تعد الهجرة إلى المدينة بداية نشوء التنظيمات المختلفة للدولة الجديدة ومن ضمنها نشأت التنظيمات المالية التي يتطلبها الوضع الجديد. قام النبي . ﷺ . بعدد من الأعمال ذات الصبغة المالية حال هجرته فأقام سوقا للمسلمين وأذن لهم أن يبيعوا ويشتروا فيه دون مقابل فقال: [هذا سوقكم لا يضربن أحد عليكم وكانت المؤاخاة ذات صبغة مالية إذ تقضى أن يشترك المتأخون في الأموال لتخفيف المعاناة عن المهاجرين واضطرارهم إلى ترك المال والأهل في مكة."
ونص الصحيفة التي كتبها النبي . ﷺ . بين مواطنى الدولة فى المدينة نجد عددا من المواد تتحدث عن التنظيمات المالية. قررت مواد هذه الصحيفة مبدأ التعاون في دفع الديات وفداء الأسرى والاشتراك في النفقات بين المؤمنين واليهود فى حالة تعرض المدينة إلى اعتداء خارجى إلى غير ذلك من التنظيمات التي كانت نواة للنظام المالى الجديد للدولة الإسلامية .
وبدأت الأموال ترد على المسلمين بعد نشوء دولتهم فى المدينة نتيجة الانتصارات الحاسمة التي حققها المسلمون فى عدد من المعارك وفرض الإسلام على رعايا الدولة الإسلامية مجموعة من التكاليف المالية شكلت في مجملها إيرادات الدولة الجديدة. فكانت الغنيمة والفيء من أوسع أبواب هذه الإيرادات. يقول الصنعاني: الفيء والغنيمة مختلفان:
أصل الغنيمة: مما أخذ المسلمون فصار في أيديهم من الكفار والخمس في ذلك إلى الأمير يضعه حيثما أمر الله والأربعة أخماس الباقية للذين غنموا الغنيمة.
والفيء: ما وقع من صلح بين الإمام والكفار في أعناقهم وأرضهم وزرعهم وفيما صولحوا عليه مما لم يأخذه المسلمون عنوة ولم يقهروه عليه حتى وقع فيه بينهم صلح وذلك للإمام يضعه حيث أمر الله."
وأول غنيمة غنمها المسلمون بعض العير لقريش تعرضت لها سرية عبد الله ابن جحش بالقرب من نخلة بين مكة والطائف وتحمل زبيبا وأدما وتجارة أصابها عبد الله وأسر رجلين من رجالها أخذهما إلى رسول الله . ﷺ . وقد تم افتداء هذين الأسيرين بمبالغ نقدية بلغت أربعين أوقية لكل منهما، والأوقية: أربعون درهما فيكون مجموع الفداء 3200 درهم أضيف إلى المغانم". وتشير الروايات إلى أن النبي . ﷺ . كره ابتداء هذا الفعل لأنه وقع في الأشهر الحرم ولكن الآيات نزلت تؤيد فعل عبد الله وترفع الحرج عن المؤمنين.
أما الغنائم التي غنمها المسلمون في بدر فكانت أول غنيمة غنمها المسلمون بعد اصطدام مباشر مع قريش حيث غنم المسلمون سلاحا وأموالا وأسروا سبعين رجلا من كفار قريش، فلما تنازع المسلمون في قسمتها نزلت الآيات تجعل أمر الغنائم إلى رسول الله . ﷺ . " ويروى ابن إسحاق أن النبي . ﷺ . قسم هذه الغنائم بين المسلمين بالسوية ثم نزلت آية الخمس" كما يذكر ابن سلام في كتابه الأموال." ويرى ابن كثير أن غنائم بدر قسمت بعد نزول آية الخمس فيقول : والواقع أن غنائم بدر خمست كما هو قول البخاري وابن حجر والطبري وهو الصحيح الراجح ".
