المشكلات النفسية للمتفوقين و إرشادهم نفسياً و دراسياً
<!-- / icon and title --><!-- message -->
إعداد : ايهم الفاعوري و حسام الخلف
المشكلات النفسية للمتفوقين و إرشادهم نفسياً و دراسياً
1- مقدمة عن الإرشاد النفسي و معناه :
- الإرشاد النفسي و علم النفس الإرشادي counseling psychology فرع من فروع علم النفس التطبيقي يعمل فيه مرشدون متخصصون مع أفراد أو جماعات أو مجتمعات بحاجة إلى المساعدة للوصول إلى أهداف ذات قيمة لهم، و اتخاذ القرارات المناسبة . و حل المشكلات التي تواجههم، و تحقيق التوافق الشخصي و الاجتماعي و الوصول إلى تحقيق أعلى مستوى ممكن من الصحة النفسية . الإرشاد مصطلح أو كلمة يظهر أن كل شخص يفهمها لكن في الحقيقة لا يوجد شخصان يفهمان هذا المصطلح بالمعنى نفسه حيث يشير تايلر Tyle 1969 إلى أن النمو السريع لمهنة الإرشاد أدى إلى غموض و سوء فهم المصطلح ، و أن جزءا من هذا الغموض و سوء الفهم يعود إلى حقيقة أن الإرشاد نشأ و نما من خلال مجموعة مختلفة من العلوم الإنسانية ( صالح أبو عباة ،عبد المجيد نيازي ، 2001 ، ص36) .
و يتفرع من الإرشاد النفسي فروع عديدة، يخدم كل منها ميداناً من ميادين العمل في المجتمع، و يشتق اسمه منه فنجد، الإرشاد الطلابي و المدرسي، و إرشاد الشباب، و الإرشاد المهني، و الإرشاد الديني، الإرشاد في مجال المعوقين، و الإرشاد الأسري، و إرشاد المجتمعات المحلية، إرشاد الطفل، و إرشاد المرأة ، و إرشاد الأقليات و الإرشاد العلاجي، و الإرشاد الوراثي و غيرها من مجالات الإرشاد المتنوعة و تلتقي هذه الفروع في الأسس والنظريات والمهارات و الأخلاقيات و لكنها قد تختلف فقط في نوع المشكلات التي تتناولها و مكان التطبيق، مثلا مدرسة- مستشفى – مركز تأهيل – مؤسسات اجتماعية ... الخ و ربما تختلف حسب النوع ذكور إناث أو حسب البيئة : مدن – قرى – أو حسب العمر أطفال – شباب – مسنين ... و قد بدأت بلورة علم النفس الإرشادي نتيجة التقاء ثلاثة فروع أساسية في علم النفس هي القياس النفسي الذي تعتبر بداياته الحقيقية مع مقياس بينيه و جهوده لتقيم استعدادات طلاب المدارس في فرنسا ابتداء من عام 1905 و علم النفس المهني أو التوجيه المهني الذي تعتبر بداياته مع كتاب بارسونز الشهير في عام 1909 تحت عنوان كيف تختار مهنة و العلاج النفس كما بلورته نظرية التحليل النفسي التي كانت بداياتها مع كتاب فرويد في بداية القرن العشرين. أما واقع الإرشاد اليوم فهو واقع فرض فيه نفسه كأحد التخصصات الأربعة الرئيسية لعلم النفس التطبيقي في أمريكا التي يشترط فيمن يمارسها الحصول على ترخيص خاص بالعمل فيها، و هي علم النفس الإرشادي وعلم النفس العيادي (الإكلينيكي)... Clinical علم النفس المدرسي School Psychology و علم النفس الصناعي و التنظيمي Industrial and organizational . و أصبحت دراسات الإرشاد النفسي واسعة الانتشار في الجامعات الأمريكية، و في كثير من جامعات العالم، سواء وجدت هذه الدراسات كدراسة عامة أو في شكل تخصصات داخل تخصص الإرشاد نفسه (محروس الشناوي، 1998، ص:257 ) .
- إذا يتضمن مفهوم الإرشاد أن يقوم المرشد بواسطة اللغة أجزاء من معرفته و قدرته لشخص آخر. قد لا يكون مهماً، وفي كثير من الأحيان، ضمن مواقف الحياة اليومية و أن يكون احتياطي المرشد من المعرفة و القدرة متفوقاً فعلاً على احتياطي المسترشد من المعرفة و القدرة، أما عندما يحدث الإرشاد ضمن إطار فعالية مهنية فإنه يتوجب الوفاء بمتطلبات خاصة من حيث عقلانية الإرشاد و نوعيته. و يستند الحق في إرشاد الآخرين في ميدان الإرشاد, كما هو الحال في المهن الأخرى، إلى احتياطي من المعرفة و القدرة يتم تكوينه على أساس من التعلم و الخبرة.
و قد أصبح الإرشاد سلة مصطلحات ، تعنى أنواعاً متعددة من الممارسات ، بما في ذلك التشجيع و إعطاء النصيحة و المعلومات و الاختبار و تفسير نتائجه ، و حتى الممارسات الفنية للتحليل النفسي ذات المستوى الرفيع جداً . و بعض النموذجية للإرشاد تعكس اختلافات دقيقة نشأت خلال السنوات الماضية و توضح بأن تعريفات الإرشاد لم يتفق عليها عالمياً . و يتم تحت عنوان الإرشاد مجموعة فعاليات متنوعة جداً تشترك في هدف عام، هو المساهمة في أمثلة السلوك و الشعور الإنسانين.
و يمكن تعريف الإرشاد بأنه عملية تهدف إلى مساعدة الفرد على أن يفهم نفسه و جوانب القوة و الضعف لديه، و يفهم إمكاناته و بيئته حتى يمكنه التفاعل معها تفاعلاً سليماً، يساعده على التكيف السليم. و يعرف أيضا بأنه عملية بناءة مخطط لها، تهدف إلى مساعدة الفرد كي يفهم نفسه، و يحدد مشكلاته و ينمي إمكاناته و يحل مشكلاته، كي يصل إلى تحقيق التوافق في جميع الجوانب الشخصية و التربوية و المهنية و الزوجية و الأسرية.
و عرفه روجرز1942 بأنه علاقة منظمة اختيارية تسمح للمسترشد الحصول على فهم الذات الذي يدفعه لاتخاذ خطوات إيجابية نحو اتجاه جديد (روجرز، 1942).
كما عرف بيبسنكي و بييسكي 1954 pepinsky&pepinsky : الإرشاد عملية تشتمل على تفاعل بين مرشد و مسترشد في موقف خاص بهدف مساعدة المسترشد على تغيير سلوكه بحيث يمكنه الوصول إلى حل مناسب لحاجاته .
و عرف تولبير (1959) Tolbert : الإرشاد هو علاقة شخصية وجها لوجه بين شخصين أولهما هو المرشد، من خلال مهاراته و باستخدام العلاقة الإرشادية، يوفر موقفا تعليمياً للشخص الثاني، المسترشد و هو نوع عادي من الأشخاص حيث يساعده على تفهم نفسه و ظروفه الراهنة و المقبلة، و على حل مشكلاته و تنمية إمكانياته بما يحقق تكيفه و كذلك مصلحة المجتمع في الحاضر و المستقبل .
