تتعدد أساليب تكوين الشركات المتعددة الجنسيات ويمكن اختيار الأسلوب الذي يتناسب مع متطلبات وظروف الشركة والقوانين المعمول بها. ومن بين أشهر هذه الأساليب:

1- الاستحواذ: يتمثل هذا الأسلوب في شراء شركة أجنبية بشكل كامل أو جزئي، وبالتالي يمكن للشركة المحلية أن تدخل الأسواق الخارجية بسرعة وبتكلفة أقل. الاستحواذ هو عملية شراء شركة أجنبية بشكل كامل أو جزئي، ويعتبر من أساليب توسع الشركات المحلية في الأسواق الدولية بشكل سريع وبتكلفة أقل. وتعتمد نجاح هذا الأسلوب على اختيار الشركة المستهدفة بعناية والتأكد من مدى توافقها مع استراتيجية الشركة المحلية.

ومن أمثلة عمليات الاستحواذ التي تمت في السنوات الأخيرة:

1- استحواذ شركة "فيزا" على شركة "بليدنغ تشاين" البريطانية لتكنولوجيا الدفع الإلكتروني في عام 2019، بمبلغ يصل إلى 5.3 مليار دولار. وتهدف هذه الصفقة إلى تعزيز نشاط "فيزا" في الأسواق الأوروبية وتعزيز قدراتها في مجال تكنولوجيا الدفع الإلكتروني.

2- استحواذ شركة "أمازون" على شركة "سوكس" البريطانية للأغذية العضوية في عام 2017، بمبلغ يصل إلى 13.7 مليون دولار. وتهدف هذه الصفقة إلى توسيع نشاط "أمازون" في قطاع الأغذية العضوية في المملكة المتحدة.

3- استحواذ شركة "جنرال إلكتريك" على شركة "ألستوم" الفرنسية للطاقة في عام 2014، بمبلغ يصل إلى 17 مليار دولار. وتهدف هذه الصفقة إلى توسيع نشاط "جنرال إلكتريك" في قطاع الطاقة في الأسواق الأوروبية. يمكن للشركات المحلية أن تتبع استراتيجية الاستحواذ للدخول في الأسواق الخارجية بسرعة وتكلفة أقل، ولكن يجب عليها دراسة الأسواق والشركات المستهدفة بعناية وتقييم المخاطر وتقييم المخاطر والعوائد المتوقعة بشكل دقيق قبل القيام بأي عملية استحواذ. كما يجب على الشركة المحلية أن تدرس القوانين واللوائح المحلية والدولية المتعلقة بعمليات الاستحواذ، وتأكد من توافقها مع هذه اللوائح.

وتوفر عمليات الاستحواذ فرصاً كبيرة للشركات المحلية لتحقيق نمو وتوسيع أعمالها في الأسواق الدولية، وتعتبر إستراتيجية جيدة لتوسيع النطاق الجغرافي للشركات وتوسيع قاعدة العملاء والحصول على تقنيات وخبرات جديدة، ولكن يجب أن تتم هذه العمليات بحذر وتخطيط دقيق حتى لا يتعرض المستثمر لأي خسائر.

2- الشراكة: يتمثل هذا الأسلوب في تكوين شراكة بين شركتين محلية وأجنبية بهدف تحقيق أهداف محددة، ويمكن أن يتم تقاسم الأرباح والخسائر بين الشريكين بشكل متساوٍ. تعتبر الشراكة أحد الأساليب الهامة في تكوين الشركات المتعددة الجنسيات، حيث تتعاون شركتين محلية وأجنبية لتحقيق أهداف محددة، مع تقاسم الأرباح والخسائر بين الشركاء بشكل متساوٍ.

يمكن أن تتم الشراكات بين شركتين من نفس الصناعة أو من صناعات مختلفة، ويمكن أن تكون محلية وأجنبية، أو مجموعة من الشركات المتعددة الجنسيات.

على سبيل المثال، قامت شركة Starbucks بتكوين شراكة مع شركة Alsea المكسيكية لتوسيع عملياتها في المكسيك، حيث قامت شركة Alsea بتشغيل المقاهي الخاصة بـ Starbucks في المكسيك وأمريكا اللاتينية. كما تعاونت شركة GM مع شركة SAIC الصينية لإنتاج وتسويق السيارات في الصين، وذلك لتوسيع نطاق عملياتها في السوق الصيني.

تعتبر الشراكات من الاستراتيجيات الجيدة لتحقيق النمو والتوسع في الأسواق الجديدة، ولكن يجب على الشركاء الانتباه إلى المخاطر المحتملة والتي تشمل الاختلافات الثقافية والقانونية واللغوية وغيرها. ويجب التأكد من أن الشراكة تحتوي على اتفاقية محكمة وواضحة بشأن تقاسم الأرباح والخسائر والإدارة والرقابة والتنسيق بين الشركاء.

