كتبت - ريهام عبدالسميع: 411
بالرغم من أن الحياة المعاصرة أتاحت لكل اثنين مقبلين علي الزواج الفرصة للتعرف علي بعضهما البعض فإنه يحدث في بعض الأحيان خلل في منظومة الحياة الزوجية يكون سببه مشكلة في أحد الزوجين أو كليهما أو مشكلة في توافقهما أو في طبيعة العلاقة بينهما.
والنتيجة تكون فشل هذه العلاقة, د. محمد المهدي أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر يؤكد أن أهم أسباب هذا الفشل ما يرتديه الناس من أقنعة هذه الأيام تخفي حقيقتهم ونظرا لعدم أو ضعف معرفة الطرفين ببعضهما قبل الزواج وصعوبة المعرفة عن طريق سؤال الأقارب أو الجيران, حيث ضعفت العلاقات بين الناس ولم تعد لديهم تلك المعرفة الكافية ببعضهم.
ويعد اضطراب شخصية أحد الزوجين أو كليهما من أول أسباب ذلك الفشل كالشخص الشكاك, الغيور, المستبد,السلبي أو من لا يشعر بالذنب, ولا يتعلم من خبراته السابقة فيقع في الخطأ مرات عديدة, أو أن يكون شديد التقلب في آرائه وعلاقاته ومشاعره, كثير الاندفاع.
وأيضا عدم التوافق بين الطرفين, فقد يكون كل من الزوجين سويا في حد ذاته, ولكنه في هذه العلاقة يبدو سيئا وكأن هذه العلاقة وهذه الظروف تخرج منه أسوأ ما فيه.
كما أن هناك بعض الناس لديهم بعض التصورات المسبقة وغير الواقعية لشريك الحياة, وعندما لا يحقق الشريك هذه التوقعات نجدهم في حالة سخط, فهم لا يستطيعون قبول الشريك أو يحبونه كما هو, وإنما يريدونه وفقا لمواصفات وضعوها له, فإن لم يحققها سخطوا عليه وعلي الحياة, وهؤلاء يفشلون في رؤية إيجابيات الشريك لأنهم مشغولون بسلبياته ونقائصه.
والأهم من هذا القصور في فهم احتياجات الطرف الآخر بشكل خاص, فالمرأة لها احتياجات خاصة في الحب والاحتواء والرعاية لا يوفيها الرجل أو لا ينتبه إليها( برغم حسن نواياه أحيانا) والرجل له مطالب من الاحترام والتقدير والسكن والرعاية لا توفيها المرأة أو لا تنتبه إليها( برغم حسن النوايا غالبا).
من جهة أخري: قد يكون أحد الزوجين أو كلاهما عنيدا, ومن هنا يصعب تجاوز أي موقف أو أي أزمة لأن الطرف العنيد يستمتع ببقاء الصراع واحتدامه بلا نهاية, وهذا يجهد الطرف الآخر ويجعل حياته جحيما.
كما توجد أسباب عاطفية أيضا كغياب الحب فالحب هو شهادة الضمان لاستمرار الحياة الزوجية, وهذه الشهادة تحتاج لأن تكتب وتؤكد كل يوم بكل اللغات المتاحة والتي تصل إلي الطرف الآخر فتسعده وتشعره بالأمان والرغبة في الاستمرار.
وتأتي الغيرة الشديدة ايضا فبالرغم من أن الغيرة السوية المعقولة دليل حب, إلا أن هذه الغيرة تحول الحياة الزوجية إلي نكد وعذاب لا يحتمله الطرف الآخر فيضطر للهروب.
وقد يكون التدخل المفرط من إحدي أو كلتا العائلتين, ينتهك صفة الخصوصية والثنائية في العلاقة الزوجية.
ويشير د.محمد إلي ان ضغوط العمل والحياة عموما تجعل كلا الطرفين أو أحدهما شديد الحساسية وقابلا للانفجار, فالمرأة تعمل ثم تعود للقيام بواجبات رعاية الأسرة ومساعدة الأبناء في واجباتهم الدراسية, والرجل يعمل في أكثر من وظيفة ولساعات طويلة ليلا ونهارا ليغطي احتياجات الأسرة.
ثم تأتي الأسباب الاقتصادية والتي تجعل الحياة الزوجية عبارة عن حلقات من الشقاء والمعاناة يصعب معها الإحساس بالمشاعر الرقيقة.
وهناك علامات مبكرة للفشل منها الإحساس السلبي بالآخر, وذلك يبدو في صورة عدم الارتياح في وجوده, وتمني البعد عنه قدر الإمكان, والمشاحنات والخلافات المتكررة أو المستمرة, واختلافات وجهات النظر حول كل شئ, وكأن كلا منهما يسير دائما عكس اتجاه الآخر مع فقد أو جفاف الإحساس به.
وينصح د. محمد المهدي الزوجين حين يستشعران زحف المشاعر السلبية علي حياتهما الجلوس معا ليتدبرا أسباب ذلك دون أن يلقي أحدهما المسئولية علي الآخر, وهو بمثابة مراجعة ذاتية للعلاقة الزوجية وإعادتها إلي مسارها الصحيح دون تدخل أطراف خارجية, وتعلم مهارات حل الصراع حين ينشأ حتي لا يهدد حياتنا واستقرارنا فالحياة عموما لا تخلو من أوجه خلاف, وحين نفشل في تجاوز الخلافات تتحول مع الوقت إلي صراعات.
بتجنب استخدام العبارات الجارحة أو التهديد أو كشف الأسرار الزوجية وذلك في حال حتمية الحوار واستمراره.
تجنب استخدام الأبناء كأدوات في الصراع للضغط علي الطرف الآخر, وإعادة الرؤية والاكتشاف للطرف الآخربعيدا عن الأحكام المسبقة والاتهامات سابقة التجهيز, والكف عن الانتقاد أو اللوم المتبادل, فهما يقتلان أي عاطفة جميلة..
واخيرا فالعلاقة الزوجية ضرورة لإشباع حاجات الطرفين من السكن والمودة والرحمة وما تشملها من حب ورعاية واحتواء, كضرورة لنمو الأبناء في جو أسري دافئ ومستقر ومطمئن, خاصة وأن طفولة الإنسان هي أطول طفولة بين المخلوقات, ولذلك تحتاج لجو أسري مناسب يمنح الأبناء ما يحتاجونه من حب وتقدير ورعاية.
ساحة النقاش