و عرف تيلر (1969) tyler: إن الغرض من الإرشاد هو تسهيل الاختبارات التي تساعد على نمو الشخص فيما بعد، كما ترى تيلر أن الإرشاد ذو طبيعة إنمائية بالإضافة إلى كونه ذا طبيعة علاجية، و إنه يمكن أن يكون عوناً لكل الأشخاص نظراً لكون اتخاذ القرارات أمراً لازما طول الحياة.
تعريف باترسون (1973) patterson: يذكر باترسون عند حديثه عن تعريف الإرشاد، أنه يمكننا أن نعرف الإرشاد إذا أمكن أن نحدد ما لا يدخل في الإرشاد: مثلا الإرشاد ليس مجرد إعطاء معلومات رغم أن المعلومات تعطى في الإرشاد. كذلك فإن الإرشاد ليس مجرد إسداء النصح أو الاقتراحات أو التوصيات. و الإرشاد ليس هو التأثير على الاتجاهات و الأفكار و السلوك عن طريق الحث و القيادة و الإقناع. كذلك فإن الإرشاد ليس هو اختيار و تعيين الأشخاص في مختلف الوظائف و الأنشطة. كذلك فإن الإرشاد ليس المقابلة رغم أن المقابلة جانب أساسي في الإرشاد. و يمضى باترسون بعد ذلك ليحدد خصائص الإرشاد على النحو التالي:
1. إن الإرشاد يهتم بالتأثير على التغيير الاختياري للسلوك من جانب المسترشد.
2. إن الغرض من الإرشاد هو توفير الظروف التي تسهل التغيير الاختياري من جانب المسترشد.
3. و كما هو الأمر في كل العلاقات فإن هناك قيوداً تفرض على المسترشد.
4. يوفر المرشد الظروف التي تسهل عملية التغيير من خلال المقابلات .
5. يتوفر في الإرشاد عنصر الإصغاء و لكن ليس معناه أن كل الإرشاد إنصات.
6. إن المرشد يتفهم المسترشد .
7. أن الإرشاد يتم في إطار من الخصوصية و تجري المناقشة في إطار من السرية .
* أما لويس 1970 فعرفه بأنه: علمية يتم عن طريقها مساعدة المسترشد ليشعر و يتصرف بطريقة شخصية أكثر إرضاء، من خلال التفاعل مع شخص غير مشارك، و هو المسترشد. ويوفر المرشد المعلومات و ردود الفعل التي تحفزّ المسترشد لتطوير سلوكه و التعامل بطريقة أكثر فاعلية مع نفسه مع البيئة ( الشناوي ، 2001 ، ص 14).
و كما عرفه أيفي و سميك داونيج (1980) Ivey&Simek Downing يؤدي الإرشاد إلى ظهور خيارات ، و يساعد المسترشد في التحرر و كسر الأنماط القديمة ، و تسهيل عملية اتخاذ القرار، و إيجاد حلول عملية للمشكلات (استيورات ، 1996 ص: 37 ) .
و عرف زهران 1964،1966،1976 الإرشاد على أنه عملية واعية مستمرة بناءة و مخططة ، تهدف إلى مساعدة و تشجيع الفرد لكي يعرف نفسه و يفهم ذاته و يدرس شخصيته جسمياً و عقلياً و اجتماعياً و انفعالياً ، و يفهم خبراته، و يحدد مشكلاته و حاجاته ، و يعرف الفرص المتاحة له، و أن يستخدم و ينمي إمكاناته بذكاء إلى أقصى حد مستطاع ، أن يحدد اختياراته و يتخذ قراراته و يحل مشكلاته في ضوء معرفته بنفسه ، بالإضافة إلى التعليم و التدريب الخاص الذي يحصل عليه عن طريق المرشدين و المربين و الوالدين ، في مراكز التوجيه و الإرشاد في المدارس و في الأسرة لكي يصل إلى تحديد و تحقيق أهداف واضحة تكفل له تحقيق ذاته و تحقيق الصحة النفسية و السعادة مع نفسه و مع الآخرين في المجتمع و التوفيق شخصياً و تربوياً و مهنياً و أسرياً و زواجياً.
و يشير الكفافي إلى أن الإرشاد النفسي أحد قنوات الخدمة النفسية ، التي تقدم للأفراد أو الجماعات بهدف التغلب على بعض الصعوبات التي تعترض سبيل الفرد أو الجماعة و تعوق توافقهم و إنتاجيتهم . و الإرشاد النفسي خدمة توجه إلى الأفراد و الجماعات الذين ما زالوا قائمين في المجال السوي و لم يتحولوا بعد إلى المجال غير السوي ، و لكنهم – مع ذلك – يواجهون مشكلات لها صبغة انفعالية حادة ، أو تتصف بدرجة من التعقيد و الشدة بحيث يعجزون عن مواجهة هذه المشكلات بدون عون أو مساعدة من الخارج .
و الإرشاد النفسي يتركز على الفرد ذاته أو على الجماعة ذاتها بهدف إحداث التغيير في النظرة و في التفكير و في المشاعر و الاتجاهات نحو المشكلة و نحو الموضوعات الأخرى التي يرتبط بها، و نحو العالم المحيط بالفرد أو الجماعة . و من هنا فإن هدف العملية الإرشادية لا يقف عند حد مساعدة الفرد أو الجماعة في التغلب على المشكلة و لكنه يمتد إلى توفير الاستبصار للفرد الذي يمكنه من زيادة تحكمه في انفعالاته و زيادة معرفته بذاته و بالبيئة المحيطة به ، و بالتالي زيادة قدرته على السلوك البناء و الإيجابي . و مما لا شك فيه أن القدرة على إتيان السلوك البناء الإيجابي يمكَّن الفرد من المواجهة الكفئة للمشكلات في المستقبل ، بل وفي اختيار السلوك الأنسب الذي يحقق له التوافق ، و في تبني وجهات النظر التي تيسر له الشعور بالكفاية و الرضا ، و من ثم الصحة النفسية .
و لأن العملية الإرشادية تقوم على زيادة استبصار الفرد بذاته فإنها تؤكد بذلك عملية التعلم من حيث اهتمامها بتعديل أفكار الأفراد و مشاعرهم و سلوكهم نحو ذواتهم و نحو الآخرين ، و نحو العالم الذي يعيشون فيه ، و من هنا نقول : إن الفرد – أو الجماعة – الذي يمر بخبرة إرشاد نفسي ناجحة فإنه يمر بخبرة نمو و ارتقاء نفسي في نفس الوقت (علاء الدين الكفافي ، 1999 ، ص:12)
بناء على ما سبق ذكره من تعريفات مختلفة للإرشاد و في تلخيص و استخلاص لهذه التعريفات يمكن أن نقول أن الإرشاد عملية ذات توجه تعليمي ، تجري في بيئة اجتماعية بسيطة بين شخصين أولهما مرشد و الثاني مسترشد، يسعى المرشد المؤهل بالمعرفة و المهارة و الخبرة إلى مساعدة المسترشد باستخدام طرائق و أساليب ملائمة لحاجاته و متفقة مع قدراته كي يتعلم أكثر بشأن ذاته و يعرفها بشكل أفضل ، و يتعلم وضع هذا الفهم موضع التنفيذ فيما يتعلق بأهداف يحددها بشكل واقعي و يدركها بوضوح أكثر وصولا إلى الغاية كي يصبح أكثر سعادة و إنتاجية .
2- أهداف الإرشاد النفسي :
أن للعملية الإرشاد مجموعة من الأهداف التي تكون غاية العملية الإرشادية و أساسها و كل عملية إرشاد سوف تسعى إلى تحقيق هذه الأهداف و الغايات حيث يرى لوكاري و ريبلي (Loughary&Ripley,1979) أن أهداف عملية الإرشاد تتلخص في أربعة جوانب أساسية هي :
1- مساعدة المسترشد لكي يكون قادراً على التعبير عن مشاعره و انفعالاته (حالته النفسية Emotional state السلبية و تغييرها) .
2- مساعدة المسترشد لكي يكون أكثر تفهما لنفسه و للمواقف و المشكلات التي يمر بها .
3- مساعدة المسترشد لكي يكون أكثر قدرة على اتخاذ القرارات ذات الأهمية .
4- مساعدة المسترشد لكي يكون أكثر قدرة على تطبيق قراراته .
و تشتمل الأهداف على ما يلي حسب تعريف اتحاد علماء النفس الأمريكي لأهداف الإرشاد النفسي :
1- أن يتقبل المسترشد قدراته و دوافعه بشكل واقعي .
2- أن يتوافق المسترشد مع بيئته الاجتماعية و المهنية بشكل معقول .
3- أن يتقبل المجتمع الفروق الفردية و ما يكون لها من تأثير على العلاقات الاجتماعية و المهنية و الأسري(محمد رمضان القذافي ، 1997 ، ص :35) .
أما باترسون (Patterson,1986) فقد توصل في دراسته حول توجيه المراهقين و الشباب إلى ثلاثة أهداف أساسية هي:
1- فهم النفس و القدرات و الاستعدادات و الميول و الرغبات الإيجابيات و السلبيات فهماً واضحاً .
2- معرفة متطلبات النجاح و شروطه و مزاياه و المكاسب المادية و المعنوية لمختلف المهن و الأعمال .
3- التفكير الحقيقي في العلاقات و الارتباط بين الهدفين السابقين .
و يرى الرشيدي و مرسي (1984 م) أن الإرشاد يهدف إلى مساعدة المسترشدين على تنمية أنفسهم و اختيار نمط حياة مناسبة لطموحاتهم ، و وقاية أنفسهم مما قد يعوقهم عن النمو ، أو يحد من شعورهم بالجدارة و السعادة في الحياة ، كما يقدم الإرشاد إلى الأشخاص العاديين الذين يعانون من صعوبات في اختيار المهنة أو الدراسة أو يعانون من مشكلات نفسية أو اجتماعية أو مهنية أو تربوية بهدف مساعدتهم على التخلص منها ، و تخفيف مشاعر الإحباط و التوتر و القلق ، و إرشادهم إلى تنمية أنفسهم و حمايتها من الانتكاس و الاضطراب .
و ينظر الشناوي (1996 م) لأهداف الإرشاد على أنها تقع في ثلاثة مستويات رئيسية ، ففي المستوى الأول يهدف الإرشاد إلى إحداث مجموعة من التغييرات في حياة المسترشد ، و هذا ما أطلق عليه (الأهداف العامة للإرشاد) . و في المستوى الثاني فإن الهدف أو الأهداف التي يتبناها المرشد تعتمد على توجهه النظري و هذا ما أطلق عليه (الأهداف الموجهة للمرشد) .
و في المستوى الثالث فإن الأهداف تتأثر بالمسترشد و المشكلة التي يعاني منها و هذه الأهداف هي التي توجه المرشد لاختيار الأساليب و الفنيات التي تساعده على تحقيق تلك الأهداف و هذا ما أطلق عليه (الأهداف الخاصة أو أهداف النتائج) و قد فصل الشناوي في شرح كل نوع من هذه الأنواع في التالي :
أولا: الأهداف العامة للإرشاد و تتمثل في تسهيل عملية تغيير السلوك و زيادة مهارات المواجهة و التعامل مع المواقف المختلفة و الضغوط ، و النهوض بعملية اتخاذ القرار ، و تحسين العلاقات الشخصية ، و المساعدة على تنمية طاقات المسترشد .
ثانيا: الأهداف الموجهة للمرشد و التي تمثل الاتجاه النظري للمرشد و استخدامه لطرائق العلاج المختلفة كالعلاج المتمركز حول الشخص ، أو العلاج بالواقع ، أو العلاج الجشتالتي و غير ذلك من طرائق العلاج النفسي المختلفة . فإيمانه بمبدأ العلاج بالواقع يسعى أساسا إلى تكوين المسؤولية لدى المسترشد على ملامسة الواقع .
ثالثا: الأهداف الخاصة أو أهداف النتائج و هي الأهداف المرتبطة بمشكلة المسترشد ، و تعدُّ الأهداف الواقعية الخاصة و التي يمكن للمرشد أن يستخدمها في تقويم العمل الإرشادي و تحديد مدى نجاحه أو فشله .
و أخيراً يؤكد أصحاب العلاج السلوكي Behavioral Therapy أنه يجب أن تكون الأهداف واضحة و واقعية للقياس و تصاغ لكل مسترشد على حدة . بناءً على تحديد المشكلة و أن يشترك المسترشد في تحديدها . (أبو عباة، نيازي ، 2001 ص: 46)
هناك مجموعة من الأهداف العامة للإرشاد النفسي نستطيع ذكرها كالتالي:
1. إذا فالإرشاد النفس و التربوي علمية تساعد الفرد في اكتشاف إمكاناته و قدراته و طاقاته و استعداداته ، و إرشاده إلى الإفادة منها في حياته : الطالب في دراساته ، العامل في عمله ، و كل ذي مهنة في مهنته .
2. مساعدة الفرد على فهم استعداداته و قدراته ... و تحليلها بالفرص المتاحة له. و اتخاذ القرارات لتحقيق أهدافه التي رسمها .
3. مساعدة الفرد على التخطيط لحياته المستقبلية في ضوء معرفته لذاته و هدفه ، و حاجاته ليحقق التوافق مع الحياة الاجتماعية التي تعيشها .
4. مساعدة الفرد على (تنمية ذاته) تنمية دائمة لاستمرار تلاؤمه مع البيئة التي تتغير باستمرار و يتكيف مع عالم دائم التغيير: The world of Continuous Change
5. مساعدة الفرد على اكتساب مهارات التواصل مع الآخرين و التفاهم مع الآخرين أفراد
6. و جماعات Communication Skills .
7. مساعدة الفرد على الحفاظ على صحته العامة و صحته النفسية الخاصة .
8. مساعدة الفرد على (التعلم المستمر و التعلم الذاتي) Self and Continuing Learning .
9. مساعدة الفرد على حل مشكلاته الصحية و الاجتماعية و المهنية ، و الاقتصادية بتزويده بكل ما يحتاجه من معارف و خبرات .
