استطلاع لرأى عدد من الخبراء والمستشارين حول السحابة السوداء

مقدمة
قام المركز بعقد لقاء ضم عدد ممن الخبراء والمسئولين وإعضاء مجلس الشعب وبعض المنظمات الأهلية والشخصيات العامة لمناقشة الأسباب الجوهرية لتجدد السحابة السوداء خلال العامين الماضيين، وذلك بهدف الوصول إلى الاتجاه الصحيح لمواجهة متعددة الأطراف لأسباب وجذور الظاهرة، وحتى يتعرف كل طرف على دوره فيها. هذا وقد عقد اللقاء فى 24 سبتمبر 2001، بمقر مركز هشام مبارك للقانون.
ويعتبر هذا اللقاء أحد الخطوات التى يقوم بها المركز فى حملته والتى بداها بإعداد تقرير موجز حول تناول موضوع السحابة السوداء خلال العامين لماضيين.
ويأتى أهتمام المركز بهذا الموضوع نظراً لما تشير إليه هذه الظاهرة من تشبع الهواء بالعاصمة بالملوثات، الأمر الذى فاض عن حده فى صورة السحابة السوداء، وما يمثله ذلك من خطورة على صحة المواطنين، كذلك إهدار شديد لموارد يمكن الاستفادة بها سواء كانت قمامة أو مخلفات زراعية أو منتجات بترول أو مدخلات مصانع.
وفى الصفحات التالية نستعرض وقائع اللقاء ونتائجه والتوصيات التى خرج بها مع ثلاثة ملاحق، وقد قسم التقرير إلى أربعة اقسام كالتالى:
أولاً: المحور الأول، آخر ما توصل إليه الخبراء المتخصصون من تفسير وتحليل للظاهرة – وقد قام بمهمة التيسير فى هذا المحور الأستاذ/ محمد ناجى، مدير مركز حابى للحقوق البيئية.
ثانياً: المحور الثانى، الاجراءات التى اتخذها ويتخذها المسئولون فى الوقت الحالى، ومدى كفايتها لمواجهة اسباب الظاهرة – وقد قام بمهمة التيسير فى هذا المحور المهندس/ ياسر شريف، الاستشارى فى مجال البيئة.
ثالثاً: المحور الثالث، تدفق المعلومات الخاصة بالظاهرة إلى وسائل الاعلام ومعوقات ذلك – وقد قام بمهمة التيسير فى هذا المحور الدكتور/ حسن أبو بكر، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة، والمستشار بجهاز شئون البيئة فى مجال التربية البيئية.
رابعاً: النتائج والتوصيات التى وردت فى اللقاء.

فعاليات اللقاء
مقدمة

افتتح اللقاء الأستاذ محمد ناجى مدير مركز حابى للحقوق البيئية، حيث رحب بالحضور وشكرهم على الالتزام بالمواعيد، كما وجه التحية إلى مركز هشام مبارك على الاستضافة الكاملة والتعاون الذى ابداه، ضارباً بذلك المثل والقدوة على روح التعاون بين المنظمات الأهلية.
ثم تحدث عن الهدف من اللقاء:
إن الشهر القادم هو شهر ظهور السحابة السوداء، التى تكرر ظهورها خلال السنتين الماضيتين؛ وتبعاً للتقرير الموجز الذى أصدره مركز حابى فى أوائل سبتمبر، فإن إحتمالات تكرار الظاهرة للمرة الثالثة واردة، وإلى الآن ليس هناك تحديد دقيق للأسباب العميقة والجذرية لهذه الظاهرة.
واليوم نود أن نخرج برؤية واضحة لأسباب هذه الظاهرة، يتم على أساسها وضع ملامح لمسئولية ودور كل من الخبراء والمسئولين وأعضاء مجلس الشعب والمنظمات الأهلية فى مواجهة جذور هذه الظاهرة. وأود الإشارة إلى أننا قمنا بتنظيم هذا اللقاء ليس لتوجيه الإتهام لأحد، لأننا جميعاً فى مركب واحد، وإنما للوصول إلى طريقة للبحث والفهم والمواجهة، ليس مواجهة السحابة فقط، وإنما أيضاً مواجهة أسبابها وجذورها.
ولدينا فى هذا اللقاء ثلاثة محاور على النحو التالى:
المحور الأول: آخر ما توصل إليه الخبراء المتخصصون من تفسير وتحليل للظاهرة، وإسمحوا لى أن أقوم بمهمة التيسير فى هذا المحور.
المحور الثانى: الإجراءات التى إتخذها ويتخذها المسئولون فى الوقت الحالى، ومدى كفايتها لمواجهة أسباب الظاهرة، ويقوم بمهمة التيسير فيه المهندس/ ياسر شريف الاستشارى فى مجال البيئة.
المحور الثالث: تدفق المعلومات الخاصة بالظاهرة إلى وسائل الإعلام ومعوقات ذلك، ويقوم بمهمة التيسير فيه د. حسن أبو بكر الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة، والمستشار بجهاز شئون البيئة فى مجال التربية البيئية.

المحور الأول
آخر ما توصل إليه الخبراء والمتخصصون من تفسير للظاهرة

افتتح هذا المحور الأستاذ/ محمد ناجى مدير مركز حابى للحقوق البيئية كميسر للمحور الأول حيث قال:
"فى العامين الماضيين، كانت هناك خلافات كثيرة حول اسباب الظاهرة، فهل هناك جديد، أو ما يؤيد الاراء السابقة؟".
عندئذ طلب الكلمة د. أحمد جمال عبد الرحيم مسئول قطاع توعية البيئة بجهاز شئون البيئة، حيث بدا حديثه باستعراض تاريخى لتفسيرات الظاهرة فى علاقتها بردود الفعل من جانب المسئولين، فقال: "فوجئنا بالظاهرة لأول مرة فى نوفمبر 1999، وكان كل تركيز وزارة البيئة وجهاز شئون البيئة قتها على نهر النيل. وعندما حدثت الظاهرة صاحبها اجتهادات من الخبراء، حيث ركز البعض على التلوث فى القاهرة، وركز البعض على قش الأرز، والبعض على الظواهر الجوية. وقد كانت جميع الآراء صحيحة لكنها ناقصة، ولم يقل أحد أن السبب الوحيد هو قش الأرز.
وكان لابد أن يبدأ المسئولون باتخاذ مجموعة سريعة من الاجراءات، الى أن يت تحديد الأسباب المسئولة عن الظاهرة، ولن أدخل الآن فى تفاصيل الاجراءات، لكننى سأتكلم عن كيفية فهم الظاهرة فى ذلك الوقت، حيث كان الإحساس ال1ى استولى علينا أنه إذا كانت هناك سعة محددة لقدرة القاهرة على استيعاب الملوثات، فإن هذه السعة قد امتلأت إلى آخرها، ويأتى الخريف، ويأتى العامل المضاف وهو حرق قش الأرز والمخلفات الزراعية ليفيض على هذه السعة، فلو إعتبرنا القاهرة كوب يمتلئ أكثر من ثلاثة أرباعه بالماء فإن أى زيادة فى الماء ستجعل الكوب يطفح.
ثم بدأنا فى محاولة فهم ما يحدث، ومن ضمن ما بدأنا فى عمله، دراسة لم تنشر لأنها لم تكتمل بعد، حيث أجريت الدراسة على ست مناطق فى لقاهرةن وذلك بهدف تنسيب الملوثات إلى أنواع مصادرها، وقد أجريت الدراسة فى الخريف والشتاء بأخذ عينات من الملوثات وبصمة المصانع ومصادر الملوثات الأخرى، سواء كانت حرق مخلفات زراعية، أو حرق قمامة، وتم عمل "موديل"، وتم استخراج النسب التى تؤدى إلى درجة تلوث معينة فى منطقة معينة، فوجد أن الفرق الرئيسى بين الخريف والشتاء هو المخلفات الزراعية وقش الأرز. هذه الدراسة لم تستكمل بعد، وسوف تستكمل فى الشتاء القادم، لتعطى أرقام موثقة بها فى مايو القادم.
وبعد أن استرسل د. أحمد جمال عبد الرحيم فى شرح باقى التفاصيل الفنية للدراسة، إنتقل الحديث إلى د. صلاح الحجار أستاذ الطاقة والبيئة بالجامعة الأمريكية متداخلاً مع كلام د. أحمد قائلاً:
أشار د. أحمد جمال عبد الرحيم إلى عنصرين مهمين "حرق المخلفات"، "والعوامل الجوية"، لكن هناك أيضاً عنصر "القمامة". وعلى سبيل المثال، فإنه فى الطريق بين طنطا والمحلة نجد أن الرؤية تكاد تكون معدومة حيث لا تتعدى ثلاثة أمتار، وذلك بسبب حرق القمامة، كذلك فإن الرؤية ضعيفة جداً فى مدخل الإسكندرية من الساعة 3 – 8 صباحاً، بسبب حرق القمامة هناك، فحرق القمامة إذاً له تأثير كبير على تكون السحابة السوداء.
أما العنصر الرابع الذى يختلف عليه لكثيرون، فهو البنزين الخالى من الرصاص، وقد إنتهت من إجراء بحث عن تأثير البنزينالخالى من الرصاص على التلوث الهوائى، وهناك بحث آخر أجريه وسأنتهى منه الشهر القادم عن تأثير البنزين الخالى من الرصاص على الاقتصاد القومى، وبحث آخر سأجريه عن بدائل البنزين الخالى من الرصاص.
وقد بدأ استخدام البنزين الخالى من الرصاص فى مصر عام 1997 بكميات بسيطة، وفى 1998 غطى احتياجات 70% من البنزين، وفى هذا العام 1998 ظهرت السحابة السوداء لمدة ساعتين حسب إحصاءات وزارة البترول، وفى عام 1999 ظهرت لمدة يومين، وفى عام 2000 ظهرت لمدة اسبوع أو أكثر، فما هو البنزين الخالى من الرصاص؟.
فى العالم كله كان يضاف الرصاص إلى البنزين ليتحول إلى بنزين بدرجة أوكتين عالية، وبالتالى يرفع درجة آداء المحرك، وبدا ذلك فى عام 1917، واستمر فى العالم كله حتى منتصف السبعينات، حيث بدأ استخدام مادة (MTBE)، وهى عبارة عن هيدروجين وكربون ومعها أوكسجين، وذلك لرفع درجة الأوكتين والتعويض عن مادة الرصاص. وكان يتم إضافة حوالى 3% من هذه المادة الجديدة فى السبعينات، ثم قالوا أن الأوكسجين الموجود داخل هذه المادة يحول أول أكسيد الكربون "الغاز السام" إلى ثانى أكسيد الكربون، وبالتالى فإن تكثيف استخدام المادة امر مفيد، فبدأوا فى إضافة المادة بنسب مرتفعة (15%).
وفى سنة 1995 ظهر تقرير فى أمريكا يحذر من أن للمادة تأثير يظهر فيما يسمى السحابة الدخانية "سموج"، فتم استخدام مادة جديدة "ريفو لملو تيد جازولين" بدلاً من الـ (MTBE) فى عشر مدن كبيرة كانت نسبة "السموج" فيها عالية.
وفى 97/1998 وجدوا ما هو أخطر من الضباب الدخانى، فقد سببت الـ (MTBE) تلوثاُ شديداً للمياه الجوفيه يستحيل معالجته، فخرج قرار فى 25 مارس 1999، بمنع استخدام هذه المادة نهائياً فى كل أمريكا.
وقد استرسل د. صلاح فى شرح التفاعلات الكيمائية التى تتم عند تقابل انبعاثات البنزين الخالى من الرصاصن والمحتوى على مادة (MTBE) مع الهواء الخارجى، ثم أشار إلى ملحوظة هامة قائلاً: "إن المشكلة خارج مصر أخف وطأة، ذلك أن السيارات فى الخارج تعمل بنظام المحول الحفزى، أما التحول الحفزى المستخدم فى مصر فإنه لا يقلل من وطأة المشكلة، حيث يتحول جزء من انبعاثامادة (MTBE) بعد تفاعله مع الهواء وأشعة الشمس إلى أوزون أرضى يمنع باقى الملوثات من الصعود إلى طبقات الجو العليا، فيظهر ما يسمى بالضباب الدخانى، الذى يتميز باللون البنى المصفر، والذى نراه كثيراً، خاصة فى مداخل المدن فى الصباح، ويعتبر مدخل مدينة الإسكندرية هو المثال الواضح على ذلك.
