********
تلعب قياسات الأجور دوراً كبيراً في تحقيق الأهداف العامة لمنظمات الأعمال , فتكوين قوة عمل قادرة علي الأداء و راغبة فيه لا يقتصر علي تخطيط و اختيار و إعداد و تدريب الأفراد فحسب , و إنما أيضا علي مقدار العائد الذي يحصل عليه العاملون مقابل ما يقدمونه من جهد للمنظمة , و المبدأ الأساسي الذي ينبغي ان تقوم عليه خطة الأجور هو التوازن بين قيمة ما تحصل عليه المنظمة من ناتج أداء العاملين علي شكل سلع و خدمات مع ما تدفعه لهم من عوائد مادية علي شكل أجور و مكافئات و خدمات و مزايا أخرى .
و يمكن لنظام الأجور ان يجذب الأفراد للعمل في المنظمة , أو العكس قد يبعدهم عن الالتحاق للعمل فيها , أو حتى يصل الأمر إلي ان يترك البعض منهم عمله للالتحاق بمنظمات أخرى , و خاصة من ذوي المهارات و الكفاءات العالية نتيجة شعورهم بعدم وجود مثل ذلك التوازن بين الجهد العائد , و من ناحية أخرى تشكل الأجور عنصراً أساسيا من عناصر التكلفة في المنظمة , مما يستوجب ضرورة تخطيطها ليس كمحدد للعدالة و الرضا فقط , و إنما أيضاً كمحدد لمستوى التكلفة و الإنتاجية .
كما و يهتم المجتمع بسياسات الأجور المتبعة في المنظمات لما لها من أثار ايجابية أو سلبية علي العديد من المؤشرات الاقتصادية و الاجتماعية , فمعدلات الادخار و الاستثمار و الاستهلاك و الدخل القومي يتوقف إلي حد بعيد علي مستوى أجور القوى العاملة , فقد تساهم الأجور في دفع عملية التنمية الاقتصادية و الاجتماعية قدماً إلي الأمام فيما إذا تم تخطيطها علي أساس تجدي قوة العمل للموارد البشرية و مستوى إنتاجيتها , و قد تكون سياسات الأجور نسبياً في ارتفاع التكاليف و زيادة معدلات الأسعار و التضخم و سوء توزيع الدخول و الثروات الوطنية .
كل تلك العبارات و غيرها تشير إلي ضرورة و غيرها تشير إلي ضرورة تخطيط الأجور في المنظمات و ذلك لان مثل هذا التخطيط يحقق الفوائد التالية :
1) تحقيق العدالة النسبية بين الأفراد , و ذلك إذا كانت سياسات الأجور تقوم علي أساس ربط العائد المادي للأفراد مع كمية الجهود المبذولة من قبلهم و ظروف و أهمية الأعمال التي يقومون بتأديتها .
2) تساهم عملية تخطيط الأجور في زيادة مستوى إنتاجية العمل , و ذلك لان مثل هذا التخطيط يعتمد علي ربط الأجر بالإنتاجية .
3) يساهم تخطيط الأجور في تحقيق عنصر الرضا النفسي للأفراد و زيادة ولائهم للمنظمة , باعتبار ان الأجور و غيرها من المزايا المادية ليست وسيلة لإشباع الحاجات فقط , و إنما يمتد دورها لتعطي الفرد الشعور بالأمن و التقدير و الاحترام , و لترمز إلي العرفان بأهميته .
3- تقويم الوظائف و أنظمة دفع الأجور :
تتناول هذه الفقرة موضوعين مترابطين هما تقييم الوظائف و أنظمة دفع الأجور , و في مناقشة هذين الموضوعين تحاول الفقرة الإجابة علي التساؤلات الآتية :
· كيف تحدد أنظمة دفع الأجور في المنظمة ؟
· كيف تقيم الوظائف في المنظمة ؟
· كيف يتم الربط بين تقييم الوظائف و أنظمة دفع الأجور ؟
فيما يأتي شرح موجز و مركز للفقرتين :
3-1 تقييم الوظائف Job Evaluation :
يتطلب تحديد ما يتقاضاه الفرد العامل في المنظمة من أجور و ميزات مالية أخرى تطبيق سياسة موضوعية تعتمد أساساً علي تطبيق ما يسمى بنظام تقييم الوظائف , يستهدف النظام تحديد الأهمية النسبية للوظيفة مقارنة بالوظائف الأخرى اعتماداً علي ما تتضمنه من واجبات و مسئوليات و ظروف عمل و بما يكفل دفع التعويض أو الأجر المناسب للوظيفة , أي إعطاء الوظيفة قيمة مقارنة بمثيلاتها من الأعمال أو الوظائف الأخرى .
يبدأ نظام تقييم الوظيفة بمرحلة تحليل الوظائف و التي بموجبها يتم تحديد وصف خاص بالوظيفة من حيث المسئوليات و الواجبات و المهام , ووصف خاص بمن يشغلها من حيث المؤهلات ( المهارات و القدرات و المعارف ) المطلوبة , و بانتهاء مرحلة التحليل تبدأ المرحلة الثانية و المسماة بتقييم الوظائف , و تسمى أيضا بعملية التقويم و هي الأصح لأنها ترتبط بإعطاء القيمة للوظيفة .
ويقصد بتقويم الوظائف تحديد قيمة الوظيفة بالنسبة للوظائف الأخرى , أي تحديد القيمة المادية النسبية لكل وظيفة , فالمقصود هنا دراسة الوظائف و الأعمال ووضع مستويات مالية لها و ليس تحديد واجباتها و مسئولياتها , و يفضل ان تتولى ذلك لجنة تضم ممثلين من جميع الإدارات , كما يتم الاستعانة بخبرات من خارج المنظمة .
و تسعي إدارة الموارد البشرية من وراء القيام بتقويم الوظائف تحقيق الأتي :
1. العدالة في الأجور و الرواتب عن طريق وضع أسس ثابتة لتحديدها في ضوء نوع المسئوليات و الواجبات التي تتطلبها كل وظيفة .
2. المساواة في تحديد الرواتب و الأجور للوظائف المتماثلة في الواجبات و المسئوليات .
3. تحقيق الكفاية للعاملين عن طريق تحقيق التوازن بين كمية الأجر أو الراتب الذي يستلمه الفرد و الالتزامات الضرورية التي يواجهها في حياته اليومية .
و بسبب الطبيعة المختلفة للوظائف فيفضل عند بدء عملية التقويم توزيع الوظائف إلي مجموعات متشابهة Common Group و إجراء التقويم علي أساس المجموعة , إذ من الصعب جداً وضع تصنيف معياري لكل الوظائف , هذا يعني بان وظائف الإنتاج و العمل اليدوي و المبيعات و الأعمال الإدارية يتم تقويمها بشكل منفصل عن بعضها ثم معاملة المجموعات المتشابهة بشكل منفصل مما يسمح بتحديد الأجر أو الرتب ضمن الفئات .
و تعتمد الكثير من الأساليب في تقويم الوظائف اخترنا منها لشيوعها الطرائق أو الأساليب التالية :
1. الأساليب غير الكمية و تتضمن :
أ- طريقة الرتب Ranking :و بموجبها يتم تقسيم أو ترتيب الوظائف تنازلياً و حسب الأهمية , و تصلح هذه الطريقة للمنظمات الصغيرة ذات العدد القليل من الوظائف , إذ يجري ترتيب الوظائف علي مستوى الوحدات ثم الأقسام ثم الإدارات في المنظمة ككل .
ب- طريقة التصنيف أو التدرج Grading , و بموجبها يتم تصنيف الوظائف في مجموعات تمثل كل منها درجة معينة ( درجة أولى , ثانية , .... الخ ) أو فئة محددة تشترك في واجبات و مسئوليات متشابهة أو متقاربة ( وظائف فنية , وظائف إدارية , وظائف استشارية ) ووفقاً لهذه الطريقة يتم البدء بإيجاد الوظائف التي تتشابه في واجباتها و مسئولياتها و يتم وضعها في درجة أو فئة و تنتهي الطريقة بسلسلة من الدرجات أو الفئات , تمثل كل مجموعة صفات جوهرية للعمل الذي يقوم بأدائه الفرد العامل ( المهارة مثلاً ) و تتطلب هذه الطريقة تحليل جميع الواجبات و المسئوليات , ثم تحدد الدرجة التي تنتمي لها كل وظيفة من الوظائف المحددة , و أخيرا يتم تحديد القيمة المالية لكلك درجة.
2. الطرق الكمية : تتضمن هذه المجموعة الطرائق الآتية :
أ- طريقة النقط : و فيها تحدد عوامل معينة و تعطي لكل عامل أهمية معينة ( عدد من النقط ) و بجمع هذه النقط يتم تحديد أهمية الوظيفة , أي ان عملية تجزئة الوظيفة إلي عوامل تعد نقطة البداية لهذه الطريقة , و كلما كان عدد النقاط التي تحصل عليها الوظيفة اعلي كلما كان الأجر أو الراتب المحدد لها اعلي , و غالباً ما يتم تفتيت الوظيفة إلي عواملها الجوهرية Critical Factors ( عبء العمل , العلاقات , الاتصالات , ..... الخ ) و تقدر قيمة كل عامل منها بعدد محدد من النقاط ثم اتخاذ مجموع النقاط أساس لتحديد قيمة الوظيفة النسبية , و من العوامل الجوهرية الشائعة إضافة إلي ما سبق ذكره المسئولية و الجهد البدني و المجهود الذهني و المهارة و ظروف العمل و تتطلب الطريقة ابتاع الخطوات الآتية :
1) تقسيم الأعمال المراد تقويمها إلي مجموعات وظيفية متشابهة بعد القيام بعملية تحليل الوظائف .
2) تحديد المعايير أو العوامل التي تتم عملية التقييم علي أساسها و التي تختلف باختلاف طبيعة و نوع العمل , و يتم تعريف كل عامل منها بدقة , ثم إعطاء قيمة رقمية لكل عامل حسب أهميته بعد ان يقسم إلي جزئيات تعطي قيم يتم تجميعها و توصيفها مع كشوفات توصف الوظائف لمعرفة أهميتها . تمتاز هذه الطريقة بالموضوعية كونها تقوم علي أساس التحليل و التفتيت للوظائف إلي جزيئات تعطي قيم تحول إلي قيمة نقدية , و يؤخذ عليها حاجتها إلي الوقت و صعوبتها في مجالات عديدة , إذ من الصعب تفتيت الوظيفة إلي جزئيات و خاصة بالنسبة للوظائف الخدمية .
ب- طريقة مقارنة العوامل : تهدف هذه الطريقة إلي وضع علاقات نسبية بين الوظائف المختلفة و يتم انجازها في ضوء المراحل الآتية :
1) اختيار عدد من الوظائف الأساسية و المتمثلة لوظائف المنظمة بعد ان يتم تعريفها بشكل جيد ( فنية / علمية / إدارية / إشرافية / .... الخ ) .
2) تحديد العوامل التي سيتم تقويمها داخل كل وظيفة و التي تشمل المهارة و المسئولية و الجهد الذهني و البدني و ظروف العمل .
3) ترتيب الوظائف وفقاً للعوامل في (2) تبعاً لأهمية كل عامل بالنسبة لكل وظيفة .
4) توزيع الأجر الذي يعطي لكل وظيفة العوامل الأساسية , و غالباً ما يسترشد بما متبع في المنظمات الأخرى .
تمتاز هذه الطريقة بكونها تجمع بين طريقة الترتيب و ذلك بترتيبها للوظائف تحت كل عامل من عوامل التقييم , و طرقة النقط بتفتيتها للوظيفة إلي العوامل المكونة لها و إجراء تقدير كمي لكل عامل علي حده و اعتماد قيم العوامل مجتمعة لتحديد الاعمية النسبية للوظيفة ككل , و يؤخذ عليها نفس سلبيات الطرقتين السابقتين .
و بالرغم من اقتراح البعض من كتاب إدارة الموارد البشرية إلي استخدام أكثر من طريقة في التقويم و في ان واحد مبررين ذلك بان استخدام أكثر من معيار أو طريقة و مقارنة نتائجها و تحديد مدى التقارب يدل علي موضوعية عملية التقييم , إلا ان اختيار طريقة التقييم يجب ان يتم في ضوء المحددات الآتية :
1) المتطلبات و الاعتبارات القانونية و الاجتماعية تبعاً لاستعمالها الطريقة , إذ قد يلزم القانون أو العرف الاجتماعي استخدام طريقة النقط بدلاً من غيرها .
2) الشكل التنظيمي للمنظمة : أي ان حجم المنظمة يلعب دوراً أساسيا في تحديد الطريقة , ففي المنظمات الصغيرة الحجم و المحدودة الوظائف ينصح باستخدام طريقة الرتب مثلاً .
