تجارب ونماذج عالمية في الاعتماد المدرسي : أمريكا.. كندا.. أوروبا الغربية.. أستراليا.. نيوزيلندا


من أهم الأحداث التي شهدها تاريخ إصلاح التعليم في النصف الثاني من القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية ظهور حركة المعايير، والتي كانت دافعا لإصلاح واقع المدرسة شاملة المعلم، والمادة الدراسية، والإدارة المدرسية. ويمكن الرجوع إلى بدايات الاعتماد التربوي للمدارس في الولايات المتحدة الأمريكية، لأكثر من مائة وثلاثين عامًا، وقد نشأ استجابة للاهتمامات التي هدفت لحماية الصحة العامة والأمان ولخدمة الصالح العام منذ عام 1867.

ومنذ النصف الثاني من القرن العشرين حظيت حركة الاعتماد بالاهتمام وبدأت الجهود العملية وظهرت مؤسسات وهيئات الاعتماد على امتداد الولايات المتحدة. ويعتمد نظام الاعتماد في الولايات المتحدة الأمريكية على هيئات غير حكومية، تقوم بالتقييم. وقد انتشرت هذه الهيئات تدريجيًا على المستوى المحلي والوطني، بغرض وضع مستويات جودة للبرامج، ووضع إجراءات لتقييمها، والتأكد من تحقيقها للمستويات المقبولة. ويعتمد مدير مكتب التربية الفيدرالي – بنص القانون- الهيئات التي تمنح الاعتماد للمدارس في ضوء معايير محددة. ويعد الحصول على شهادة الاعتماد من الهيئات المتخصصة مسوغًا ومؤهلًا لحصول المؤسسة التعليمية على دعم مالي من الحكومة المركزية، و لا يعتد بشهادة هيئات الاعتماد غير الرسمية (تشنج, Cheng .(2003

وقد أوضح تقرير «أمة في خطر» عام 1983 فشل جهود التطوير، وضرورة الاهتمام بالأهداف والمعايير القومية، وكان عاملًا تولدت عنه حركة المعايير القومية في الولايات المتحدة الأمريكية. وتحدد معنى المعيار، وصار المعيار آلية تمكن من تحسين الأداء والتقييم في الوقت نفسه. وقد تصاعدت حركة المعايير في بداية التسعينيات ومنها انتشرت إلى جميع أنحاء العالم، وتطورت نظم التقويم القائمة على المعايير Standard based assessment and evaluation وساعدت المعايير في تحسين الإنجاز من خلال التعريف الواضح بما ينبغي أن يتعلمه التلميذ ونوع الأداء المتوقع منه.

وجاء مشروع الديموقراطيين الذي تبناه الرئيس كلينتون «أهداف 2000 في التعليم»، والذي انطلق نحو تطوير معايير الأداء في التعليم وتطوير التقويم والاختبارات التي تساير تلك المعايير والتأكيد على تحقيقها، ودعم الأطفال الفقراء منخفضي الأداء للوصول بهم إلى مستوى المعايير.

ثم جاء بعد ذلك الجمهوريون وتم تشجيع الولايات مؤخرًا على إصدار معايير لكل ولاية، لتحقيق خطوات نحو اللامركزية. ونظرًا لعدم وجود هيئة حكومية مركزية مسؤولة عن مؤسسات التعليم على امتداد الولايات المتحدة، ومع التفاوت في جودة برامج التعليم في بعض الولايات دون الأخرى، تولدت الحاجة لإيجاد نظام لاعتماد جودة التعليم والمؤسسات التربوية عبر الولايات المختلفة، وبذلك نشأ نظام الاعتماد التربوي. وفي عام 2002 أصدر الرئيس جورج بوش الابن قانونا ينادي بتعليم الجميع No Child Left Behind مؤكدًا على الفرص المتساوية لجميع الأطفال من الفقراء والمهمشين وذوي الاحتياجات الخاصة، ويؤكد من جانب آخر على عمليات المساءلة والتقويم لمستوى تحصيل التلاميذ في ضوء المستويات الوطنية وأساليب التقويم والمساءلة (البيلاوي وآخرون، 2006).

ويعتبر الاعتماد في الولايات المتحدة عملية اختيارية غير حكومية (بينما في أماكن أخرى من العالم تقوم بالاعتماد وكالات حكومية، وغالبًا ما تكون محكومة بالقانون). وبقبول الخضوع للاعتماد بواسطة منظمة اعتماد معترف بها, فإن المؤسسة التعليمية توافق على استيفاء معايير الجودة التي قررتها منظمة الاعتماد، كما توافق المؤسسة التي تخضع للاعتماد أيضًا على مراجعة دورية لشروط الاعتماد التي اعتمدت وفقًا لها.

ويمكن تصنيف تطبيقات الاعتماد إلى أربعة تصنيفات تبعًا للجهات التي تقوم بها وهدفها ووظائفها وحدودها:

(1) الجهات القومية المسؤولة عن توكيد الجودة: عادة الوزارة أو الجهة التي لديها الصلاحية ولديها تفويض رسمي في الاعتراف بالمؤسسة بناء على معايير. وفي معظم الدول الأوروبية تكون على مستوى قومي, بخلاف الولايات المتحدة الأمريكية حيث تضع جهات الاعتماد منظمات متخصصة لديها الصلاحيات.