بهذا نجد أن الإرشاد النفسي يهدف بشكل عام إلى تغيير اتجاهات الفرد الخاطئة ، و تعديل قيمه غير السليمة ، و عاداته السلوكية ، و تصحيح تصوره عن نفسه و غيره ممن حوله ، و تعديل طرائق تفكيره غير الموضوعية ، و أساليب سلوكه الانفعالي ، و في السعي إلى تبصيره بدوافعه ، و قدراته العقلية ، و صفاته و سماته النفسية .
الإرشاد المدرسي School Counseling :
نظرا للتغيرات الاجتماعية و التقنية التي تمر بها المجتمعات العربية ، نجد أن هناك حاجة ملحة لوجود المرشد الطلابي المتخصص في المدرسة و الذي يسهم في عملية التنشئة الاجتماعية و تنمية شخصيات الطلاب كأحد الجوانب الهامة في استثمار و بناء العنصر البشري . لقد أصبحت المدرسة مؤسسة اجتماعية مفتوحة على المجتمع تؤثر فيه و تتأثر به، و من هنا نعد الإرشاد المدرسي أداة للتنشئة الاجتماعية و وسيلة من وسائل زيادة إنتاج الطالب كفرد في المجتمع المدرسي و المجتمع المحلي الذي توجد فيه المدرسة . لذلك أصبح الإرشاد تخصصا لا يمكن الاستغناء عنه في المدرسة الحديثة .
و قد عرف محمد توفيق (1982) الإرشاد المدرسي بأنه الجهود و الخدمات و البرامج التي يعدها و يقدمها المرشد الطلابي لتلاميذ المدارس على اختلاف مستوياتهم بقصد تحقيق أهداف التربية الحديثة ، و تنمية شخصيات الطلاب إلى أقصى حد ممكن و مساعدتهم للاستفادة من الفرص و الخبرات المدرسية إلى أقصى حد تسمح به قدراتهم و استعداداتهم المختلفة .
و يعرف عبد السلام 1987 الإرشاد المدرسي بأنه يهتم بمساعدة الطلاب على السير في دراستهم سيراً حسناً حيث يقوم التعاون مع الطلاب للتغلب على الصعوبات التي تواجههم في حياتهم بشكل عام (الغياب ، التأخير ، ضعف التحصيل ، عدم التركيز في المذاكرة ، مشكلات شخصية توافقية في المدرسة) و كذلك مساعدة الطلاب على استغلال الوقت استغلالاً مفيداً بتنظيم ساعات الدراسة و الترفيه بطريقة تضمن له التوافق النفسي و الصحة النفسية و تحقق لهم النجاح ف355871ي دراسته . (عبد السلام , 1987 ص:279) .
و عرف (علي ، 1999) الإرشاد المدرسي بأنه : أحد مجالات العمل المهني للمرشد الطلابي الذي يهدف أساسا إلى تنمية الطلاب سواء من خلال تدعيم قدراتهم أو مواجهة مشكلاتهم و ذلك عن طريق التعاون المخطط بين كل من التخصصات المختلفة بالمدرسة و بين المرشد الطلابي و المجتمع المحلي المحيط بالمدرسة ، مع محاولة الاستفادة من جميع الموارد المتاحة , التي يمكن إيجادها لتحقيق ما يصبو إليه المجال من أهداف في إطار السياسية العامة للدولة . كما نستطيع تعريف الإرشاد المدرسي التربوي فهو: عملية منظمة تهدف إلى مساعدة الطالب كي يفهم ذاته و يعرف إمكاناته و قدراته و يحل مشكلاته، ليصل إلى تحقيق التوافق النفسي و التربوي و المهني و الاجتماعي و إلى تحقيق الصحة النفسية المتكاملة.
من هذا نجد أن الإرشاد المدرسي هو أحد مجالات الإرشاد الذي دخل إلى الكثير من مجالات الحياة بعد أن بدأ من قضايا العلاقات الأسرية و المهنية ليمتد إلى المجالات الأخرى ، و يستخدم الإرشاد المدرسي نفس الفنيات والمهارات المتبعة في الإرشاد النفسي العام و لكن تكون هذه الأساليب داخل المدرسة و مع الطلبة و التلاميذ لتساهم في حل مشكلاتهم و استكشافهم لشخصيتهم و تلطيف الجو المدرسي بالنسبة للطالب ليكونوا أكثر فعالية و أنتاج و حيوية داخل مدارسهم .
أهداف الإرشاد المدرسي :
حدد ويت و أليوت و كوتكن و روينلد (Reynolds:Gutkin; Elliott; and Witt, 1984) أهداف الإرشاد المدرسي فيما يأتي:
1- التقويم و التقدير النفسي (الاجتماعي التعليمي) للطلاب و ذلك باستخدام إجراءات المراقبة و الملاحظة ، و تطبيق الاختبارات النفسية و التعليمية ، و إجراء المقابلات الشخصية ، و التقويم السلوكي .
2- التدخل بهدف توجيه الأفراد و الجماعات و مساعدتهم في أداء وظائفهم و أدوارهم بشكل صحيح ، و محاولة التأثير في الجوانب المعرفية و الانفعالية و الاجتماعية للطلاب ،و ذلك باستخدام أساليب مختلفة منها : التوصيات ، والتخطيط ، و تقويم خدمات التعليم المحددة ، و العلاج النفسي و التعليمي ، و الإرشاد ، و البرامج التعليمية و التدريبية التي تهدف إلى تحسين المهارات التكيفية لدى الطلاب .
3- التدخل بهدف توجيه الخدمات التعليمية ، و خدمات رعاية الطفولة و الخدمات الموجهة نحو العاملين في المدرسة و أولياء أمور الطلاب و المجتمع المحلي ، و ذلك عن طريق برامج التعليم الشخصي داخل المدرسة ، و برامج تعليم الوالدين و إرشادهم .
4- الاستشارة و التنسيق مع العاملين في المدرسة و الوالدين في الأمور و الجوانب المرتبطة بالمشكلات المدرسية .
5- تنمية و تطوير البرامج و الخدمات للطلاب و إدارة المدرسة و المجتمع المحلي ، وذلك من خلال تصميم برامج إرشادية و اجتماعية خاصة بكل فئة من هذه الفئات .
6- الإشراف على الخدمات النفسية و الإرشادية في المدرسة .
كما حددها عوني توفيق و رضا عثمان (1989) فيما يأتي :
1- مساعدة الطلاب على التحصيل و الوصول إلى أقصى استفادة ممكنة من التعليم .
2- مساعدة الطلاب على النمو و التغيير و الوصول إلى أكبر قدر ممكن من الاعتماد على النفس .
3- إيجاد علاقات اجتماعية سليمة بين الطلاب و بين العاملين بالمدرسة .
4- مساعدة الطلاب على نبذ الاتجاهات الضارة و تدعيم القيم البناءة، و إكسابهم القيم التي يتطلبها بناء مجتمعهم.
5- مساعدة المدرسة على نشر خدماتها في المنطقة التي توجد فيها .
6- العمل على إيجاد ترابط و تفاهم قوى بين المنزل و المدرسة . (ندوة الإرشاد النفسي في المؤسسات التعليمية ، كلية التربية بالرستاق ، 2004 )
إذا فالإرشاد المدرسي بشكل عام يهدف إلى التخلص من أو التخفيف من تأثير المشكلات بأنواعها و أشكالها المختلفة على سير العملية التعليمية للطالب بحيث يمكنه السير بشكل جيد و مناسب في تعليمهم و تحقق لهم أفضل النتائج في ضوء إمكاناتهم و قدراتهم ، و كذلك يركز الإرشاد المدرسي على الجوانب الأخرى للعملية التعليمية و ليس فقط على العلاقة بين الطالب و المعلم أو الطالب وحده ، و يهدف إلى جعل هذه العملية تسير بالشكل الأفضل و الأنسب .
مشكلات المتفوقين :
قبل التحدث عن إرشاد المتفوقين و توجيههم لابد من لمحة و عرض عن المشكلات التي يتعرض لها المتفوقين و ذلك لتبرير التوجه إلى إرشادهم، حيث أشار الباحثون و المتخصصون في هذا المجال إلى العديد من المشكلات التي تواجه الموهوبين و المتفوقين و إلى مصادر الضغوط التي يتعرضون لها ، و أثرها في توليد مشاعر التوتر و القلق لديهم و جعلهم عرضة للاضطرابات السلوكية و تهديد أمنهم النفسي ، و نعرض فيما يلي لأهم هذه المشكلات و القضايا الرئيسية التي يمكن أن تسهم الخدمات الإرشادية المقدمة للموهوبين و المتفوقين في التخفيف من بعض آثارها.
و قد أوضح بول ويتي Witty (1958) منذ فترة مبكرة أن كل من أتيحت له فرصة معايشة الأطفال المتفوقين و الموهوبين و العمل معهم يدرك أنهم مع ما يتمتعون به من مواهب ممتازة قلما يجدون الحياة سهلة و مفروشة بالأزهار و الرياحين ، فهم يتعرضون لمعظم المشاكل التي يتعرض لها الأطفال عامة أثناء نموهم ، و لكنهم بالإضافة إلى هذا يواجهون أنواعا أخرى من المتاعب الخاصة التي لا يواجهها الطفل العادي ، و لا يرجع معظم هذه المتاعب الخاصة إلى امتياز أو عبقرية الطفل بقدر ما يرجع إلى موقف الآخرين منه و استجاباتهم لمواهبه .
و ترجع بعض المشكلات التي يعاني منها الموهوبون و المتفوقون إلى خصائصهم و سماتهم أنفسهم , كالحساسية المفرطة و قوة المشاعر و العواطف ، والنزعة الكمالية ، و النمو اللامتزامن أو غير المتوازن و غيرها . كما يعود بعضها الآخر إلى عوامل أخرى بيئية أسرية و مدرسية و فيما يلي عرض لبعض هذه المشكلات :
أ- مشكلات راجعة إلى سمات و خصائص شخصية المتفوق و الموهوب :
- الشعور بالاختلاف ، والعزلة عن الآخرين ، و صعوبة تكوين علاقات مشبعة و صداقات مع الأقران ، و تصنع التوسط أو العادية :
و من بين أهم المشكلات هي مشاعر الاختلاف و صعوبة تكوين علاقات اجتماعية مثمرة مع الأقران ، حيث يتميز الموهوبون و المتفوقون بالتفرد و الاختلاف عن أقرانهم ، و تبدو مظاهر هذا الاختلاف واضحة منذ سنوات العمر الأولى حيث يكون معدل نموهم العقلي المعرفي أسرع من أقرانهم و يتمثل هذا في قدرتهم المبكرة على الكلام و اكتساب اللغة و رغبتهم في تعلم القراءة منذ سن صغيرة ، و حبهم للاستطلاع و شغفهم بالمعرفة الذي يدفعهم إلى كثرة طرح التساؤلات، و تعدد مجالات اهتماماتهم و تتنوع ميولهم عمن هم في مثل عمرهم الزمني ، و يمثل نضجهم الأخلاقي المبكر مظهرا هاما من مظاهر الاختلاف ،فنجد أحكامهم الخلقية المعقدة الصارمة و كذلك نظامهم القيمي الخاص .
و يتأثر الموهوب و المتفوق منذ وقت مبكر بهذا الاختلاف بينه و أقرانه فهو لا يجد من بينهم من يشاركه ألعابه المفضلة التي يغلب عليها التعقيد و التي تخضع لقوانين محددة و التي يشبع من خلالها ميله إلى التنظيم و الترتيب Systematization and Order حيث يميل إلى تنظيم الأشياء و الأشخاص حسب رؤيته ، و لهذا ينجذب بشدة نحو الأطفال الأكبر سناً و الذين قد ينظروا له كطفل صغير و يرفضون اللعب معه مفضلين عليه أقرانهم ، و قد يدفعه هذا إلى اللعب بمفرده و الميل للعزلة و الوحدة (Douglas, 1998 p:1)
و تمثل مرحلة المراهقة تحدياً للطلاب الموهوبين و المتفوقين حيث تمثل الحاجة إلى الأقران و الرغبة في الامتزاج و التآلف مع الجماعة إحدى الحاجات الأساسية الملحة بالنسبة للمراهق الموهوب و المتفوق ، و حيث يصبح الصراع بين الحاجة القوية إلى الاستقلالية و الإنجاز من جهة ، و الحاجة إلى مسايرة الأقران و الحصول على رضاهم و تجنب رفضهم و نبذهم من جهة أخرى أعقد مشكلاته الاجتماعية ، و تبدو أهمية جماعة الأقران البالغة بالنسبة للمراهق في أن انتمائه إليها و شعوره بالولاء نحوها و الإذعان لرأيها و الخضوع لقوانينها يشبع لديه الحاجة إلى الانتماء و الشعور بالأمان و التي تعد من الحاجات النفسية الاجتماعية الأساسية في هذه المرحلة، فضلا عن دورها في علمية تشكيل الهوية حيث يمثل الأقران نماذج الدور التي يحتذيها المراهق و يتمثل بها ، و تصبح المسايرة و النزعة إلى الاختلاف أمرا غير مقبولا في هذه المرحلة التي وصفها اريكسون بأنها تتميز بـ "تقنين الفردية Standardization of Individuality "عدم تحمل الاختلافات Intolerance of Differences" و بهذا تشكل مواهب المراهق و مقدراته نوعا من الإعاقة الاجتماعية Cross&Coleman,1993,p38 – 40) )
و يحذر الباحثون من أثر ضغوط الأقران المتزايدة على الموهوب و المتفوق الذي قد يلجأ إلى التضحية بمواهبه و قدراته و يميل إلى الإنجاز بأقل مما تسمح به قدراته ، و يبدو التناقض بين طاقاته و إمكاناته و بين مستوى أدائه الفعلي واضحا (ماجدة السيد عبيد , 2000 ص:204 – 205 ) .