أما الأسرى فقد تم افتداؤهم بمبالغ مالية مناسبة وذلك حسبما أشار أبوبكر إذ قال: [نأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذنا منهم لنا قوة وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضدا]." وقد تراوح فداء الأسير بين أربعة ألاف درهم وألف درهم إلا الفقراء فقد عفى عنهم النبي . ﷺ . مقابل تعليم أبناء الأنصار القراءة والكتابة. يقول الواقدي: حدثني إسحاق بن يحيى قال: [سألت نافع بن جبير: كم كان الفداء: فقال: أرفعهم أربعة ألاف درهم إلى ثلاثة ألاف إلى ألفين إلى ألف درهم للرجل إلا من لا شيء له فمنّ رسول الله عليه].
وهكذا فقد أصبحت الغنائم بعد بدر تقسم أخماسا خمسها لرسول الله يضعه حيث يشاء والأربعة أخماس الاخرى توزع على المجاهدين وأول إشارة عن ملامح التنظيم الإدارى الذى يقوم على حفظ المال العام في بدر، فقد استعمل النبي . ﷺ . عبد الله بن كعب بن النجار على أنفال بدر قبل قسمتها" واستعمل على الأسرى غلاما له يدعى شقران ثم استعمل على قسمة الغنائم محيمة بن جزء بن عبد يغوث.
وقد سمى من يقوم بهذه المهمة فيما بعد باسم صاحب الغنائم وكان هؤلاء الثلاثة من أوائل من عين فى الجهاز الإدارى المالى فى عهد الرسول . ﷺ ..
وبعد غزوة بدر نقض يهود بني قينقاع العهد مع المسلمين فحاصرهم النبي . ﷺ . حتى نزلوا على حكمه فرحلوا من المدينة إلى الشام وغنم المسلمون أموالا وسلاحا والات صياغة ولم يكونوا أصحاب أرض بل اشتهروا بالصناعة ولا سيما صناعة الحلى والمجوهرات. فقسم النبي . ﷺ . هذه الغنيمة بعد أخذ خمسها على المجاهدين المشتركين في الغزوة.
وأول أرض تملكها المسلمون كانت أرض مخيريق اليهودي الذى أوصى بها للرسول . ﷺ . فأخذها الرسول . ﷺ . بعد مقتله في أحد وجعلها صدقة على المسلمين.“ وافتتح المسلمون أرض بني النضير" دون إيجاف خيل أو ركاب اعتبرت فيئا." وأشارت الآيات إلى ذلك ﴿ وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾ [الحشر : 6]. فصارت هذه الأموال فيئا خالصا لرسول الله . ﷺ . يضعه حيث يشاء.
فأعطى بعد المشاورة بعضها للمهاجرين ليغنيهم ويلحقهم بالأنصار ولم يأخذ الأنصار من هذا الفيء إلا رجلين من الأنصار أعطاهما لسد حاجاتهما وخصص باقي الأراضي وهى سبعة حوائط لنفقات الرسول . ﷺ ..
ولحاجة أهله وما بقى جعله النبي . ﷺ . فى الكراع والسلاح عدة في سبيل الله. ويقصد بالكراع من البقر أو الغنم: مستدق الساق. مذكر ومؤنث. ومن الدواب: ما دون الكعب. ومن الإنسان: ما دون الركبة من مقدم الساق إلى الكعب.
وفى شوال في السنة الخامسة للهجرة نقض يهود بني قريظة العهد مع رسول الله . ﷺ . وحالفوا المشركين في وقعة الأحزاب " حاصرهم النبي . ﷺ . حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم بقتل مقاتلتهم وسبى نسائهم وذراريهم وأخذ أموالهم." فحكم النبي . ﷺ . بذلك وقسم أموالهم غنيمة بين المسلمين، فكان للفارس ثلاثة أسهم للفرس سهمان ولفارسه سهم وللراجل سهم واحد ومضت هذه السنة في تقسيم الغنائم منذ ذلك اليوم في مغازي الرسول . ﷺ ..
وفي السنة السادسة للهجرة غنم المسلمون غنائم من بني المصطلق فقسمها النبي . ﷺ . على المجاهدين الذين شاركوا فيها." وفى السنة السابعة للهجرة غزا رسول الله . ﷺ . خيبر وغنم من أموالها وأشارت الآية الكريمة إلى ذلك: ﴿ وَعَدَكُمُ اللهُ مَعَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَلَ لَكُمْ هذه ﴾. [ الفتح : 20]. فخمس رسول الله . ﷺ . خيبر ثم قسم سائرها بين المجاهدين.
أما أرض أهل خيبر فقد سأله أن يبقيها بأيديهم ويعاملهم على نصف الثمر ثم قال لهم: [نقركم ما أقركم الله على أنا إذا شئنا إخراجكم أخرجناكم]." وبقيت في أيديهم طيلة حياة النبي . ﷺ . وطيلة خلافة أبى بكر الصديق ثم جاء عمر فنزعها من أيديهم وأخرجهم من جزيرة العرب." ويظهر في هذه الغزوة وظيفة إدارية مالية أخرى: فقد استعمل النبي . ﷺ . عبد الله ابن رواحة على خرص الثمر بينه وبين يهود خيبر واستيفاء نصفه كل سنة " فخرص عبد الله بن رواحة خيبر أربعين ألف وسق."
و كان عبد الله بن رواحة خبيرا بخرص الثمر ووجوده فى يثرب وهى أرض ثمر وزراعة قد أكسبه هذه الخبرة فاختاره النبي . ﷺ . للقيام بهذه المهمة، وفى هذا دلالة على تقديم أصحاب الخبرة على غيرهم في مثل هذه الوظائف. وذكرت الروايات أن عبد الله كان حاذقا حازما في خرصه نزيها عادلا في حكمه فحاول اليهود أن يرشوه فأهدوا إليه مالا فرده عليهم وقال: [لم يبعثنى النبي . ﷺ . لأكل أموالكم وإنما بعثنى لأقسم بينكم وبينه] ثم قال: [إن شئتم عملت وعالجت وكلت لكم النصف وإن شئتم عملتم وعالجتم وكلتم النصف] فقالوا: [بهذا قامت السماوات والأرض].
والخرص هو: أن ينظر أهل الخبرة إلى النخل ـمثلاً، بعد ظهور صلاح البلح، وينظر كم يأتي منه من التمر؟ ويتم إخراج الزكاة على ذلك، فهو نوع من الظن والتخمين من غير إحصاء دقيق للمال وفى فترة لاحقة بعد استشهاد عبد الله في مؤتة بعث النبي . ﷺ . سهل بن خيثمة والصلت بن معد يكرب وفروة بن عمرو فخرصوا ثمر في سنين متعاقبة." واستعمل النبي ﷺ فروة بن عمر وعلى غنائم خيبر حتى قسمها على مستحقيها" وأن هذه المعاملة ليهود خيبر قد استهوت بقية المناطق في شمال الجزيرة.
فعندما علم أهل فدك بذلك طلبوا مصالحة النبي . ﷺ . على ما صالح عليه أهل خيبر. فبعث النبي . ﷺ . إليهم محيصة بن مسعود فصالحهم تاركا الأرض بأيديهم معاملة على نصف ما تخرج من ثمر " وصارت فدك فيئا خالصا للرسول . ﷺ . يضعه حيث يشاء لأنه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب." وفى السنة السابعة للهجرة أتى النبي . ﷺ . وادى القرى وفتح عنوه. وغنم الرسول . ﷺ . الأموال والمتاع والأثاث فخمس الرسول . ﷺ . ذلك وتركت الأرض بيد أهلها وعاملهم على أساس ما عامل به أهل خيبر وأهل فدك." وهكذا أن النبي . ﷺ . قد اتخذ بعض التدابير العملية بالنسبة إلى الأرض التي دخلت في نطاق الإسلام في الجزيرة العربية عادة تدابير تناسب وضع الأمة الجديدة ومهمتها في الحصول على الأراضي وتوفر الأيدي العاملة.
لقد أصبحت الأراضي التي دخلها الإسلام في حياة الرسول . ﷺ . عشرية أى فرض عليها العشران كانت تروى بصورة طبيعية.
