عُشَّاقُ لغَةِ الضـَّـاد، المقال الثالث ..بقلم الكاتب ماهر عبد الواحد
لنترك حبيبة امرئ القيس ومعشوقاته لنبحث في مقال اليوم عن إجابة سؤال هام تعرضت له بالأمس ، وأحب أن أنقل إليكم إجابتي واجتهادي من باب المنفعة العامة ، حيث سأل أحد الشعراء أثناء تحدثى عن بيتين متشابهين أحدهما لطرفة والآخر لامرىء القيس ، وكان السؤال يقول : هل يحتوى القرآن الكريم على شعر ؟ فقلت :
نحن نعلم أن القرآن الكريم نفسه قد نفى ذلك حيث يقول :
1- "وما علمناه الشعر وما ينبغي له ، إن هو إلا ذكرٌ وقرآن مبين " .سورة يس (69).
2- "والشعراء يتَّبعهم الغاوون . ألم تر أنهم في كل واد يهيمون " .الشعراء (224).
3- "وما هو بقول شاعر " . الحاقة (41).
قد يحتوى الكلام العادى على شعر دون قصد فلا نقل انها قصيدة ، فالقصيدة لا تقل عن سبعة أبيات (وقد تكون أربع )، لكن أن يأتى بيت أو مصراع فليس ذلك بشعر ، ومن الأمثلة التى تحدث عنها بعضهم أبياتا تقول :
قد قلت لما حاولوا سلوتي ... "هيهات هيهات لما توعدون"
المصراع الثاني ورد في سورة المؤمنون (36).
ومما يزعمون أنه بيت قوله سبحانه : " وجِفانٍ كالجوابِ وقُدُورٍ راسيات " سبأ (13) . وهو من بحر الرمل .
كما قالوا أن قوله عز وجل : " والعاديات ضبحا ، فالموريات قدحا " العاديات (1-2) ، كذلك " والذاريات ذروا . فالحاملات وقرا . فالجاريات يسرا "الذاريات (1-3) من بحر البسيط .
كما قالوا أن " من تزكى فإنما يتزكى لنفسه " الطلاق (2) من بحر الخفيف .
وقد ضمن أبو نواس بيتا به آية من كتاب الله ، حيث يقول :
وفتيةٍ في مجلس وجوههم ريحانهم قد عدموا التثقيلا
دانيـــة علــــيهم ظلالـــها وذللت قطوفهــــــا تذليلا
وقد ورد كثير من هذه الأمثلة ، نقول فيها :
1- لو كان العرب يحسون أن بالقرآن الكريم شعرا لما سكتوا عليه ، لكن البيت الواحد وما على شاكلته ليس بشعر ، فأنت لا تجد بالقرآن الكريم بيتين فصاعدا . حيث قال اللغويون أنه حتى لو بيتين وزنهما وقافيتهما مختلفتان ليس بشعر .
2- قالوا أن الرجز ليس بشعر، لاسيما إذا كان مشطورا ، وأن الشعر يطلق إذا قصد القاصد إليه ، انظر إلى قول امرىء القيس :
وقوفاً بها صحبى علىَّ مطيهم يقولون لا تَهْلِكْ أسى وتحمَّلِ
هو تماما كقول طرَفَه :
وقوفاً بها صحبى علىَّ مطيهم يقولون لا تهلك أسى وتجلدِ
واعتبر هذا شيئا عاديا ، كذلك قد يرد في الكلام الدارج أبيات ولا نعتبرها شعرا ، كما أن الرجز فإنه يعرض في كلام العوام كثيرا ، فإذا كان بيتا واحدا فليس ذلك بشعر .
3- قال بعضهم أن بالقرآن الكريم كلام موزونا كوزن الشعر وإن كان غير مقفى ، بل هو مزاوج متساوي الضروب وذلك أحد أقسام كلام العرب ، فنقول أن القرآن الكريم ليس من هذا القبيل .
4- إذا زين شاعر أبياته بآية من القرآن الكريم وقام بتحوير بها لتحويلها إلى شعر فلا نقيس عليه مثل قول الشاعر :
سبحان من سخر هذا لنا (حقَّا) وما كنا له مُقرنين
فنراه بدل من ناحية ومن ناحية أخرى زاد فيه حتى انتظم له الشعر .
بقلم/ مـاهر عبد الواحـــــد (نشر بتصرف).
ساحة النقاش