ويمكن أن تشمل أشكال الشراكات المختلفة عدة أشكال، منها:

<!--الشراكة الاستراتيجية: وهي الشراكة التي تهدف إلى تحقيق أهداف استراتيجية محددة، مثل دخول الشركة إلى سوق جديد أو تطوير منتج جديد، وتتميز بأن الشريكين يقدمان موارد مختلفة للشراكة.

<!--الشراكة التكنولوجية: وهي الشراكة التي تهدف إلى تطوير تقنية جديدة أو تطوير تقنية موجودة، وتتميز بأن الشريكين يتشاركان الخبرات التقنية والعلمية.

<!--الشراكة المالية: وهي الشراكة التي تهدف إلى توفير التمويل اللازم لتنفيذ مشروع محدد، ويتميز بأن الشركاء يقومون بتقاسم الأرباح والخسائر وفقاً لنسب المساهمة المالية.

<!--الشراكة العملية: وهي الشراكة التي تهدف إلى تحسين العمليات الإنتاجية أو الخدمية للشركات، وتتميز بأن الشركاء يشتركون في إدارة وتنفيذ العمليات بشكل مشترك.

يتعين على الشركاء البحث عن الشريك المناسب والذي يمتلك الخبرات والموارد المناسبة لتحقيق الأهداف المحددة. كما يتعين على الشركاء إنشاء اتفاقية محكمة تحدد أدوار الشركاء ومسؤولياتهم ونسب التقاسم والمخاطر المحتملة والإجراءات اللازمة لحل النزاعات.

3- التأسيس المشترك: يتمثل هذا الأسلوب في تكوين شركة جديدة بالتعاون بين شركتين محلية وأجنبية، ويتم تحديد حصص كل شريك في رأس المال والأرباح. تعتبر التأسيس المشترك هو أحد الأساليب الهامة في تكوين الشركات المتعددة الجنسيات، حيث يتم تكوين شركة جديدة بين شركتين محلية وأجنبية بهدف تحقيق أهداف محددة.

في هذا النوع من التأسيس المشترك، تتفق الشركات الشريكة على إدخال مساهمات مالية وتقنية واجتماعية، حيث تقوم كل شركة بإدخال جزء من رأس المال، ويتم تحديد حصص كل شريك في الشركة الجديدة، بما يعكس حجم المساهمة المالية والتقنية والاجتماعية التي يقدمها.

من أهم مزايا هذا الأسلوب هو توفير فرصة للشركتين الشريكتين للدخول في سوق جديد بشكل مشترك وتقليل المخاطر المالية المرتبطة بهذا الدخول، كما يتيح هذا النوع من التأسيس المشترك استغلال الخبرات والموارد المتاحة لكل من الشركتين.

على سبيل المثال، يمكن لشركة أجنبية تأسيس شركة مشتركة مع شركة محلية في دولة أخرى لإنتاج منتجات محلية متطورة، مع استخدام التقنيات الحديثة، والموارد المتاحة في كل من الدولتين، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية والربحية للشركتين. وتتميز هذه الشركة المشتركة بأنها تتمتع بمزايا مثل الحماية المالية والقانونية، وتوفر الإمكانات اللوجستية والتوزيع للمنتجات في السوق الجديد.

كما يمكن استخدام التأسيس المشترك في تكوين شركات مشتركة في قطاعات مختلفة مثل التعدين والنفط والغاز والطاقة، حيث يتم تشكيل شركات مشتركة بين شركات محلية وأجنبية لاستغلال الموارد الطبيعية في الدولة.

ومن الأمثلة الحية للتأسيس المشترك، شركة سامسونج للإلكترونيات، التي تعتبر واحدة من أكبر الشركات المتعددة الجنسيات في العالم، وتعمل في مجالات مختلفة مثل الهواتف الذكية والتلفزيونات والأجهزة اللوحية والإلكترونيات المنزلية. وتعمل سامسونج في مجالات مختلفة وفقاً لنموذج التأسيس المشترك، حيث تشكل شراكات مع شركات أخرى للوصول إلى أسواق جديدة وزيادة حصتها السوقية.

وتعمل شركة نيستليه، المتخصصة في إنتاج الأطعمة والمشروبات، في عدد من الدول حول العالم، وتستخدم نيستليه نموذج التأسيس المشترك لإنتاج وتوزيع المنتجات في العديد من الأسواق الدولية. فقد تشكلت شراكات نيستليه مع شركات محلية في الدول المختلفة، بهدف تحقيق مصالح متبادلة وزيادة الربحية.

وبشكل عام، يتيح التأسيس المشترك للشركات الشريكة الوصول إلى مصادر تمويل جديدة، واستغلال الخبرات والموارد المتاحة لكل منهما، مما يؤدي إلى تعزيز الأداء وتحقيق الربحية.

4- التحالف الاستراتيجي: يتمثل هذا الأسلوب في التحالف بين شركتين محلية وأجنبية دون إنشاء شركة جديدة، ويتم تحديد نطاق التعاون بشكل واضح. التحالف الاستراتيجي هو أسلوب لتكوين الشركات المتعددة الجنسيات يشمل عدة صيغ مثل الاتفاقيات والمشاريع المشتركة والتحالفات الاستراتيجية الطويلة الأمد. يتعاون فيها شركتان من أجل تحقيق هدف مشترك بدون إنشاء شركة جديدة، ويحدد النطاق وشروط التعاون بينهما بشكل واضح.

