المستوى الأول: استراتيجية المنظمة:

استراتيجية المنظمة في إدارة الجودة الشاملة تمثل الركيزة الأساسية لتحقيق التميز والجودة في العمليات والمنتجات أو الخدمات التي تقدمها المؤسسة. ويتمثل هذا المستوى في التفكير الاستراتيجي الذي يتم تبنيه من قبل القيادة العليا للمنظمة ويُعَدُّ جزءاً أساسياً من رؤيتهم للمستقبل والأهداف الطويلة الأمد التي يسعون لتحقيقها.

ويعد الهدف من هذه الاستراتيجية هو تحويل فلسفة الجودة إلى عملية شمولية ومستدامة، حيث يشعر كل فرد في المنظمة بالمسؤولية تجاه الجودة ويتفهم أهميتها. وتلعب الإدارة العليا دورًا حيويًا في هذا السياق، حيث تمتلك القدرة على وضع الرؤية والأهداف وتحديد الاتجاهات التي يجب أن تتبناها المنظمة لضمان تحقيق الجودة والتميز. وهذه الاستراتيجية تُشير إلى أن التفكير في الجودة وتحقيقها ليس مجرد مسؤولية محدودة إلى فريق معين أو قسم داخل المنظمة، ولكنها تمثل جزءاً لا يتجزأ من الهوية والثقافة التنظيمية.

 على سبيل المثال ويعد أكبر مثال على استراتيجية المنظمة في إدارة الجودة الشاملة هو مؤسسة تويوتا اليابانية. وقد اعتمدت تويوتا اعتمدت استراتيجية جودة شاملة، حيث ركزت على تحقيق التميز في الجودة وتحسين العمليات بشكل مستمر.

قامت تويوتا بتطبيق نهج الجودة الشاملة على مستوى المنظمة بأسرها. لم تكن الجودة مسؤولية فقط لقسم الإنتاج، بل كانت مسؤولية لجميع العاملين في المنظمة، بدءًا من العمال في خط الإنتاج وحتى القيادات العليا. واعتمدوا على مفهوم "كايزن"، الذي يعني التحسين المستمر، وشجعوا جميع الموظفين على المشاركة في تحسين العمليات وزيادة الجودة.

المستوى الثاني: وحدات الأعمال:

حيث ظهر هذا المستوى في حالة المنظمات التي تتصف بتعدد منتجاتها، إذ يتم تخصيص وحدة أعمال لكل منتج أو مجموعة منتجات متشابهة ويطلق عليها وحدات الأعمال الاستراتيجية في المستوى الثاني من إدارة الجودة الشاملة، تنقسم المنظمة إلى وحدات أعمال مختلفة، وتخصص وحدة أعمال لكل منتج أو مجموعة منتجات ذات صلة. ويحدث تجزأ للخطة الاستراتيجية الكبرى إلى مجموعة من الخطط الصغيرة المُخصصة لكل منتج أو مجموعة منتجات.

في هذا المستوى، يُمنح كل وحدة عمل استقلالية نسبية في اتخاذ القرارات بما يخص المنتجات التي تديرها. ويُعتبر هدف وحدات الأعمال الاستراتيجية هو ضمان تحقيق الجودة المطلوبة للمنتجات والخدمات التي تقدمها. وتبدأ العملية برسم سياسات واضحة تحدد المعايير والمبادئ التوجيهية لضمان الجودة. وتُوضع خطط تنفيذية تحدد كيفية تحقيق هذه السياسات، بما في ذلك العمليات التي يجب أن تُنفَّذ والموارد المطلوبة.

كما يجب أن تكون هذه الخطط متوافقة مع الاستراتيجية الكلية للمنظمة، وتعكس الرؤية الشاملة والأهداف المحددة على مستوى المنظمة ككل. بالتالي، ويتطلب هذا المستوى تنسيقًا جيدًا بين وحدات الأعمال المختلفة لضمان أن جميع الجهود تسعى نحو تحقيق نفس الأهداف الاستراتيجية والجودة المطلوبة. وهذا يتطلب أيضًا استمرارية في مراقبة وتقييم الأداء لضمان تحقيق الأهداف والالتزام بالمعايير المحددة.

