إدارة الموارد البشرية هي إدارة القوى العاملة للمنظمات أو الموارد البشرية. وتختص بجذب الموظفين والاختيار، التدريب، التقييم ومكافأة الموظفين، وأيضاً متابعة قيادة المنظمة والثقافة التنظيمية والتأكد من الامتثال بقوانين العمل. في حالات يكون الموظفون راغبين في إجراء مفاوضات جماعية، كما أن إدارة الموارد البشرية يكون دورها التواصل المبدئي مع ممثلي الموظفين [في العادة اتحادات العمال.

وأما إدارة الموارد البشرية الإسلامية: فهي عملية الاستقطاب وتعزيز أداء الموظف بناء على المبادئ التوجيهية للقرآن والسنة من خلال التخطيط والتوظيف والاختيار والتوجيه والتدريب والتطوير الوظيفي، يلاحظ من هذا التعريف أنه مشتق من الشريعة الإسلامية الغراء، مما يؤكد على أن الإسلام هو منهج وقانون كامل وشامل للحياة بكافة جوانبها الروحية والمادية. فقد أشار القرآن الكريم والسنة النبوية في العديد من السور والأحاديث إلى الصدق والعدالة في العمل والتجارة وحدد مسؤوليات العامل ومسؤوليه، وحدد العلاقة بينهما، ودعا إلى التوزيع العادل للثروات في المجتمع، والعدالة في تقييم الأداء والحوافز والأجور، كما دعا إلى اكتساب المهارات والتكنولوجيا والتطور في العمل وإتقانه وأثنى بشدة على الساعين من أجل كسب لقمة العيش.

والدافع الأساسي للاهتمام بالموارد البشرية في الفكر التقليدي ناتج عن سعي المؤسسة إلى تحقيق أكبر ربح ممكن، في حين الدافع الإسلامي للاهتمام بالموارد البشرية جاء أساساً من اهتمام الإسلام بالإنسان، لأنه خليفة الله في الأرض، ورفع الإسلام من قيمة العمل عالياً واعتبره قيمة دينية وحضارية ويحتل أعلى المراتب في سلم القيم. وأن تجريد العمل من طابعه ودوره الإسلامي والقيمي أفقده أن يكون أكبر وازع يصلح الخلل ويستدرك القصور في المؤسسات والشركات الخدمية والإنتاجية، في حين اتحاد الجانب الروحي مع الجانب المادي لدى الأفراد يزيد من فعاليتهم، لذلك على إدارة الموارد البشرية في منظمات الأعمال أن تولى الجانب الروحي والأخلاقي المزيد من الاهتمام فيها.

ومن الأمثلة المستمدة من القرآن الكريم، نجد قول الله تعالى في سورة الحجرات: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ . [الحجرات : 11]. ويمكن فهم هذه الآية على أنها تحث على الاحترام المتبادل بين الناس، وعدم التفرقة بينهم بناءً على أي معيار من الأعراق أو الجنس أو المناصب الاجتماعية.

وهذا ينطبق على إدارة الموارد البشرية في المؤسسات، حيث يجب تطبيق المعايير نفسها على العاملين بغض النظر عن جنسهم أو عرقهم أو مكانهم في المؤسسة.

ومن الأمثلة المستمدة من السنة النبوية، نجد أن النبي . ﷺ . كان يهتم بتعليم الصحابة العلوم والمهارات اللازمة للقيام بالأعمال الإدارية. فقد أمر النبي . ﷺ . أحد الصحابة بإدارة مدينة المدينة المنورة، وكان يعلمه كيفية إدارة المدينة وحل المشاكل والصعوبات التي تواجهه. وبهذا يمكن فهم أن إدارة الموارد البشرية في الإسلام تشجع تدريب وتأهيل العاملين لتنمية مهاراتهم وقدراتهم، وبالتالي تحسين أدائهم في العمل وزيادة إنتاجيتهم.

ولنا في سيرة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - الف مثال على حسن إدارة الموارد البشرية في الإسلام، حيث كان يستعمل عماله بمبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب. وغيره من الخلفاء من بعده حيث كانوا يطبقون أفضل مبادئ إدارة الموارد البشرية قبل أكثر من ألف سنة.

وقد اهتم الإسلام أيضاً بمفهوم العمل، فعن أنس أن رجلا من الأنصار أتى النبي . ﷺ . يسأله، فقال: " أما في بيتك شيء؟ "، فقال: بلى حلس نلبس بعضه، ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه من الماء، قال: " آتني بهما " فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله . ﷺ . بيده، وقال: " من يشتري هذين؟ ". قال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: " من يزيد على درهم؟ " مرتين أو ثلاثا، قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، فأخذ الدرهمين، فأعطاهما الأنصاري، وقال: " اشتر بأحدهما طعاما، فانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدوما، فاءتني به، فأتاه به، فشد فيه رسول الله . ﷺ . عودا بيده، ثم قال: " اذهب، فاحتطب، وبع، ولا أرينك خمسة عشر يوما". فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاءه، وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما، فقال رسول الله . ﷺ .: " هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع ".[رواه أبو داود، وروى ابن ماجه إلى قوله : " يوم القيامة  .["

بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الإسلام أن العامل له حقوق وواجبات، ويجب أن تحترم هذه الحقوق وتلتزم بتحقيقها، مثل حق العامل في الحصول على أجره بالمقابل العادل عن العمل الذي يقوم به، وحق العامل في الحصول على بيئة عمل آمنة وصحية، وحق العامل في الحصول على فرص تطوير الذات وتقدمه المهني. ومن هذه الحقوق والواجبات تنشأ مبادئ إدارة الموارد البشرية في الإسلام.

وبشكل عام، يمكن القول أن إدارة الموارد البشرية في الإسلام تتميز بالتوازن بين حقوق العاملين ومصالح المؤسسة، وتشجع على التعلم والتدريب والتطوير المستمر، وتحترم حقوق العاملين وتلتزم بتحقيقها.

 

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 57 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,754,242

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters