مثلما يعترفُ البريء، تحت التعذيب، بتُهمة لم يرتكبها، للتخلّص من جلّاده، قدّمت المُمثلة المصرية رانيا يوسف البالغه من العمر 45 عاما ، مساء السبت، "بياناً توضيحياً" لتقول إنها لم تكن تقصد الظهور بشكل "يثير حفيظة وغضب الكثيرين ممن اعتبروا الفستان، الذي ارتدته في حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي، غير لائق"... بياناً كان أشبه بقول: "لا داعي لكُل ما فعلتموه!".
أتستحق قطعة قُماشة أن تكون حديث العالم العربي لثلاثة أيام وتقود صاحبتها إلى القضاء؟ وهنا أتساءل هل حلت جميع مشاكل مصر كى نعلوا بالتوافه ونعظمها على أولويات حياتنا المعيشية ؟ !!
السادة المحامون الذين تركوا ماورائهم من مسؤوليات وقضايا تهم الناس وقرروا أن يقاضوا يوسف بعد ان اعتبروا فستانها "الأشبه بالبيبي دول"، بحسب قولهم، يعد انتهاكاً صارخاً للقانون، ويسيء لاسم مصر وللمرأة المصرية، وأن إطلالتها يُعاقب عليها القانون وفقاً لنص المواد 278 من قانون العقوبات، والمادة 1 والمادة 14 من القانون رقم 10 لسنة 1961 الخاص بمكافحة الدعارة. خبر تمثيلها أمام القضاء كان صادماً ومُستهجناً حتى تداولته صُحف عالمية، منها "ذا ديلي ميل"، و"يو إس إيه توداي"، و"نيويورك بوست"، و"ذاسن"، و"ذا تيليغراف"، و"ذا ميرور"، وكأن العالم العربي مِثالي لا يهزّه سوى فُستان يوسف. لم تهزّه الحرب المُندلعة في سوريا منذ عام 2011، ولا صور أطفال اليمن، وهُم على أسرّة الموت، عُراة وجِياعا، ولم تهزّه أعداد مُعتقلي الرأي في السجون العربية. وبعد يومين من الضجة التي أحدثها فستانها، أصدرت رانيا يوسف بياناً مُعتبرةً أنه "خانها تقديرها" بارتدائها الفستان قائلةً إنها لم تكن تتوقع أن يُثير "كل هذا الغضب". وقالت إنها تحترم "مشاعر كل أسرة مصرية أغضبها الفستان" موضحة أن مصممي الأزياء والمختصين في الموضة قد يكونوا وضعوا في عين الاعتبار "أنها تلبس الفستان في مهرجان دولي"، لافتة إلى أنها ما كانت سترتديه لو كانت على دراية بردة الفعل. سلّطت رانيا الضوء في بيانها على مسيرتها الفنية التي أُلغيت، بسبب فستانٍ، قائلةً إنها "تعتز" بكونها فنانة لها رصيد طيّب، موجهةً رسالة لجمهورها: "أتمنى من الجميع تفهم حسن نيتي وعدم رغبتي بإغضاب أي أحد".
ولم تنسَ ذكر نقابة المهن التمثيلية، التي تعتز بانتمائها لها "لدورها التنويري وحمايتها للقيم ودفاعها عن الفن والفنانين"، بحسب قولها.
لكن ما قالته يوسف عن "دفاع النقابة عن الفنانين"، يتناقض مع البيان الذي أصدرته نقابة المهن التمثيلية الذي قالت فيه إن "المظهر" الذي بدت عليه بعض ضيفات المهرجان، دون أن تذكر اسم يوسف، "لا يتوافق مع تقاليد المجتمع وقيمه وطبائعه الأخلاقية، الأمر الذي أساء لدور المهرجان والنقابة المسؤولة عن سلوك أعضائها"، بحسب البيان.
وقالت النقابة إن رغم إيمانها بحرية الفنان الشخصية "إيماناً مطلقاً" إلا أنها ستُحقق "مع من تراه تجاوزاً بحق المجتمع"، متوعدةً بأنه سيتلقى الجزاء المناسب.
بانتظار ما ستؤول إليه قصة فستان رانيا الذي شغل الناس على نحو غير متوقع، ومعرفة "الجزاء" الذي تشير إليه النقابة، ستراجع فنانات أخريات "ربما" خزانة ملابسهن، خوفاً من عقاب مماثل… رُهاب الفساتين في الطريق.