مهارات التفكير الناقد
د. موسى نجيب موسى معوض
مقالات متعلقة
تاريخ الإضافة: 8/10/2013 ميلادي - 4/12/1434 هجري
زيارة: 512
Share on favoritesShare on facebook Share on twitter Share on hotmailShare on gmail Share on bloggerShare on myspaceShare on digg
مهارات التفكير الناقد
بالنظر إلى تعدُّد الاتجاهات النظرية في دراسة التفكير الناقد وتعريفه، فإن الباحث قد يجد قوائم عديدة لمهارات التفكير الناقد في المراجع المختصة، نورد فيما يلي قائمةً تضمُّ معظم هذه المهارات:
• التمييز بين الحقائق التي يمكن إثباتها والادعاءات أو المزاعم القيمية.
• التمييز بين المعلومات والادعاءات والأسباب المرتبطة بالموضوع وغير المرتبطة به.
• تحديد مستوى دقة الرواية أو العبارة.
• تحديد مصداقية مصدر المعلومات.
• التعرُّف على الادعاءات والحجج أو المعطيات الغامضة.
• التعرف على الافتراضات غير المصرَّح بها.
• تحري التحيُّز.
• التعرف على المغالطات المنطقية.
• التعرُّف على عدم الاتساق في مسار التفكير أو الاستنتاج.
• تحديد قوة البرهان أو الادِّعاء.
• اتخاذ قرار بشأن الموضوع وبناء أرضية سليمة للقيام بإجراء عملي.
• التنبؤ بمَرْتَبات القرار أو الحل.
• ويلخص إنس (Ennis, 1985) هذه القائمة من المهارات في ثلاث مجموعات رئيسة، هي:
• تعريف المشكلة وتوضيحها بدقة.
• استدلال المعلومات.
• حل المشكلة واستخلاص استنتاجات معقولة.
كما يصنف الباحثان أودل ودانيالز (Udall & Danies, 1991) مهارات التفكير الناقد في ثلاث فئات على النحو الآتي:
• مهارات التفكير الاستقرائي Inductive Thinking Skills:
التفكير الاستقرائي هو عملية استدلال عقلي، تستهدف التوصل إلى استنتاجات أو تعميمات تتجاوز حدود الأدلة المتوافرة أو المعلومات التي تقدِّمها المشاهدات المسبقة، فلو شاهدت وأنت في طريقِك إلى العمل سيارتَي أجرة صغيرتينِ تقطعان إشارة ضوئية حمراء، ثم وصفت الحادثة لصديقٍ لك وأنهيت كلامك بالقول: "جميع سائقي سيارات الأجرة الصغيرة مستهترون، لا يراعون الإشارات الضوئية"، فإنك تكون قد تجاوزت حدود المعلومة التي انطبقت في حقيقة الأمر على سائقينِ فقط، وعمَّمتها على فئة سائقي سيارات الأجرة الصغيرة دون استثناء.
من الواضح هنا أن الاستنتاج الذي توصلت إليه هو استنتاج استقرائي لا يمكن ضمان صحته بالاعتماد على الدليل المتوافر بين يديك، وأقصى ما يمكن أن يبلغه استنتاج كهذا هو الاحتمالية في أن يكون صحيحًا، ومثل ذلك القول بأن "التدخين سبب رئيس للإصابة بالسرطان"، إن هذا الاستنتاج قد تم التوصل إليه ربما بعد ملاحظة ملايين الحالات، ومع ذلك فإن الاحتمال قائم دائمًا بأن لا يكون التدخين سببًا رئيسًا للإصابة بالسرطان.
وهكذا يتضح أن التفكير الاستقرائي يذهب دائمًا إلى ما هو أبعد من حدود المعلومات المعطاة أو الدليل المائل أمام المستقرئ، وجُلُّ ما يطمح إليه هو اتخاذ الدليل أو المعلومات المتوافرة سندًا مرجحًا للاستنتاجات، بمعنى أنه إذا كانت المعلومات أو الفروض الموضوعة صحيحة، تكون الاستنتاجات صحيحة على وجه الاحتمال، ومن غير الممكن إثبات النتيجة في الاستدلال الاستقرائي بصورة وافية عن طريق الملاحظة أو جمع المعلومات، خذ مثلاً "شركات التأمين" التي تقرِّر فرض أقساطٍ أعلى على السائقين الشباب استنادًا إلى نتائج دراسات تحليلية ومعلومات مسحيَّة شملت آلاف الحوادث، إن الاستنتاج الذي توصَّلت إليه شركات التأمين بأن السائقين الشباب أكثر عرضة للحوادث من غيرهم، هو استنتاج استقرائي يرتب التزامات مالية على السائقين في المستقبل استنادًا إلى معلومات عن السائقين في الماضي، وإذا أردنا أن نتحدَّى هذا الاستنتاج، فأمامنا طريقان:
• أن نتحدَّى الدليل الذي استند إليه الاستنتاج، مع أن الأمل ضعيف جدًّا في هذه الحالة؛ لأن المعلومات التي جمعتها شركات التأمين هي معلومات رسمية وافية.
