بقلم / محمد حفيظ
بات حديث المؤامرة والتواطؤ القاسم المشترك الذي يفسر به اليمنيون السيطرة السريعة على المدن التي وقعت بيد مسلحي جماعة الحوثيين، ولا يشذ حال مدينة الحديدة الإستراتيجية الواقعة على البحر الأحمر عن ذلك، خاصة أنها سقطت بسرعة في يد الحوثيين. لم يعد السقوط السريع لمدينة الحديدة الإستراتيجية منتصف الشهر الجاري بيد جماعة الحوثيين لغزا بالنسبة لسكان المدينة، الذين يؤكدون أن عناصر الحوثيين القادمين من خارج المدينة تم إسنادهم من قبل أجنحة وقيادات في الجيش موالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، سلمت المعسكرات لهم دون مقاومة. وقالت مصادر مطلعة للجزيرة نت إن قوة أمنية كانت قد اعترضت طريق المسلحين الحوثيين قبل أن يتمكنوا من الدخول والسيطرة على مخازن الأسلحة في معسكر "الكمب" التابع للمنطقة العسكرية الخامسة بمديرية باجل بوابة العبور الشرقية للحديدة. وأوضح مصدر مقرب من قيادة أمن باجل -طلب عدم ذكر اسمه- أن مدير أمن المديرية وجّه هذه القوة الأمنية بالانسحاب والسماح للمسلحين الحوثيين بالعبور، بناء على توجيهات عليا تلقاها، تقضي بعدم الاصطدام مع المسلحين الحوثيين، مقدرا عددهم بنحو ثلاثين شخصاً "بحوزتهم أسلحة خفيفة ومتوسطة". نهب السلاح وقال إن الهدف من دخولهم مديرية باجل "كان تأمين عملية نهب مخازن السلاح قبل التوجه للسيطرة على مدينة الحديدة، وجرى نهب مخازن السلاح بمساندة أفراد وضباط عسكريين يتبعون أحد الألوية التابعة للحرس الجمهوري الذي كان يتبع أحمد نجل الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح". وذكر أن الحوثيين سيطروا على مخازن الأسلحة في معسكر الكمب ومدرسة "قتال" بمديرية الضحي شمال الحديدة، واللواء 82 مشاة بمنطقة رأس عيسى والقاعدة الجوية بالمطار الحربي، وأحكموا سيطرتهم على مقر القاعدة البحرية وكتيبة النصر بمنطقة الطايف ولواء الأشعري بمديرية الخوخة في جنوب الحديدة، واقتحموا مطار وميناء المدينة وانتشروا هناك. ويعتبر القيادي في الحراك التهامي محمد عمر مؤمن ما حدث في الحديدة "مؤامرة كبيرة، تم من خلالها تسليم مؤسسات ومعسكرات الدولة لمليشيات الحوثي وأجنحة في الجيش اليمني تتبع قيادة النظام السابق، بدلا من أن تسلم هذه المليشيات أسلحتها ومعداتها للدولة. استفزاز واستهداف وقال للجزيرة نت "إن مليشيات الحوثيين الآن تستخدم هذه الآليات والمعدات والفصائل العسكرية بصفة عامة ضد أبناء الوطن، وبصفة خاصة في استفزاز المواطنين واستهداف المناطق والأحياء التهامية بالحديدة بهدف إخضاعها لقبول الأمر الواقع وإخماد الرفض الشعبي". ويرى أن ما يجري "جاء على خلفية فكرية وسياسية بحتة تندرج ضمن الأطماع الحوثية في محاولة إلى إعادة البلاد إلى ما قبل عام 1962 بهدف صياغة اليمن على أساس طرف شمالي وجنوبي يحصل بموجبه الجنوبي على ما كان يسمى سابقا الجبهة القومية، وفي الشمالي يعيد الحوثيين حكم الإمامة". من جانبه، قال المحلل السياسي حسن مشعف "إن سهولة السيطرة على أهم معسكرات الجيش تعكس مؤشرات خطيرة عن تحالف الحوثيين مع أركان نظام الرئيس السابق بهدف استهداف اليمنيين وثورة 11 فبراير 2011، وهناك دلالات واضحة على صحة المعلومات التي تحدثت عن تورط وزير الدفاع وقائد هيئة الأركان في سقوط الحديدة". وأكد أن ما جرى "تسليم سلس للحوثين تم بمباركة رسمية وبدعم ومساندة من قبل شخصيات بارزة يعرف انتماؤهم لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس المخلوع". كما أوضح أن جماعة الحوثيين "لم تعط للمكاتب التنفيذية والإدارات الحكومية في المحافظة أي اهتمام، بل ركزت على معسكرات ومواقع الجيش لإسقاطها، مما يعني أن محافظة الحديدة قد تشهد مرحلة أخرى من تحركات الحوثيين لاستكمال عملية السيطرة".