ثم تدخل فى المناقشة د. محمود عمر ورئيس شعبة البيئة بالحزب الوطنى، حيث إتفق مع د. صلاح الحجار فى أن المادة المضافة إلى البنزين هى الشئ الجديد، لكنه استطرد قائلاً: "لكن السؤال هو: لماذا فى هذا الوقت الخريفى بالذات تظهر السحابة؟، يجب أن نبحث إذاً فى عوامل الحرارة. وهذا لا يمنع أن كمية قش الأرز والقمامة عالية جداً، كما يأتى الحرق فى فترة قصيرة من الليل حيث الرقابة شبه منعدمة. ويجب أن ننتبه إلى أن السحابة السوداء عندنا مختلفة عن السحابة التى ظهرت فى أماكن مختلفة من العالم، فالمصانع مثلاً لم تزيد أعدادها عندنا لدرجة أن تسبب سحابة دخانية. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أريد الحديث عن الموضوع من الناحية الطبية. إن السحابة آتية آتية، وسوف يزيد عدد المرضى، فقد زادت الأمراض الصدرية، وزادت حساسية الجلد وأمراض العيون، فماذا سنفعل مع المرضى .. المشكلة حتى الآن ليست معروفة، ومن المهم أن نسأل: هل أعددنا العدة الكافية لمواجهة المشكلة من الناحية الصحية؟.
ولو رجعنا إلى أسباب السحابة، فإن الأوزون الأرضى الذى تحدث عنه د. صلاح هو أحد التفسيرات الرئيسية، لكن السؤال: لماذا فى هذا الوقت من العام؟، علماً بأن الوقت خريفى وليس صيفى.
وهنا طلبت د. سامية جلال الكلمة، لكن الأستاذ محمد ناجى ميسر المحور بادر بالقول: "هناك درجة من التحفز الإيجابى فى الردود، وهذا شئ محمود، ونحن معنا اليوم د. حمدى السيد، الذى يجمع بين كونه خبيراً، وكونه عضو مجلس الشعب ورئيس أهم لجنة معنية بهذا الموضوع، وكونه رئيس منظمة أهلية هى نقابة الأطباء، ومن المفيد جداً ان نسمع رأيه".
بدأ د. حمدى السيد حديثه قائلاً: "كنت أفضل عدم التحدث، وذلك ليتاح لى سماع آراء الخبراء فى هذه القضية الهامة. لكننى أود التعليق على "السموج"، ذلك أننى عشت فى لندن فترة ظهور طالسموج" هناك، وقد كان له طابع مختلف عن السحابة التى ظهرت لدينا، حيث كان يظهر لمدة 12 – 20 ساعة، أثناءها لا يستطيع أحد أن يرى شيئاً، وكانت المشكلة الأساسية هى التدفئة بالفحم، وبإلغاء التدفئة بالفحم إنتهى السموج، أما الضباب الدخانى عندنا فله رائحة قش الأرز المحروق، وأنا رجل فلاح، وأستطيع أن أشم رائحة الأرز من على بعد نصف كيلو. وفى بلادنا يتم حرق قش الرز بكميات رهيبة".
فى الماضى كان الفلاح يبيع القش لمصانع الورق، ويضعه على سطح منزله، ويستخدمه فى صنع السماد الطبيعى ووقود المنزل، وقد توقفت مصانع الورق، وبدأ الفلاح فى استخدام الطرق الحديثة فى الوقود المنزلى، وأصبح القش مشكلة لدى الفلاح، فنقله مكلفن والحرق اسهل طريقة لديهن خاصة وأن زراعة الأرز مكلفة جداً.
كذلك كنا نعتبر البنزين الخالى من الرصاص شيئاً جيداً، وفرحنا للتخلص من المشكلات الرهيبة التى يسببها الرصاص، واستمعنا الآن لتفسير د. صلاح الحجار، ونرجو أن يتم الوصول إلى بنزين خالى من الرصاص من دون أن يسبب مشاكل أخرى.
لكننى أرى أن مشكلة المشاكل أن تلوث الهواء فى القاهرة لا يوجد له مثيل فى العالم، فقد وصلنا إلى الحد ألقصى للخطورة. ويجب أن يكون هناك قرار شجاع مثلما تحاول د. نادية مكرم عبيد، بوقف المرور فى القاهرة لعدد معين من الأيام. نحن مشغولون بسحابة تستمر بضعة ايام، ولدينا ملوثات كثيرة على مدى العام كله .. المشكلة ضخمة والأسباب متنوعة، والبيئة لم توضع ضمن أولوياتنا، ولا يتم إنفاق المال الكافى على مشكلات البيئة، بالإضافة إلى أننا نبدأ من مرحلة شديدة الخطورة، فهناك مسابد ومحاجر ومصانع أسمنت وتراب المقطم وسيارات النقل العام، ولا ننسى ماساة المعادى وطرة، ومأساة الأسمنت التى لم يتم حلها حتى الآن، فبدلاً من أن نبيع مصنع أسمنت حلوان كأرض يقام عليها مساكن ومرافق، تم بيع المصنع بإعتباره خردة برخص التراب، ليتم إعادة بنائه فى نفس المكان، فلماذا لا يعيدون بنائه بعيداً عن حلوان. لو كانوا باعوا أرض المصنع لبناء المساكن، لأت عليهم بأموال أكثر، وكان يمكن بثمنها بناء أكثر من مصنع فى الصحراء بطريق القطامية أو السويس، وأرجو أن يقوم مركز حابى بعمل شئ فى هذا الموضوع.
لقد استمعت للوزيرة د. نادية مكرم عبيد فى مجلس الشعب وهى تتحدث عن موضوع التخلص من القمامة الصلبة وغير الصلبة وكبس قش الأرز، والحقيقة أن كل ميزانيتها لا تكفى لمشروع كبس قش الأرز وحده، فما بالك بالقمامة والمدافن الصحية وباقى الطموحات، ومع ذلك يأتى قانون بمنع الحرق وتغريم الفلاح .. فماذا يفعل إذاً؟.
ونفس الأمر بالنسبة للقمامة، هناك 12 ألف طن قمامة يومياً، تتعامل الحكومة مع ثلاثة منهم، والقطاع الخاص مع أثنين، والباقى عندما يتكوم يضطر الناس إلى حرقة .. وليس لديهم طريقة أخرى.
بدرجة أولى يجب حل مشاكل المدن الكبيرة مثل مشكلة القمامة وغيرها، لكن يجب أن توضع مشكلة قش الأرز فى أول الأولويات، ومع ذلك فأنا لا أقلل من ضرورة الاهتمام بالأسباب الأخرى، مثل المادة المضافة للبنزين. كذلك أرى ضرورة أن تتبنى المنظمات الأهلية قضايا البيئة، ولنبدأ بقش الأرز أو أسمنت حلوان، وإذا كان موضوع البنزين له أهمية، فيجب الانتباه له، ومعرفة ما فعلته الولايات المتحدة كبدائل. أنا سعيد أن المنظمات الأهلية بدأت تنشط فى مثل هذه الموضوعاتن ويكون من المناسب جداً فى هذه القضايا أن تقوم المنظمات برفع دعاوى قضائية، حيث أن هناك مادة فى قانون البيئة تعطى الحق لأى مواطن فى رفع دعوى على الدولة فيما يتعلق بالمشاكل البيئية.
اشتبك د. محمود عمرو مع حديث د. حمدى السيد قائلاً: "استكمالاً لحديث د. حمدى، أود الاشارة إلى أن 25% من مصادر التلوثالموجودة فى القاهرة تنبع من محطة كهرباء شبرا الخيمة، وكان من المفترض أن ينتهى اعتمادها على المازوت سنة 2001، لكنها ما زالت تعمل بنصف قوتها بالمازوت حتى الآن. أما عن القمامة، فأود الاشارة إلى عنصر "الديوكسن" الذى يخرج من البلاستيك المحترق. كذلك هناك 500 مسبك فقط مرخص لهم والباقى غير مرخص له".
علق د. صلاح الحجار على كلام د. محمود عمرو قائلاً: "بمناسبة ذكر المازوت، فإن نسبة الرصاص فى المازوت أعلى من النسبة المضافة إلى البنزين. كذلك فإن آخر إحصائية تقول أن نسبة الأزمة خلال السنوات العشر الماضية أرتفعت من واحد فى الألف إلى 12%".
فرد د. محمود عمرو: "الحقيقة أن نسبة الأزمة كانت من 5 – 7%، وارتفعت إلى 10%".
وتعليقاً على كلام د. حمدى السيد، تحدثت د. سامية جلال قائلة: "أود الاشارة إلى أن الدولة لا تهتم بالبيئة، وكان السيد رئيس الوزراء قد وعد وزيرة البيئة بأن تحصل على 85 مليون جنية، وللأسف لم تحصل الوزيرة على مليم واحد، وحصلت على المكابس من شركات الأسمنت والبترول. وقس على ذلك فى موضوع القمامة بما له من أبعاد صحية واجتماعية واقتصادية، منها الخسارة فى السياحة التى تعطينا ثلث دخل الدولة، فالقمامة والدخان الخارج منها يضر بالآثار، وعندما يرى السائح عمود الدخان الخارج من القمامة فى شرم الشيخ، فإنه لن يأتى إلى مصر ثانية. هذا بخلاف الآثار الصحية مثل الاجهاض المتكرر، والعيوب الخلقية فى الأجيال الجديدة.
إن الدخان تزداد خطورته من قبل ظهور السحابة السوداء، والأوزون الأرضى الذى تحدث عنه د. صلاح الحجار هو الذى يثبت الدخان وجعلنا نرى الدخان فى صورة سحابة، والدخان الناتج من حرق البلاستيك والكاوتش، هو الذى يجعل لون السحابة سوداء، حيث تحتوى على مادة الديوكسين وغيرها من مواد سرطانية تسبب العيوب الخلقية والضعف لجنسى وسرطانات الرحم وغير ذلك".
ثم تحدث د. أحمد جمال عبد الرحيم قائلاً: "هناك بعض الاجراءات اتخذت فى سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر عام 1999، و2000، حيث كانت هناك متابعة للظروف المناخية ساعة بساعة فى الخريفين، ومتابعة لتركيزات الملوثات حسب قراءات المحطات التى تسجل أى نوبة تلوث هواء حادة، وحاولنا فهم ما يحدث، فوجدنا أن الظروف الجوية الملائمة لحدوث السحابة منتشرة على مدى شهور العام كله، وهى ليست خاصة بالخريف فقط، ووجدنا ان النوبات تحدث فى القاهرة الكبرى فى أوقات، لم تكن الظروف الجوية، فى بعض الأحيان، تجعلها قابلة للحدوث، لو كانت المصادر الداخلية هى السبب، أو حدثت فى ظروف جوية، لو كانت المصادر الداخلية هى السبب الوحيد، كان يمكن للظروف الجوية أن تمتصها".
وفى يوم الخميس الأول من نوفمبر 2000، كنت خارج القاهرة، وعلمت بالسحابة من سيادة الوزيرة، وفى صباح الجمعة قفزت قراءات محطة العباسية من 60 إلى 700 ثم 900 ثم 1400، وبعدها بساعة شعروا فى القللى بنفس الموضوع، وإنتقل نفس الشئ إلى فم الخليج.
فهمنا أن القدرة الاستعابية لهواء القاهرة لا تتحمل المزيد، وياتى حرق قش الأرز فى الخريف ليفيض على الطاقة الاستعابية، ولا نقول أنه العامل الوحيد، ولكنه العامل الذى يملأ الجزء المتبقى من الطاقة الاستعابية ويفيض عنها، هذه الطاقة التى تملؤها كل الملوثات طوال العام بحيث لا تترك مكاناً لاستعاب دخان قش الأرز؟
أريد توضيح أنه من الممكن ألا تحدث مشكلة لو أن لحرق يتم فى فترات طويلة من الساعة 10 ص – 6 م، فهو وقت مناسب للحرق، لكن الفلاحين يحرقون ليلاً للتهرب من لغرامة.
وتدخل فى الحديث المهندس ياسر شريف قائلاً: "أريد أن ألفت النظر إلى أن حرق قش الأرز فى كفر الشيخ لا يؤثر فى هواء القاهرة، مثل حرق قش القليوبية القريبة من القاهرة، فالمشكلة إذاً فى زراعة الأرز فى المحافظات القريبة من القاهرة، فالقاهرة لم تعد تحتمل، لقد أصبحت وحش حضرى ليس به شجر أخضر، مسطح صناعى كبير جداً بدون امتدادات خضراء. وأرى أن الذى يحدث ليس فقط ان الكوب قد أمتلأ، بل أنه يضيف فى الوقت الذى يمتلئ أكثر".
الأستاذ فوزى غنيمى تحدث عن وجهة نظر الهيئة العامة للأرصاد قائلاً: "من وجهة نظر الأرصاد فإن الملوثات موجودة طوال العام، والخريف هو أفضل فصل فى العام من حيث اعتدال واستقرار هوائه، ولكن السحابة تظهر فيه نتيجة حرق قش الأرز. فى الماضى كان الفلاح لا يحرق قش الأرز، كان يستخدمه فى الطهى فى المنزل، ويضعه فوق المنزل كجزء من السقف. اليوم الفلاح لديه كهرباء وغاز طبيعى فى المنزل، ولم يعد يحتاج قش الأرز، فكيف يتخلص منه؟. عن طريق حرقه، حيث أن حرقه يبيد بعض الحشرات، ويزيد من خصزبة التربة فى إعتقاده، بل كان الفلاح يحرق بأوامر من الدولة".
د. حمدى السيد علق على ذلك قائلاً: "أعتقد أن الوضع هذا العام سيكون أفضل، لأن الفلاحين لم يزرعوا الأرز بنفس الحجم الذى زرعوه فى الأعوام الماضية، حيث له عائد ضخم".
ثم قال أ. فوزى غنيمى: "تظهر السحابة السوداء فى الخريف بالذات نتيجة عاملين، ظروف جوية ملائمة، وتلوث بيئى حاد نتيجة حرق المخلفات الزراعية".
ثم قال د. صلاح الحجار: "السحابة أعلى مؤشر لوصول درجة التلوث إلى درجات غير محتملة، حيث كان يتم حرق قش الأرز دون أن تظهر السحابة، لأن التلوث لم يكن بهذه الضخامة".
الأستاذ محمد ناجى، اختتم فعاليات المحور الأول بقوله: "الواضح من الكلام أن هناك إتفاق عام خاص بتنوع العوامل المتسببة فى ظهور السحابة السوداء، وأن السحابة هى مظهر لشئ موجود طوال العام، ولا يظهر إلا فى أكتوبر ونوفمبر والان فلننتقل الى المحور الثاني الذي يقوم بمهمة التيسير فيه المهندس ياسر شريف ".

المحور الثانى
" الأجراءت التى أتخذها ويتخذها المسئولون
"
مهندس ياسر شريف ميسر هذا المحور افتيح المحور بقوله:
" نرجو ممن المتحدثين أن يكون عرضهم لأجراء ما مصحوب بالأطار الذى تم الأجراء فيه ، فهل أتخذ الأجراء بوصفه موجه الى أخطر ملوث ، أم بوصفه الأجراء ألأرخص تكلفة ليتم تخفيض ملوث ما بأرخص تكلفة بسب عدم وجود أمكانيات ؟ "
وطلبت : د 0 سامية جلال الكلمة ، حديث قالت :
" قضية قش الأرز لها جانبان : جانب تكنولوجى ، وجانب أرشاد زراعى 0 الشق التكولوجى يتم الأن عن طريق مكابس قش الأرز ، فعلى الفلاح أن يخرج القش الى رأس الأرض ، ويتم كبس القش بالمكابس ، ثم يأخذه الفلاح ليستخدمه كسماد ، أو تأخذه بعض الشركات ، وهناك شركات تقدمت بالفعل للوزارة وقالت أنها مستعدة للتعامل معه أذا قدمه الفلاح لنا مكبوسا 0
ونحن نحاول الأن فى مشروع كبس قش الأرز على قدر الأمكانيات المادية المقدمة لنا من ةزارة البترول وقال لى محافظ الدقهليه أنه يجند كل جهوده لمنع الحرق ، ونفس الآمر فى الشرقية "
د 0 حمدى السيد رد على د 0 سامية جلال بقوله :
"الفلاح كان ينقل القش فى الماض على الجمال ، وأنتم اليوم تريدونه أن يكبسه ، فكيف ؟ هذه المكابس أين توضع ؟ وكيف يتم نقل القش أليها ؟
ومحافظة مترامية الأطراف مثل الدقهلية يجب أن يتم توزيع المكابس فيها بشكل جيد ، ويجب وضع خطة لكى تصل المكابس الى كل فلاح 0 يجب أن يكون هناك محطات معروفة بنقل الفلاح أليها القش لتأخذوه بعد ذلك ، والى الأن لم تنعقد لجنة لتخطيط لعملية نشر المكابس بحيث تصل الى كل فلاح ، ونحسب ضمن التكلفة عملية النقل ، فالفلاح لو دفع مليما واحدا فى موضوع النقل لن بقوم بكبس القش وسيحرقه "
د 0 سامية جلال حرصت على الرد على كلام د 0 حمدى ، فقالت
" الفلاح لا يدفع شيئا ، وعليه فقط أن يقوم بالكبس ، بحيث يتم تجميع القش المكبوس ، ويذهب الى مدافن خاصة 0 وهناك شركات قطاع خاص عرضت أن تنقله فى مكان محدد وهى تتصرف فيه 0 والوزارة تتابع كل ذلك ، وهناك تقرير يومى بما يحدث "
مهندس ياسر شريف قام بطرح سؤال سريع قاتلا :
" هل لدينا تقديرات عن الزراعات الموجودة ونسبتها المئوية الى الزراعات التى كانت فى العام الماضى ؟"
د 0 حمدى السيد أكمل حديثه قائلا 0
" بما أن المشكلة لم تظهر الأ فى القاهرة ، فالتركيز يكون على المحافظات حول القاهرة ، وبها 25% من سكان مصر فى القليوبية والشرقية "
د 0 أحمد جمال عبد الرحيم علق على ذلك بقوله :
"أثير هذا الكلام فى نوفمبر الماضى ، حيث كان هناك قرار بتوقيع غرامة على حرق قش الأرز ، ونزل المفتشون ، والتزم الفلاحون وكوموا قش الأرز ، لكن المكابس لم تصل ، فاتفق الفلاحون بحيث يقوم كل عشرة من الفلاحين بحرق القش ويدفعوا الآلف جنيه "
د 0 حمدى السيد اهتم بتوضيح نقطة محددة فقال :
" يجب التركيز على كثافة المكابس حول القاهرة ، لو تم التركيز على جزء يمكن أن يعطى نتيجة مباشرة
ثم قالت : د 0 سامية جلال :
" وزارة البيئة تقوم بهذا الدور ، رغم أن هذا هو دور وزارة الزراعة ، بل أن وزارة الزراعة تعتبر الصرف على المكابس أهدار لأمكانياتها 000؟ "
د 0 حمدى السيد رد على د 0 سامية جلال قائلا :
" عندما كنا نعد قانون البيئة ، كان رأينا أن تكون وزارة البيئة – مثلما فى أمريكا – هيئة حاكمة لها قرارات سيادته ، فهيئة البيئة فى أمريكا ، تغلق مناطق بأكملها ، وقرارتها سيادته فوق القانون وفى قانون البيئة أعطيناك فيتو على الصناعة والزراعة "
د 0 سامية جلال علقت على رده بقولها :
" نحن نريد مساعدة الوزارء المهم أن الأجراء وهو خاص بالقمامة له شقين الشق الأول : خاص بخطة متكلملة لتدوير المحلفات الصلبة فى تسع محافظات ، وتقوم شركات أجنبية باعداد المدافن 0 وقد تم عمل ذلك فى الأسكندرية ، وباقى المحافظات بدات فى أعداد المدافن ولكن الأمور تسير يبطا 0
الشق الثانى هو فصل البلاستيك وأعادة تدويرة ، فحرق جرام البلاستيك يساعد فى تكوين سحابة سوداء ، لكن المشكلة 0 فى فصله وتجميعة ، لأن الزبالين لا يعرفون قيمته "
د 0 أحمد جمال عبد الرحيم أخذ الميكرفون وقال :
" هناك مستويين فى الأجراءات 0 المستوى الأول : استكمال أدوات التشخيص ، المستوى الثانى : عندما أتوجه للملوثات على أرض الواقع أستطيع معرفة تكلفة العمل فيه ، هذان هما المستويان اللذان بدأنا فيهما بعد عام 1999
وفى يوم السبت 14 أكتوبر 2000 كان أجتماع وزير الكهرباء ووزير البترول ووزير البيئة لبحث أمكانية تشغيل المسابك بالغاز الطبيعى ، وكان قد تم عمل ذلك فى الواقع بنسبة 30 % فى يناير 2000 وأصبحت هذه النسبة الان 98.5% غاز طبيعي ، ولوحظ انخفاض الملوثات تبعا لذلك ، حيث تم تحويل كل المسابك . حول منطقة شبرا الخيمة الى العمل بالغاز الطبيعي ، كما تم تحديد منطقة صناعية في ابو زعبل لنقل المسابك فيها لتعمل بطرق تكنولوجية اكثر تطورا . كما تم تحويل 50 مصنعا ينتجون الطوب الطفلي في عين حلوان من العمل بالمازوت الى الغاز الطبيعي ، بالضافة الى 25 اتوبيس تابعا لشركة اتوبيس القاهرة ، و 19 اتوبيسا تابعا للنقل العام للعمل بالغاز الطبيعي ، لكن 45 اتوبيسا لا يساوون شيئا وسط 4200 اتوبيس لا تعمل بالغاز الطبيعي .. !! لذلك فكرنا بطريقة اخرى ، وذلك بان نختار 15% من كل الاتوبيسات تكون الاسوا ، حيث تنتج 40% من ملوثات الاتوبيسات ، وتقوم بتطويرها ، واستوردنا معدات ، وقمنا بعمل التدريب اللازم . وسوف يستغرق انجاز ذلك عام على الاكثر .

د . حسن ابو بكر علق على كل ما قاله المتحدثون في هذا الشان بقوله :
" نشكركم على تقديم الاجراءات القائمة على المعلومات . لكن جهاز شئون البيئة لن يستطيع عمل شيء امام الوزارات القائمة ، والاجراءات المذكورة رغم اهميتها فانها لا تساوي شيئا بدون الارادة السياسية .

لذلك فهناك تركيز على الحلول الفنية دون الاهتمام بالتربية والتدريب والتوعية التي تجعل الحل له خاصية الاستمرارية ، فهناك قطاع مهم معني بالمشكلة ولا يراها .

د . حمدي السيد رجع الى موضوع القش وقال :
" لماذا يحرق الفلاح القش ؟ جميع كليات الزراعة تحرق القش للتخالص من الحشرات واضافة سماد للتربة ."

أ . فوزي غنيمي تحدث قائلا :
" اشكر حرائق قش الارز لانها القت الضوء على المشكلات الاخري . والتركيز على حرائق قش الارز هو تركيز على 20 يوم في السنة ، وهناك مصادر اخرى للتلوث وايام السنة كلها ياتي الهواء من الشمال الشرقي والشمال ، وفي الخريف ياتي الدخان من الشمال الشرقي ويظهر في شمال القاهرة باشد ما يمكن ز لكن جنوب القاهرة له مشاكله طوال العام ، وهناك ملوثات مرئية واخرى غير مرئية وهي اشد خطورة .
وبالنسبة للاجراءات فانه يمكن ان نعرف مصدر التلوث ، ونعرف كل يوم من اين ياتي الهواء ، ونعمل كنترول على حرق القش ، ونزرع الارز وننظم عملية حرقه ، وليس من الصعب عمل ذلك خاصة وان الثقة في التنبؤات اصبحت عالية جدا .

الناس يريدون نشرة جوية تقول لهم متى يروون الارض بدلا من الكلام عن التلوث . لكن الاعلام لا يعطينا الوقت الكافي .
وعلى نفس المنوال تحدث ا/ اسامة فرماوي قائلا :
" في النشرة الجوية ، وبسبب ضيق الوقت المخصص للارصاد في التليفزيون ووسائل الاعلام عامة ، فانا لا نجد الوقت لنشرح للناس أي شيء عن الجو ، لذلك يقول الناس علينا دجالين ، لكن الحقيقة أننا نستطيع أن نصف كل منطقة فى الجمهورية 0
ومن ناحية أخرى فأننا لدينا الآن سحابتين ، واحدة من الزراعة ، والأخرى من المصانع 0 ولو ألقينا نظرة على المستوى الذى يتأرجح حوله العام كله ، فسنجد أنه يزيد خمسة أو عشرة أضعاف عندما تأتى هجمة دخان من الجنواب أو الشمال 0 هى أذا ليست كوبا يمتلى ، لكنه كوب يسكب عليه ماء من الجردل "
د 0 أحمد جمال عبد الرحيم أخذ الميكروفون ثم قال :
" سأستكمل الأجراءات الفعلية التنفيذية ، فهناك نوع أخر من ألأجراءات لتحسين أدوات التشخيص ، كل ما لدينا 6 محطات ضمن الشبكة القومية لرصد ملوثات القاهرة تعطى بيانات كل ساعة ، بأضافة الى 36 محطة لأخذ عينات ، وقد تحسنت هذه الأدوات ، وبدأنا نفهم أكثر ، وأصبح التشخيص أدق والصورة أوضح 0 ومنذ تجربة 1999 وحتى الآن تعلمنا الكثير ، وما زال هناك الكثير ليتم أنجازه ، ونشأت فكرة عمل نظام أنذار مبكر لملوثات هواء القاهرة ، ويقوم على بيانات من الأرصاد الجوية وبيانات من شبكات الرصد ، ومع ذلك لم نستطع التنبؤ بالسحابة عام 2000 ، لأنه يجب أن يتم العمل أعتمادا على نظام سنوات سابقة ، لأنه النظام "المودل " لدى الاحصائي يجب ان يقوم على بيانات للسنوات السابقة ، والارقام الموجودة لدى الارصاد منذ اعوام طويلة ، ولقد طورنا هذا النظام بحيث اننا نستطيع التنبؤ الان .

وهنا تجب الاشارة الى النظام ادارة الازمات الذي انشاناه وكان فعالا في العام الماضي . وتم وضع نظام انذار متكامل مع الوزارات ن حيث جمعنا ممثلين من 9 وزارات منها الصحة والتعليم . وذلك لترتيب اجراءات يمكن اتخاذها في مستويات الازمة المختلفة ، وهي ثلاث مستويات ، المستوى الاول هو التحذير ، ثم الانذار ثم مستوى الكارثة . فمثلا في المستوى الاول يتم منع الاجازات من المستشفيات ، وعند المستوى الثاني تعمل المستشفييات بنظام الطوارئ .... وهكذا ، ونواجه بعض المشكلات في هذا الشان ، فمثلا نجد انهم رفضوا في المرور ان يتم منع السيارات التي تعمل بالسولار عند مراحل التحذير والانذار ، وعلى العموم فان الجميع لا يستطيعون استيعاب ان ادارة الازمة لها مستوى اخر من التعامل يختلف عن الاجراءات العادية .

ثم بدانا البحث في مدى معرفتنا العلمية الدقيقة لملوثات الهواء في القاهرة . طبعا هناك احصاءات . لكنها غير دقيقة وغير علمية . الا هناك دراستين .

الدراسة الاولى : تعني بتسيب الملوثات الى مصادرها وسيتم استكمالها في الخريف . وفي ابريل القادم سيكون لدينا صورة اوضح لست مناطق في القاهرة .
الدراسة الثانية : اننا لدينا مخزن كبير للملوثات في القاهرة لم يحدث لها جرد دقيق في السابق . وسوف تقوم بهذا الجرد خلال السنتين القادمتين في دراسة مشتركة مع جهاز شئون البيئة الامريكي ، حيث تتناول الدراسة جميع الملوثات الموجودة في القاهرة من مصانع وورش صغيرة وملوثات متحركة . ونحاول الان تحديد ادوات التشخيص التي يمكن ان نفهم بها الوضع .

د . احمد الاهواني تحدث قائلا :
" احد مكاسب الجلسة اننا مسئولين . وان المسئولين يسمعوننا ، خاصة وان هناك روح لتقبل الخلاف لم تكن موجودة في العامين الماضيين . ورايي ان المشكلة لا تحتاج الى عمل التزام سياسي . وانما تحتاج الى مزيد من العمل المجتمعي والمدني ، فالجمعيات في امريكا تنجز مهام عديدة بشكل سريع وغير مكلف .

كذلك ارى ان طبيغة العالم الحديث تجعلنا نرى أي مشكلة مهما كانت محلية في اطارها العالمي . كذلك فانه في غيبة المعلومات والسيطرة والفاعلية لا نستطيع التفاؤل او التشاؤم ، خاصة وان لدينا مشاكل ضخمة في البيروقراطية ، ولا نحسن استغلال العامل الانساني ، خاصة الجانب الشبابي عن طريق التعليم والاعلام واستنهاض العمل الاهلي وعمل مشاريع وابحاث في الجامعات ، بحيث تكون ادارة الازمات على اساس العمل الوقائي الطويل وفي هذا الاطار لابد من استخدام البيروقراطية ، فمناطحة البيروقراطية لن يكون كجديا ، وذلك بجانب الاعتماد على الرؤية العالمية لجلب التمويل العالمي للبيئة لانقاذ الاثار . فالمسالة البيئية في مصر لها خصوصية حضارية .

ثم قام المهندس / ياسر شريف بسرد النقاط الاساسية التي ذكرها المتحدثون في هذا المحو ، فقال : " عندما تحدث ازمة ، ونكون قد عرفنا تقريبا ما يحدث ، لكننا لا نكون عرفنا ما يحدث بالضبط عندئذ تكون هناك اجراءات يمكن ان تتخذ ، مثل عمل كنتررول على الحرق بتوزيع فترات الحرق على النهار والليل بدلا من ان يتم ذلك خلال ساعات قليلة من الليل ، وعدم زراعة الارز في المحافظات القريبة من القاهرة ، وايقاف المركبات الملوثة ، وهى اشياء ينبغي لها ان تحدث بسرعة .

نقطة اخرى هي ان جهاز شئون البيئة خرج عن دوره التنسيقي ، واصبح يدعي دورا تنفيذيا . وكان هذا خطا تاريخي ، ويتضح ذلك في الاعلام ، حيث يقال ان جهاز شئون البيئة فعل كذا . ولا يقال نسق كذا تقولون ان مشكلتكم انكم تقومون بدور وزارة الزراعة وغيرها من الوزارات ، لكن هذا خطاكم من البداية ، وكان يجب ان ينتبه جهاز شئون البيئة في دوره التنسيقي لدور الاعلام والمجتمع المدتي ، باعتبارهم الحلفاء الطبيعيين ، وهذا يقودنا الى موضوع المحور الثالث الخاص بالاعلام ."


المحور الثالث
مشكلة تدفق المعلومات

افتتح فاعليات المحور الثالث د . حسن ابو بكر منسق المحور بطرح اشكالية في علاقة القضايا البيئية بالسياسيين فقال : " كما يقول استاذنا د . عبد الفتاح القصاص انه عندما يحذر خبراء البيئة من مشكلة ارتفاع البحر في المدن الساحلية . ياتي السياسي ويسال عالم البيئة عن هذا التحذير ، فيرد عليه انه من الممكن ان يرتفع ، ولان عالم البيئة يقسم بان البحر سيرتفع ، فان السياسي لا ياخذ قرارا في المشكلة ، لان القرار له تكلفة . والحقيقة ان هناك جزء اخر خطير جدا خاصة في السياق الثقافي لمجتمعنا ، وهو العلاقة بين نقص المعلومات وبين الاوهام . فنجد الراي العام يتخيل اشياء مستحيلة ، مثل مناورات النجم الساطع ، والاعتقاد بان المسئولين يمكنهم تغيير دورة المطر . المشكلة متعددة المستويات فيما يتعلق بتدفق المعلومات ، وفي قضية السحابة نجد اننا معانين بمطاردة الازمة وليس الوقاية منها كنت اتصور فيما يخص الاجراءات ان تكون هناك اجراءات عاجلة ، واخرى متوسطة ، واخرى طويلة المدى وهنا ناتي الي مفهوم الاستراتيجية متعددة الاطكراف ، ودور المجتمع المدني ، واتاحة المعلومات .