(2) روابط متخصصة أو روابط مؤسسات: قد تقوم بوظائف توكيد الجودة على مستوى قومي, وفي أوروبا هناك ميل نحو توكيد الجودة القديم الذي يتأصل في المؤسسات نفسها إلى نظم تعمل بواسطة وكالات قومية موضوعة من قبل المسؤولين بالحكومة.

(3)مؤسسات فردية.

(4) منظمات خاصة: لها سلطة أكاديمية, تعتمد المؤسسات والبرامج على أساس مستويات محددة, تحددها (هاكستاد Haakstad, 2001).

وهناك ثلاثة مستويات للاعتماد في الولايات المتحدة:

1) الاعتماد القومي National accreditation,

2) الاعتماد على مستوى المنطقة Regional accreditation,

3) الاعتماد على مستوى الولاية State accreditation,

وتأسست ست هيئات اعتماد على مستوى المناطق تختص باعتماد المدارس والكليات، وهي:

- رابطة نيو إنجلاند للمدارس والكليات (The New England Association of Schools and Colleges-NEASC) وتأسست عام 1885.

- رابطة ولايات الوسط للكليات والمدارس (The Middle States Association of Colleges and Schools-MSA) وتأسست عام 1887.

- رابطة الشمال الوسط للكليات والمدارس(The North Central Association of Colleges and Schools-NCA) وتأسست عام 1895.

- رابطة الشمال الغربي للمدارس والكليات والمدارس (The Northwest Association of Schools and Colleges-NAS) وتأسست عام 1917.

- الرابطة الجنوبية للمدارس والكليات (The Southern Association of Schools and Colleges) وتأسست عام 1962.

- الرابطة الغربية للمدارس والكليات (The Western Association of Schools and Colleges- WASC) وتأسست عام 1962.

ونتيجة لظهور الاعتماد في الولايات المتحدة منذ البداية فيمكننا أن نلاحظ ثراء التجربة الأمريكية في هذا المجال. ولأن الاعتماد تركز في الفترة المبكرة في التعليم الجامعي فقد لوحظ أن التراث الأكبر للكتابات في الاعتماد يتعلق بالتعليم الجامعي، لا لمجرد الاعتبار التاريخي فقط، بل نتيجة للتنوع والتباين والاتساع غير النمطي في نظم التعليم الجامعية. فمن ناحية لا تمثل التركيبة السياسية في المجتمع الأمريكي وحدة متجانسة بين أطراف البلاد، فالنظام الفيدرالي الأمريكي يعطي قدرًا كبيرًا من الاستقلالية للولايات, وقدرًا متسعًا من الحريات في إدارة شؤونها والتفرد والتميز في مضمون سياساتها. من هنا وجدت مدارس حكومية تديرها الولايات، وتعمل في إطار مفاهيم محلية لكل ولاية على حدة، ومدارس إنجليكانية، ومدارس كاثوليكية، ومدارس يهودية، إلى غير ذلك من أنواع المدارس التى تتبنى ثقافات فرعية نشطة.

أدى هذا الوضع لضرورة أن يمتد مفهوم الاعتماد إلى المدارس المختلفة بدرجاتها المتعددة لتوفير ضمان لجودة التعليم الذي يتعين تشجيعه وتأكيده، والذي يعد حقا للتلاميذ مهما اختلفت مشاربهم، ويعد حقًا للمجتمع الذي يؤكد على أن ما يسمح به من تعددية وحرية واختلاف لن يؤدى إلى تفككه أو انهيار أركانه وقدرته التنافسية بين دول العالم المعاصرة. ويظهر ذلك على سبيل المثال من طلب جامعة كاليفورنيا في نوفمبر عام 2002 من المدارس التى ترغب في الحصول على اعتماد برامجها استيفاء مجموعة من المحكات (7 محكات) ليتم اعتمادها من المنظمة الغربية للمدارس والكليات (WASC)وهي الهيئة المعنية بالاعتماد الأكاديمي في غرب الولايات المتحدة أو أن تصبح على الأقل مرشحة مبدئيًا للاعتماد. أما المدارس المعتمدة ولكنها غير حاصلة على اعتماد الهيئة فعليها أن تخضع للمحكات التي تصدرها الجامعة بحلول يونيو عام 2006 وتفحص الكليات صحائف تخرج الطلاب لمعرفة هل التحق الطلاب ببرامج معتمدة أم لا ؟ وبذلك يمكن التحقق من جودة التعليم المقدم في هذا المستوى التعليمي (دويل وبايمنتيل Doyle and Pimentel ,1993).

ولا يتوقف الأمر على ضغوط الجامعات لفرض نظم الاعتماد في المرحلة قبل الجامعية، بل يمتد الأمر إلى مخاطر عدم حصول المعلمين في مدارس غير معتمدة على تقدير عن الأعوام التي عملوا فيها في مدارس غير حاصلة على الاعتماد من الكثير من المدارس الأخرى التي يتقدمون لها على امتداد البلاد. وتتلقى هيئة الاعتماد الغربية استعلامات من المدارس عن المعلمين المتقدمين للعمل فيها بشأن ما إذا كان لهم سابق عمل في مدارس حاصلة على الاعتماد أم لا؟

والكثير من المناطق التعليمية لديها سياسة صارمة تجعلها ترفض توظيف غير الحاصلين على الاعتماد من منظمة الاعتماد الغربية أو العاملين في مدارس غير معتمدة منها. ولا يعنى ذلك أن طبيعة المجتمع الأمريكي والمجتمعات المشابهة هي التي يتعين تطبيق الاعتماد فيها على المراحل التعليمية دون الجامعية. ذلك أن الاعتبارات التنافسية التي تحكم توجه المجتمعات الحديثة وحجم اللامركزية الذي بدأ يتسع. وتنامي دور الجهود الفردية في دفع عجلة التقدم في الدول النامية, أدى إلى ضرورة تفعيل نموذج الاعتماد حتى في المجتمعات المتجانسة.

وتتعدد النماذج الأمريكية كمحصلة للظروف التاريخية التي نشأت فيها منظمات الاعتماد الخاصة، وغير الربحية، في مناطق مختلفة. ويترتب على ذلك تولي كل منظمة منها منطقة جغرافية معينة، في الوقت الذي يمتد فيه نشاط بعض هذه المنظمات إلى اعتماد المؤسسات التعليمية على امتداد مراحل التعليم وحتى المرحلة الجامعية.

ولا تقتصر نظم الاعتماد على المدارس العامة في الولايات المتحدة بل تقوم بعض المنظمات بمد نشاطها إلى المدارس الخاصة والمستقلة في محاولة للوصول إلى أفضل معايير الاعتماد التي تتجاوز أحيانا معايير اعتماد المدارس العامة، وذلك بهدف حفظ حق التلاميذ في أي وقت في الانتقال إلى المدارس العامة الأقل نفقة أو المتاحة في مناطق لا تتوافر فيها المدارس الخاصة أو المستقلة. ومن الضروري التعرف على بنية منظمات الاعتماد العاملة في هذا المجال، والإجراءات النظامية التي تتبعها لاعتماد المدارس المختلفة (جيمس1996).

ولا يستخدم مصطلح الاعتراف بالمؤهلات Recognition of qualifications, بكثرة في النموذج الأمريكي, ولكن يستخدم في الدول الأخرى. ويرجع للقبول بالدرجة وتحويل الساعات المعتمدة أو شهادة الأشخاص ومؤسسات أمريكا تلعب دورًا رائدًا في الحكم على الدرجات والساعات وليس الاعتماد.

كندا

يتم ضمان جودة العملية التعليمية بالمدرسة من خلال جهات متعددة تتخصص كل جهة في أحد جوانب هذه العملية ويتم ذلك بالتنسيق والتكامل بينها بإشراف وزارة التعليم. فبعض هذه الجهات متخصص في متابعة وتقويم تحصيل الطلاب، والبعض يقتصر دوره على القضايا الخاصة بجودة المناهج والمواد التعليمية، وبعضها يختص بأداء المعلمين والعاملين في التعليم, ومن هذه المؤسسات ما يلي:

- الإدارة التعليمية على مستوى الولاية School board ، وتتكون من مديري الإدارات، والموجهين، وممثلي المجتمع المحلي. ويقومون بمراقبة المدارس ومتابعة أدائها وفقًا لمعايير محددة، تشمل قيادة وإدارة المدرسة، وتنمية قدرات العاملين بالمدرسة، وتوفير الإمكانات والتجهيزات والتسهيلات، وضمان وجود مناخ آمن ومحبب، وإتقان المعارف والمهارات من قبل التلاميذ.

- مكتب ضمان جودة التعليم والمساءلة Education Quality Accountability وهذا المكتب متخصص وينبثق عن وزارة التربية والتعليم بالولاية، وممول من ميزانية الحكومة وله استقلال ذاتي. ويقوم بالمهام التالية:

- وضع وتطبيق امتحانات دورية لقياس مستوى الطلاب عند نهاية الصف الثالث والسادس والتاسع، كل سنتين.

- دراسة الاتجاهات السائدة حول المخرجات التعليمية، ووضع أهداف للإصلاح وتحسين المدارس.

- مركز خدمات المناهج Curriculum services center (CSC) الذي أسس في عام 1933, ويقوم بمسؤولية حفظ وتجميع وتقييم جميع المواد التعليمية بكندا، بما في ذلك تقييم المواد التعليمية وغير ذلك من المهام.

- مؤسسة اعتماد المعلمين college of teachers وقد بدأت عام 1996, وأنشئت بهدف ضمان مستوى أداء المعلمين ومنح تراخيص مزاولة المهنة في مجال التعليم. وتعتبر هذه المؤسسة غير هادفة للربح. وتقوم بالمهام التالية:

- العمل على الارتقاء بمهنة التعليم والعاملين بها وذلك بوضع محكات وشروط للقائمين بعملية التعليم.

- اقتراح متطلبات تعليمية وتدريبية للمتقدم للمؤسسة من العاملين ومتابعة استيفاء المتقدم لهذه المتطلبات قبل الترخيص له بالعمل.

- ترخيص المعلمين للمرة الأولى وتجديد الترخيص كل خمس سنوات.

- اعتماد المؤسسات والبرامج القائمة بإعداد المعلم وتدريبه.