و قد تؤدي تلك الصعوبات البالغة في التوافق مع الأقران إلى الشعور بالعزلة و الوحدة و الانطواء ، و ذلك إذا ما فشل الموهوب و المتفوق باستخدام استراتيجيات التوافق المختلفة في كسب ودهم و رضاهم ، فتصبح العزلة و الوحدة نتيجة حتمية لرفض الأقران . و يرى بورتر (Porter,1999) أن الوحدة النفسية التي يشعر بها المرء حينذاك يكون لها آثار سلبية وخيمة أكثر تدميراً من انخفاض التحصيل و ضياع المواهب و القدرات ، حيث يحرم الموهوب و المتفوق من الطمأنينة و الشعور بالأمان و لا يجد الدعم و المساندة الاجتماعية الكافية لمواجهة ضغوط الحياة اليومية حينما يفتقر إلى الأصدقاء ، فالألفة مع الآخرين و الصدقات الحميمة أمور ضرورية للنمو النفسي الاجتماعي السوي .
- النزعة الكمالية ، و التوقعات العالية التي يضعها المتفوق لنفسه و ما يترتب عليها من ضغوط و قلق و خوف زائد من الفشل ، و تجنب مواجهة الضغوط Copout و مماطلة و تلكؤ Procrastination ، و حساسية للنقد :
المتفوقين و الموهوبين مدفوعون و حريصون على تحقيق مستويات فائقة من الإنجاز، أن النزعة الكمالية أو المثالية قد تشكل عقبة أمام تقدمهم و نجاحهم في حياتهم الدراسية و المهنية . و يرى هاماشيك Hamacheck أن الكماليين الأسوياء أو أولئك الذين يدركون حدود إمكاناتهم ، و يتقبلون نقاط ضعفهم ، و يضعون لأنفسهم أهدافا واقعية مناسبة ، و يتقبلون أخطاءهم و يتفهمون أنها جزء من عملية التعلم ، و يشعرون بالرضا عن أنفسهم عندما يبذلون قصارى جهدهم بصرف النظر عن كون إنجازهم مثالياً أو كاملاً يكونون أكثر استمتاعاً بعملهم و شعوراً بالسعادة.
أما الكماليون العصابيون أو أولئك الذين يطالبون ذواتهم بتحقيق توقعات عالية جداً أو مثالية ، و بلوغ أهداف مستحيلة تفوق مقدراتهم ، فإن ذلك يقودهم إلى الشعور المستمر بالفشل و ربما العجز ، و من ثم انخفاض تقدير الذات لديهم . و قد ينزع بعض المتفوقين و الموهوبين نتيجة لذلك إلى استخدام استراتيجيات غير مناسبة من مثل تجنب مواجهة الضغوط Copoutأو التقليل منها ، و التي تتمثل في مجموعة من السلوكيات ، كالمماطلة و التلكؤ Procrastination ، و الميل إلى بذل القليل من الجهد في نهاية الوقت المطلوب فيه إنجاز المهمة المكلفين بها ، و تجنب المخاطرة ، و تفضيل المقررات و الأنشطة مضمونة النجاح ، و الأقل تحدياً و احتياجاً لبذل الجهد نظراً لخوفهم المرضى من الفشل و حساسيتهم العالية للنقد . ربما فضل لعب دور المهرج داخل الصف لجذب انتباه الآخرين و الحصول على القبول الاجتماعي منهم عن طريق أنماط سلوكية بعيدة تماماً عن الإنجاز الأكاديمي .
- عدم تفهم المحيطين بالمتفوقين والموهوبين لدوافعهم و احتياجاتهم ، و الشعور بالذنب و اهتزاز مفهوم الذات :
يتمتع المتفوقين و الموهوبين بطاقات غير محدودة و حيوية فائقة Very Energetic و مستوى وفير من النشاط، و لديهم دوافع قوية للتعلم و العمل Highly Motivated ، و هم قادرون على الانهماك و الانغماس في العمل لفترات طويلة و قد لا يحتاجون سوى إلى ساعات محدودة من النوم ، كما يتمتعون بيقظة عقلية و فضول متزايد ، و شغف بالاستطلاع و الاستكشاف و التجريب .
و غالباً ما يخلق فضول الأطفال المتفوقين عقلياً و حركتهم الدءوبة و تساؤلاتهم المستمرة حالة من الارتباك و عدم الارتياح لدى المتعاملين معهم و يسبب لهم المتاعب ، و ربما نظروا إلى هؤلاء الأطفال على أنهم عابثون غير منضبطين و فوضويين ، و مثيرون للمتاعب أو ينقصهم التركيز و أنه يجب ردعهم و تعليمهم كيف يتصرفون و يسلكون على شاكلة بقية الأطفال ، مما يؤثر سلبياً على ذواتهم و يشعرهم بالتعاسة و الذنب , و يزداد الطين بله عندما يلتبس الأمر على البعض من الآباء و المعلمين فيخلطون بين تلك الطاقة و الحيوية لدى الطفل المتفوق ، و اضطراب الانتباه المصحوب بفرط النشاط لدى بعض الأطفال المضطربين ، مما يترتب عيه انشغالهم بجانب الاضطراب في السلوك و البحث عن علاجه بدلاً من الاهتمام بجوانب موهبة الطفل و البحث عن سبل تنميتها .
و تتطلب هذه المشكلة تفهم المحيطين بالطفل المتفوق لدوافعه القوية الداخلية للعمل و النشاط ، و إشباعها بدلاً من كفها و إحباطها ، و تهيئة الأنشطة التي تستحث اهتماماته و تستوعب طاقاته ، و تتيح له إظهارها و التعبير عنها .
- الشعور بالسأم و الملل من المهام الروتينية ، و عدم الاكتراث بالأعراف و النظم المقيدة لحرياتهم :
يعانى المتفوقين و الموهوبين من الشعور بالسأم و الضيق داخل بيوتهم و صفوفهم و من أداء المهام و التكليفات الروتينية و البسيطة التي ينفرون منها عادة ، فهم يستمتعون أكثر بالمهام الصعبة و المعقدة التي تتحدى استعداداتهم ، و التي تكفل لهم قدراً عالياً من الحرية و الاستقلالية في التفكير و العمل . كما يشعرون بالضجر و الملل خلال العملية التعليمية المعتادة لأنهم يتعلمون بسرعة أكبر من أقرانهم ، و لديهم المقدرة على تجاوز الخطوات المعتادة في تسلسل التفكير العادي ، و على القفز إلى معالجة التفصيلات الدقيقة للموضوع المطروح ، و التفكير فيما وراء الأشياء قبل أن يكمل معظم أقرانهم الإلمام بالقواعد التي يعدها المعلم جزءاً أساسياً يجب إتقانه قبل الانتقال إلى هذه التفصيلات . و غالباً ما ينجزون أعمالهم المدرسية في نصف الوقت و ربما أقل من ذلك، لذا فهم يشعرون بوطأة الانتظار و السأم و الملل عندما يجبرهم المعلم على التقيد بما يعمله الآخرون من الطلاب المتوسطين .كما يلاحظ أن المتفوقين أقل اكتراثاً بالأعراف ، و انصياعا للتعليمات الصارمة و النظم الجامدة ، و يقاومون ما يفرض عليهم من نظم تقيد حرياتهم ، أو من تدخلات الآخرين في أعمالهم و شئونهم . و تتضاعف مشكلاتهم في هذا الصدد عندما يعنى المعلم بالضبط و الربط داخل غرفة الصف أكثر من إتاحة قدر من المرونة و الحرية لتلاميذه ، و بفرض المسايرة و الاتباعية أكثر من تشجيع الاختلاف و الابتداعية ، و بالاعتناء بالاحتياجات الجماعية (للتلاميذ كمجموعة) أكثر من الاعتناء بالاحتياجات الفردية (المجموعة كأفراد) ، و بتكريس اهتمامه على التلاميذ المتوسطين من دون المتفوقين و الموهوبين.