• أن نتحدَّى الاستنتاج نفسَه على أرضية الافتراض بأن معدَّل الحوادث في الماضي لن يستمرَّ بالضرورة على حاله في المستقبل، وفي هذا الصدد أشار العلماء والفلاسفة إلى مشكلة الاستقراء التي تتلخص في حقيقة أن الباب يظل مفتوحًا للاعتراض على استنتاجاته مهما كان الدليل مدروسًا وقويًّا.
ولكن ينبغي ألا يُفهَم من ذلك أن علينا تجنُّب التفكير الاستقرائي، نظرًا لأنه يلعب دورًا مهمًّا في حياتنا، فنحن إذا لم نكن قادرينَ على التعميم وتجاوز حدود المعلومات المتوافرة لدينا، فلن نتمكَّن من فهمِ نواميس الطبيعة أو اكتشافها.
إن التفكير الاستقرائي بطبيعته موجَّهٌ لاستكشاف القواعد والقوانين، كما أنه وسيلة مهمَّة لحل المشكلات الجديدة، أو إيجاد حلول جديدة لمشكلات قديمة، أو تطوير فروض جديدة، وعِوضًا عن تجنُّب الاستقراء، علينا أن نتعامل مع مشكلة الاستقراء المشار إليها بجعل استنتاجاتنا موثوقة إلى أقصى درجة ممكنة؛ وذلك بالحذر في إطلاق التعميمات أو تحميل المعلومات المتوافرة أكثر مما تحتمل؛ خوفًا من الوقوع في الخطأ.
ولإلقاء مزيد من الضوء حول طبيعة عملية التفكير الاستقرائي، نعرضُ فيما يلي لأهم مكوناتها من مهارات التفكير:
• تحديد العلاقة السببية أو ربط السبب بالمسبب.
• تحليل المشكلات المفتوحة Open - Ended.
• الاستدلال التمثيلي Analogical Reasoning.
• التوصل إلى الاستنتاجات.
• تحديد المعلومات ذات العلاقة بالموضوع، ويتطلب ذلك البحث بين السطور، والرجوع إلى الإطار المعرفي الشخصي فيما يتعلَّق بمعاني المفردات، وتفسير العبارات والأسباب، والأدلَّة المؤيدة منها والمخالفة، والخصائص والعلاقات والأمثلة.
• التعرُّف على العَلاقات، ويقصد بالتعرف على العلاقات إدراك عناصر المشكلة أو الموقف وفهمها بصورة تؤدي إلى إعادة تركيبها أو صياغتها وحلها، وقد تأخذ هذه العملية عدة أشكال؛ من بينها:
التعرُّف على العَلاقات عن طريق الاستدلال اللفظي:
• أسماء تعرِفُ الفرنسية والألمانية.
• سعاد تعرف السويدية والروسية.
• لانا تعرف الإسبانية والفرنسية.
• ودانيا تعرف الألمانية والسويدية.
فإذا كانت الفرنسية أسهل من الألمانية، والروسية أصعب من السويدية، والألمانية أسهل من السويدية، والإسبانية أسهل من الفرنسية، فأي البنات تعرف اللغات الأصعب؟
التعرُّف على العلاقات عن طريق الاستدلال الرياضي أو العددي:
اكتب العددينِ اللَّذينِ يجب أن يتبعا في سلسلة الأعداد الآتية:
3 ،9، 5، 15، 11، 33، 29.
التعرف على العلاقات عن طريق الاستدلال المكاني:
فيما يلي أربعة أشكال تتغيَّر بصورة منتظمة وَفْق قاعدة معينة، حاول اكتشاف هذه القاعدة واختَرْ من بين البدائل الخمس أدناه ( أ، ب، ج، د، هـ ) الشكل الذي ينسجم مع القاعدة ويكمل السلسلة:
الشكل رقم 3 - 1
• حل مشكلات تنطوي على استبصار أو حدة ذهن:
تعدُّ مشكلة النقط التسعة - Nine - Dot Problem الشكل رقم - 2 - 3 - أ - من الأمثلة الشهيرة على مشكلات الاستبصار Insightful Problems، وهي المشكلات التي يتطلب حلها إدراك العلاقات الرئيسة في الموقف، وكثيرًا ما يتبادر حلها للذهن فجأة ودون الاعتماد على الخبرة السابقة، بل إن عددًا من الباحثين يُورِد مشكلة النقط التسعة لإظهار الآثار السلبية للخبرة السابقة والأبنية المعرفية التقليدية على قدرة الفرد على حل مشكلات الاستبصار.
الشكل رقم 3–2 - أ
مشكلة النقط التسعة
ساحة النقاش