ويؤخذ عليها نصف العشر إن كانت تسقى بطريق الابار والقنوات والأنهار." وفى رمضان في السنة الثامنة للهجرة تم فتح مكة ولم يغنم النبي . ﷺ . مالا إذ من على أهلها وقال وفى فترة لاحقة بعد استشهاد عبد الله في مؤتة بعث النبي . ﷺ . سهل بن خيثمة والصلت بن معد يكرب وفروة بن عمرو فخرصوا ثمر في سنين متعاقبة. " واستعمل النبي . ﷺ . فروة بن عمر و على غنائم خيبر حتى قسمها على مستحقيها " وأن هذه المعاملة ليهود خيبر قد استهوت بقية المناطق في شمال الجزيرة ] فعندما علم أهل فدك بذلك طلبوا مصالحة النبي . ﷺ . على ما صالح عليه أهل خيبر. فبعث النبي . ﷺ . إليهم محيصة بن مسعود فصالحهم تاركا الأرض بأيديهم معاملة على نصف ما تخرج من ثمر.
وهكذا أن النبي . ﷺ . قد اتخذ بعض التدابير العملية بالنسبة إلى الأرض التي دخلت في نطاق الإسلام في الجزيرة العربية عادة تدابير تناسب وضع الأمة الجديدة ومهمتها في الحصول على الأراضي وتوفر الأيدي العاملة.
لقد أصبحت الأراضي التي دخلها الإسلام في حياة الرسول . ﷺ . عشرية أي فرض عليها العشران كانت تروى بصورة طبيعية. ويؤخذ عليها نصف العشر إن كانت تسقى بطريق الآبار والقنوات والأنهار." وفى رمضان في السنة الثامنة للهجرة تم فتح مكة.
ولم يغنم النبي . ﷺ . مالا إذ من على أهلها وقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء وقد وقعت غزوة حنين فغنم منها المسلمون مغانم كثيرة من الأغنام والسبي والأموال ذكر اليعقوبي: أن المسلمين قد غنموا اثنى عشر ألف ناقة.
وقال الواقدي: كان السبي ستة الاف وكانت الإبل أربعة وعشرين ألف بعير وكانت الغنم لا يدرى عددها قد قالوا أربعين ألفا وكان الرسول . ﷺ . قد غنم فضة كثيرة أربعة الاف أوقية أي ما يقارب مائة وستين ألف درهم." وأما الغنائم المنقولة من الأموال والإبل والغنم فقد خمست هذه الغنائم ووزعت بقية الأخماس على المقاتلين باستثناء الأنصار وأعطى النبي . ﷺ . بعض المؤلفة قلوبهم من الخمس.
ومصلحة الأمة المسلمة كانت العامل الأول المتبع في توزيع غنائم حنين فقد أراد النبي . ﷺ . أن يستميل قلوب رجالات قريش الذين أسلموا حديثا كما أراد أن يستميل قلوب زعماء القبائل من أمثال الأقرع بن حابس وأبى سفيان بن حرب وغيرهم." أما الذين يأخذون من أموال الغنيمة والفيء من غير المحاربين فكانوا عدة أصناف منهم النساء والصبيان والعبيد.
فذكر ابن إسحاق أنه شهد مع رسول الله . ﷺ . خيبر نساء من نساء المسلمين فرضخ لهن." وقال عمير مولى أبى اللخم [شهدت خيبر وأنا عبد مملوك لما فتحها النبي . ﷺ . أعطاني سيفا فقال: تقلد هذا وأعطاني من فرث المتاع ولم يضرب لي بسهم]." وللشهداء نصيب من غنيمة الغزوة التي شاركوا فيها يعطى لذريتهم فقد ضرب الرسول . ﷺ . لمن استشهد في بدر من الغنيمة منهم سعد بن خيثمة يقول ابنه عبد الله: أخذنا سهم أبى الذى ضرب له رسول الله . ﷺ . حين قسم الغنائم وحمله إلينا عويمر بن ساعدة وضرب الرسول . ﷺ . لرجلين قتل أحدهما ومات الاخر لكل منهما بسهم في غنائم بني قريظة وأسهم لرجل من المسلمين قتل بخيبر."
