يجب أن تقترن الحرية التي ننشدها بالتحلي بالمسئولية؛ فليس معنى أني حر أن أفعل ما أشاء وقتما أشاء وكيفما أشاء بلا حساب للعواقب، فالحرية الحقة تعني أني أفعل ما أقتنع به وما ينتج عن تفكير حر، وأني بفعلي هذا مستعد أن أتحمل مسئوليته وتبعاته.
وهذا يثير قضية العلاقة بين الحرية والعبودية، فهما نقيضان لا يجتمعان، لذلك نجد أن الشريعة الإسلامية قد فرقت بوضوح بين عقوبة الجريمة التي يقترفها الحر وتلك التي يقترفها العبد؛ فالعبيد قد يضطرون إلى فعل أشياء بأوامر أسيادهم، لذلك رتبت الشريعة على ذلك أن عقوبة العبد تقل عن عقوبة الحر.
وبعد أن اختفت العبودية - بمعناها الواضح الحسي – نجد أن القوانين تخفف العقوبة عن مقترف الجريمة المضطر أو الذي تحكمه الضرورة عن ذلك الذي يقترف جريمته بملء إرادته وكامل وعيه، أو مع سبق الإصرار والترصد.
لذلك فالحرية تعني تحمل مسئولية ما أختاره بناء على فكري الواضح واختياري الحر، ومما سبق نؤكد أن الحرية الحقة تنبع من إعمال للعقل وإرادة قوية واختيار حر.
تلك هي الركائز التي يجب أن نؤسس عليها حريتنا المنشودة؛ فالعبيد ليسوا أحرارًا، والمضطرون ليسوا أحرارًا؛ فإذا أردنا الحرية فعلينا أن نتحلى بالأفعال الصادرة عن تفكير حر واستخدام للعقل.
وعندما نتحلى بهذا النوع من الحرية الخالصة يجب علينا أن نتحمل نتائج أفعالنا وتبعاتها ومسئوليتها، وبالتالي يترتب على هذه الحرية ما ينتج عنها من ثواب أوعقاب.
ووقتها يمكن أن نقول بحق: أنا حر .. أنا مسئول.
ساحة النقاش