مثال على مستوى وحدات الأعمال في إدارة الجودة الشاملة يمكن أن نجده في شركة "بيبسيكو" (PepsiCo). تُعتبر PepsiCo شركة ذات نطاق واسع للمنتجات، حيث تنتج مجموعة متنوعة من المشروبات والوجبات الخفيفة. وفي شركة PepsiCo يُمنح كل منتج أو فئة منتجات استقلالية نسبية عبر وحدات الأعمال الاستراتيجية. على سبيل المثال، لديهم وحدة عمل مخصصة لمشروبات الصودا (مثل بيبسي وماونتن ديو)، ووحدة عمل للوجبات الخفيفة (مثل دوريتوس وتويتوس)، ووحدة عمل للمياه المعدنية (مثل أكوافينا)، وهكذا.

كل واحدة عمل تتخذ قراراتها المستقلة بناءً على متطلبات المنتجات التي تُنتِجها. تطبق هذه الوحدات سياسات الجودة والمعايير الخاصة بها لضمان أن المنتجات تلبي التوقعات والمتطلبات المحددة. وتُعتمد خطط الجودة والمراقبة على مستوى كل وحدة عمل بحيث تتناسب مع الخصائص الفريدة للمنتجات التي تديرها كل وحدة.

المستوى الثالث: وظائف المنظمة:

 في هذا المستوى يتم التركيز عند تطبيق إدارة الجودة الشاملة من خلال تحديد الوظائف الرئيسية في المنظمة مثل (الإنتاج والتسويق والمالية والموارد البشرية) وكيفية تحقيق الجودة في هذه الوظائف بحيث أن كل وظيفية يقع على عاتقها جزء من تطبيق إدارة الجودة الشاملة. ويُشدد على كيفية تحقيق الجودة في هذه الوظائف وكيفية تنفيذ مبادئ إدارة الجودة الشاملة في كل جانب من جوانب عمل المؤسسة.

في إدارة الإنتاج والعمليات، يُعمل على تحقيق الجودة من خلال تحديد وتطبيق عمليات إنتاجية محسَّنة ومبتكرة. يُمكن استخدام أدوات مثل تقنيات التحليل الإحصائي ونظام إدارة الجودة الشاملة (مثل أيزو 9001) لرصد العمليات وتحسينها بشكل مستمر. ويُركز على تعزيز الكفاءة وخفض الفاقد وزيادة الإنتاجية بدون التأثير على جودة المنتج النهائي.

في إدارة التسويق، تكون الجودة تجليًا للعلامة التجارية والمنتجات المقدمة. ويُهتم بفهم احتياجات الزبائن ورغباتهم، ويُضع خطط تسويقية تستهدف الجمهور الصحيح بالسعر المناسب وجودة التصميم. ويُستخدم تحليل السوق والبيانات لتحديد الاحتياجات وتطلعات الزبائن، ويُضبط النهج التسويقي ليتناسب معها. تُطبَّق استراتيجيات ترويجية مثل التسويق الاجتماعي والتسويق الرقمي للوصول إلى جمهور أوسع وتعزيز الفهم للعلامة التجارية.

في مجال الإدارة المالية، تُركَّز على كفاءة إدارة الموارد المالية للمؤسسة بطريقة تساهم في تحقيق الجودة والاستدامة. ويُحسَّن التخطيط المالي وإدارة التكاليف والاستثمارات لضمان الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة.

أخيرًا، في إدارة الموارد البشرية، تُشجع على تنمية المهارات والقدرات لدى الموظفين بما يتناسب مع متطلبات الجودة والتميز. وتُقيَّم وتُحفَّز الأداء الفردي والجماعي بطرق تعزز من الالتزام بمعايير الجودة وتحقيق أهداف المؤسسة.

تتجسد أهمية هذا المستوى في تحقيق التناغم بين مختلف وظائف المؤسسة لضمان تحقيق الجودة والرضا لدى الزبائن وتحقيق المزيد من التميز التنافسي.

يتضح مما تقدم بأن هنالك مجموعة من الأنشطة التي يقوم بها مديرو العمليات لكي يحققوا هيكل شامل لإدارة الجودة الشاملة حيث يتم أولاً بيان كيف تعمل أنشطة إدارة الجودة الشاملة ضمن إطار الإستراتيجية الشاملة للمنظمات وبعدها يتم تحديد الدور الذي ستلعبه إدارة الجودة الشاملة في استراتيجية التصنيع أو العمليات وأخيراً يجب توضيح مفهوم إدارة الجودة الشاملة لكل الأفراد وعلى مختلف المستويات في المنظمة.