- منح التراخيص الإضافية عند انتقال المعلم من مستوى إلى مستوى أو من مجال تخصص إلى مجال آخر(البيلاوي وآخرون، 2006).

أما الجهود غير الحكومية, فهناك الجمعية الكندية لتقدم التميز في التعليم Society for the Advancement of Excellence in Education (SAEE). وتقدم الجمعية الكندية لتقدم التميز في التعليم بحوثًا محايدة ومعلومات لصناع القرار والمشاركين في العملية التعليمية والجمهور. والهدف الأساسي للجمعية هو تطوير المعرفة الكندية حول تحسين المدرسة وتطويرها في إطار النظام التعليمي الكندي. وقد تأسست الجمعية بوصفها هيئة خيرية خاصة تعتمد على تبرعات المؤسسات المختلفة في عام 1996 باعتبارها وكالة مستقلة للبحوث التي تشجع الأداء الرفيع في التعليم العام في كندا، وتوفر الجمعية بصورة غير متحيزة المعونة والمساندة للمشروعات البحثية حول التعليم وتنشر نتائج هذه البحوث وتتضمن الخدمات التي تقدمها بالإضافة إلى ذلك فإنها تصدر دورية المحلل التربوي Educational Analyst وتحليل السياسات التعليمية، وإصدار بحوث وتقارير غير دورية، وتقديم مراجعات وملخصات للبحوث إلى غير ذلك من الأنشطة التي تنتهي إلى تشجيع التطور التعليمي في اتجاه التميز (البيلاوي وآخرون، 2006).

دول أوروبا الغربية

تعتبر إنجلترا وهولندا وفرنسا من أكثر البلدان الأوربية التي تتم فيها عمليات التقويم ومتابعة الجودة, ولكنها تتم بشكل مختلف عن النظام الأمريكي. ومنذ إعلان بولونيا عام 1997 عن التوجه نحو نظام تعليمي متناسق, قامت الدول الأوربية بالمبادرة بترتيب نظام التعليم بها حتى يكون قريبًا من النسق المعلن في بولونيا. وبدأت أوروبا في إنشاء الآليات المناسبة لتوكيد الجودة.

- ففي إنجلترا, أنشئت هيئة الجودة Quality Assurance Agency (QAA) متأخرة عن الولايات المتحدة الأمريكية وذلك للتعليم العالي. وفيما يختص بالتعليم ما قبل الجامعي, فإن الولايات المتحدة الأمريكية قد استقرت بتأثير الجمهوريين على تنمية معايير التعليم على مستوى الولايات, أما في إنجلترا فقد أدى استمرار عمل الجمعيات الوطنية المتخصصة غير الحكومية في إنتاج المعايير القومية- جنبًا إلى جنب مع المنهج القومي- إلى استقرار إنجلترا على تنمية المعايير على المستوى القومي. وتلعب هيئة أوفستد, وهي هيئة مكتب المعايير في التربية Office for Standards in Education-OFSTED دورًا كبيرًا على المستوى المركزي في عملية التفتيش لمساعدة المدارس على تطبيق المعايير والوصول لمستويات أعلى في الجودة. وقد جرت مراجعة شاملة للمنهج الوطني في إنجلترا عام 1994, وبدأت حركة المساءلة الخارجية External accountability للمدارس واستحدثت تغييرات في نظام التفتيش أوفستد OFSTED وتم التركيز على طرق التدريس، بدلاً من النظام الذي اعتمد على التفتيش القومي من مفتشي الملكة Her Majesty>s Inspectorate-HMI، والسلطة المحلية المنظمة Local Education Authority-LEA. حيث يقوم فريق تفتيش مدرب بمراجعة أنشطة المدرسة وفق دليل تفصيلي معد لذلك Handbook for the Inspection of Schools-OFSTED. وتقوم الأوفستد بالإضافة إلى ذلك بتقديم خبراتها في التطوير والتحسين للمدرسة للوصول إلى مستويات الجودة المتفقة مع معاييرها، وعلى كل مدرسة وضع خطة عمل بعد التفتيش لمعالجة الاقتراحات الواردة.

وهناك استقرار الآن حول المعايير على المستوى الوطني، حيث يتم الاعتماد على هيئة مكتب المعايير في التربية OFSTED الذي يلعب دورًا كبيرا على المستوى المركزي في عملية التفتيش لمساعدة المدارس على تطبيق هذه المعايير والوصول إلى مستويات أعلى في الجودة طبقًا للمعايير الوطنية. ويعد النظام الإنجليزي نظامًا شاملًا لتفتيش المدارس Comprehensive system of inspection and regulation، بهدف تطوير التعليم. ويعتبر من الوسائل المعينة للتعرف على مستويات الأداء الإيجابية للمدرسة وتعزيزها، ومستويات الأداء السلبية ومعالجتها من أجل توظيف أفضل للجهود والطاقات والأموال للوصول إلى الأهداف المرجوة.

وتعتبر هيئة أوفستد مستقلة عن وزارة التعليم وترفع تقاريرها إلى البرلمان، ويرأسها المفتش العام للمدارس في إنجلترا. ويلتزم في عمليات التفتيش بالعلانية والوضوح بالنسبة لكل العاملين في المدارس، كما أنها تتم على نطاق شامل. ويقصد بالتقييم الشامل للمدرسة أنه آلية منهجية علمية تحقق أهدافًا محددة، وتعتمد على أدوات مقننة، وفق إجراءات ومعايير وضوابط، تستهدف الكشف الدقيق والموضوعي عن كل الجوانب والممارسات وتتضمن إصدار أحكام حول مستوى أداء المدرسة بكامل عناصرها، ومن ثم رصد الإيجابيات وتعزيزها، والسلبيات ومعالجتها، وفق خطط عمل مدرسية، تتم دوريًا وعلى فترات متعاقبة ومستمرة.

ويغطي التقويم الشامل للمدرسة- أوفستد عدة محاور تحت كل منها عدة معايير, ومنها: التدريس، والاتجاهات والسلوك والنمو الشخصي للطلاب، والتحصيل الدراسي والتقدم، وأساليب تقويم أداء الطلاب، وإدارة تدريس المادة، ومستوى حضور الطلاب ومواظبتهم، ونموهم الخلقي والاجتماعي والثقافي، والتوجيه والإرشاد والخدمات الطلابية، وكذلك البرامج والأنشطة الإضافية في المدرسة، والإدارة المدرسية، وعلاقة المدرسة بأولياء الأمور والمجتمع المحلي، والمنشآت والمرافق ومصادر التعلم، والعاملون في المدرسة.

ويتسم التفتيش بكونه تقييمًا خارجيًا مستقلا لجودة ومعايير المدرسة، ويقوم المفتشون بإبلاغ المدرسة بجوانب القوة وجوانب الضعف التي تحتاج لتحسين، مع شرح كيفية التوصل لهذه الاستنتاجات. ويقوم فريق التفتيش بمتابعة تحسن المدرسة. كما يتم التفتيش على المدارس مرة واحدة على الأقل كل ست سنوات ويتناسب عدد مرات التفتيش مع الحاجة إليها (البيلاوي وآخرون، 2006).

وتوفر تقارير التفتيش تقويمًا خارجيًا مستقلًا عن جودة معايير التعليم وتطبيقاتها في المدرسة وإنجازات الطلاب، كما توفر مقياسا للمساءلة وتساعد على تحسين المدرسة. ويستمر تفتيش المدرسة يومين، ويراجع فريق التفتيش نموذج التقويم الذاتي الذي أعدته المدرسة، وتقارير الأداء المدرسي والتقييم وتقارير التفتيش السابقة. ويتم تقديم ملخص للأوضاع قبل التفتيش. ويقوم المفتشون بكتابة تقرير عن وصف المدرسة، وفعاليتها العامة، والتحصيل والتطوير الشخصي، والتعلم والتعليم، والمنهج، والإرشاد والخدمات، والقيادة، والصحة والسلامة، وإسهامات المتعلمين. ويستخدم سلم رباعي لتقدير نتائج التفتيش الشامل للمدرسة: متميز، جيد، مقبول، غير مرضي.

ويساعد التقرير أو الملخص عن كل مدرسة المسؤولين فيها وأولياء الأمور والمجتمع على متابعته جودة التعليم بالمدرسة, وما إذا كان الطلاب يحققون الإنجاز المطلوب. كما تسهم ملاحظات فريق التقويم على تقديم مقياس للمحاسبية، كما تسهم في تحقيق التحسين. ويستكمل الدور الخارجي للتقويم بتقييم داخلي مستمر. كما يكون هناك تقرير سنوي يقدم للبرلمان عن جودة معايير التعليم من كافة زيارات التفتيش التي تمت خلال العام.

وبناء على حركة المعايير القومية في إنجلترا أنشئ إطار العمل الجديد للتفتيش على المدارس، وبدأ ذلك منذ عام 2003، حيث ركزت سياسة التفتيش على الاهتمام بوجهات نظر المدرسة وتعزيز التقييم الذاتي، وتقييم القيادة والإدارة على جميع مستويات المدرسة، والاهتمام بتطوير المدارس التي ينبغي أن ترفع لمستوى المعايير القومية.

كما تعرف معايير التقويم بأنها معايير تبين المواصفات المثلى للممارسة الجيدة، وكيفية اختبار الشواهد واستخدامها، مع تزويد أعضاء فريق التقويم بأسس واضحة للتقويم المتسق والصحيح، ومساعدتهم في تحديد جوانب الضعف والقوة في محاور التقويم. ويمكن الاستفادة من معايير التقويم لاختبار وفحص وجهات النظر أو الفرضيات، أو استخدامها بصورة تراكمية لبناء أحكام عامة، على أن تستخدم مرجعًا وليس وصفة يجب اتباعها. وتكمن أهمية هذا التقويم في كونه يقدم صورة كاملة وشاملة لجميع عناصر المدرسة، ويستفاد من نتائجه في اتخاذ قرارات وإجراءات وخطوات عند رسم الخطط العلاجية، والتطويرية، والبنائية سواء على مستوى إدارة التربية والتعليم أو على مستوى النظام التعليمي بصفة عامة.

