علاج مشكلة الإحباط النفسى ..
هو المرحلة المتقدمة من التوتر بحيث يصل بنا الأمر إلى حد الاستسلام والشعور بالعجز والرغبة في الانطواء. فالإحباط يؤثر بشكل سلبي على سلوكياتنا، فهو يعوق تقدمنا في مواصلة الحياة ويجعلنا نبدو مكبلين بالهموم وعاجزين عن الإنجاز.
ويحدث لنا الإحباط حين نتعرض لضغوط اجتماعية أو نفسية لا نستطيع مواجهتها؛ فتؤدي إلى التوتر ثم الاستسلام والشعور بالعجز وبالتالي إلى الإحباط. فحين تتراكم علينا المشاكل والعقبات والحواجز التي نفشل في التوصل إلى حل لها، كل ذلك يدفع بنا إلى الشعور بالإحباط.
والإحباط يعد من أخطر المشاكل التي يتعرض لها الإنسان بصورة مستمرة في حياته اليومية، ولذلك علينا عدم الاستسلام لهذه الحالة، ومن ذلك محاولة تهدئة أنفسنا بتغيير الجو وأخذ النفس العميق في الهواء الطلق ، أو القيام بالأشياء التي نحب القيام بها عادة في أوقات فراغنا، لأنها تنقلنا إلى حالة مزاجية أفضل، أو تفريغ المشاكل بالفضفضة إلى إنسان مقرب، ولا ضير أيضاً حتى في البكاء إذا أحسسنا بالرغبة في ذلك دون مكابرة، ولنذكر أنفسنا دائماً بأن دوام الحال من المحال، وأن الوقت كفيل بإنهاء هذه الحالة، ولنحرص أيضاً على الاهتمام بغذائنا، فتناول بعض الأصناف كالبروتينات وعسل النحل كفيل بالعمل كمضادات طبيعية للإحباط.
ويقصد بالإحباط في علم النفس، الحالة التي تواجه الفرد عندما يعجز عن تحقيق رغباته النفسية أو الاجتماعية بسبب عائق ما. وقد يكون هذا العائق خارجياً كالعوامل المادية والاجتماعية والاقتصادية أو قد يكون داخلياً كعيوب نفسية أو بدنية أو حالات صراع نفسي يعيشها الفرد تحول دونه ودون إشباع رغباته ودوافعه. والإحباط يدفع الفرد لبذل مزيد من الجهد لتجاوز تأثيراته النفسية والتغلب على العوائق المسببة للإحباط لديه بطرق منها ما هو مباشر كبذل مزيد من الجهد والنشاط، أو البحث عن طرق أفضل لبلوغ الهدف أو استبداله بهدف آخر ممكن التحقيق. وهناك طرق غير مباشرة، يطلق عليها في علم النفس اسم الميكانزمات أو الحيل العقلية mental mechanism وهي عبارة عن سلوك يهدف إلى تخفيف حدة التوتر المؤلم الناشىء عن الإحباط واستمراره لمدة طويلة وهي حيل لاشعورية. يلجأ إليها الفرد دون شعور منه. من هذه الحيل : الكبت، النسيان، الإعلاء، التعويض، التبرير، النقل، الإسقاط، التوجيه، تكوين رد الفعل، أحلام اليقظة، الانسحاب، والنكوص. وعندما يتكرر حدوث الإحباط لدى فرد ما فإنه يؤدي إلى مشاكل نفسية معقدة وخطيرة تستدعي العلاج وقد يكون الإحباط بناءاً في بعض الأحيان لأنه يدفع بالفرد لتجاوز الفشل ووضع الحلول الملائمة لمشاكله.
أعراض الاحباط:
1-فقدان الاهتمام بالسعادة سواء داخل الاسرة او بين الاصدقاء .
2-عدم القدرة على التركيز والتذكر .
3-الاحساس ببعض الالام العضوية بلا سبب واضح.
4-اضطراب النوم.
5-فقدان الشهية.
6-القلق الدائم .
7-فقدان الثقه بالنفس.
8-البكاء الدائم بدون سبب.