- مشاعر الهم و التشاؤم و الاكتئاب الناجمة عن حساسيتهم غير العادية تجاه مشكلات المجتمع و العالم ، و الشعور بالمسؤولية الأخلاقية نحو الآخرين ، بالعجز عن التأثير و التحكم فيما يجري حولهم من أحداث صارمة :
يتمتع الأطفال المتفوقين و الموهوبين بمستوى متقدم من النمو العقلي و اللغوي ، و بالحساسية المرهفة و قوة المشاعر والعواطف ، و لديهم نظام قيمي و أخلاقي يطورونه مبكراً ، فهم يتبنون مُثلاً و مبادئ رفيعة ، و ينفتحون على تجارب الآخرين و يعايشون معاناتهم و يتعاطفون معهم ، و ينغمسون بعمق في المعاني و الدلالات ، و يفكرون كما لو كانوا ناضجين في قضايا عميقة ، و فيما يجرى حولهم من أحداث ، و فيما يتهدد العالم من مخاطر و مشكلات ، و يشعرون بالمسئولية الأخلاقية تجاه تغيير العالم إلى الأفضل، و يتساءلون كثيراً عن جدوى النظم و القوانين القائمة، و يحسون بالتناقض و عدم الاتساق بين المبادئ و المثاليات من جانب و الواقع أو السلوك من جانب آخر .
و يشعرون أيضا بالعجز عن التأثير و التحكم فيما حولهم – كأطفال – و عن تحمل التناقضات في الواقع الذي يعيشونه بحكم تكوينهم النفسي و عدم نضوجهم الانفعالي مما يصيبهم بالحيرة و الهم و الحزن ، و التشاؤم و القلق و ربما المشاعر الاكتئابية .
و تستعرض ليندا سيلفرمان (Silverman,1993) أمثلة لبعض أفكار و مشاعر الأطفال المتفوقين ممن تعاملت معهم عن قرب ، و تقتطف تأكيداً لذلك بعضاً من استجابات طفل المتفوق في العاشرة من عمره على اختبار إسقاطي لتكملة الجمل حيث يقول "أحلم ... بعالم أفضل يسوده الحب و العطف و الرعاية ، و أتمنى لو أنني .... أمتلك المقدرة على جعل العالم أكثر أمناً و حباً للسلام ، إن ما يشعرني بالحزن حقاً .... هو أن الناس قد أصبحوا لا يهتمون بعضهم البعض ، أنني قلق بشأن ........ ما يمكن أن يؤول إليه مصير العالم لو لم يكف الناس و الدول عن مقاتلة بعضهم البعض" .
كما تجسد ليندا سيلفرمان مشاعر اهتمام الطفل المتفوق بالآخرين و تعاطفه معهم ، و حرصه الشديد على سيادة معايير الإنصاف و العدالة و المساواة بين الناس .
- الإحباطات و الضغوط النفسية الناجمة عن التباين الشديد في مظاهر النمو :
يبدو الطفل العادي متسقاً أو متوافقاً من حيث النمو الجسمي و العقلي و الانفعالي و الاجتماعي طبقاً لعمره الزمني، بينما نجد جوانب نمو الطفل المتفوق – على العكس من ذلك – تمضى بمعدلات متفاوتة السرعة ، حيث يبدو كما لو كان نسيجاً خاصاً يجمع بين مراحل نمائية متباينة و أعمار مختلفة . فمهارته الحركية و ربما تتفق و مستوى عمره الزمني ، لكن مستوى قراءاته و حصيلة معلوماته، و طريقة تفكيره قد تكون أكبر من ذلك ، و قد يكون خياله جامحاً يقوده إلى أفكار و رؤى يتطلع إلى تحقيقها واقعياً لكن مقدراته الجسمية و نفوذه المحدود يعجزه عن ذلك .
و يولد هذا النسيج غير المتجانس أو ذلك التباين في مظاهر النمو لدى الطفل المتفوق و ما يترتب عليه من أنماط سلوكية شعوراً بالقلق و الإحباط ، كما يسهم في خلق صعوبات توافقية مع الآخرين فضلا عن أنه يصيب الآباء و المعلمين بالارتباك حينما يتعاملون معه . و تشير نانسي روبنسون (Robinson, 1996) إلى أن هذه المشكلة تبدو أكثر تعقيدا عندما تكون الظروف البيئية المحيطة بالطفل المتفوق ، و طريقة تعامل الآباء و المعلمين معه قائمة على أساس عمره الزمني فقط ، و لا تتسق مع نمط النمو غير المتزامن الذي يميزه عن غيره من الأطفال العاديين .
- مشاعر الحيرة و التردد و الصراع في مواقف الاختبار الدراسي و المهني :
يتميز المتفوقين و الموهوبين عادة بتنوع إمكاناتهم Multipotentiality ، و تعدد اهتماماتهم ، و غالبا ما يعاني بعضهم من الحيرة و التردد و يكون عرضة للصراع في مواقف الاختيار الدراسي و المهني Vocational، و قد يعجزون عن اتخاذ القرارات المناسبة لتحقيق نموهم و طموحهم الدراسي و المهني ، و ربما يزيد من تعقيد عملية الاختيار و صعوبتها تعدد البدائل و الفرص المتاحة لهم ، إضافة إلى حرصهم البالغ على أن يضمنوا قدر الإمكان تحقيقهم درجة عالية من الامتياز و التفوق سواء في مجال الدراسة أو المهنة التي يختارونها ، و لذا فهم بحاجة ماسة إلى التوجيه السليم و الإرشاد الدراسي و المهني المبكر و المستمر.
يؤكد ذلك ما ذهب إليه فتحي جروان (1999) من أن "تعدد الخيارات بقدر ما هو حالة إيجابية ربما يقود إلى حالة من الإحباط عند مواجهة موقف الاختيار مع نهاية مرحلة الدراسة الثانوية بوجه خاص ، ذلك أن الطالب المتفوق لابد أن يختار هدفاً مهنياً واحداً و يلغى قائمة من الخيارات الممكنة التي يستطيع النجاح فيها . و لاشك أن اختيار هدف مهني واحد يمثل تقييداً و تحديداً لهامش عريض من الاهتمامات و الميول" . (عبد المطلب القريطي ، 2005).
