كتبت - سهير عبد الوهاب: 86
قدرة المرء تظهر عند الشدائد, حقيقة أكدتها السيدة زينب ابنة علي ابن أبي طالب رضي الله عنهما, بل وزادت عليها أنه لا فرق في ذلك بين رجل وامرأة, وأن المرأة قادرة علي حماية نفسها وأهلها،
وعلي تحمل المواقف الصعبة ومواجهة الشدائد بثبات ورباطة جأش وعزة نفس وشجاعة.
والسيدة زينب بنت علي بن أبي طالب هي ابنةا السيدة فاطمة بنت رسول الله( ص), ولدت في حياة الرسول وشملها عطفه وحنانه وأشرف علي تربيتها, وكانت امرأة عاقلة لبيبة جذلة. زوجها أبيها علي رضي الله عنه من ابن أخيه عبد الله بن جعفر فأنجبت له علي وعون وعباس ومحمد وأم كلثوم.
كانت مع أخيها الحسين رضي الله عنه حين قتل, وحملته إلي دمشق مع أهلها إلي يزيد بن معاوية, وكان موقفها معه يدل علي عقل وحكمه.
فقد دعا يزيد أشراف الشام وأجلسهم حوله وأخذ يلعب في رأس سيدنا الحسين بقضيب, ثم طلب دخول نساء الإمام الحسين إليه فغض أهل المجلس أبصارهم إلا رجلا ظل يحدق في السيدة فاطمة بنت الحسين, ثم قال ليزيد: يا أمير المؤمنين هب لي هذه, فقالت زينب: كذبت والله ولئمت ما ذلك لك ولا له, فغضب يزيد وقال: إن ذلك لي ولو شئت أن أفعله لفعلت, قالت زينب: كلا, والله ما جعل الله ذلك لك إلا أن تخرج من ملتنا وتدين بغير ديننا, فاشتد غضبه وتساءل منكرا إياي تستقبلين بهذا؟ قالت: بدين الله وأبي وأخي وجدي اهتديت يا يزيد أنت وأبوك وجدك, فقال: كذبت فقالت: أنت أمير مسلط وتقهر بسلطانك, فلم يجب علي السيدة زينب وكشف عن رؤس الشهداء وجلس يعبث في رأس الحسين بالقضيب فقالت له: أظننت يا يزيد أنه حين أخذ علينا بأطراف الأرض و أكناف السماء, فأصبحنا نساق كما تساق الأساري أن بنا هوانا علي الله وأن بك عليه كرامة, إن الله إن أمهلك فهو قوله( ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لأنفسهم, إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين).
فلئن اتخذتنا في هذه الحياة مغنما, لتجدننا عليك مغرما حين لاتجد إلا ما قدمت يداك, تتعاوي واتباعك عند الميزان وقد وجدت أضل زاد تزودت به قتل ذريه محمد(ص) فضاق يزيد بمرأي السيدة زينب وروعة ما سمع منها فأشار إليها وإلي النساء معها أن يخرجن من الدار.
سافرت بعد ذلك إلي مصر هي وأسرتها و معها رأس سيدنا الحسين فأكرمها أهل الكنانة ورحبوا بها عزيزة مكرمة إلي أن ماتت ودفنت في بيتها.
ساحة النقاش