إن تفاعلنا الأولي مع أي عقبة قد يُشكّل نوعاً من الإحباط أو يبعث أفكاراً تدميره لا تنتج لنا عملاً إيجابياً. لذا علينا أن نغير نظرتنا إلى الوضع وأن نتعامل مع الإحباط ـ إن وجد ـ بالصورة التالية.
أولاً: الإحباط يدل على أنك بحاجة إلى أن تتخذ خطوة للوراء. كثير من الناس تشغلهم الأحداث الجزئية والجانبية عن الهدف الكلي والغاية الكبرى التي يسعى إليها، ولذلك على الإنسان أن يقف ويبتعد قليلاً عن الحدث كي ينظر إلى الصورة بشكل كامل. اتخذ وقتاً كافياً لإعادة تأكيد الهدف الأساسي وانظر هل لازلت تسير في الطريق الصحيح. فهذه الوقفة التأملية قد تكتشف فيها أنك قد سلكت طريقاً لم يخطر على بالك أنك قد تسلكه يوماً ما.
ثانياً: العقبات تعطي فرصة رائعة للعصف الذهني.
أحياناً عندما نضع الخطط ؛ فإننا مباشرة نفكر في الحل ونتجه إليه دون دراسة كافية للخيارات الممكنة. وعندما تصاب بالإحباط فإنك تتجه إلى العصف الذهني، وهي دراسة لجميع الحلول والخيارات الممكنة وبالتالي قد تكتشف طرق أكثر فعالية بقليل من الجهد والتفكير.
ثالثاً: الإحباط علامة بأنك بحاجة للراحة :
فبعض الأشخاص عندما يواجهون عقبات في الطريق فإنهم يضخمون هذه العقبات ويعطونها أكثر مما تستحق من الوقت والجهد، مما قد يسبب ضغط نفسي يحول بينه وبين إدراك الحل . وإعطاء النفس فترة من الراحة أمر ضروري، فالضغط النفسي قد يصور الأمر على غير حقيقته مما يتعذر على الإنسان اكتشاف الحل. فقد نبذل جهداً قوياً وعملاً شاقاً تجاه تحقيق أهدافنا أو مشروعاتنا ومع ذلك نجد الإخفاق، وأحياناً نلتصق بعمل ما حتى إننا لا نستطيع أن نرى عملاً غيره، ولا ندري لماذا؟ وهذه النقطة بالذات تجعل كثيراً من الناس يقلعون ويتركون أعمالهم التي شرعوا فيها، ولهذا إعطاء النفس قسط من الراحة أمراً ضرورياً للاستمرار.
رابعا: الإحباط فرصة للنجاح
إذا نظرت إلى الإحباطات التي تواجهها كفرص وخبرات اكتسبتها فإنك ستواصل في مسيرك وتتغلب على العقبات والمشاكل التي تواجهك. فليس هناك فشل مطلق؛ بل مع الفشل هناك خبرات ومعلومات حصلت عليها، فغالب الشر ينطوي على شيء من الخير، إننا نحتاج فقط أن نتعلم كيف نتعامل مع الإحباط. ونظرتنا وطريقتنا مهمة جداً في ذلك وقد قيل: "يرى المتشائم العقبات في كل فرصة، ويرى المتفائل الفرصة في كل عقبة" لذلك انظر إلى عملك بدقة ستجد على الأقل هناك شيئاً صحيحاً، وهذا رائع، عندها أسأل نفسك: كيف يمكن تطوير ذلك النجاح؟ بوضعك هذا السؤال فأنت أخرجت نفسك من الحالة السلبية المحبطة وعدت لتركز على الوضع الإيجابي، وبالتالي ستتغلب على المشاكل التي تواجهها بإذن الله تعالى.
إن سبب إحباطنا ـ أحياناً ـ هو في مكوثنا على حال واحد وعدم التغيير، ونظن أن هذا هو قدرنا ويجب علينا أن نرضى بهذا الواقع ونتعايش معه، وهذا في واقع الأمر سلب لقدرات الإنسان، فالإنسان إذا كان في وضع سيء فعليه أن يغير هذا الوضع فهو لن يخسر حالة حسنة. والحياة مكان للفرص ولن تنال الفرص إلا بالسعي والبحث عن هذه الفرص.
أسبابه :
1- أسباب مادية :
ويقصد بها الجوانب ذات الطابع المادي التي تحول دون الإشباع ، مثل الكوارث الطبيعية كالبراكين أو الزلازل أو الفيضانات ، أي كل ما يتناول الجانب المادي من حياة الإنسان .
2- أسباب اجتماعية :
هذه الأسباب تتعلق بالناحية الاجتماعية للفرد ، مثل الحد من الحرية أو الضغوط الاجتماعية والقوانين التي تحول بين الإنسان وأهدافه .
3- أسباب اقتصادية :
قد يكون الفقر من أهم العوامل التي تسبب الإحباط ، لأنه لا يمنح الإنسان الفرصة لتحقيق رغباته سواء المعيشية أو التعليمية وغيرها من الجوانب التي تحتاج للمال .
4- العيوب الذاتية :
وهي العيوب التي تتعلق بالإنسان نفسه من الناحية الجسمية ، فقد يعاني من إعاقات أو بدانه تمنعه من تحقيق دوافعه ، وقد يعاني من تواضع في قدراته العقلية يمنعه من تحقيق التفوق أو الإنجاز ، وقد يعاني من الخوف والخجل والإحراج مما يمنعه من الاختلاط بالآخرين ومواجهتهم .
كيف يواجه الإنسان الإحباط :
يواجه الإنسان الإحباط بأساليب مباشرة وغير مباشرة:
1- أساليب مباشرة :
أ - تغيير المجهود ومضاعفته :
هنا يقوم الإنسان بمضاعفة الجهد في سبيل التغلب على العوائق مما يمنحه القدرة والطاقة على تجاوز العقبات ، مثل زيادة الرياضة أو المذاكرة أو التدريب في مجال آخر .
ب - تغيير الطريقة :
عندما يكتشف الإنسان أن الطريقة التي أتبعها لم تكن نافعة يقوم باختيار طريقة أخرى للوصول للإشباع .
ج - تغيير الهدف :
في حالة فشل الطريقتين الأوليتين ، يقوم الإنسان بتغيير الهدف نفسه ، فقد يكون يأمل بالحصول على وظيفة معينة ولكنه لا يستطيع هنا يقوم بتغيير الهدف ، حتى يتخلص من عملية الإحباط
2- أساليب غير مباشرة :
في حالة فشل الطرق الثلاث المستخدمة ، تنتاب الإنسان حالة من القلق والتوتر مما يؤثر على سلوكه وتوافقه النفسي ، هنا يلجأ لحيل دفاعية لا شعورية تساعده على خفض حدة التوتر ، وتسمي الحيل العقلية
كيفيه التخلص من الاحباط:
1 ـ اتباع طريقة التنفيس أو التهدئة الذاتية بأخذ شهيق عميق وزفير بطيء.
2 ـ تفريغ المشاكل بالفضفضة مع صديق أو إنسان مقرب.
3 ـ البكاء إذا أحس الإنسان بالرغبة في ذلك دون مكابرة.
4 ـ الخروج إلى الأماكن العامة المفتوحة.
5 ـ تدريب النفس على استيعاب المشاكل اليومية، باسترجاع التجارب المشابهة التي مرت به وتغلب عليها فيثق في قدرته على تخطي الأزمة.
6 ـ تبسيط الضغوط النفسية، والثقة فى الله بأن أي مشكلة لها حل حتى وإن كان في وقت لاحق.
7 ـ ممارسة الهوايات؛ لأنها تنقل الشخص إلى حالة مزاجية أكثر سعادة.
8 ـ أن يترك الإنسان التفكير في مشاكله ويحاول إسعاد الآخرين, فيجد سعادته الغائبة وليس الإحباط.
9 ـ تذكر أن دوام الحال من المحال والثقة بأن الصبر كفيل بإنهاء هذه الحالة.
10 ـ الاهتمام بالغذاء،
الخاتمه:
إذا علمت أن بقاء الحال من المحال، فما تعيشه من لحظات إحباط فهي لن تدوم، وكلما أزداد الكرب والضيق قرب الفرج كما قال الله تعالى:" حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ".