كيف نساهم في تحقيق السعادة للأخر ؟
د. محمد ماهر الصواف
وتؤكد الدراسات أن كل إنسان لدية عدد من الإحتياجات يسعي لإشباعها طيلة حياته ، فهي حاجات متجدة ومستمرة ولا يعني اشباع المرء إحدي هذه الحاجات في وقت معين أنه يمكنه بذلك الإستغناء عن هذه الحاجة مستقبلا . وقد إحتهد علماء الإدارة لتحديد هذه الإحتياجات حتي يمكن التأثير علي سلوك الإنسان في العمل وتم تصميم نظم للحوافز وفقا لهذه الإحتياجات . وأخذت هذه الحوافز صور متعددة منها المادية أو المعنوية ، كما قد تكون إيجابية مثل المكافأت المالية وتقديم الشكر والثناء علي العمل الجيد أو سلبية مثل العقوبات التأديبية والحرمان من المكافْات والعلاوات .
ومن منظور العلوم السلوكية يعد التحفيز من أهم الآليات التى تستخدمها الرؤساء والقادة فى التأثير على سلوك المرؤوس ودفعه للقيام بأعمال متميزة وجادة . فالتحفيز يفجر الطاقات الكامنة لدى الأفراد، ويزيد شعورهم بالرضا ويكسبهم في أغلب الحالات السعادة والسرور . وتعرف الحوافز بأنها مؤثرات الخارجية تحرك قوى الفرد الداخلية وتدفعة لأداء سلوك معين مرغوب .
وتؤكد الدراسات أن الحوافز المعنوية أكثر تأثيرا على مستوي الرضا والسعادة من الحوافز المادية نظرا لأنها تشبع أحد أهم الحاجات الضرورية و الملحة للإنسان العادي ، فهي تشبع الحاجة إلي التقدير والإعتراف بالقدرات الإنسانية التي خص الله بها الإنسان. فيؤدي الإعتراف بما يتميز به الإنسان من قدرات والثناء علي ما يقدمه من إبداعات إلي شعوره بالفخر والسعادة و تتولد لديه الدافع والرغبة في الحصول علي مزيد من الثناء والتقدير ومن ثم يسعي إلي تقديم الأفضل و المزيد من التميز في الآداء .
وللتعرف علي أهمية الحاجة إلي التقدير والإعتراف بالقدرات ومدي تأثيرها علي الإنسان وسعادته اقدم للقارئ ما كتبة الزميل العزيز الدكتور مصطفي إسماعيل عن تجربته الشخصية في التعامل مع أحد الموظفين الحكوميين بمصلحة الضرائب ونأمل أن نتعلم - كعملاء او زملاء او رؤساء - كيف يمكن ان نؤثر علي سلوك الموظف العام ونسبب له شئ من السعادة.
صناعة السعاده د. مصطفي اسماعيل
جاءنى خطاب من مأمورية الضرائب فتوجهت اليها فى الاسكندريه وبعد انتهاء الأجراءات اللازمه ذهبت الى الحسابات لدفع ما اتفقنا عليه فوجدت موظفا فى الخمسينات من عمره يجلس خلف مكتب متواضع الحال وعلى المكتب اكوام من الملفات ..و امامه عدد من العملاء يقفون صفا فوقفت فى دورى و انتظرت و انا اتأمل المكان و الموقف فوجدت ان هذا الرجل يأخذ القيمه الماليه و يحرر بها فاتوره يفصلها عن الدفتر ويسجلها فى اخر و اخيرا يعطيها للعميل ..... يكرر هذا عشرات المرات يوميا وشهريا وسنويا مئات المرات .. عمل يبعث على السأم الذى وضح على وجه الرجل من عصبيه بدون سبب واضح وعدم صبر مع ان الوضع لا يتطلب اى ضغط نفسى عليه فالعمل بسيط وغير معقد ......
الا انى اردت ان يكون هذا الشخص سعيدا..... وحيث ان اعتقادى دائما ان كل من اقابله هو افضل منى فى شئ واحد على الاقل ... اذا لابد ان ابحث عن هذا و اذكره له بصدق ....تأملت عدة دقائق هذا الموظف .... وفجأة لاحظت كيف يكتب ..فوجدت ما كنت ابحث عنه ... ان خطه على الورق فى غاية الجمال رغم عدد المترددين عليه .... وعندما اتى دورى .. نظر الى فى صبر نافذ وقال متبرما ماذا تريد ؟
قلت: اريد ان اقول انك فنان ...... فاندهش الرجل كثيرا ... لكنى استمريت وقلت ان خطك جميل ينم عن موهبه ...و انا كطبيب عندى عقدة من اصحاب الخطوط الجميله ...... وبدا الانشراح على وجه الموظف. ..رغم اننا كأطباء نتعلل بكثرة عدد المرضى لكنك ايضا لديك عدد كبير من العملاء وماذال خطك جميلا
انفرجت اسارير الموظف وابتسم وظهرت عليه اعراض السرور
قال تفضل و استعار كرسيا من مكتب جاره وقدمه لى سائلا تشرب ايه ؟
وبدا يروى حكاية خطه الجميل منذ كان فى اوليات دراسته الى الان و المعجبين بخطه من زملاءه ومدرسيه و حتى عائلته وبدا عليه الفخر وبدا يشرح لى انها موهبه مع هواية اثقلها بالتعلم على يد خطاطين كبار انا لا اعرفهم طبعا وماذال يتابعها الى الان على النت .. ثم وصفنى بان عندى زوق لان الخط الجميل فعلا فن والكثير متأسفا لا يعرفون انه احساس راقى بالجمال وان الخط العربى انواع كثيره ....اسهب الرجل وكانه بركان سعاده انفجر داخله.... فقط لانه وجد من يشعره باهميته ويقدره اخيرا .... وبعد ان انتهى فى دقائق ..تحت ضغط الناس حولنا .... تذكر وقال انت جاى ليه ؟
فقلت: ادفع ما هو مسجل هنا وناولته ورقة الحساب
فما كان منه الا بهمه ونشاط واتساع صدر كتب لى الفاتوره وزاد من اناقة خطه