المرأةُ و«التفوق»

  بقلم   فاطمة ناعوت    ٢٧/ ٢/ ٢٠١٢

قال أحدُ الفلاسفةِ مازحًا: «صحيحٌ أن اللهَ قد خلق الرجلَ قبل المرأة، ولكنك دائمًا تكتبُ المسودّةَ قبل النسخة المُنقَّحة». ويقول علماءُ الاجتماع: «إن أردتَ أن تُقيّمَ تحضّرَ مجتمع، انظرْ إلى مكانة نسائه». وقالت ثورتُنا الشريفة فى يناير ٢٠١١: «حرية وكرامة وعدالة اجتماعية». ونشعرُ بالمرارة، والخجل، إذ نستمرُ فى المطالبة بالعدالة، والحرية، والكرامة، فى بلدٍ مثل مصر! زمانُها: الألفية الثالثة، ومكانُها ومكانتُها: البلدُ الذى «ابتكر» الحضارة، و«ابتدع» فكرة «المدينة»، قبل خمسة آلاف عام، وقتَ كان العالمُ يرفل فى همجيته وعشوائيته!! لكنْ، ما حيلتُنا والحكّامُ، إثر الحكّام (باستثناء محمد على الكبير)، يُسلّموننا من فاشية إلى فاشية، ومن طاغوتٍ إلى طاغوت، ومن ظلام إلى ظلام أدمس! من التعيس أن نتكلم فى مصر- رائدة التنوير فى العالم، البلد الذى نصّب المرأةَ ملكةً قبل آلاف السنين، وجعلها فى ميثولوجياها ربّةً لمعظم القيم الرفيعة- عن حقوق المرأة والأقليات، تلك الأمور التى حسمتها دولٌ نامية كانت تنظر إلينا بعين الحسد والتشوّف قبل قرن واحد، مثل الهند، (ترأّستها امرأةٌ لأنها الأفضل، وترأسَها مسلمٌ على أغلبية هندوسية لأنه الأكفأ)، فضلاً عن دول «طفلة» لم تكن موجودةً على خارطة العالم قبل عدة قرون مثل أمريكا، قطعت الشوطَ الأوسع فى تعزيز مكانة المرأة، واحترام حقوقها!

لذلك نندهش، ونحزن، حين نعلم أن جائزة «التفوّق»، التى انطلقت فى مصر منذ عام ١٩٩٩، (وتُمنح لاسمين كل عام)، لم تكرّم إلا عددًا محدودًا للغاية من المبدعات المصريات، هن: «إقبال بركة»، «نوال مصطفى»، «فتحية العسال»، والراحلة «نعمات البحيرى»، وكلّ منهن مدرسةٌ مكتملة بحقّها الخاص فى مجال الإبداع والتنوير الفكرىّ. ولهذا نفرح كثيرًا حين نعلم أن الفنان التشكيلى الكبير «محمد عبلة»، بالاتفاق مع مجلس إدارة أتيليه القاهرة العريق، قد رشّح لهذا العام اسمًا نسائيًّا مُشرقًا، لجائزة «التفوق» ٢٠١٢. هو اسمٌ سنتأكد حين فوزه، بإذن الله، أن ثورة التنوير المصرية على طريقها الصحيح، رغم كل مؤشرات الضدّ، التى تعوّق مسيرتها حتى الآن.

أما الاسمُ المطروح، فصاحبته مبدعةٌ حقيقة وجادّة، شاعرةٌ وروائيةٌ وباحثةٌ ومترجمة . حصلت على دكتوراة الفلسفة عام ١٩٩٤ من موسكو. ترأست تحرير سلسلة «كتابات جديدة»، تلك التى راهنت وجازفت، وسلّطت أول شعاع ضوء على مواهبَ شابة، كانت تتلمس، على استحياء، خطوَها الأولَ فى عالم الإبداع، وصارت الآن أسماء لامعة تشرّف اسمَ مصر الغالى فى ساحة الأدب العربىّ والعالمىّ. كما قدّمت عبر سلسلة «الجوائز» مائة وخمسين رواية من عيون الأدب العالمىّ، كان يمكن أن تتخطى الألف عنوان، لولا بيروقراطية الروتين الحكومى، وتجميد النشاط الأدبىّ، الذى واكب العام الماضى، بسبب الثورة وتوابعها. أما إبداعُها الشخصىّ فثرىٌّ ولافت. أصدرت ديوانين وروايتين كان لها الصدى الواسعُ فى عالم الإبداع الشعرى والسردىّ، وكذلك أكثر من خمسين كتابًا ترجمتها عن الروسية، منها: رواية «توت عنخ آمون» للمستشرق الروسى «باخيش بابايف»، و«كل حكايات الأطفال الخرافية» التى ألفها شاعر روسيا الأشهر «بوشكين»، فضلاً عن إسهامها فى الكتابة للطفل، إما تأليفًا بالعربية، أو ترجمةً للعربية عن الروسية، منها الكثير من حكايات كاتب الأطفال الروسى الكبير «أفاناسيف»، والكثير من الحكايات الشعبية الروسية.

هل أحتاج بعدُ أن أذكر اسم هذه المبدعة الجميلة، د.سهير المصادفة؟ وهل نطمع، نحن نساءَ مصرَ، أن تكون هديتُنا فى اليوم العالمى للمرأة، ٨ مارس المقبل، فوزَ مبدعة مصرية حقيقية، بجائزة «التفوق» لهذا العام، فيرتسم إكليلُ فخر وفرح على هامات مبدعات مصر كلّهن؟.

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 48 مشاهدة
نشرت فى 27 فبراير 2012 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,686,399