3) علاقات الإدارة بالعاملين , حيث ان اتفاق الإدارة و العاملين علي طريقة محددة يجعل استخدامها بشكل أيسر و أسرع , و هنا تجب الإشارة إلي ان موافقة العاملين علي طريقة التقييم شرط ضروري لنجاح العملية .
4) التكلفة كوقت و نقود .
3-2 نظم دفع الأجور :
تهدف المنظمات من جراء دراسة نظم الأجور و تحديد طرق دفعها الوصول إلي أسس عادلة وواضحة في مكافأة العاملين لقاء جهودهم , باعتبارها محدداً لكفاءة الأداء و استقرار العمل و إزالة كل أسباب النزاعات التي قد تنشا بينهم و بين الإدارة .
و كي تتحقق نظم دفع الأجور المتوخاة منها يجب ان تتوفر فيها بعض المتطلبات الأولية , و أهم هذه المتطلبات :
1) يجب ان يقابل الأجر أهمية العمل الذي يؤديه الفرد و شروط هذا الأداء .
2) يجب ان تحقق طريقة الدفع درجة مقبولة من رضا الأفراد ليزداد شعورهم بالرغبة في الأداء و الاستمرار فيها .
3) يجب ان تكون نظم سهلة و مفهومة , من قبل كافة العاملين .
و بصورة عامة , هناك نظامان رئيسيان مستخدمان لدفع الأجور , الدفع علي أساس الزمن , و الدفع علي أساس الإنتاج .
3-2-1 نظام دفع الأجور علي أساس الزمن :
تعتبر نظم الأجور التي تدفع علي أساس الزمن شائعة الاستخدام في اغلب المنظمات و خاصة في المنظمات و المؤسسات الحكومية و الخدمية , و المعيار الزمني المستخدم في احتساب الأجر قد يكون الساعة , أو اليوم , أو الأسبوع , أو الشهر , أو السنة , و ذلك بغض النظر عن حجم الأداء أو كمية الإنتاج و جودته , و قد جرت العادة حسب هذا النظام ان يحدد معدل اجر الساعة الواحدة كأساس في احتساب الأجر الكلي , أما إذا استدعي الأمر ان يعمل الفرد ساعات أكثر من الساعات المقررة , فيعطي أجرا إضافيا عن كمية العمل الإضافية , وفقاً لمعدل الأجر الأساسي أو وفقاً لمعدل خاص , قد يزيد عادة عن المعدل الأول .
و يعتبر نظام الأجر الزمني ملائما أكثر من غيره في الحالات التالية :
1) عندما يتعذر أو يصعب تحديد كمية الإنتاج الخاصة بكل فرد علي حدة , و بالتالي يتعذر إيجاد العلاقة بين جهد الفرد و ناتج أدائه .
2) عندما تكون لاعتبارات الجودة أهمية اكبر من اعتبارات الكمية , أي عندما تكون نوعية الإنتاج أهم بكثير من حجمه .
3) عندما يكون العمل غير منتظم باستمرارية لأسباب لا علاقة للعاملين بها .
و هذا و تحقق الأجور الزمنية المزايا التالية :
1) تضمن للعاملين دخلاً محدداً و معروفاً يمكن ان يكون أساس لأسلوب حياته و تصرفاته .
2) سهولة احتساب و فهم و استخدام مثل هذه الطريقة سواء من قبل الإدارة , أم من قبل الأفراد .
و بالرغم من المزايا المذكورة , فان هذه الطريقة لا تخلو من بعض العيوب , و أهم هذه العيوب ان نظام الأجر الزمني يعجز ان يكون حافزاً للأفراد نحو المزيد من بذل الجهد , لأنه لا يميز بين جهود الأفراد , و فضلاً عن ذلك يصاحب هذا النظام صعوبة توزيع نفقات العمل البشري علي تكلفة المنتجات من السلع و الخدمات .
و في السنوات الأخيرة عمدت بعض المنظمات إلي تطوير نظام الأجر الزمني كمحاولة لتلافي الانتقادات الموجهة إليه و قد تركز هذا التطوير علي فكرة ربط الأجر بصورة غير مباشرة بكمية الإنتاج .
3-2-2 نظم دفع الأجور علي أساس الإنتاج :
بالرغم من ان طريقة الدفع علي أساس الإنتاج تعتبر من أقدم النظم لدفع الأجور فأنها مازالت تحظى باهتمام كبير من قبل الإداريين و الباحثين لصلتها المباشرة بإنتاجية الفرد , و أساس هذه النظم يقوم علي ربط مقدار الدخل الذي يحصل عليه الفرد مع كمية الإنتاج أو كمية الأداء التي يحققها , و بذلك فان الفرد يشترك في الحصول علي جزء من ناتج أدائه فإذا زادت كمية الإنتاج يزداد عائد الفرد من الأجر , و العكس فانه يتحمل العبء بانخفاض أجرة إذا انخفضت إنتاجيته .
تستخدم نظم الدفع علي أساس الإنتاج في معظم المنشات الصناعية حيث يكون الأجر عبارة عن حاصل ضرب عدد السلع ( أو عدد العمليات ) في معدل اجر السلعة الواحدة ( أو العملية الواحدة ) و مما يجدر الإشارة إليه ان معدل اجر السلعة الواحدة أو العملية الواحدة يختلف باختلاف طبيعة و ظروف العمل , و غالبا ما يتم تحديد هذا المعدل في ضوء نتائج دراسات الزمن اللازم لانجاز السلعة الواحدة أو العملية الواحدة , يمكن استخدام طريقة الأجر علي أساس القطعة ( أي علي أساس الإنتاج ) بفاعلية كبيرة إذا كان من السهل إيجاد العلاقة المباشرة بين جهد الفرد و ناتج أدائه , أي عندما يمكن تحديد إنتاجية الفرد الخاصة به , و عندما لا يكون هناك مشكلة في قياس تلك الإنتاجية , كما وتعتبر هذه النظم أفضل من نظم الأجور الزمنية فيما إذا كانت كمية الإنتاج تحظى باعتبارات اكبر من اعتبارات النوعية , و أيضا عندما يصعب وضع معايير رقابية فعالة علي أداء الأفراد , حيث يمكن تحقيق الرقابة الذاتية بشكل أفضل .
تحقق نظم الأجور علي أساس الإنتاج مزايا لكل من العامل و المنظمة , فبالنسبة للعامل يجد في هذه النظم وسيلة لزيادة دخله عن طريق زيادة إنتاجيته وحثه علي الخلق و الإبداع في إيجاد أفضل السبل و الوسائل التي من شانها ان ترفع من مستوى أدائه و شعوره بعدالة أجره لأنه يعكس الجهد الذي بذله , أما بالنسبة للمنظمة فيمكن ان تكون نظم الأجور علي أساس الإنتاج أفضل وسيلة لزيادة الكفاءة الإنتاجية و تخفيض مستوى التكلفة و التوفير في جهود الإدارة , إذ تنتقل مسئولية العمل و الإنتاج إلي الأفراد الذين يرغبون في الحصول علي أجور مرتفعة , كما و تقدم هذه النظم التسهيلات كبيرة للإدارة في احتسابها لتكلفة الوحدة الواحدة من الإنتاج , حيث ان الأجور في مثل هذه الحالة تعتبر كلياً نفقات متغيرة يتم تحمليها مباشرة علي تكلفة الوحدة الواحدة من الإنتاج .
أما عيوب هذه النظم فتكمن في :
1. تقلل هذه النظم من فاعلية الإدارة في التفكير بإيجاد الوسائل الفعالة للرفع من معدلات الكفاءة الإنتاجية , اعتقاداً منها ان الكفاءة يمكن ان تصل إلي معدلات مرتفعة بصورة تلقائية علي أساس ربط الأجر بالإنتاج .
2. قد يؤدي استخدام نظم الأجور علي أساس الإنتاج إلي زيادة الهدر في الموارد و تشغيل الآلات و التجهيزات بأكبر من طاقاتها , و ذلك نتيجة توجه الأفراد لزيادة حجم الإنتاج بشتى السلب و الوسائل , دون أي اعتبار لجودته , بقصد الحصول علي أجور مرتفعة .
3. قد تعمل هذه النظم بصورة عكسية بالنسبة لشعور الأفراد بالرضا , و ذلك عندما تكون وسائل العمل قديمة و منخفضة الإنتاجية الأمر الذي يؤدي إلي انخفاض مستوى أداء الأفراد لأسباب خارجة عن إرادتهم .
4. ان المغالاة في استخدام نظم الأجور علي أساس الإنتاج باعتبارها وسيلة لحث الأفراد علي زيادة إنتاجيتهم قد يكون خاطئاً مما يؤدي إلي نتائج غير مرغوب فيها , فلقد دلت التجربة ان الأجر ليس هو الحافز الوحيد لزيادة الإنتاجية , و إذا اعتبر كذلك فلابد من توفر شرطين أساسيين فيه هما :
أ- وجود رغبة لدي الفرد في تحسين مستوى دخله .
ب- وجود مقاييس تضمن بدقة ربط مستوى الأداء بمعدل الأجر .
و هكذا فان جوهر نظم الأجور التي تدفع علي أساس كمية الإنتاج , يمثل في مقدرة هذه النظم علي الربط بين عائد الفرد مع مقدار الإنتاج الذي يحققه , و يعتبر مثل هذا الربط أساسا في التخطيط للأجور التشجيعية و التي هي عبارة عن التطبيق العملي لتلك النظم , و هذا ما يقودنا للحديث عن مفهوم الأجور التشجيعية و التي تستخدم اليوم علي نطاق واسع و بطرق دفع متعددة , حيث يمكن تطبيقها علي العاملين كأفراد و كجماعات .
يحفز هذا الأسلوب العاملين علي زيادة الإنتاج , كما يؤدي إلي تحقيق وفورات بسبب اقتصاديات الحجم و تحميل التكاليف الثابتة علي عدد اكبر من الوحدات المنتجة , و تستخدم المنظمات عدة أساليب لتحفيز الأفراد العاملين علي زيادة الإنتاجية منها :
أ- أسلوب فردريك تايلور : و بموجبه يتم تحديد مستوى قياس للإنتاج علي أساس دراسة الحركة و الوقت , و قبل الوصول إلي هذا المستوى أو تجاوزه تقاضي أجرا عن كل وحدة منتجة , و لا يضمن هذا الأسلوب حداً ادني من الأجر .
ب- طريقة هالمي : و بموجبها يتم تحديد وقت قياسي لأداء عمل معين و يتقاضي العامل اجر الوقت الذي استغرقه في العمل مضافاً إليه اجر جزء من الوقت الذي وفره , أي ان :
الأجر المستحق للعامل = اجر الساعة ( الوقت المستنفذ + نسبة مئوية من الوقت المقتصد )
تجمع هذه الطريقة بين الأجر الزمني و اجر القطعة و تحفز الفرد العامل علي الاقتصاد في الوقت , و هي تضمن حدي ادني من الأجور يتمثل باجر الوقت الذي قضاه العامل في العمل .
ج- طريقة روان : يتم بموجبها تحديد زمن معياري لإنهاء العمل فإذا لم ينجز العمل في الوقت المعياري استحق العامل اجر العادي دون الحسم , أما إذا بلغه في وقت اقل من المعياري فانه يستحق علاوة إضافية تمثل جزء من اجر الوقت المقتصد به بالإضافة إلي اجر الوقت المستنفذ في العمل , أي ان :
الوقت المحدد - الوقت المستنفذ
الوقت المحدد للعمل
أجرة الوقت المستحق
الأجر المستحق = اجر الساعة x الوقت المستنفذ + x
يعاب علي هذه الطريقة كونها معقدة و صعبة الاحتساب و الفهم من قبل العامين .
د- طريقة ميريك : يحدد بموجبها مستويين للإنتاج القياسي و مستوي اقل من القياس ( 83 % منه ) و من يبلغ الإنتاج القياسي يستحق الأجر زائداً مكافأة .
هـ- طريقة جانت : وتستعمل نسبة متدرجة للعلاوة بعد مستوى معياري للإنتاج , و يستحق الفرد العامل العلاوة إذا حقق المستوى المعياري أو تجاوزه , و يعتمد حجم العلاوة علي نسبة تجاوز المعياري .
و- طريقة امرسون : و تستخدم تدرج الكفاءة مع اخذ عامل الوقت و المستوى المعياري .
معايير توزيع التعويض :
اشرنا في القسم الأول من هذا الفصل بان نظام التعويض يستهدف تحقيق مجموعة من الأهداف التي تتركز حول جذب موارد بشرية بمواصفات مهارية ومعرفية جيدة وجديدة تحفز العاملين على زيادة إنتاجيتهم وتحسين أدائهم ودفع العاملين للارتباط بالمنظمة والوظيفة بشكل أقوى . يدرك من هذه الأهداف بأن تحقيقها يعتمد بشكل أو بآخر على تأسيس التعويض استناداً إلى معايير محددة ترتبط بماهية نظام التعويض وأساليب توزيعه . وتشتمل هذه المعايير على الآتي :
أ- الأداء Performance
و هو معيار تعتمده الكثير من المنظمات و لكنه من المعايير التي تواجه الكثير من المشاكل في الحياة العملية , فصعوبة قياس الأداء لبعض الوظائف كالإدارية مثلاً تجعل من الصعب تعميمه علي جميع الوظائف , كما ان الأداء مرتبط بالنتائج التي تقاس من ناحية كمية و نوعية , حيث تظهر الصعوبة عند تعويض الفرد عن جهده و بغض النظر عن نوعية الأداء , و أخيرا يواجه المعيار صعوبة التطبيق في الدول التي تمتاز بظروف اقتصادية غير مستقرة كالتضخم علي سبيل المثال , فتعوض المنظمة الفرد العامل عن فروقات التضخم في الأسعار و بالتالي يكون المتبقي من التعويض للأداء قليل .
ب- المجهود Effort
يستخدم هذا المعيار عند صعوبة استخدام معيار الأداء , و يبنى علي افتراض ان الفرد الذي يبذل أو يحاول بذل جهد لانجاز عمل معين يجب ان يكافأ أو يعوض , لذا فان التعويض يتحدد بحجم الجهد المبذول من قبل الفرد العامل , يواجه هذا المعيار صعوبة تقدير قيمة الجهد الذهني و البدني و تحديد مقدار التعويض المستحق .
ت- الأقدمية Seniority
و يسمى أيضاً بمعيار حقوق الوظيفة و يرتبط بالفترة التي يقضيها الفرد العامل في وظيفة معينة , و يقوم المعيار علي مبادئ نظرية الاستثمار التي نادي بها الكثير من كتاب إدارة الموارد البشرية و اعتمدت أساس في تخطيط المسار الوظيفي Job Career Planning .
ث- المهارات skills
يتم بموجبة توزيع التعويض على أساس المهارات والمؤهلات التي يتميز بها الشخص وبغض النظر عن استخدام أو عدم استخدام هذه المهارات .فالفرد الذي يحمل مؤهل عملي معين يستحق أن يكون في المستوى معين يتناسب وذلك المؤهل . ويعتمد توزيع المهارات ( لأغراض تحديد التعويض على المستويات ) على العرض والطلب نوع المهارة وعلى أوضاع السوق بشكل عام .
ج- صعوبة العمل work difficulty
يعتبر تعقيد العمل أو صعوبته معيار للتعويض . فالعمل الذي يتطلب ساعات طويلة أو ينجز في ظروف قاسية يستحق تعويضاً أعلى من عمل يحتاج إلى ساعات أقل وينجز في ظروف طبيعية.
ح- الوقت الاستنسابي discretionary time
يستخدم هذه المعيار للأعمال التي لا ترتبط بوقت محدد أو برامج معينة أنما يتم تقدير الوقت يحدد التعويض على أساس الوقت المقدر.
يدرك مما سبق بأن معايير توزيع التعويض متعددة وذلك لتعدد الوظائف في مهامها وواجباتها ومسؤولياتها ونطاق أعمالها . علية فإن المعيار الأصح هو المعيار الذي يأخذ بنظر الاعتبار جميع أبعاد الوظيفة المتمثلة بالعمق ، أي الوجبات والمهمات والمسؤوليات والسعة width ، أي صعوبتها وتنويع أنشطتها ، والطول length ، أي الوقت الذي تستغرقه الوظيفة والقيمة النسبية لكل وظيفة job relative value . وقد توضح مقاييس للتعويض اعتمادا على بيانات السوق ، حيث تتم مقارنة الوظائف مع مثيلاتها في السوق واعتماد أسس السوق في نظام منح التعويض . وتعتمد بعض المنظومات ظروف السوق في تحديد التعويض كالبطالة وهيكل الأجور التاريخي في المنظمة ومستويات الأداة وأرقام ربحية المنظمة ومؤشرات أسعار المستهلكين واهتمام المستثمرين وحملة الأسهم بالربحية.
يستخلص مما تقدم بأن على المنظمات أن تستخدم معايير التوزيع التي تتلاءم مع طبيعية خصائص الأفراد العاملين فيها ، نوع وخصائص الوظائف والمتطلبات البيئية ( الاجتماعية والقانونية والاقتصادية والأخلاقية).
4- مسائل في إدارة الأجور والرواتب :
أشرنا فيما تقدم بأن قرار تحديد التعويض سواء كان أجرا أو راتبا يعتبر من القرارات الإستراتيجية في المنظمة ولمرات سيقت في مكانها . يدرك من ذلك الأجور والرواتب تحتاج إلى إدارة متخصصة يمكن أن تسمى إحدى الإدارات الوظيفية في المنظمة functional management. تبرر الحاجة إلى هذه الإدارة بكون مسألة الأجور تحتاج إلى تخطيط ، أي التحسب للمستقبل وخاصة في مجتمعات وبيئات تتميز بدرجة عالية من المنافسة وندرة في الموارد البشرية ذات النوعية المتميزة ، أو القدرات المتميزة Distinctive Competence و تحتاج خطة الأجور إلي تنظيم يعتمد التنسيق و التكامل بين الوظائف التي يتكون منها هيكل الوظائف و الهيكل التنظيمي للمنظمة , كما يحتاج نظام الأجور و الرواتب إلي توجيه و بما يحقق أهداف المنظمة في جذب و تحفيز و الاحتفاظ بالموارد البشرية الجيدة .
و أخيرا يستلزم الأمر عملية تقييم ورقابة فوظيفة اليوم هي ليست نفسها بعد سنة أو بضعة سنين خاصة مع التغيرات البيئية المتسارعة , اعتماداً و عند جمع الأنشطة الأربعة التخطيط و التنظيم و التوجيه و التقييم و الرقابة نجا بأنها تشكل الوظائف الأساسية لنشاط الإدارة الأمر الذي يبرر ان يطلق المرء مصطلح إدارة الأجور و الرواتب Wage And Salary Management في المنظمة و التي تتحكم بها مجموعة كبيرة من المسائل التي نحاول تلخيصها فيما يأتي :
1. الدفع علي أساس الأداء .
بالرغم من وجود شبه اتفاق علي ان المال ليس الدافع الأساسي للعمل إلا ان الدراسات الميدانية في الولايات المتحدة تؤكد علي ان الدفع للمال إذا ما تم ربطه بالأداء فانه يمكن ان يكون تحفيزيا , و تؤكد تلك الدراسات علي ان الدافع علي أساس الأداء يمكن ان يحفز باتجاه أداء أفضل بنسبة كبيرة و خاصة علي المستوى الفردي , كما تؤكد ذات الدراسات بان نفس الأسلوب يمكن ان يحسن الأداء علي مستوى التحفيز الجماعي , و تستنتج هذه الدراسات علي ان أسلوب الدفع علي أساس الأداء يمكن ان يؤدي إلي نتائج ايجابية في مجال الدافعية في ناحية نوع الأداء و إشاعة روح التنافسية التنظيمية , و تقترح تلك الدراسات بان هيكل الأجور و الرواتب المصمم علي أساس هذا الأسلوب يجب ان يبدأ من نقطة تحديد الأداء المعياري و تحديد مبلغ الاستحقاق علي هذا الأساس و من ثم زيادة التعويض عند تجاوز الأداء المعياري , لذا فان منظمات اليوم تجاوزت أنظمة الدفع التقليدية إلي خطط التحفيز الفردية و الجماعية و الحوافز علي أساس الفريق و التي
استفادت في استحداثها من الأنظمة التقليدية كالمشاركة في الإرباح و نظام الدفع بالقطعة و نظام الدفع علي أساس الساعة المعيارية , كما تخلط بعض منظمات الأعمال بين الأساليب التقليدية للدفع و الأساليب الحديثة في سبيل الوصول إلي أفضل نظام للدفع يرتبط بشكل موضوعي بالأداء , لهذا فقد تستخدم تعويض التنفيذ و المشاركة في اقتناء الأسهم .
و مهما يكن أسلوب الدفع علي أساس الأداء فان نجاحة يعتمد و بشكل اساسي علي مدى مشاركة العاملين للإدارة ( 1 ) مرحلة التصميم و ( 2 ) مرحلة الإدارة , فمثل هذه المشاركة يمكن ان تضمن علي الاقل قبول النظام و التكيف للتغيرات التي تحصل فيه عندما تستدعي الظروف اعادة النظر فيه.
خلاصة القول بان عملية بناء نظم الأجور لادارة الموارد البشرية تضع امام المنظمة مجموعة من أساليب الدفع علي أساس الأداء , و علي المنظمة ان تفاضل فيما بينها لاختيار أفضل بديل و بما يتناسب مع اعتبارات تخطيط و تصميم أنظمة الدفع فيها .