ب- مشكلات المتفوق و الموهوب في الأسرة:
الأسرة هي المؤسسة الأولى لعملية التطبيع أو التنشئة الاجتماعية يكتسب الطفل عن طريقها أول خبراته التربوية ، و يتشرب القيم و المعايير و الاتجاهات ، و يتعلم قواعد السلوك الاجتماعي ، و هي المصدر الأساسي لإشباع حاجاته المختلفة و التي تتنوع ما بين حاجات بيولوجية و نفسية و اجتماعية و عقلية ، و في سياقها يتعرض الطفل إلى ممارسات و أساليب معينة في تنشئته من قبل الوالدين تتباين بين السوية و اللاسوية ، و تلعب الأسرة دوراً مؤثراً في حياة المتفوق و الموهوب و في تعزيز مواهبه و قدراته و مساعدته على تنميتها و في إشباع احتياجاته المتنوعة، و يعد المناخ الأسري أحد أهم العوامل المؤثرة في ازدهار المواهب و الاستعدادات أو اندثارها و ذبولها ، و في شعور المتفوق و الموهوب . بالأمن و تمتعه بالصحة النفسية أو جعله عرضة للصراع و التوتر و تبديد طاقته النفسية (عبد المطلب القريطي ، 2003 ، ص:434)
و قد اهتم الباحثون بما يعترض المتفوق و الموهوب من مشكلات في نطاق بيئته الأسرية ، و ما يمكن أن تسببه من آثار على إمكاناته و استعداداته من جهة و في إعاقة نموه النفسي الاجتماعي من جهة أخرى ، فأوضح ماي (May,2000) أن إدراك الوالدين لما يمتلكه ابنهما من تفوق يولد لديهما مشاعر متناقضة متباينة، و أنهما يبديان استجابات مختلفة تجاه هذا الأمر ، فعادة ما يمثل تفوق الابن عند اكتشافه مصدرا للفرح و السعادة ، حيث يعقد الوالدان العديد من الآمال عليه ، و يجلب لهما وجوده شعورا بالفخر ، و تدفعهما ملاحظاتهما لما يبديه من استجابات إلى محاولة بذل الجهد المضني لرعايته و الاهتمام به ، و يقابل الوالدان آنذاك مشكلة تتمثل في عدم معرفتهما الكافية بخصائص المتفوقين السلوكية و احتياجاتهم المعرفية والنفسية و الاجتماعية ، و متطلبات نموهم و وسائل تنمية تفوقهم و أنواع المشكلات التي يتعرضون لها ، و قد تولد هذه المشكلة لديهما شعورا بالعجز و عدم الكفاية و يؤدي نقص وعي الآباء إلى أن يمارسا أنماطا و أساليب معاملة والدية ملائمة للعاديين مع أبنائهم المتفوقين لا تتناسب مع طبيعتهم و حاجاتهم ، و قد يؤدي ذلك أيضا إلى أن تكون قراراتهم بشأن الاختيارات التعليمية و المهنية لأبنائهم غير ملائمة لمقدراتهم و استعداداتهم .
و يؤكد شور و زملاءه (Shore et al,1991) أن الآباء قد يبدون مشاعر سلبية تجاه تفوق أبناء ، فقد يشعرون بالقلق الشديد و يخشون ألا يستطيعون التعامل معه ، أو يشعرون بالإثم و الذنب بسبب عدم قدرتهم على توفير الخبرات التربوية و المثيرات العقلية الملائمة له، أو لأنهم يعطونه من الاهتمام و الرعاية ما يفوق إخوته ، و يشير شور و زملاءه إلى أن بعض الآباء قد يشعرون أن هذا الابن مصدر تهديد لسلطتهم و لمكانتهم و أنه يشعرهم بالحرج و الضآلة ، ويحمل هؤلاء مشاعر غيرة و استياء لا شعورية تجاهه (جاب الله ، رسالة ماجستير ).
· و تعد الأساليب و الطرق التي يتبعها الآباء في التنشئة الاجتماعية للأبناء من أهم العوامل الأسرية المؤثرة في تكوينهم النفسي و توافقهم و صحتهم النفسية ، وتتباين هذه الأساليب من حيث نوعيتها و آثارها في تنشئة الأبناء، و تسبب الأساليب الوالدية اللاسوية كالإهمال و اللامبالاة ، و التسلط و التشدد ، و الحماية و الاهتمام الزائدين آثارا ضارة على شخصية الأبناء و على مفهومهم عن ذواتهم نستعرضها فيما يلي :
1- يعد أسلوب الإهمال و اللامبالاة من أخطر المشكلات التي قد يواجهها المتفوق و الموهوب في بيئته الأسرية ، فقد يبدى الوالدان عدم الاكتراث بتفوقه و مقدراته و إهمالها ، و اللامبالاة بإشباع حاجاته المعرفية و النفسية الاجتماعية ، و لا يكرسان الوقت و الجهد اللازمين لرعايته و تيسير متطلبات نموه ، و قد يبديان رفضها و عدم تقبلهما لمقدراته و استعداداته ، و يرجع مثل هذا السلوك إلى عدة أسباب منها تدنى المستوى الاجتماعي الاقتصادي للأسرة و انشغال الوالدين بالعمل على تلبية الحاجات الأساسية للأبناء من مأكل و مشرب و ملبس ، و عدم مبالاة الوالدين بالحاجات النمائية الأخرى العقلية و النفسية الاجتماعية ، و قد يكون سبب تهاون الوالدين في رعاية ابنهما المتفوق والموهوب والعمل على تنمية مقدراته هو انخفاض المستوى التعليمي والثقافي لهم الأمر الذي يؤدي إلى عدم وعيها بأهمية توفير الرعاية الملائمة له في تعظيم قدراته و استثمار طاقاته (Howe,1999,p29 – 30) .
ويذكر ألسوب (Alsop,1997) أن بعض الآباء ممن ينتمون إلى مستويات اجتماعية اقتصادية منخفضة يدركون ما يمتلكه ابنهم من مواهب و قدرات و مالها من قيمة ، إلا أنهم يخشون عدم استطاعتهم توفير الخبرات التربوية الملائمة و الأدوات و الوسائل اللازمة لتنشيط تلك المواهب و تنمية تلك الاستعدادات و القدرات . كما يؤكد عبد الرحمن سليمان و صفاء غازي (2000) أن إهمال المتفوق و اللامبالاة من جانب والديه ، بل و رفض مقدراته قد يرجع إلى خوفهما من التركيز على تفوقه مما قد يؤدي في وجهة نظرهما إلى أن يعوق ذلك التفوق علاقاته الاجتماعية مع المحيطين به ، و يتسبب في رفض أقرانه له و شعوره بالوحدة و العزلة . فمن الأمور المسلم بها أن كلا الوالدين يهتمان كثيرا بالتوافق الاجتماعي لأبنائهما ، و ينشغلان بذلك إلى درجة كبيرة ، كذلك قد يؤدي التفكك و التصدع الأسري و كثرة الخلافات العائلية و المشاحنات بين الوالدين إلى عدم اهتمامهما بمقدرات الأبناء و حاجاتهم و متطلبات نموهم بشكل عام و تقصيرهما في حق الأبناء .
2- قد يلجأ الوالدان إلى أسلوب التسلط و التشدد في تنشئة ابنهما المتفوق و الموهوب ، فنجدهما يظهران صرامة شديدة في معاملته و يلزمانه بطاعتهما و الخضوع لأوامرهما دون مناقشة ، و يرفضان رغبته الجارفة في الاستكشاف و البحث و لا يتيحان له الفرصة لكي يعبر عن آراءه و أفكاره بحرية ، و لا يبديان تقبلا لهذه الأفكار، و يتسم أسلوب ا�
ساحة النقاش