يقول الأوزاعي: إن رسول الله . ﷺ . أسهم لرجل من المسلمين قتل بخيبر فاجتمعت أئِمة الهدى على الإسهام لمن مات أو قُتل " أما النساء والصبيان الذين يحضرون الغزوات فيساهمون في جلب الماء وإسعاف الجرحى فكان يرضخ لهم من الغنيمة " قالت امرأة من غفار: شهدت مع رسول الله خيبر فرضخ لنا رسول الله . ﷺ . من الفيء، فأخذت هذه القلادة في عنقى فأعطانيها.
وتعد الجزية موردا مهما من موارد بيت المال وهى تتعلق بالأعباء المالية لغير المسلمين في المجتمع الإسلامي بوصفهم جميعا أبناء وطن واحد ينعمون به ويتحملون تبعاته واختلف في أول جزية أخذها الرسول . ﷺ . فذكر الزهري أن أول من أعطى الجزية أهل نجران.
وفي رواية للشعبي أن أول ما فرض الرسول صلى الله وقد أخذت الجزية في السنة التاسعة بعد أن نزلت الآية: ﴿ قاتِلُوا اللَّذينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحْرَمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينون دين الحق مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكتاب حتى يُعْطُوا الجزيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُم صَاغِرُونَ ﴾. [التوبة : 26]. وأن النبي . ﷺ . تجهز للقاء الروم في تبوك ولكنه لم يجد أحدا فصالح أهلها على دفع الجزية " وقدم عليه وهو في تبوك يحنه بن روبة صاحب أيلة فصالحه على دفع ثلاثمائة دينار كل سنة وأن يضيفوا من مر بهم من المسلمين ثلاثا وكان عددهم يومئذ ثلاثمائة رجل." وصالح النبي . ﷺ . أهل أذرح على مائة دينار في كل رجب وصالح أهل جرباء على الجزية. وصالح أهل مقنا على ربع ثمارهم وكتب لهم النبي . ﷺ . كتابا بذلك." ثم جاء خالد بن الوليد بأكيدر الكندي ملك دومة الجندل أسيرا فحقن النبي . ﷺ . دمه وصالحه على دفع الجزية."
وجاءت بعض وفود العرب إلى النبي . ﷺ . معلنة إسلامها ، فأقرهم النبي . ﷺ . على ما أسلموا عليه من أموالهم وأرضهم ووجّه إليهم عماله يعلمونهم الإسلام وكان النبي . ﷺ . يرسل إلى ولاته كتبا يفصل لهم فيها أحكام الجزية. وأرسل النبي . ﷺ . إلى معاذ بن جبل واليه على اليمن كتابا جاء فيه: [ومن كان على يهوديته أو نصرانيته فإنه لا يفتتن عنها وعليه الجزية، وعلى كل حالم دينار واف أو قيمته من المعافر أو عوضه ثيابا].
وصالح النبي . ﷺ . أهل تبالة وجرش وجعل على كل حالم من أهلها دينارا واشترط عليهم ضيافة المسلمين وأقرهم على ما أسلموا عليه." وفى السنة العاشرة جاء وفد نجران فصالحهم النبي . ﷺ . على الجزية وكانت تشمل ثيابا وسلاحا وضيافة " ودخل اليهود مع النصارى في الصلح.
والقران لم يشرع تشريعا مفصلا في الجزية وأن ما اتخذ من إجراءات عملية كانت عبارة عن مجموعة تدابير تتصف بالمرونة وبمراعاة مقتضى الحال فقد راعى طريقة خضوع البلاد بالقوة أو الصلح ولاحظ حالتهم المعيشية وقدرتهم المالية والمحصول أو الصناعة التي اشتهروا بها." وذكر ابن سلام أن أموال الجزية كانت ترد على العاصمة: فيقوم النبي . ﷺ . بتوزيعها على مستحقيها. وذكرت الروايات أن أبا عبيده بن الجراح أتى بمال من البحرين فوضعه في المسجد حتى وزعه النبي . ﷺ ..
