نبدأ جولتنا بمقال للكاتب سمير مرقص بجريدة الشروق، والذي جاء تحت عنوان "الإسلام السياسي والحوار المطلوب"، وذهب مرقص ـ في مقاله ـ إلى أنه من أجل وحدة هذا الوطن ومستقبله لابد من أن يطلق حوارا وطنيا، يبدأ مما أسماه ب"إسلام الخبرة المصرية"، ويرى الكاتب أنه من خلال تجربته الحوارية مع مجموعة من رموز الفكر الإسلامي، يمكن القول إن تيار المجددين نجح فى أن يعبر عن الخبرة المصرية للإسلام مستوعبة المنظومات الفقهية الإسلامية من جهة، وفاعلة فيها من جهة أخرى.
و عرض مرقص ما طرحه الدكتور محمد سليم العوا في كتابه "الفقه الإسلامى فى طريق التجديد"، كنص تأسيسى لمن يريد أن يقترب من مسألة غير المسلمين، ومن أهم النقاط التي أكد عليها مرقص في هذا الطرح:
ـ العلاقة بين المسلمين والمسيحيين "علاقة المشاركة فى الدار والأخوة فى الوطن".
ـ والوشائج الرابطة بين الفريقين وشائج ثابتة لا تهزها محن طارئة تعترض حياة الفريقين أو حياة واحد منهما.. تشتد وتقوى إذا تعرض الوطن كله لمحنة عامة أو خاض حربا ضد عدو أجنبى أو واجه طغيانا من مستبد محلى.
ـ وأنه يجوز "لغير المسلمين من المواطنين من الحقوق العامة والخاصة، ومن حق تولى الوظائف العامة مثل ما للمسلمين بلا زيادة ولا نقصان.. ذلك أننا: «.. خرجنا من إطار الإمامة التى عرفناها فى تاريخنا إلى إطار الدولة المدنية التى نعيش فيها الآن، ويجوز أن يتولاها أى إنسان مسلم أو مسيحى، أو أى شخص مواطن فى الدولة لأنه جزء من المؤسسة وليس هو المؤسسة كلها، وجزء من الحكومة وليس هو الحكومة كلها..."
وفي ختام مقاله أكد الكاتب على أن التراكم على الخبرة المصرية بما لها من زخم فقهى ما يجعلها تتجاوز تجارب أخرى. فليس من المنطقى أن ننُحى اجتهاد الخبرة المصرية لصالح اجتهادات جاءت فى غير سياق من جهة أو نتيجة عدم إطلاع على المسار الفقهى العريق من جهة أخرى، والنتيجة فى الحالتين البدء من أول وجديد والعودة إلى المربع واحد.
"التزام الثورة ونقد الذات"
وننتقل إلى جريدة الخليج الإماراتية، ومقال للكاتب كلوفيس مقصود، "التزام الثورة ونقد الذات"، وفيه يرى مقصود أن الحيوية الملهمة التي ميزت حركات التغيير في كل من تونس ومصر لم يكن لها مرجعية متماسكة، أو بالأحرى موحدة بالقدر المطلوب . وأن هذا لا يعني أن وجود طلائع قادرة ومؤهلة غير متوافرة، لكن ما حصل بعد سقوط النظامين اعتبر الإنجاز بحد ذاته بمثابة انتصار واضح، وهو كذلك، لكن لم تتبعه بما فيه الكفاية خطوات تميز، وكأن من صنعوا الانتصار ـ وهنا التوصيف دقيق وصحيح ـ لم يكونوا مهيئين بالقدر المرغوب إلى تأسيس مرجعية موثوقة قادرة على توفير البوصلة التي ترسم بوضوح مراحل الانتقال إلى مشروع النظام البديل.
ويُرجع مقصود ذلك إلى أنه عندما تحقق الانتصار ظهرت تعددية الرؤى وتناقضاتها ما أدى إلى عجز عن تحديد برمجة واضحة المراحل وإلى ظهور قوى كانت عصية على نقد الذات وعلى إخراج نفسها من الانطواء على الذات وبالتالي قررت احتضان الثورة الشبابية لعلها تكافأ بتمكينها أن تتولى قيادة ما عجزت بقواها الذاتية عن تحقيقه .
وذهب الكاتب ـ في سياق عرضه لرؤيته تلك ـ إلى أن الانتصار على النظام البائد كأنه لم ينطو بالقدر الكافي على قدرة رسم وبالتالي توفير البدائل، وبالرغم من هذا النقص المؤذي أفسح المجال أن تدار المرحلة الانتقالية بمن اعترفوا بشرعية ثورة الشباب ووفروا حماية صادقة، ما سرّع في إنجازاتها الملهمة، ومن ثم قامت قيادة القوات العسكرية بإدارة المرحلة الانتقالية ما مهد للتنظيم الواضح في التزامه أن يوفر الغطاء لدستور دون ما توقعته ثورة الشباب، وإذ بالدستور الجديد جاء مبتوراً في صدقيته، وإلى حد ما نتيجة للتبعثر الذي ساد حالة ما بعد الانتصار في ساحة التحرير، ومهد لفرض أوضاع حائلة دون الإصلاحات الجذرية التي تعبر عن تطلعات ثورة الشباب في كل من مصر وتونس .