واتذكر الان كتاب بعنوان " عقل جديد لعالم جديد " للدكتور احمد مستجير ، حيث يقول فيه ان قدرة البشر على رصد التغيرات السريعة اكبر من قدرة الكائنات الاخرى ، فالبصر هو اهم الحواس لدينا . لذلك فانه على الرغم من اننا نعيش في الهواء الملوث لكنه كان يجب ان نراه بالعين في شكل سحابةسوداء لكي ننتبه .
وفي قضية المعلومات هناك مستوى تدفق المعلومات بين الجهات المعنية وبعضها البعض ، ومستوى تدفقها بين هذه الجهات ووسائل الاعلام وكيفية معالجة وسائل الاعلام للقضايا البيئية ، وكيف يكون المجتمع المدني منتجا للمعلومات ومغذيا لمراكز اتخاذ القرار بالمعلومات ، وكيف يكون الناس انفسهم منتجين للمعلومات . ولذا قصة لها دلالة ، فمنذ حوالي شهر كانت هناك دورة كبيرة استمرت شهرا لثلاثين شخصا من الجمعيات الاهلية . لتدريبهم كي يكونوا مدربين بيئيين ، وجاء احد المسئولين وهو رجل فاضل ، لكنه كان يقول ان الارقام موجودة لكنه لن يقولها لنل حتى لا ننزعج .. هل نحن اطفال صغار فاقدوا الاهلية ؟ ثم كيف يمكن حشد الجماهير بدون ان يكون لديهم معلومات ، وبدون ان يعرفوا حجم المشكلة ؟

ثم تحدث ا/ خليل ابو الحسن من مركز حابي للحقوق البيئية مستعينا بتجربة التقرير الموجز الذي كان قد اصدره مركز حابي تحت عنوان " هل تواجه الدخان .... للمرة الثالثة " فقال : " قضية تدفق المعلومات اوسع من تدفق المعلومات في مشكلة السحابة السوداء او القضايا البيئية .

فهي مشكلة هيكلية سياسية اجتماعية قانونية ، لكنها مشكلة تذداد صعوبة فيما يخص القضايا البيئية في بلادنا ، لان الموضوعات البيئية غير مطروقة بدرجة كافية في اذهان الناس د . سامية كانت تقول ان بعض الناس يندهشون من بعض المشاكل الصحية التي تظهر لديهم ، ولا يفكرون في ارتباطها بالتلوث والبيئة . فهم يواجهون مشاكل لا يبحثون لها عن سبب ، وذلك نتيجة غياب المعلومات لديهم ، وهنا نجد التاثير السلبي لمشكلة تدفق المعلومات فيما يخص المشاكل البيئية .

وعندما اتحدث عن تجربة التقرير الذي اصدرناه في مركز حابي واعتمدنا فيه على ما نشر في الصحف .فان كل الملاحظ عدة اشياء .

اولا : ان اهتمام التليفزيون بقضية السحابة كان ضعيفا للغاية .
ثانيا : في الصحافة كان التشتت الموجود لدى المسئولين والخبراء ينعكس بشكل مضاعف ، في الصحف وبشكل ربما يكون اكبر مما هو موجود في الواقع ، عندما استمع لوجهات نظر المسئولين والخبراء في هذا النطاق شعرت ان هناك درجة من تقبل وجهات النظر الاخرى ، لكن في الصحافة كان الامر يبدو مختلفا ، كان هناك حث تصادمي بين الاراء ، وفي رأيي ان المشكلة ليست في الصحفيين ، لكن المشكلة في ان المعلومات عندما يكون فيها تضارب كبير ، فان الصحفي يتوه وسطها ، وينعكس ذلك في كتابته . والسبب في ذلك هو عدم الشفافية لدى المسئولسن وحتى عدم اعترافهم بان هناك اسباب مجهولة لا يعرفونها . فعندما ظهرت السحابة ، سارع المسئولون باصدار التصريحات التي تؤكد انهم يفهمون الظاهرة جيدا واسبابها ، فكانوا يدلون بتصريحات ثم يصدرون تصريحات مناقضة للاولي ، وفي هذا السياق قرانا تصريحات متضاربة لنفس الاشخاص ، المسئولون يريدون ان يظهروا بمظهر الذي يعرف كل شيء ويتحكم في كل شيء .

د . احمد جمال عبد الرحيم تحدث عن تجربته في هذا الموضوع قائلا :
"في نوفمبر 1999 كان الموضوع مفاجاة للجميع ، حيث كان كل التركيز على نهر النيل ، وفوجئنا بالسحابة دون ان يعرف احد سببها حتى يناير 2000 ، ولم يقيم احد بجمع وجهات النظر ، وظهرت الصورة الحقيقية في يناير 2000 ، حيث تم جمع 40 اعلامي ، وتم تنظيم دورة مكثفة لهم " الحيبة الاعلامية " وهي عبارة 12 موضوع مبسط عن السحابة السوداء .

وفي 2 نوفمبر 2000 كان اول اجتماع لادارة الازمة ، حيث تم التفاق على ىاصدار بيان في الصحافة والتليفزيون وتم اذاعته بشرة الساعة السادسة والتاسعة وتم تصوير حرائق قش الارز في التليفزيون وبالنسبة لمشكلة تدفق المعلومات بين الا�

المصدر: شبكة المعلومات الدولية http://www.hcer.org/ar/node/236
absalman

دكتور / عبدالعاطي بدر سالمان جيولوجي استشاري، مصر [email protected]

  • Currently 57/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
19 تصويتات / 675 مشاهدة
نشرت فى 13 سبتمبر 2010 بواسطة absalman

ساحة النقاش

دكتور: عبدالعاطي بدر سالمان

absalman
Nuclear Education Geology & Development »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,442,766