نشأة وتطور المنظمات غير الحكومية
ظهرت فكرة المجتمع المدني في نهايات القرن الثامن عشر كنتيجة للتحولات الثورية والتغيرات السياسية التي حدثت في أوروبا حيث انتقلت أوروبا الي الديمقراطية بعد عقود من الاستبداد. خاصة أن الحكام في ذلك الوقت اعتبروا أن استقرار الحكم يعتمد بالأساس علي سد حوائج الأفراد لذلك تبلورت فكرة المجتمع المدني في العالم الغربي بنشأة وتطور الدولة الحديثة والتحامه معها بشدة حيث صار المجتمع المدني الوجه الاخر للدولة، ومع التطور الحادث للديمقراطيات المستقرة ارتبط مفهوم المجتمع المدني ارتباطا قويا بالحفاظ علي الحرية، والمساواة، والإرادة العامة للدولة في هذا الوقت. وبدأ ظهور منظمات المجتمع المدني في ثمانينات القرن العشرين في أوروبا وأمريكا وانتقل بعدها إلى الشرق حيث قامت الولايات المتحدة بدور كبير في ظهور وتكوين تلك المنظمات في الشرق في إطار دورها على نشر قيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
إن بوادر المجتمع المدني وأشكاله الأولى نشأت في البلدان العربية منذ أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، حيث تشكلت النقابات العمالية والمهنية في بداية القرن العشرين، وكذلك الجمعيات التعاونية والأحزاب السياسية وسواها من المنظمات التي تدخل في إطار تعريف المجتمع المدني.
وفي الواقع، يكاد المجتمع المدني الحديث في المجتمعات العربية يدين في انتشاره النسبي لظاهرة العولمة، من حيث ما تنطوي عليه من انتشار للأفكار والمكتسبات عبر الحدود أو من حيث ما ترتبط به من تطور في تقنية الاتصالات الجديدة. فهي التي قدمت له الإطار النظري والوسائل التي مكنته من الحصول على حد أدنى من حيز الاستقلال عن النظم القائمة.
إنّ تطور المجتمع المدني في العالم العربي، منذ العقد الأخير من القرن الماضي، قد تأثر بظواهر المناخ السياسي الدولي والإقليمي، وأبرزها:
شهدت تسعينيات القرن العشرين تعديلات في القوانين المنظمة لعمل المنظمات غير الحكومية في العديد من الأقطار العربية, ومن الملاحظ أنّ المنظمات نفسها شاركت - بدرجة أو بأخرى - في مشروعات هذه القوانين، كما أنّ العديد من هذه المشروعات في عدة دول عربية تعرضت للانتقادات.
يلاحظ أنّ نمو هذه المنظمات في الدول العربية ارتبط بالاتجاه نحو مزيد من حرية التعبير عن الرأي الذي شهدته بعض هذه الدول, وأبرز نماذج ذلك ما حدث في البحرين والمغرب والأردن ومصر وموريتانيا واليمن.
النمو والتطور في المنظمات غير الحكومية عكس، إلى حد كبير، تركيز الخطاب الرسمي في بعض الدول العربية على ضرورة تعزيز دور هذه المنظمات وحتمية علاقة الشراكة بين هذه المنظمات والحكومات.
وقد ازداد عدد المنظمات غير الحكومية في الدول العربية، خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي، خصوصا في: المغرب، تونس، مصر، الأردن، وكذلك لبنان، ومناطق سلطة الحكم الذاتي في فلسطين المحتلة. ويعتبر تكاثر المنظمات العربية غير الحكومية، حيث ترسخت واتسعت القدرات التنظيمية والمادية لهذه المنظمات. وهذه المنظمات على كثرتها وتنوعها ليست على درجة واحدة من التعامل مع سلطات بلدانها، وذلك تبعا لمدى قرب هذه السلطات أو بعدها عن الديموقراطية. كما أنها ليست على درجة واحدة في موقفها من التمويل الأجنبي لمنظماتها.
ترجع نشأة المجتمع المدني في مصر إلي سنة 1821 عندما اشهرت أول جمعية أهلية في مصر تحت اسم الجمعية اليونانية في الإسكندرية, والتي كانت صاحبة الريادة في انتشار فكرة تكوين الجمعيات الاهلية ولكنها في أغلبها كانت جمعيات متخصصة في مجالات الثقافة والبحوث, مثل جمعية مصر للبحث في تاريخ الحضارة المصرية، وتلتها جمعية المعارف والجمعية الجغرافية، وفي عام 1878 اشهرت أول جمعية دينية والتي أطلق عليها الجمعية الخيرية الإسلامية ثم تلاها في العام 1881 اشهار جمعية المساعي الخيرية القبطية.
ومع بداية القرن العشرين وخصوصا بعد إقرار دستور 1923 الذي أتاح إنشاء المزيد من الجمعيات الأهلية, وذلك لكفالته العديد من الحقوق والحريات والتي كان من أهمها حرية وحق تكوين الجمعيات وأشترط أن تكون سلطة حلها في يد القضاء فقط وذلك في ضوء المواد رقم 54 ، 80 من القانون المدني والذي أعطي سلطة إلغاء القرارات وحل الجمعيات في يد القضاء الأمر الذي ساعد في المزيد من التحرر لمنظمات العمل الأهلي ، وهو ما أدي الي زيادة انتشار تلك الجمعيات في تلك الفترة و حتي عام 1945م، مع مطلع عام 2011، كان تقدير عدد الجمعيات الأهلية 31 ألف جمعية، ارتفع العدد – أو الحجم الكلي للقطاع الأهلي- في نهاية 2014، ليصبح 46.200 جمعية أهلية.. أي أن الفترة من ثورة يناير 2011 وحتى نهاية عام 2014 قد شهدت تسجيل نحو 15 ألف منظمة، وهي أعلى معدلات نمو للجمعيات أو المنظمات الأهلية شهدته مصر.
ويوضح الجدول التالي تطور منظمات المجتمع المدني في مصر وأهم ملامح كل فترة زمنية منذ العام 1925 وحتي العام 2014:
تطور منظمات المجتمع المدني في مصر خلال الفترة 1925-2014.
العام |
ملاحظة |
عدد الجمعيات |
1925 |
بعد إصدار أول دستور رسمي يعترف بالجمعيات |
300 |
1950 |
قبل ثورة يوليو بعامين |
2000 |
1970 |
مع نهاية فترة الحكم الناصري |
7000 |
1980 |
مع نهاية حكم السادات وبعد تبني سياسة الانفتاح |
8402 |
1990 |
صحوة للمجتمع المدني وتأثر كبير بمؤتمرات الأمم المتحدة العالمية |
12.832 |
2000 |
وضوح تام لتدفق التمويل الخارجي |
16.000 |
2011 |
بعد أحداث ثورة يناير |
31.000 |
2014 |
بعد التفاعلات بين المتغيرات العالمية والوطنية |
46.200 |