- أما في اسكتلندا, فتعمل هيئة تحسين التعليم الاسكتلندية Scottish HM Improving Education على الارتقاء بالمستوى التعليمي في المدارس الاسكتلندية. وتتجه نحو تحقيق التميز في كل عناصر العملية التعليمية من حيث أداء ومخرجات هذه المدارس. وتقوم مفتشية التعليم HM Inspectorate of Education (HMIE) بالتفتيش الذي يتضمن العناصر التى تدخل في برنامج الهيئة لتحسين تعليم المدارس المختلفة. ويشمل ذلك مراكز التعليم المبكر والمدارس النهارية الخاصة، والمدارس الابتدائية والثانوية في اسكتلندا, كما يشمل المعلمين وفريق العاملين في المدرسة وكل الراشدين المساهمين في العملية التعليمية بما في ذلك فريق المعاونين في مدارس الطفولة المبكرة, ومراكز الرعاية المبكرة، والآباء وأولياء الأمور والأسر البديلة للأطفال والتلاميذ. وفي حالة عدم توافرهم تتولى السلطات المحلية المسؤولة عنهم تمثيلهم فيما يتعلق بالقضايا الخاصة بجودة أو تميز التعليم Education excellence وهو المصطلح المستخدم للإشارة إلى الاعتماد أو المقابل له, كما يدخل في عناصر منظومة التميز التى تقوم بها الهيئة ما يتعلق بالتلاميذ بدءا من عمر ثلاث سنوات وحتى ثمانية عشر عامًا.

ويعود الاهتمام بتميز التعليم إلى الفترة التي أثير فيها موضوع المدارس الفعالة Effective schools في ثمانينيات القرن الماضي حيث كان الاهتمام الرئيس هو كيفية الوصول إلى مستوى جودة متسق، بحيث يحصل كل التلاميذ دون اعتبار للمنطقة التي يعيشون فيها على أفضل تعليم، وعلى أن تعمل المدارس التي تقدم لهم هذا التعليم وفق المعايير المقبولة للتميز. وأجريت بحوث متعددة حول الخصائص الجوهرية للتعلم النشط active learning، ونشرت مفتشية التعليم الاسكتلندية HMIE تقريرين مهمين في هذا المجال بعنوان «المدرسة الثانوية الفعالة» و«المدارس الابتدائية الفعالة». وقد وفر هذان التقريران التوصيات العملية المعقولة للقيام بمهمة تحسين المنظومة التعليمية لتحقيق التميز. ومنذ ذلك التاريخ تطورت الأفكار المتعلقة بالتعليم لتحقيق «ضمان جودة التعليم» والذي طور بعد ذلك ليصبح «تحسين الجودة» (مفتشية التعليم الأسكتلندية HMIE, 2006). وقد وضعت مفتشية التعليم الاسكتلندية عشرة معايير لجودة التعليم وذلك كما يلي:

1-أن ينخرط التلاميذ في أعلى مستويات التعلم جودة، ويتمثل ذلك في اعتبار التعلم تطورًا شخصيًا له دلالته الجوهرية بالنسبة للأطفال والشباب، كما يتضمن ترقية التعلم النشط الذي يسهم فيه التلاميذ، بالإضافة إلى الوفاء باحتياجاتهم.

2-التركيز على العائد النهائي، وإتاحة فرص النجاح لكل التلاميذ، ويتضمن هذا المعيار التخطيط للنتائج التعليمية، وتقييمها، وتوثيق النجاح بناء على النتائج.

3-تطوير رؤية مشتركة بين الأطفال والشباب والآباء والمعلمين.

4-تشجيع القيادة الأعلى جودة في كل المستويات.

5-العمل بالتعاون مع شركاء من كافة الهيئات المعنية والمصادر المجتمعية.

6-العمل المشترك مع الآباء لتحسين التعلم.

7-تقييم المدرسة لأدائها الشامل، والتحديات التي تواجهها.

8-تقدير أعضاء هيئة التدريس وفريق العاملين وتمكينهم من أداء أدوارهم من خلال إشراكهم في اتخاذ القرارات، وتمكينهم من الوصول إلى المصادر المختلفة.

9-تشجيع الرضاء والاحترام المتبادل من خلال تشجيع العلاقات الإيجابية ودعم الأطفال والشباب، وتوفير الخبرات الإيجابية للمدرسة التي تشجعهم وتحمى صحتهم، وتشجيع السلوكيات والاتجاهات الإيجابية والصحية.

10-تطوير بيئة مدرسية تحفز الطموح والإنجاز من خلال تشجيع المدرسة لكل التلاميذ على الانجاز، وتشجيع الإبداع والاختراع، وتقديم الإسهامات الإيجابية المختلفة.

ويتم فحص كافة هذه العناصر بشكل دوري، وتحديد المدارس التي تستوفيها، والإشارة إلى المدارس التي تحتاج لتصويب أو تحسين أي من هذه العناصر لكي تحقق التميز المطلوب.

- أما في الدانمارك, فقد بدأ الاهتمام بقضايا الجودة في العقد الأخير, وقد استندت رسالة الجامعات على عملية البحث حتى عام 1992 وهو بداية ظهور ضمان الجودة في عملية التدريس, حيث سعت الحكومة الدانماركية للتقييم الخارجي للتعليم بهدف تقييم البرامج في الجامعة والمؤسسات غير الجامعية على أسس نظامية. وتم الربط بين معايير الأيزو 9000 وإدارة الجودة في المؤسسات التعليمية. وقد نجحت الدنمارك في بناء نظام تعليمي جيد حيث وفرت عددًا كبيرًا من المؤسسات الدراسية لفترات زمنية مختلفة ومستويات متنوعة. ووضعت الحكومة بعض الأسس لتحقيق اللامركزية في التعليم وأصبح وزير التعليم مسؤولًا عن وضع إطار ومعايير لمتطلبات الجودة في التعليم يتم تحسينه من خلال مراكز التقييم. وتم إنشاء المركز في عام 1992 وهو مؤسسة منفصلة عن وزارة التعليم ويقوم بتقويم مستوى الجودة في الجامعات وبعض مؤسسات التعليم العالي. ويستند المدخل الدنماركي للتقييم على عملية مكونة من أربع مراحل: التقييم الذاتي للبرامج التعليمية اعتمادا على البروتوكولات التي يقدمها المركز؛ والمسوح الشاملة للأداء حول جودة البرامج ويحصل عليها من الطلاب والخريجين والعاملين؛ والزيارات الميدانية التي تمثل جزءًا هامًا من التوثيق الشامل الذي يتم تحليله من قبل لجنة التقييم؛ ونشر تقرير يقدم تحليلًا كاملًا لجودة البرامج على المستوى القومي بالإضافة إلى التحليل الفردي على مستوى المؤسسة. وترتبط جودة عملية التقييم بالمدى الذي يتم فيه استخدام التوثيق في قاعدة للنتائج والتوصيات.

- وفي الدول الأخرى الأوربية, نماذج غير مشهورة حيث أصبح المجال مفتوحًا ويطبق النظام في عدة دول. ففي فنلندا كان هناك نظام قومي للتفتيش انتقل للمقاطعات عام 1970, وأوقف 1991. ثم بعد ذلك كان هناك إصلاح للمنهج ومراقبة للمدارس من خلال وزارة التربية وتطبيق سياسات على المستوى القومي ومراقبة وتقويم نظام التعليم وثقافة التقويم الذاتي مع التقويم الخارجي 1994, وتم تزويد المدارس بمؤشرات أداء لمقارنة المدرسة بمؤشرات بها إحصائيات على المستوى القومي, وركز على التطبيقات الصفية.

أما في السويد والنرويج فحدثت هناك مؤخرا مراجعات على المناهج ونظم الاعتماد لتحسين جودة التعليم. وقد تحركت من نظام يعتمد على الوزارة, وليس هناك نظام موحد للاعتماد يستند إلى وكالات مستقلة مسؤولة ولها السلطة الكاملة. وقد طبق السويد في التعليم العالي إصلاحًا تربويًا عام 1995 لمراجعة الجودة على مستوى المؤسسات التربوية وشمل عدة محاور منها التقويم الذاتي والزيارة من المراجعين الخارجيين ومتابعة لمناقشة نتائج المراجعين. وقاد إلى توعية الإدارة, ولكنه قدم معلومات عن عمليات الجودة وليس جودة التدريس. ثم في عام 1998 حصل توجه نحو تقييم الجودة بدلًا من إدارة الجودة, وغيرها من التغييرات. وقدم نظام تقويم من ست سنوات عام 2001, شمل التقييم الذاتي المراجعة والمراقبة الخارجية من القرناء, التقارير العامة والمتابعة. وقد أثر على المستوى المؤسسي والتدريس (فرانكFrank , 2002).

أستراليا

بدأت توجهات وجهود الاعتماد الأكاديمي في أستراليا متأخرة نسبيًا، وبالتعليم الجامعي. ويعتبر التعليم العالي في أستراليا تعليمًا حكوميًا, وتنشأ الجامعات فيها وفقًا لسياسة الدولة، وبالتالي فإن اعتمادها يقوم على هذا التصريح الحكومي. الذي يصدر من حكومة الولاية أو الحكومة المحلية (أومن هيئة غير حكومية فوضت في منح هذا الاعتماد) أو بواسطة قانون صادر من البرلمان بناء على طبيعة المعهد المعين. ويلاحظ، بصفة عامة، عدم اختلاف إجراءات الاعتماد في أستراليا عن مثيلاتها في الولايات المتحدة. ويدعم نظام الاعتماد الأسترالي الاهتمامات الحديثة التي تهدف لتحقيق أكبر توافق لنظم الاعتماد لأستراليا مع الجهود المناظرة في أجزاء كثيرة من العالم بهدف تنمية توجهات وإمكانيات العولمة في مجال التعليم (كرافين وستراوس, Craven and Strous، 2004). وتكاد تنفرد كل مؤسسة بنظام للمقيمين الخارجيين والرسميين المشاركين في عملية وبرامج التطوير والتقييم والوحدات التنظيمية, وتشمل بعض عمليات التوجيه والتقييم الحصول على التغذية الراجعة من خلال استخدام المسوح. وتعتبر المشاركة في شبكات التعليم العالي الدولية ومشروعات القياس المقارن بالأفضل التي يتم تنفيذها عن طريق هذه الشبكات جزءًا مهمًا في عملية إدارة الجودة. (حسين, 2006).

