خطبة الشيخ العريفي
مقام مصر والدور المفروض
بقلم: د. محمود يوسف 101 
إن من الشعر لحكمة‏,‏وإن من البيان لسحرا صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم‏ ‏في أداء عبقري لافت للنظر قدم فضيلة الشيخ الدكتور/ محمد عبد الرحمن ألعريفي لوحة فنية رائعة حوت روائع البيان وصدق الأداء, وغزارة المعرفة, وصدق المعلومة,وعمق الإحساس وهو يصف المحبوبة مصر أم الدنيا التي يوشك أبناؤها أن يضيعوها وهم يتنافسون تنافسا غير مشروع في رحلة البحث عن مغنم أو صدارة مشهد!!

 إنها ليست خطبة دينية كسائر الخطب التي نسمعها,بل هي أنشودة في حب مصر, وسياحة عبر تاريخها الممتد لآلاف السنين,وبحث جاد في المؤثرات علي شخصيتها وهويتها,وشهادة حق علي تأثيرها في محيطها العربي والدولي, وصرخة تعبر عن خوف بدت في الأفق بوادره من مستقبل مجهول تريد قوي في الداخل والخارج أن تشكل ملامحه علي نحو يخدم أغراضها, وهي بالإضافة إلي ذلك حائط صد منيع ورسالة تخويف مبطنة لكل من يحاول أن يعبث بأمنها واستقرارها.
أني له ذلك وهي هازمة الجبابرة, وهي الأبية العصية علي كل باغ ومستكبر.
أشاد ألعريفي بنسائها: هاجر أم إسماعيل وكيف صار سعيها بين الصفا والمروة نسكا من مناسك الحج يقتدي بها الملايين إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها.
مارية القبطية أم إبراهيم ابن خاتم الأنبياء والمرسلين. أم موسي, وآسية زوج فرعون, وماشطة بنت فرعون.
نوه العريفي بمؤمن آل فرعون ودفاعه عن الكليم موسي, وأشاد بالمصري الذي حذر موسي من ملء يتآمرون ليقتلوه.
قدم ألعريفي رائعته التي عرضت مصر تاجا ودرة في جبين الدهر موصولة بأمام الموحدين ابراهيم ويعقوب ويوسف وموسي وإدريس وهارون وعيسي ومحمد عليهم الصلاة والسلام.
زين العريفي مصر إذ أشار إلي أن أكثر من ثلاثمائة صحابي جليل ارتبطوا بها فاتحين أو زائرين أو معمرين أو ساكنين أو بين طبقاتها وترابها مدفونين!!
أيها الشيخ الجليل:- استمعت إلي رائعتك وهي مثال للخطاب الديني الذي يعي قضايا الأمة ويتفاعل مع أحداثها.
والله: لم أفرغ من البكاء منذ بداية حديثك العذب حتي نهايته. ولو قدر لي أن أراك لقبلت رأسك الذي حوي هذه الدرر. والدعاء لوالديك: نعم التربية والرعاية, والدعاء لمعلميك الذين قدموا للإسلام هذا النموذج الفذ علما وفقها وخلقا وأداء ورفعة وسموا.
ليس غريبا علي بلد الحرمين أن تقدم للأمة من كان مثلك. يحق للملكة العربية السعودية أن تزهو وتفخر به ولأمة الإسلام أن تفرح مادمت أحد بنيها.
سيدي: كيف يتفاعل أبناء مصر مع هذه الدرة التي قدمتها؟
ألقيت في روع كل مصري وعيا بتاريخها وكأنك تقول لهم أحفظوها جيدا, ولا تفرطوا فيها. وكونوا أمناء عليها.
علي المستوي الإسلامي أكدت الخطبة هذا المعني الرائع الذي أشار إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي فهذا عقل مسلم ووجدان موحد يئن لما يحدث في أرض الكنانة ويري أنها جديرة بكل خير.
وعلي المستوي السياسي تؤكد الخطبة أن السعودية ومصر في خندق واحد وأن اضطراب الأحوال في مصر يزعج إخواننا السعوديين, فهم يريدون أن يروا مصر في وضعها الطبيعي سندا للأمة ورصيدا لقوتها. ولاسيما أن جمهور الخطبة في مسجد الأمير تركي كانوا خليطا من صناع القرار والجمهور السعودي وسائر الجاليات الإسلامية والعربية.
اقشعرت الأبدان وهي تسمع صادق قولك حتي خيل إلي أن الانبياء جميعا( إبراهيم ويعقوب ويوسف وموسي وهارون وعيسي ومحمد) ينظرون إلي المصريين ليروا ما هم فاعلون بهذا المكان الذي ارتاحت نفوسهم إليه ووحدوا الخالق بين جنباته!! ماذا هم فاعلون بالمكان الذي أحبهم وأحبوه!!
أشعرت نساء مصر بالعزة والفخر وقدمت لهن نماذج القدوة مما جادت به مصر في سالف العصر من نساء عطرن بسيرهن التاريخ.
أسكت السياسيين والنخب الذين يملأون الفضائيات صراخا وعويلا, وألقيت علي مسامعهم سؤالا لايزال ينتظر الإجابة حتي متي تتباعدون؟؟ متي تلتقون؟؟عن أي مصالح تبحثون؟؟ هل اختفت مصر من قواميسكم؟؟
أقمت الشهادة علي كل مصري ليسأل نفسه: ماذا قدم لها؟ ماذا عساه أن يقول عن نفسه إذا استرجع سيرة صلاح الدين الأيوبي والليث بن سعد والعزبن عبد السلام والشافعي والشاطبي وورش وذي النون وابن عطاء الله السكندري والسبكي وغيرهم ممن قدموا لمصر وقدروها حق قدرها!!
حملت الجميع مسئولية الحفاظ علي خزائن الأرض كما وصفها القرآن, وبلد الأمن كما نعتها كلام الرحمن, ومقصد الأنبياء الذين رأوها من خير البلدان, ومهلك الطغاة والطغيان.
ذكرت الجميع بسيناء والوادي المقدس طوي, والنيل والإسكندرية وأعلمت الجميع أن كل ما بمصر هو كريم طيب ومبارك فهل حافظنا عليه؟؟
سيدي الشيخ الجليل:أيقظت الغافلين, ونبهت الجاهلين, وأنصفت المصريين, ودافعت عن ثغر من ثغور الإسلام, وحصن من حصونه, ومعلم من معالمه.
خطبتك تستحق أن تطرح علي موائد الباحثين وعبر منابر الأحزاب, وعلي صفحات الصحف والمجلات, وليت البرلمان المصري المسمي بمجلس الشوري الآن يعقد جلسة للاستماع إليها.
لو كان الأمر بيدي لمنحتك جائزة لا أظنك تنتظرها فمثلك ينتظر الجزاء من الله سبحانه وتعالي: جائزة حب مصر, جائزة الدفاع عن حصن الإسلام, جائزة الخطاب الديني المستنير, قلادة النيل حق لك وليت السياسيين والنخبة يعون الدرس!!
وأخيرا وبعد نبع العريفي المتدفق يبقي السؤال المفروض علينا نحن المصريين جميعا ماذا قدمنا لمصر وماذا يجب علينا الآن؟!

المزيد من مقالات د. محمود يوسف

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 136 مشاهدة
نشرت فى 12 يناير 2013 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,611,651