كم حدثوك عن التخلي ، و عظمة ما بعد التخلي ، و في التخلي تجلي ، تنكشف الكنوز و تنفتح الروح على براح كبير ، و عمق و اثر ، و تزكية ،
لكن كيف تتخلى ؟ و الترك قوة لا يستطيعها الا القليل ،
قبل التخلي ، لا تتخيل كيف يمكن أن تترك بلا رجعة ، قبل التخلي تتعلق روحك بما تمسكت به بصدق ، و أعطيت بسخاء ، و اخلصت بحب ، تتعلق روحك كأن الحياة توقفت على هدف وحيد ،
قبل التخلي لا تفريط فيما بين يديك ، حياة ، علاقات ، أماكن، اشياء ، أعمال، و حتى العادات و الصفات ،
لقد امضيت وقتا ثمينا في ذلك فكيف تفرط و تتخلى ،
الصادقون يتعلقون بشعاع النور حتى و ان خفت الضوء ، انهم يحاولون حتى ينجحوا ، و لا يفقدون المحاولات بسهولة حتى ينهاروا ،
المخلصون إذا أدركت قلوبهم و ارواحهم ان النور انطفأ و ان كل ما ظهر انه الدفاع عن الهدف ، و التشبث بالامل كان اوهاما ، تركوا ، و إذا تركوا فلا رجوع ،
الإدراك فكرة إذا دخلت إليهم تغيرت المشاعر في لحظة ، ليست كأي لحظة ، انها لحظة نفاذ الطاقة و انتهاء الصبر بعد اليقين بلا جدوى و لا نتائج، يتركون برضا تام و تسليم و قبول،
كأنها ضغطة زر ، مفتاح تم الضغط عليه فتغير الموقف من ظلام تام إلى نور القرار و الفرار و اليقين ،
لقد فعلوا كل شيء ، الا الانسحاب و الترك و التخلي حتى إذا تركوا لا يندمون و لا يعودون إلى ما قبل ذلك ابدا ،
يجدون في التخلي امتلاك ، و قوة و رضا ، كما كانوا يرون في التمسك بالعطاء أخذ و سعادة ،
يبسطون ايديهم التي كانت تقبض على كل شيء حتى جمر النار ، يبسطون ايديهم فينفلت كل شيء و يسقط ،
يكتشفون ان قبضة ايديهم فقط هي التي كانت الحماية الوحيدة لما تركوا فوقع ،
ان تخليهم كشف هشاشة كل ما انفلت و ما هوى و سقط ،
بعد التخلي يشتد العود بعد ما يخف الوزن ، و لم يعد الهش يحتل المساحة و يمتص كل هذا الهش الطاقة ،
تتسع الرئة للهواء و التنفس ، يفسح الأوكسجين ملامح الحياة التي كادت ان تتوارى تحت وطأة إجهاد قبض اليد على الأشياء و المعاني الزائفة ،
ثم يجدون الراحة في الترك و التخلي ، لانهم جربوا القبض و التمسك فخسروا ، و ما شاء الله كان ، في قلوبهم رضا على نتائج الدروس بعدما تعلموا ،
صدقوا و لم يخسروا أنفسهم تحت وطأة نار التجارب ،
الله الوجود و هو الواحد الموجود و غيره العدم ، فلماذا لا تتخلى و كل شيء يزول ، و انت راض عن نتيجة اختبارات قادتك للترك و التخلي ، بعد رحلة وعي ، و يقين بأن ما تمسكت به كان يؤذيك، و الوعي طوق نجاة فالتمس ادوات نجاتك و حياتك و جناتك،
كل ما له بداية ينتهي ، و سبحان من له الدوام، فما بالك انك كنت تمسك و تتمسك بجمر النار .