وخلص مقصود إلى أن الفترة الحالية تتطلب ضرورة الانتقال من مرحلة الإلهام إلى سلامة الالتزام، إذ إن ما حصل أخرجنا من حالة الإحباط والانكفاء وأعاد للأجيال بمختلف أعمارها رغبة المشاركة بإيصال تجاربها التي كانت ملهمة في زمانها وتلاشت نتيجة إخفاقاتها إلى الأجيال الشبابية حتى تبقى مسيرة الثورة مستمرة من دون تقطع وحتى يتمكن الثوار الملتزمون من اعتبار نقد الذات هو البديل لهدر الفرص المتاحة وتهميش الطاقات الذاتية في بناء النظم الجديدة المحددة . ورأى أن هذا الحوار بين الأجيال من شأنه تجنب أية رغبة في الاستيلاء على إدارتها أو احتكارها . . كما أن نقد الذات يؤكد متانة الإنجاز ومناعة المشاركة في إرساء وتفعيل عوامل وعناصر تأكيد ثوابت الثورة مع تمكينها من التكيف مع المستجدات .
(ثائر) من جنود فرعون
وعودة إلى الشروق لنتعرف على ذاك ال "(ثائر) من جنود فرعون"، والذي يحدثنا عنه الكاتب الكبير فهمي هويدي في مقاله، وهو الدكتور فتحي سرور رئيس برلمان مبارك طوال 21 عاما، ويقول هويدي ساخرا أنه أخيرا اكتشفنا ان بعض جنود فرعون كانوا ثوارا ونحن لا نعلم. صحيح أنهم تعلقوا بأهدابه وتقلبوا فى بلاطه، وتغنوا بإنجازاته واستجابوا لنزواته ومكنوا لاستبداده، وباركوا شطحاته وحماقاته، لكنهم ظلوا يكظمون غيظهم ويكتمون استياءهم. وما ان سقط فرعون عن عرشه حتى أفشوا ما اخفوه إبان عشرين عاما، وخرجوا على الملأ قائلين انهم عاشوا طوال تلك المدة يحدثون أنفسهم بالتمرد وينكرون المنكر بقلوبهم. مشير إلى ما ورد على لسان الدكتور فتحي سرور في حوار نشرته "المصرى اليوم، على ثلاث حلقات، قال فيه ما يلى:
ـ المرحلة السابقة شابها بعض العيوب التى نبهت لها المسئولين، لكنهم لم يستمعوا ولم يرتدعوا ــ عندما نبهت إلى خطورة استئثار الحزب (الوطنى) بكل المقاعد كانوا يرفضون ــ لم أكن شخصيا راضيا عن كثير من الأداء، بالنسبة للداخلية أو الحزب الوطنى فى الانتخابات، وشكوت وزير الداخلية لرئيس الجمهورية، ولم يفعل شيئا ــ كنت ساخطا ولأننى كنت فى الجانب المعارض، فإنهم لم يكونوا يخبرونى بما يجرى ــ الانتخابات التشريعية الأخيرة كانت غباء سياسيا والحكومة كانت تلتف على مطالب نواب الشعب من الأغلبية ومن المعارضة، والفساد كان كثيرا ــ الرئيس مبارك هو المسئول عن المادة 76 (التى قصرت الترشح للرئاسة من الناحية العملية على من يقدمه الحزب الوطنى) ــ لم أكن راضيا عن مضمون المادة 76 وكان دورى مقصورا على إدارة الجلسة التى مر فيها التعديل ــ التعديل الذى ألغى الإشراف القضائى على الانتخابات كان صادما واعتبرته من قبيل الغباء السياسى أيضا ــ كانت لى ملاحظات على المادة 76 وعلى المادة 179 الخاصة بالإرهاب لكنهم لم يوافقونى عليها.
أنا "قرفت" من المجلس الأخير لأن الانتخابات كانت غير مطمئنة من بعض مشروعات القوانين كنت افاجأ بها قادمة إلينا من الخارج لأن علاقة الرئيس بالحزب كانت أقوى بعلاقته بالمؤسسة التشريعية
ويقول هويدي ـ في نهاية مقاله ـ أن الدكتور سرور عبر ـ في حواره ذاك ـ عن "قرفه" من مجلس الشعب الأخير الذى ترأسه، واستئذنه هويدي ان يشاركه ذلك الشعور، لسبب آخر مختلف تماما. وأعتقد أن جميع قراء هويدي يشاركونه "القرف"، لذات السبب الذي علل به قرفه.
ساحة النقاش