ليس كل ما هو سلبي سيء..وليس كل ما هو إيجابي حسن!!
بقلم
محمود سلامه الهايشه Mahmoud Salama El-Haysha
كاتب وباحث مصري
بهذا المبدأ الذي يبدو غريباً من الوهلة الأولى، كانت تدور مقال الكاتب الجزائري "واسيني الأعرج"، في مجلتنا الغراء "المجلة العربية"، العدد (461) جمادى الثانية 1436هـ-أبريل 2015م، والمعنون "فوضى الأدغال الورقية: محنة قرصنة الكتاب في العالم العربي"، ليرصد لنا تجربة شخصية مر بها، ليؤرخ لواقع الكتابة والطباعة في عالمنا العربي.
هل السرقة مشروعة؟!، بالطبع لا وألف لا، وكل هناك فرق بين اللصوص، هل السارقين أنواع، وهل تختلف رتبة القرصان على حسب درجة ونوعية القرصنة؟!!
يريد الكاتب هنا أين يخبرنا بأن السارق لا يسرق إلا الشيء الجيد، ولا تمتد عينه قبل يده إلا على كل ما هو ثمين ومتميز، لأن القرصان المتميز لابد وأن يتحلى بدرجة عليه من الذكاء والتذوق ليقدر أهمية ما سوف يسطو عليه!!..وقد أوصل فكرته عن طريق أسلوب السرد القصصي، بأن يحكي لنا حوار دار بينه وبين أحد أصدقائه منذ سنوات وكان لا يصدقه، ولكن مرت السنون وتحقق نبوءة صديقه، وأصبح ما كنا ننكره بالأمس، نعيشه بتفاصيله اليوم وغدا!!
وسرقة حقوق الملكية الفكرية، في دول يسطير عليه ثالوث الفقر والجهل والمرض، وبالتالي فعدم احترام القانون والآخرين شيء عادي جداً، بل يكاد يكون جزء من العادات والتقاليد المستهجنة لفظياً والمطبقة عملياً!!
وهل نحلل القرصنة على الكتب المتميزة بدعوى أن القراء فقراء لا يقدرون على شرائها؟!، كأننا نحل سرقة الطعام للجوعان الفقير الذي يريد ملء بطنه، بأن نحل سرقة الفكر للجاهل الفقير لملء عقله!!، ولكن هنا تشبيه مع الفارق، حيث أنه في حالة الجوع يقوم الفقير بنفسه كسره خبز لسد جوعه، ولكن في القراصنة الذي يسطون على الكتب، يقوم قرصان بعملية السرقة لتقديمها للفقراء، أي سرقة بالإنابة!!
وللأسف الشديد تمتلأ المحاكم العربية بألاف قضايا القرصنة على كل ما هو مكتوب، خاصة في مجالات الإبداع المختلفة من فنون وآداب، حتى الأبحاث العلمية الأكاديمية في المراكز والمعاهد البحثية والكليات الجامعية، فقط أصبحت رسائل وأطروحات الماجستير والدكتوراه مسروقة، والأوراق البحثية الخاصة بالترقية لدرجتي أستاذ مساعد وأستاذ مسروقة، والنتيجة لا تقدم ولا تطور بل المزيد من التخلف!!
فمن يقرصن لا يسرق أي شيء، بل يتخذ مبدأ اللصوص كأساس له، مثل "إذا عشقت بعشق قمر، وإذا سرقت فسرق جمل"، "أسرق كل ما خف وزنه وزاد ثمنه"!!
سمعاً كثيراً عن سرقة كلمات أغنية، أو لحن أغنية، أو سرقة لوحة فنية سواء اللوحة الأصيلة لفن عالمي ما، مثل لوحة "زهرة الخشخاش" للفنان العالمي الراحل "فان جوخ" والتي يقدر ثمنها بعشرات الملايين من الدولارات، أو تقليدها باستنساخها، ألا أن السرقة وصلت إلى تقليد وانقل إعلانات وافشات الأفلام السينمائية، كأن المبدعون قد ماتوا جميعاً في بلادنا، ولم يعد أمامنا سوى نقل أفكار الغير من الغرب، وبالتالي فالسطو العرب-العرب طبيعي ومنطقي، وهذا ليس بغريب، فجميع المجتمعات العربية ما هي ألا مجمعات استهلاكية أو هايبر ماركت كبير لأي/لكل منتج غذائي دوائي سلاحي غنائي ثقافي موسيقي غربي!!!!
ساحة النقاش