جميلة رشيد وجميلة جميلات عصرها زبيدة بنت محمد البواب الميزوني عين أعيان رشيد تاجر الأرز الكبير، زبيدة التي خلدها التاريخ وخلدها الشاعر والأديب "علي الجارم" في روايته الأدبية الشهيرة (غادة رشيد) التي لايختلف عليها اثنان في روعة مستواها الأدبي الفخم لكن بلا شك بها تزييف وتحريف واضح في الأحداث التاريخية، كما أن أديبنا وشاعرنا الكبير صور زبيدة كنموذج للتحضر والتمدن المصري وجسراً حيوياً للعبور بين الحضارات والتقارب بين الثقافات وهمزة وصلٍ لتلاقي الشرق والغرب(!)
تسلم الجنرال مينو مبعوث نابليون بونابرت ورفيق دربه والحالم هو الآخر بنفس حلم نابليون بتكوين إمبراطورية فرنسية في الشرق تكون مصر عاصمتها مفتاح مدينة رشيد من كبار أعيانها عام 1798.
كان مينو يعلم مايُكنه الشعب المصري من كراهية للمستعمر فتظاهر كصديقه بونابرت باحترام الدين الإسلامي بل ادعي أنه اعتنق الإسلام وسمي نفسه عبدالله ويريد الزواج من إحدي عائلات رشيد فرشحوا له واحدة من اثنتين ابنة الشيخ الجارم إمام مسجد المحلي أو
زبيدة ابنة محمد البواب الميزوني تاجر الأرز المعروف، لكن فور علم الشيخ الجارم بنوايا مينو سارع بتزويج ابنته من أحد تلاميذه فلم يبق أمام الجنرال مينو إلاخيار وحيد زبيدة ابنه تاجر الأرز محمد البواب الميزوني.
وبمجرد أن رآها افتتن بها وبجمالها علي الرغم من أنها كانت تصغره بأكثر من 30 عاماً.
وصف الجنرال مينو زوجته المصرية في أحدي رسائله لأحد أصدقائة من جنرالات الحملة:
"زوجتى طويلة القامة، مبسوطة الجسم، حسنة الصورة من جميع الوجوه، لها عينان رائعتان، ولون بشرتها هو اللون المصرى المألوف، وشعرها طويل فاحم، وهى لطيفة الطبع، وجدتها تتقبل كثيراً من العادات الفرنسية بنفور أقل مما توقعت، وأنا لم ألح عليها بعد فى الخروج سافرة على الرجال، فهذا سيأتى شيئاً فشيئاً، ولن أنتفع بما أباحه النبى من الزواج بأربع نساء خلاف السرارى، فإن فى النساء المسلمات شهوة حارة عنيفة، وفى زوجة واحدة أكثر من الكفاية"
بعد مقتل كليبر على يد سليمان الحلبى فى 14 يونيو من عام 1800. تولي مينو
قيادة الحملة الفرنسية فى القاهرة تاركاً زبيدة فى منزل الميزوني برشيد وهى حامل بطفلهما الأول، والذى وضعته فى 27 نوفمبر من عام 1800 وتم تسميته سليمان لاأدري هل سمي سليمان علي اسم سليمان الحلبي قاتل كليبر غريم مينو الذي كان يرفض البقاء في مصر علي عكس مينو الذي كان من أنصار البقاء في مصر أم أن هذه التسمية مجرد مصادفة؟
عام 1801، خرج مينو إلى الإسكندرية لمواجهة الإنجليز، ولكن باءت محاولته بالفشل ولم يستطع التصدي للإنجليز الذين وصلوا إلي رشيد، هنا قررت زبيدة الهروب مع ابنها سليمان مينو إلي القاهرة لتكون في حماية الضابط الفرنسى (الفران )أحد مساعدي زوجها مينو، وبعدها سافرت إلي فرنسا مع القوات المنسحبة فى التاسع من أغسطس عام 1801، ثم لحق بها مينو.
عقب وصول الزوجين لفرنسا استقرا في مارسيليا ثم هجر مينو زوجته المصرية لانشغاله بأمور الحكم والإدارة ولسوء أخلاقه وتردده علي الحانات والغانيات وانغماسه في حياة اللهو والسكر والعربدة وتراكم الديون عليه تم فصله من الخدمة العسكرية.
كانت الطامة الكبري التي نزلت علي رأس زبيدة ارتداد مينو عن الإسلام ومحاولته انتزاع الولد الثاني من زبيدة ليقوم بتعميده حسب ديانته المسيحية.
يذكر بعض المؤرخين أن زبيدة ماتت في فرنسا بينما يؤكد البعض الآخر أن
زبيدة عادت إلى مصر ودفنت بها لكن رواية رفاعة الطهطاوي في كتابه
الشهير (تخليص الإبريز) ص 37 الطبعة الأولى في حديثه عن زبيدة يروي رواية أخري نصها:
"لا يُعْرَف أي شيء عن نهاية زبيدة على مستوى اليقين، سوى بعض تكهنات المؤرخين أن ولدها الكبير توفي في ظروف غامضة، ولم تعرف الوصول إلى نجلها الثاني خاصة بعد وفاة مينو سنة 1810 م، كما أن أهلها لم يتمكنوا من الوصول لها، حتى عاشت في شوارع مارسيليا تتسكع طرقاتها مع شبهات حامت حولها بشأن احترافها للبغاء من أجل العيش، لكن الثابت هو أنها ماتت مسيحية كما يؤرخ رفاعة الطهطاوي لذلك"
ما يهمنا في قصة زبيدة هو أننا لم نلحظ أي رد فعل للشعب المصري علي هذه الزيجة؟
فالزوج محتل مستعمر للوطن كان يناضل ضده حتي يخرج من مصر فكيف يقبلون بهذه الزيجة(!)
هل انطلت علي الشعب المصري حيلة مينو باعتناقه الإسلام؟
وكيف قبل والد زبيدة بهذه الزيجة وبهذه السهولة؟
كان لديه حلول كثيرة أولها أن يسارع بتزويجها كما فعل الشيخ الجارم ليغلق الطريق أمام الجنرال المدعي للإسلام حتي لايدخل معه في صدام مباشر لكن التاجر الكبير محمد الميزوني بارك الزيجة(!) التي كانت أشبه بمؤامرة دولية لتوطيد حكم الفرنسيين في مصر عن طريق النسب والمصاهرة كما هو الحال مع زبيدة فتاة الB.B.C التي ادعت أنها اختفت قسرياً في مؤامرة فجة تحاك لمصر لتشويه سمعتها لتتباري منظمات حقوق الإنسان الموجهة والممولة وعلي رأسها هيومان رايتس ووتش بتقارير كاذبة عن مصر وعن ماسموه الإختفاء القسري في مصر لكن هذه المرة كان وعي الشعب المصري لهم بالمرصاد وفوق كل تصور ليكتشف المؤامرة ويُكذب الB.B.C البريطانية ودكاكين حقوق الإنسان وجزيرة قطر فلن يسمح الشعب المصري بضحية أخري وبزبيدة أخري...