاستفادة من التدريب بالقدر المناسب لما بذل في سبيله من مال وجهد ووقت, علاوة على ما يُصاب به بعض الجادين ممن تم تدريبهم من شعور بعدم الارتياح لعدم تمكنهم من توظيف ما اكتسبوه من معارف ومهارات, خصوصاً في مجالات الأعمال الإدارية والمالية لأسباب تنظيمية.
تختلف مكونات بيئة العمل من مجال إلى آخر, إلا أنها تشترك غالباً في أربعة منها هي التنظيم الإداري, الأنظمة (أنظمة العمل), القوة البشرية (طاقم العمل), والإدارة. فما لم تكن بيئة العمل بمكوناتها ذات العلاقة مدركة لأهمية ما سيكتسبه الملحق ببرنامج تدريبي من معارف ومهارات, وأنه سيتم توظيفها في مجالها بصورة مباشرة, فإن الموظف الملحق بالتدريب معرض بعد عودته لعمله بعد إكماله الدورة التدريبية التي ألحق بها إلى أن يواجه بمعوق أو أكثر من المعوقات التالية:
- عدم مناسبة ما اكتسبه من معارف ومهارات للضوابط النظامية المطبقة في الجهة التي يعمل بها.
- عدم إمكانية الأخذ بما تدرب عليه من أساليب العمل لعدم توافقها مع المعتمد في جهة عمله من إجراءات.
- التفاوت بينه وبين زملاء العمل فيما اكتسبه من معارف ومهارات الشيء الذي يوجد جواً من عدم الانسجام بينه وبينهم في أساليب تسيير العمل.
- اختلاف وجهات النظر بينه وبين المشرف عليه حول أهمية وفائدة نقل ما تدرب عليه.
ومن أجل أن يُحقق التدريب أبرز أهدافه, وهو رفع مستوى الأداء الفردي (سواء تم التدريب من خلال برنامج واحد أو أكثر حسب الحاجة), لابد أن يكون ضمن منظومة متكاملة حصيلتها النهائية رفع الأداء الكلي سواء لوحدة تنظيمية محددة أو بما يسهم بشكل أوسع ليكون جزءاً من الأداء الكلي للجهاز. وهذا يتطلب أن تكون البرامج التدريبية, سواء ما تم إعدادها خصيصاً لمجال معين وبمستوى محدد حسب حاجة الجهاز, أو كان من خلال برامج تدريبية عامة مناسبة مجالاً ومستوى وتوقيتاً للتوجهات التطويرية للجهاز.
أما التدريب الذي يُبنى على ما يقترحه الموظفون لأنفسهم, فعلى الرغم مما يُكتسب منه من معارف ومهارات, خصوصاً البرامج الجادة المقدمة من قبل جهات يوثق بها, إلا أن تلك المكاسب لا تتعدى المتدرب دون أن تصل في الدرجة المرجوة إلى جهة عمله التي هيأت الفرصة وقدمت كل ما تَطلبَّه حضور تلك البرامج من مال ووقت, إلا ما ندر وبقدر تجاوب بيئة العمل لما أتى به المتدرب من مكاسب معرفية ومهارات مهنية.
<!-- body -->