وتعد الزكاة من أهم موارد بيت مال المسلمين فرضت في السنة الثانية من الهجرة لتكون أحد أركان الإسلام الخمسة وقرنت في القران الكريم بالصلاة." والاطلاع على مصادر الحديث حذر النبي . ﷺ . منه وحث على أدائها تطهيرا للنفس من الشح والبخل وإعانة للمحتاجين والفقراء." ويظهر أن النبي . ﷺ . قد أنشأ جهازا إداريًا كبيرا لجمع الزكاة وصرفها وكان ينفق على هؤلاء من واردات الزكاة ذاتها. وقام النبي . ﷺ . بتدريب عماله على الصدقات حتى أصبحوا مثالا للنزاهة والشرف والأخلاق في العمل." فذكر ابن سلام ما جاء في كتابه إلى معاذ بن جبل وهو في اليمن حيث جاء فيه: [إن الله فرض عليكم من أموالكم صدقة ، فإن أطاعوك فإياك وكرائم أموالهم وإياك ودعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ولا ستر].
وكتب النبي . ﷺ . مجموعة من الكتب إلى قبائل العرب بيّن فيها فرائض الصدقة وشروطها." وتحصيل وتوزيع الزكاة تطلب من الدولة دقة اختيار العاملين بحيث تتوافر فيهم خشية الله ويقظة الضمير وحسن السيرة. قال النبي . ﷺ . معظما شأن هذه الوظيفة: [العامل على الصدقة بالحق كالغازي في سبيل الله].
ذكرت المصادر عددا كبيرا من عمال الصدقات الذين بعثهم النبي . ﷺ . إلى الجهات المختلفة من الدولة فبعث المهاجر بن أبي أمية إلى صنعاء وزياد ابن لبيد الأنصارى إلى حضرموت وعدى بن حاتم إلى قبيلة طيّئ وعمرو بن العاص إلى عمان حيث تقطن قبيلة أزد، وخالد بن سعيد إلى مراد، وعلى بن أبى طالب إلى نجران على الصدقات والجزية ومعاذ بن جبل إلى اليمن على الصدقات والجزية وعمرو بن حزم إلى نجران على الصدقات والأخماس."
والنبي . ﷺ . بعث أبا سفيان بن حرب وعمرو بن حزم إلى نجران: وبعث مالك بن نويرة على صدقات بني حنظلة وفرق صدقات بنى سعد على رجلين منهم فبعث الزبرقان بن بدر على ناحية منها وقيس بن عاصم على ناحية أخرى وبعث ابن اللتبية إلى بني سليم وأبا موسى الأشعرى على صدقات عدن والساحل والعلاء بن الحضرمي إلى البحرين على الصدقات والجزية وأبان بن سعيد على البحرين بعد العلاء وعبد الرحمن بن عوف على صدقات كلب وعتبة ابن حصن على صدقات فزارة والوليد بن عقبة على صدقات بني المصطلق والحارث بن عوف على بنى مرة ومسعود بن رحيلة على أشجع وبنى عبد الله بن غطفان وبني عبس والأعجم بن سفيان البلوى على عذرة وسلامان وبلى من جهينة وقيس بن عاصم المنقري على قضاعة وبطون أسد وغطفان بن صعصعة وعباس بن مرداس على بني سليم وعجز هوازن جشم ونصر وثقيف وسعد بن بكر وحذيفة بن اليمان على صدقات أزد دباء فيما بين عمان والبحرين.
من خلال جريدة الأسماء التي أوردتها المصادر مقدار حجم هذا الجهاز العاملين عليها الذي كان يقوم بجمع الأموال المستحقة على أموال المسلمين أن ولاية الصدقات قد تجمع لشخص واحد مثل عمرو بن حزم على البحرين أو تجميع ولاية الصدقات والجزية لشخص واحد مثل على بن أبى طالب ومعاذ بن جبل.