من روائع وصايا الآباء للأبناء

 

( طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء.

وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها )

(الحلقة الثانية والعشرون)

(الوصايا من 141 إلى 145)

 

الوصية الحادية والثانية والثالثة والأربعون بعد المائة الأولى (141، 142، 143)

من وصايا المُهَلَّب بن أبي صُفْرَةَ لبنيه

 

قال الأمير الجسور مُدَوِّخُ الأزارقة المُهَلَّبُ بنُ أبي صُفرة - رحمه الله - لولده:

((إذا سَمِعَ أحدُكم العوراءَ فَلْيَتَطَأْطَأْ لها تَخَطَّهُ))؛ ["لباب الآداب" للأمير أسامة بن منقذ (ص17)].

 

 

♦   ♦   ♦

وقال لهم أيضًا:

(( إياكم أن تجلسوا في الأسواق إلا عند زرَّاد أو ورَّاق )) أراد: الزراد للحرب، والورق للعلم. [ "العقد الفريد"، و"الحيوان" لعمرو بن بحر (ج1ص52) نشرة الأستاذ عبد السلام هارون رحمه الله].

 

♦   ♦   ♦

وقال لأحدهم:

(( يا بني، اخفض جناحك، واشتدَّ في سلطانك؛ فإن الناس للسلطان أهيب منهم للقرآن )). [ "البهجة" لابن عبد البر (ق1/ج1/ص343)].

 

♦   ♦   ♦

ولما حضرتِ المهلبَ بنَ أبي صُفْرَةَ الوفاةُ، قال لولده وأهله:

(( أوصيكم بتقوى الله، وصلة الرحم؛ فإن تقوى الله تُعْقِبُ الجنة؛ وإن صلة الرحم تُنْسِئ الأجل، وتُثري المال، وتجمع الشمل، وتُكَثِّر العدد، وتُعَمِّر الديار، وتُعِزُّ الجانب.

 

وأنهاكم عن معصية الله - تعالى -؛ فإن معصية الله تعقب النار، وإن قطيعة الرحم تُورِثُ الذلة والقلة، وتُقِلُّ العدد، وتفرِّق الجمع، وتَذَرُ الديارَ بَلَاقِعَ، وتُذْهِب المال، وتُطْمِعُ العدو، وتُبدي العورة.

 

يا بَنِيَّ، قومَكم قومَكم: إنه ليس لكم فضل عليهم، بل هم أفضل منكم، إذ فَضَّلُوكم وسَوَّدُوكم، أَوْطَؤُا أعقابكم، وبَلَّغُوا حاجتكم فيما أردتم وأعانوكم؛ فإنْ طَلَبُوا فأَطْلِبُوهم، وإن سألوا فأعطوهم، وإن لم يسألوا فابتدئوهم، وإن شتموا فاحتملوهم، وإن غَشُوا أبوابكم فلتُفْتَح لهم ولا تُغْلَق دونهم.

 

يا بَني، إني أُحب للرجل منكم أن يكون لفعله الفضل على لسانه، وأكره للرجل منكم أن يكون للسانه الفضل على فعله.

 

يا بني، اتقوا الجواب، وزلةَ اللسان؛ فإني وجدت الرَّجُلَ تَعْثُرُ قدمُه فيقوم من زلته وينتعش منها سويًّا، ويزل لسانه فيُوبِقه ويكون فيه هَلَكَتُهُ.

 

يا بني، إذا غدا عليكم رجل وراح فكفى بذلك مسألةً وتذكرةً بنفسه.

 

يا بني، ثيابُكم على غيركم أجملُ منها عليكم، ودوابُّكم تحت غيركم أجمل منها تحتكم.

 

يا بَني، أَحِبُّوا المعروف، وأنكروا المنكر واجتنبوه؛ وآثروا الجود على البخل؛ واصطنعوا العرب وأكرموهم؛ فإن العربي تَعِدُهُ العِدَةَ فيموت دونك، ويشكر لك، فكيف بالصنيعةِ إذا وصلت إليه في احتماله لها وشكره، والوفاءِ منه لصاحبها؟

 

يا بني، سَوِّدُوا أكابركم، واعرفوا فضل ذوي أسنانكم؛ وارحموا صغيركم وقرِّبوه وأَلْطِفُوه، وأجبروا يتيمكم وعُودوا عليه بما قدرتم؛ ثم خذوا على أيدي سفهائكم، وتعاهدوا فقراءكم وجيرانكم بما قدرتم عليه؛ واصبروا للحقوق ونوائب الدهور؛ واحذروا عارَ غَدٍ؛ وعليكم في الحرب بالأناة والتُّؤَدَةِ في اللقاء، وعليكم بالتماس الخديعة في الحرب لعدوكم؛ وإياكم والنَّزَقَ والعَجَلَةَ؛ فإن المكيدة والأناة والخديعة أنفعُ من الشجاعة والشدة.

 

واعلموا أن القتال والمكيدة مع الصبر، فإذا كان اللقاء، نزل القضاء المبرم: فإنْ ظَفِرَ المرءُ وقد أخذ بالحزم قال القائل: قد أتى الأمرَ من وجهه؛ وإن لم يظفر قال: ما ضيَّع ولا فرَّط، ولكنَّ القضاء غالب.

 

يا بَنيَّ، الزموا الحزم على أي الحالين وقع الأمر؛ والزموا الطاعة والجماعة؛ وتواصلوا وتوازروا وتعاطفوا، فإن ذلك يُثَبِّتُ المودة، وتحابُّوا؛ وخذوا بما أوصيكم به بالجِد والقوة والقيام به والتعهد له وترك الغفلة عنه؛ تظفروا بدنياكم ما كنتم فيها، وآخرتِكم إذا صرتم إليها، ولا قوة إلا بالله.

 

يا بني، وليكن أولَ ما تَبْدَؤُن به أنفسَكم إذا أصبحتم: تَعَلُّمُ القرآن والسنن، وأداءُ الفرائض؛ وتأدَّبوا بأدب الصالحين مِن قبلكم مِن سلفكم؛ ولا تُقَاعِدوا أهل الزَّعَارَّة[1] والرِّيبة، ولا تخالطوهم، ولا يَطْمَعُنَّ في ذلك منكم.

 

وإياكم والخفةَ في مجالسكم وكثرةَ الكلام؛ فإنه لا يسلم منه صاحبُه.

 

وأَدُّوا حق الله - تعالى - عليكم؛ فإني قد أبلغت إليكم في وصيتي، واتخذت الله حجة عليكم)).

 

["لباب الآداب" لأسامة بن منقذ. وذكر عمرو بن بحر نُتَفًا منها في "البيان"، (2/98)، فقال:

قال المهلب لبنيه:

(( يا بني، تباذلوا تحابوا؛ فإن بني الأم يختلفون، فكيف بنو العلات؟!

 

وإن البِرَّ يُنسأ في الأجل، ويَزيد في العدد.

 

وإن القطيعة تُورث القلة، وتُعْقِب النار بعد الذِّلَّة.

 

واتقوا زلة اللسان؛ فإن الرجل تزل رجله فينتعش، ويزل لسانه فيهلِك.

 

وعليكم في الحرب بالمكيدة؛ فإنها أبلغ من النجدة، فإن القتال إذا وقع وقع القضاء، فإن ظَفَرَ فقد سَعِد، وإن ظُفِرَ به لم يقولوا: فَرَّط)).

 

♦   ♦   ♦

الوصية الرابعة والأربعون بعد المائة (144)

من وصايا أبرويز لابنه شيرويه

قال أبرويز لابنه شيرويه:

((لا توسعن على جندك فيستغنوا عنك، ولا تضيق عليهم في العطاء فيضجوا منك، وأعطهم عطاء قصدًا، وامنعهم منعًا جميلاً، ووسِّع عليهم في الرخاء، ولا توسع عليهم في العطاء)). ["البصائر والذخائر"، و"سراج الملوك" لأبي بكر الطُّرْطُوشي].

 

♦   ♦   ♦

الوصية الخامسة والأربعون بعد المائة (145)

من وصايا أنوشروان لولده

 

قال أنوشروان لابنه: ((يا بني، إن من أخلاق الملوك العزَّ والأنفة. وإنك ستُبلى بمداراة أقوامٍ، وإنَّ سَفَهَ السفيه ربما تُطْلَعُ منه، فإنْ كافأته بالسَّفَه فكأنك رضيت بما أتى. فاجتنب أن تحتذي على مثاله، فإن كان سفهه عندك مذمومًا فحقِّقْ ذَمَّك إياه بترك معارضته بمثله)). [ "لباب الآداب" للأمير أسامة].

 

♦   ♦   ♦

وكتب إلى ابنه هرمز:

((لا تَعُدَّ الشحيح أمينًا، ولا الكذاب حرًّا؛ فإنه لا عفة مع الشح، ولا مروءة مع الكذب)). ["ربيع الأبرار" للزمخشري، و"التذكرة الحمدونية" (ج2/ص368) رقم (944) ط/ دار صادر - بيروت].



[1] الزَّعَارَّة - بتشديد الراء وتخفيفها: الشراسة وسوء الخلق. ولعل هذه اللفظة أقرب من تلك التي رجحها سيدي العلامة أبو الأشبال أحمد محمد شاكر - رحمه الله - في نشرته من "اللباب"، وهي: ((الدعارة))، بمعنى: الفساد، وكلتاهما صواب.

 



   



رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Social/0/56082/#ixzz2WoLYxCx1

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 84 مشاهدة
نشرت فى 21 يونيو 2013 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,795,942