من الأمثلة الشهيرة للتحالفات الاستراتيجية بين شركات محلية وأجنبية، نجد تحالف شركة "نيسان" اليابانية مع "رينو" الفرنسية لتشكيل "التحالف العالمي للسيارات"، وهو اتحاد مشترك للشركتين يسعى إلى تحسين أدائهما في الأسواق الدولية. كما أن شركة "أبل" الأمريكية أبرمت عدة اتفاقيات تحالف مع شركات أجنبية مثل "إيه تي آند تي" اليابانية و"إتش تي سي" التايوانية و"أبو" الإماراتية لتوفير الهواتف المحمولة وتحسين خدماتها.

تتيح التحالفات الاستراتيجية للشركات الفرصة لتوسيع نطاق عملها وتحقيق توافق مع شركاء ذوي نفس الأهداف، ويساعد التحالف على تخفيض التكاليف وتحسين الكفاءة، بالإضافة إلى استغلال المزايا التنافسية وتقاسم المخاطر.

بعض الأمثلة الشائعة للتحالفات الاستراتيجية تشمل:

<!--شراكة الإنتاج: تتعاون شركة محلية مع شركة أجنبية لإنتاج منتجات معينة. يمكن أن يكون هذا التحالف مفيدًا عندما تكون الشركة المحلية لديها المعرفة المحلية والمعلومات عن السوق، في حين يمكن للشركة الأجنبية توفير التكنولوجيا والخبرة.

<!--التحالفات في مجال الأبحاث والتطوير: يتعاون الشركتان في هذا النوع من التحالفات للعمل على تطوير تكنولوجيا جديدة أو منتجات، وتستفيد كل شركة من الخبرة والمعرفة والموارد المتاحة للشركة الأخرى.

<!--التحالفات اللوجستية: يتعاون الشركتان في هذا النوع من التحالفات لتحسين عمليات اللوجستيات، مثل نقل البضائع وتخزينها وتوزيعها. يمكن أن يتم ذلك من خلال مشاركة مرافق النقل والتخزين أو توزيع التكاليف.

<!--التحالفات في المبيعات: يتعاون الشركتان في هذا النوع من التحالفات لتوسيع قاعدة العملاء المشتركة، ويمكن أن تشمل التحالفات في المبيعات على سبيل المثال الاتفاق على توزيع المنتجات المشتركة في الأسواق المحلية والدولية.

يعد التحالف الاستراتيجي خيارًا جيدًا للشركات التي ترغب في توسيع نطاق أعمالها وتحقيق مزيد من النجاح والربحية، دون الحاجة إلى استثمار كميات كبيرة من الأموال أو المخاطرة في الأسواق الجديدة.

يجب على الشركات أن تتعاون مع محامين ومستشارين متخصصين في هذا المجال لتحديد الأسلوب الأنسب لتكوين الشركة المتعددة الجنسيات وضمان تحقيق أهدافها بشكل فعال.

5- الاندماج الدولي للشركات: يعد الاندماج الدولي للشركات أحد أساليب تكوين الشركات المتعددة الجنسيات، ويتمثل في اندماج شركتين من بلدين مختلفين لتشكيل شركة واحدة جديدة. يتم تحديد حصص كل شركة في الشركة الجديدة وتوزيع الأرباح والخسائر على هذه الحصص.

يمكن أن يكون الاندماج الدولي للشركات ذو فوائد كبيرة، منها زيادة القدرة التنافسية للشركات الأم وتوسع نطاق عملها العالمي وتحقيق توازن أفضل في المنافسة الدولية، كما يمكن تحقيق توفير في التكاليف وزيادة الربحية.

ومن الأمثلة الشهيرة على الاندماج الدولي للشركات: اندماج شركة دايملر كرايسلر الألمانية مع شركة كرايسلر الأمريكية في عام 1998، واندماج شركة إيرباص الأوروبية مع شركة بوينغ الأمريكية في مجال صناعة الطائرات في عام 1997.

كما يمكن أن يؤدي الاندماج الدولي للشركات إلى بعض المشكلات والتحديات، مثل صعوبة توافق الثقافات الأعمال بين الشركتين المندمجتين وصعوبة التعامل مع اللوائح القانونية والضريبية في بلدين مختلفين.

ومن الجدير بالذكر أن الاندماج الدولي للشركات يتطلب تحليل دقيق للشركتين المندمجتين وتحديد مدى توافقهما ومدى استفادة كل منهما من هذا الاندماج، كما يتطلب دراسة دقيقة للأسواق المستهدفة والتوافق مع الثقافات والتشريعات المحلية في هذه الأسواق.

 

المصدر: د. أحمد السيد كردي
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 20 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,914,112

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters