وقد تشكلت لجنة المناقشة من د. مجدى حسين عبد الله ود. أحمد محمد الصغير. والباحث لا يقصد بكلمة «الدلالة» ما هو معروف عن الدلالة المعجمية التى تتمتع بها الكلمة المفردة منعزلة عن السياق، وإنما ينضم إليها ما اكتسبته الكلمة نتيجة تضامنها مع غيرها فى سياق الجملة أو النص.. واتخذ البحث من شعر فاروق جويدة نموذجا للتطبيق. تضمن البحث ثلاثة فصول، تناولت موسيقي الإطار والحشو والبنية والدلالة والتركيب. كما شملت مجموعة من العناصر ذات التأثير على الشعر مثل الوزن. والشعر -كفن- لحقه ما لحق بالفنون من تطورات، فاستطاع الشاعر الحديث أن يتحرر من وحدة القافية لكنه لم يستطع التخلى عن أوزان الشعر التى استنبطها الخليل بن أحمد من واقع الشعر العربي إلا فى حالة قصيدة النثر. وفاروق جويدة كما يقول الباحث- ينظم شعرا عموديا وينظم كذلك شعرا حرا. وفى إطار قصيدة التفعيلة نجده يلتزم قافية موحدة إلى نهاية القصيدة وفى أحيان كثيرة يتخلى عن القافية الموحدة. وجويدة بدأ بالتفعيلة، ثم اتجه إلى نظم القصيدة العمودية، وهذا يقودنا إلى التسليم بأن بدايات الشاعر كانت ثورة على القصيدة التقليدية وعودته محاولة منه للتوفيق بين الأصالة والمعاصرة. ويختلف إبداعه المسرحى عن الغنائى، فمن ناحية الوزن تقدم بحر الكامل على سائر البحور التى تداخلت نتيجة استعماله الزحاف، ومن ناحية القافية فيغلب على مسرحياته القافية المقيدة التى تناسب لغة الحوار ، وموسيقى الحشو أو الموسيقى الداخلية كما يقول الباحث هو «عنصر جوهرى فى تشكيل النص الشعرى، فهو يكمل بقية العناصر ويؤازرها ليعلو الجرس وتبرز الدلالة».
وفى قصيدة التفعيلة يبرز دور موسيقى الحشو لتعوض ما افتقدته القصيدة من التحرر من الوزن والقافية. فى «البنية والدلالة» يقول الباحث عن المبنى والمعنى إن القدماء أجمعوا على أن كل زيادة فى المبنى تقابلها زيادة فى المعنى، فنقل الفعل من صيغة «فَعَلَ» إلى صيغة «فَعَّلَ» يكون لكثرة، وفاروق جويدة لم يخرج عن هذا المضمار فى استعماله الفعل المضَعَّف العين للدلالة على الكثرة حينما يصف جوادا جامحا تعب من السير حتى أنه لم يقو على الصهيل فى قوله: ما زال يركض بين أعماقى .. جوادٌ جامحٌ/ سجنوه يوما فى دروب المستحيل .. ما بين أحلام الليالى .. كان يجرى كل يوم ألف ميل؟ وتكسَّرت أقدامه الخضراء .. وانشطرت خيوط الصبح فى عينيه .. واختنق الصهيل.
رابط دائم:
ساحة النقاش