الأم المتفرغة.. وسعادة الأسرة
مني الشرقاوي 358
إذا حالت الظروف دون قيام المرأة بدورها كأم مع مسئوليتها كإمرأة عاملة فقد تأخذ قرارها بالتفرغ لرعاية أبنائها, هذا القرار الصعب الذي تتخذه بإرادتها يترك بصماته عليها وقد يعرضها لضغوط نفسية لشعورها بافتقادها لدور كانت تحلم أن تحقق فيه الكثير كامرأة عاملة, <="" div="" border="0">
أو يدفعها للاستسلام للقيام بدور الأم بشكل روتيني ربما لا يفيد أبناءها بالقدر الذي قبلت التضحية من أجله, والنماذج التي خاضت التجربة توضح ذلك:
تقول داليا أم لطفلين في الثامنة والرابعة ولا تعمل: من الصعب أن أشعر بتقديري لذاتي وأنا في مجتمع يمدح ويقدر طوال الوقت المرأة العاملة, وأشعرأحيانا بالحرج عندما أقابل سيدة تستطيع أن تحقق التوازن بين عملها وبيتها وأطفالها.
في حين تقول غادة أم لطفلين في الخامسة والثانية: بالرغم من أنني مقتنعة تماما بأن ما أقوم به هو الأفضل لأسرتي وفخورة بذلك, إلا أنني أجد نفسي مضطرة أحيانا لتبرير حصولي علي أجازه بدون مرتب لرعايه صغاري, خاصة إذا كان الحوار مع أم عاملة وتسألني إن كان قراري بالبقاء في البيت كان قرارا سليما أم لا؟
د. محمد سميرعبد الفتاح أستاذ علم النفس بكليه الآداب جامعة عين شمس يقول إن التوقف عن العمل مع التخلي في نفس الوقت عن الاهتمامات هو السبب الرئيسي وراء شعور الأم المتفرغة بالحزن والاكتئاب, وأن أغلب الشكاوي الشائعة للأمهات المتفرغات لها علاقة بالوحدة و العزلة والشعور بعدم تقدير الذات.
لذا فهو يري أن أفضل طريقة للإجابة عن سؤال ماهو عملك؟ هي أن تجيبي بكل فخر وثقة أنا أم متفرغة فأنت لا تحتاجين للاعتذار أو التبرير, وبذكر عملك الذي تقومين به ببساطة وبشكل مباشر فأنت تعكسين تقديرك لذاتك ولإبنائك وثقتك بنفسك, ولا يجب أن تهتمي بعدم فهم بعض الناس أو عدم تقديرهم لاختيارك.ولكنه يوضح من جهة أخري أن التفرغ الكامل لمتطلبات البيت والأسرة قد يؤدي إلي شعور الأم بالوحدة والعزلة, فهي تقوم كل يوم بنفس الأشياء وفي نفس المكان, ومع نفس الأشخاص, وإذا حدث وأخذت يوم أجازة فغالبا يكون بسبب المرض, خاصة أن الكثيرات من الأمهات المتفرغات تجعلن حياتهن تدور حول الأعمال المنزلية فقط ويعتبرن ذلك الأفضل لأطفالهن, لكن التعرض للضغط النفسي بسبب الروتين قد يجعلها تفقد الرغبة والطاقة لفعل أي شئ, مما قد يؤثر علي علاقتها بأطفالها.
وهناك أمهات متفرغات أخريات قد لا تضيعن كل وقتهن في الأعمال المنزلية ومع ذلك لا تفعلن شيئا مفيدا, وينبه أستاذ علم النفس مثل هذه الأم التي لا تطور اهتماماتها إلي أن أطفالها لن يستفيدوا من بقائها معهم, وقد يعانون مستقبلا من عدم تقدير الذات أو يكونوا عرضة للـفوبيا مثل الخوف من الأماكن المظلمة علي سبيل المثال, وأيضا عدم تمتعهم بمهارات اجتماعية جيدة. فإذا كنت اخترت أن تكوني أما متفرغة لتقضي وقتا أطول مع أطفالك, فتذكري دائما أن قيمة الوقت الذي تقضينه مع أطفالك أهم من مدته. ويقترح د. محمد عبد الفتاح للتغلب علي العزلة والوحدة وللتمتع بالتوازن كأم متفرغة بالحرص علي الاتصال بأمهات متفرغات أخريات ولو لعشر دقائق في اليوم, فهن أقرب إلي فهم احتياجاتك ومشاركتك إياها,
وتحدثي مع زوجك عن شعورك بالوحدة حتي يساعدك في التغلب عليها, فمن الممكن أن يبقي هو مع الأطفال لرعايتهم في الوقت الذي تخرجين أنت لبعض التمشية أو التسوق. ونظمي يومك باختيار ساعتين فقط للقيام بالأعباء المنزلية علي سبيل المثال, أو تأجيل بعض الأمور التي يمكن تأجيلها لليوم التالي, فهذا سيسمح لك بعمل أشياء أخري. واحرصي علي ممارسة هواية تستمتعين بها مثل القراءة أو الرسم أو تعلم رياضة جديدة. وادخلي علي الإنترنت, فهناك الكثير من المواقع الخاصة بالأمهات والتي تحتوي علي معلومات عن الأمومة, كما يمكنك من خلال الإنترنت محادثة أمهات أخريات.
ويضيف: بعض الأمهات تشعر بالحزن لفقدها راتبها عند تركها لعملها لذلك إذا كانت ميزانية الأسره تحتمل فاقنعي زوجك بأن تجعلي لنفسك راتبا بشكل منظم, وليس من الضروري أن يكون كبيرا لكن الفكرة نفسها مهمة, وبذلك ستشعرين أنك تنفقين نقودك أنت.
وإذا كنت تفتقدين العمل يمكنك التفكير في مشروع يمكن تنفيذه من البيت أو إيجاد عمل لا يحتاج لوقت كبير أو كثير من الاتصال بالآخرين وبذلك ستقضين وقتا في عمل أشياء تحبينها.
وتذكري دائما أن شعورك بالثقة في اختيارك هو ما يؤثر حقا علي نظرتك للأمور فأكثر الأمهات المتفرغات شعورا بالرضا هن اللاتي يؤمن أن مايفعلنه هو الأفضل, ولا أحد ينكر أن عمل المرأة يحسن من تقديرها لذاتها ولكنك كأم متفرغة يمكن أن يكون لديك نفس الشعور, وتأكدي أن شعور أسرتك بالسعادة مرتبط بشكل مباشر بشعورك أنت بالسعادة.
ساحة النقاش