لاشك أن العلاقة بين الشعب المصري وجهاز الشرطة قد شابها كثير من الشوائب والشكوك؛ بعد سنوات كثيرة من القمع وسوء المعاملة لجموع الشعب من قبل جهاز الشرطة، خاصة في جانبه الذي يهتم بتوفير الأمن للنظام الحاكم، والذي كان يسمى قديمًا "البوليس السياسي"، والذي أصبح فيما بعد "جهاز أمن الدولة".
فهذا الجهاز وإن كان قد حافظ على أمن الوطن ضد كثير من الأخطار وعلى رأسها الإرهاب، إلا أنه أشاع الذعر والفزع في نفوس المصريين، وكانت له العديد من الممارسات غير القانونية كالاعتقالات والتعذيب.
هذه الممارسات بالإضافة إلى ما كان يلمسه الناس من سوء معاملة في نقاط التفتيش على الطرق، وكذلك شيوع صور الفساد والرشوة في كثير من قطاعات الشرطة التي تتعامل مع الجماهير؛ كل هذه الممارسات رسبت في نفوس المصريين مشاعر سلبية ضد جهاز الشرطة.
وكانت المواجهات العنيفة بين الشعب الثائر والشرطة التي واكبت ثورة 25 يناير تمثل ذروة الاحتقان لدى الشعب؛ حيث وضع النظام الحاكم الشرطة كدرع قوي يصد الشعب ويمنعه عن إسقاط النظام، وزاد من هذا الاحتقان سقوط المئات من القتلى وآلاف الجرحى في صفوف المتظاهرين، كما سقط عشرات من رجال الشرطة أمام غضبة الجماهير، وزاد الأمر سوءًا باختفاء رجال الشرطة من الشوارع وعدم قيامهم بدورهم الأهم وهو حفظ الأمن في المجتمع.
هذا العرض السابق أدى إلى صورة قاتمة، ولكن ونحن نبحث عن بناء أسس جديدة يمكن من خلالها بناء علاقة قوية بين الشرطة والشعب، يجب أن نحدد القواعد التي يجب توافرها لضمان عودة جديدة وقوية للشرطة:
- محاسبة المخطئ من رجال الشرطة في الحقبة الماضية وإعلان ذلك للجماهير؛ حتى لا تؤدي هذه الأخطاء إلى تشويه صورة رجال الشرطة الشرفاء؛ فيجب تطهير جهاز الشرطة من الفاسدين، وأن نميز الخبيث من الطيب.
- حل المشاكل المهنية وتعديل الرواتب وتهيئة ظروف العمل لرجال الشرطة لتوفير المناخ السليم للعمل.
- حرص رجال الشرطة على تطبيق القانون بعدالة ونزاهة، والتعامل مع الجماهير وفق قواعد مهنية، وعدم استخدام أساليب التعذيب والترويع.
- احترام الجماهير لدور الشرطة وعدم إعاقة هذا الدور، ويكون هذا بدعم من الإعلام ومناهج التعليم.
تلك هي القواعد التي تضمن للمجتمع أن تكون الشعارات التي تتردد واقعًا نحياه، وتكفل لنا أن يكون " الشعب والشرطة يد واحدة".
ساحة النقاش