منظمة التجارة العالمية وأثارها علي مصر
إعداد الباحثة / هند علي عبد الرحمن واشراف أ.د. ماهر الصواف
لقد اصبحت العولمة من أهم الأحداث المؤثرة علي الدول النامية ، وقد تجلت في جوانب عدة واجتماعية وثقافية وإعلامية وسياسية . ومن أهم الجوانب المؤثرة علي هذه الدول هو الجوانب الاقتصادية ، فاليوم نشاهد التكتلات الاقتصادية ، وتدفقات متنامية للتكنولوجيا ، والسلع ، والخدمات ، ورؤوس الأموال . كما تراجعت السياسيات الحمائية ، وتم رفع القيود والحواجز الجمركية علي كثير من السلع . وقد ساعد علي هذا التوجه وجود آليات وأطر وافقت عليها الدول وتراقب تنفيذها المنظمات الدولية ولعل من أهم هذه المنظمات صندوق النقد الدولي ، ومجموعة البنك الدولي ، ومنظمة التجارة الدولية. وسنكتفي هنا بتوضيح دور منظمة التجارة الدولية وأثرها علي التجارة بين الدول.
طرحت فكرة تنظيم التجارة بين الدول عقب الحرب العالمية الثانية حيث تقدمت الحكومة الأمريكية بإقتراح للبدء في مفاوضات بهدف تحريرها من القيود المفروضة عليها ، وعقدت علي أثرها عدة اجتماعات دولية انتهت إلي عقد الإتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة General Agreement on Tariffs and Trade (Gatt)
وقد استمرت المفاوضات بين الدول سنوات طويلة من عام 1947 إلي 1994 حتي انتهت إلي إنشاء منظمة التجارة العالمية عام 1995 . وهي واحدة من أصغر المنظمات العالمية عمراً. وقد اعلن ان من أهدافها:
<!--نشوء عالم اقتصادي مزدهر يتمتع بالسلام ومسؤول بصورة أكبر
<!--العمل على رفع مستوى المعيشة والارتقاء بمستويات الدخل القومي للدولة المتعاقدة.[9]
<!--تخفيض الحواجز الجمركية وإزالتها وغيرها من العوائق التي تعرقل حركة التجارة وفتح الأسواق أمام المنافسة
<!--إيجاد وضع تنافسي دولي للتجارة يعتمد على الكفاءة الاقتصادية في تخصص الموارد
<!--تشجيع حركة انتقال رؤوس الأموال والاستثمارات الدولية وسهولة وصولها إلى الأسواق ومصادر المواد الأولية.
<!--الإشراف على تنفيذ الاتفاقات المنظمة للعلاقات التجارية بين الدول الأعضاء، وانتهاج أسلوب المفاوضات لتسوية المشكلات الناجمة عنها.
هذا وتم الاتفاق علي ان يحكم التجارة الدولية المبادئ التالية:
1ـ مبدأ الشفافية؛ أي الالتزام بعدم فرض قيود غير تعريفية كنظام الحصص الكمية لتقييد المستوردات إلاّ في حدود معيّنة.
2ـ مبدأ المعاملة الوطنية؛ أي الالتزام بعدم اللجوء إلى فرض قيود غير تعريفية لحماية المنتج الوطني والتمييز بينه وبين ما يماثله من المنتجات المستوردة.
3ـ شرط الأمة الأولى بالرعاية أي إنه يتوجب على الدولة العضو ـ التي تمنح أيّ ميزة أو معاملة تفضيلية لأيّ طرف آخرـ أن تمنح الميزة والمعاملة نفسها، حالاً من بدون قيد أو شرط، للدول الأعضاء الأخرى كافة، سوى في حال وجود ترتيبات إقليمية كالاتحادات الجمركية والمناطق الحرة.
4ـ مبدأ التقييد وإلغائها تدريجياً عندما تزول أسباب وجودها.
5ـ مبدأ التخفيض المتبادل للتعرفة الجمركية وفق مستويات محددة، وتقديم تعويضات للأطراف المتضررة من رفع التعرفة عند اللزوم.
ولا شك أن تحرير التجارة الدولية له آثاره الايجابية وأيضا السلبية علي الدول النامية ومصر, فمنظمة التجارة العالمية تضمن حقوقا متميزة للدولة النامية الاقل نموا من خلال المعاملة الخاصة والتفضيلية التي تمنحها الدول المتقدمة لها . ايضا فان الاندماج في الاقتصاد العالمي يحقق الوجود علي الساحة الدولية ويسهم في الحفاظ علي حقوق الدول الاعضاء ـ ومن بينها مصر - من خلال آلية فض المنازعات بالمنظمة , كما يتم تقديم منح المساعدات الفنية للدول النامية والأقل نموا حتي تستطيع المشاركة في النظام التجاري الدولي.
ورغم هذه الإيجابيات فهناك بعض الآثار السلبية لتحرير التجارة ، فكما نعلم بدأت خفض الرسوم الجمركية علي السيارات في مصر مع بداية من عام 2010 ، وتم إلغائها مع بداية عام 2019 بالنسبة للسيارات الأوربية وذلك وفقا للإتفاقية المنعقدة بين مصر والإتحاد الأوربي ، وذلك من شأنه فقدان بعض الموارد الناجمة عن تخفيض التعرفات الجمركية والغائها .
كما يجب الإشارة أن الدول النامية غير قادرة علي منافسة الدول المتقدمة حيث أن هذه الدول تخصص نسبة عالية من الناتج القومي للبحوث وتطوير المنتجات علي سبيل المثال تخصص الولايات المتحدة الأمريكية نسبة تصل إلي ما يقرب من 45 % من الناتج الداخلي الخام للبحث والتنمية ومنها ما يقرب من 50 مليار دولار للمنتجات الصيدلانية ، لذا يجب العمل علي تعظيم الاستفادة من هذا النظام الدولي بزيادة الايجابيات وتقليل السلبيات. ,يتطلب مواجهة متضامنة عبر إقامة تكتلات اقتصادية عربية مشتركة وتنسيق المواقف العربية.