تعد مؤشرات الحالة البيئية لأي دولة ركناُ أساسياُ في تقييم ما أصطلح علي تسميته بجودة الحياة Quality of Life. ومن بين أهم تلك المؤشرات البيئية "مؤشر نوعية الهواء الجوي" الذي يتأثر بالعديد من العوامل والمؤثرات من أهمها عوادم المركبات بأنواعها والتي تؤثر سلباُ بنسبة مؤثرة في نوعية الهواء الجوي خاصة في المدن المزدحمة ذات الكثافة السكانية المرتفعة. ولاشك في أن الحالة البيئية في أي دولة أو مجتمع عمراني تتأثر بعدة عوامل من بينها جودة التخطيط العمراني وكفاءة وإكتمال البنية الأساسية في تلك الدولة. ومن ثم فإن تراجع جودة التخطيط العمراني تؤدي في نهاية المطاف إلي تداعيات متعددة من أهمها الآثار والتداعيات البيئية التي يأتي في مقدمتها الآثار البيئية للإزدحام المروري، والتي تؤدي بدورها إلي تداعيات بيئية وصحية وإقتصادية وإجتماعية أبعد من تلك الآثار البيئية المباشرة. ويعد تلوث الهواء الجوي من أهم تلك الآثار البيئية المباشرة الناجمة عن غازات العادم الناتج من حرق الوقود، والذي تزداد معدلات إستهلاكه كلما زاد الإزدحام المروري، وبالتالي تراجع متوسط سرعة المركبات وزيادة التوقفات. فضلاُ عن سوء صيانة محركات المركبات ومايؤدي إليه من إرتفاع معدلات إستهلاك الوقود وبالتالي زيادة كمية غازات العادم. كما تعد الضوضاء أحد أهم مظاهر التلوث البيئي الناجم عن الإزدحام والإختناقات المرورية وما يترتب عليه من أضرار صحية ونفسية تلحق بالجمهور المعرض للضوضاء التي تزداد حدتها مع السلوك السلبي في إستخدام آلات التنبيه. ويتسبب إنخفاض نوعية الهواء الجوي وإرتفاع معدلات الضوضاء في تداعيات علي الصحة العامة، وما يترتب علي ذلك من تداعيات إقتصادية تتمثل في إرتفاع تكاليف الرعاية الصحية، فضلاُ عن الخسائر الاٌقتصادية الناجمة عن إنخفاض إنتاجية العمالة بسبب تدهور المؤشرات الصحية للقوي العاملة والوقت المهدر بسبب الإجازات المرضية. كما تعد بعض غازات عوادم المركبات من غازات الإحتباس الحراري المسببة لظاهرة إرتفاع درجة حرارة الأرض. فضلا عن الآثار النفسية والعصبية والسلوكية للضوضاء والتي تزداد حدتها في المدن المزدحمة. ويتم التصدي لمشكلة الإزدحام المروري من خلال حلول علاجية وحلول وقائية جذرية. فعلي الجانب الوقائي، فإنه لابد من مراعاة التخطيط العمراني الجيد للمدن والأحياء بما يمنع ظاهرة التكدس المروري ويضمن الإنسياب المروري الملائم. ولا بد من الإعتماد علي خبراء هندسة المرور في إطار تخطيط عمراني متكامل. وهنا يلزم إدماج مفاهيم النقل المستدام في عملية التخطيط العمراني، وما يرتبط بذلك من تكنولوجيات حديثة في منظومة النقل الحديث. وعلي الجانب العلاجي، فلا بد من تحديد بؤر الإختناقات المرورية وتحديد أسبابها ومن ثم تحديد وسائل علاجها برؤية علمية بعيدة المدي تضمن عدم تكرارها مستقبلاُ في مجتمعات عمرانية أخري في مصر. ويقتضي ذلك توفير الإستثمارات الكافية لإعادة تخطيط المناطق التي تعاني من الإختناقات المرورية وصولاُ إلي رفع متوسط سرعة المركبات في المحاور والمناطق المنكوبة بظاهرة الإزدحام المروري. وقد أسفر التطور التكنولوجي الحديث عن إستحداث ما يسمي بنظم النقل الذكية التي تسهم في الحد من التلوث البيئي الناتج من حركة المرور، نظراُ لما تتضمنه هذه النظم من مكونات تؤدي إلي تخفيض إستهلاك الوقود ورفع كفاءة المحركات وبالتالي خفض معدلات تلوث الهواء الناتجة عن عوادم إحتراق الوقود. وليس أمامنا إلا أن نواكب التطور التكنولوجي تدريجياُ وصولاُ إلي الفوز بالثمرات البيئية والإقتصادية والإجتماعية والإنسانية لتلك المكتسبات التكنولوجية التي توفر فرصاُ إستراتيجية لإحتواء الآثار البيئية لمنظومة النقل في مصر وما يترتب علي ذلك من تحسن كبير في مؤشرات الصحة العامة. مهندس حسام محرم المستشار السابق لوزير البيئة [email protected]

janjeel

.: عدد زوار الموقع :.


  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 70 مشاهدة
نشرت فى 4 مارس 2018 بواسطة janjeel

تفاصيل

janjeel
معا لصالح الوطن والمواطن »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

303,873
نتيجة بحث الصور عن فانوس رمضاننتيجة بحث الصور عن جاك للاجهزة الكهربائية