وتوجد في أستراليا ونيوزيلاند وكالات اعتماد لمدارس ومعاهد تعليم اللغة الإنجليزية، ولهذه المدارس والمعاهد وضع خاص في كل من أستراليا ونيوزيلاند اللتين تعدان الأكثر قربًا للتعليم وفق النظم الغربية بالنسبة لدول آسيا والمحيط الهادي مثل اليابان وكوريا وماليزيا وتايوان، وكمبوديا وتايلاند، وتخضع هذه المدارس لنظم اعتماد مشابهة للنظم الغربية في الولايات المتحدة وأوربا.

نيوزيلندا

لا تتوافر الصورة المعتادة للاعتماد المدرسي، ويتجه التركيز الأساسي إلى «جودة التعليم»، كما توجد محاولات محدودة تقتصر على مدارس تعلم اللغة الإنجليزية، مناظرة للقائم في أستراليا، وأهم الملامح التي يمكن رصدها في هذا المجال هي سلطة المؤهلات النيوزيلاندية The New Zealand Qualifications Authority (NZQA) هي هيئة معنية بجودة التعليم في نيوزيلاندا تأسست عام 1990 لتوفر دورًا جوهريًا وشاملًا في مجال جودة المؤهلات، ولتنسق المؤهلات الوطنية هناك. وتعمل سلطة التأهيل لنيوزيلاندا في مجال معادلة المؤهلات وجودتها. وهي تعمل بالمشاركة مع كل الهيئات التعليمية والجماعات الوطنية التي تقدم تعليمًا وتدريبًا في الصناعة وإدارة الأعمال، وهذه الهيئة لا تتعامل مع المناهج الدراسية في المدارس، كما أنها لا تقوم بتمويل الأغراض التعلمية والتدريب.

روسيا

تولت وزارة التعليم الروسية اعتبارًا من عام 1981 مسئولية الاعتماد أو الاعتراف الوطني, حيث اقتفت روسيا منذ هذا التاريخ القواعد الدولية الخاصة بهيئة اليونسكو لتأكيد وفاء المؤسسات الروسية، والمؤسسات التعليمية الدولية بأعلى معايير الجودة. ومن غير المشروع في روسيا أن تمارس هيئة تعليمية نشاطها دون الحصول على موافقة حكومية.

الدول العربية

هناك مبادرات محدودة على مستوى الدول العربية من حيث استخدام نموذج الاعتماد المدرسي, حيث إن المدارس التي اهتمت بتطبيق نماذج لتوكيد الجودة قليلة, ومعظمها اعتمد على تطبيق نظم التقويم الشامل (مثل السعودية, وقطر وعمان, والأردن) ونظم إدارة الجودة الشاملة والأيزو (مثل السعودية والأردن) أو نماذج التميز (مثل الإمارات والسعودية). كما أن تركيز الدول العربية اتجه نحو التعليم العالي, وحتى الآن قلة هم الذين وضعوا معايير على المستوى القومي. لذا فإن التجربة المصرية في مجال تأسيس نظام للاعتماد المدرسي تعتبر رائدة في هذا المجال.

التجربة المصرية

بدأت مسيرة جادة في جمهورية مصر العربية في تطوير التعليم قبل الجامعي, وقد طرحت وزارة التربية والتعليم شعارًا قوميًا يؤكد على «الجودة للجميع» وبرزت الحاجة لبناء المعايير القومية. وبدا العمل في عام 2002 حيث شكل فريق العمل ووضعت الأسس الفكرية لبناء المعايير القومية, وكانت هذه هي المرحلة الأولى.

وتعتبر تجربة مشروع المعايير القومية للتعليم في مصر من أهم التجارب في المنطقة العربية, نظرًا لأنها كانت قومية, وأسست بشكل جيد وحسب نماذج وضعت بمساعدة جهات الدعم السياسية مثل البنك الدولي. كما أنها أخذت في الحسبان ثقافة وخصوصية البلاد العربية مع الاستنارة بالنماذج العالمية. حيث انطلقت فرق العمل بمشروع معايير الاعتماد المدرسي بمصر من مسلمة وهي أن بناء المعايير لابد أن يكون عملًا قوميًا ينبع من الواقع, ويستند إلى الظروف الخاصة التاريخية والاجتماعية. كما انطلقت فرق العمل كذلك من قاعدة أن تجارب الدول الأخرى مهما كانت متقدمة فإنها تجارب غير مواتية لظروفنا وأوضاعنا, وهي في أحسن أحوالها قد تكون مرشدة أو موجهة للعمل, ولذلك فبناء المعايير عمل قومي بالأساس نابع من الواقع, ومواكب لظروفه, ومن أجل تطويره وتحسينه في الوقت نفسه (وزارة التربية والتعليم بمصر, 2003).

وكانت أهم الأسس الفكرية لوضع هذه المعايير هي: تعزيز التعلم النشط ذاتي التوجه؛ وتدعيم المشاركة المجتمعية والمواطنة الصالحة والديموقراطية؛ ومواكبة التطورات الحديثة والتكنولوجيا؛ وتكريس مبدأ تكافؤ الفرص؛ ومساعدة النظم على التجدد والتطور المستمر؛ وتحقيق الالتزام بالجودة والتميز والمتابعة والتقييم؛ وتعزيز قدرة المجتمع على تنمية جيل مؤهل للمشاركة والمناقشة. وأنشئت وحدات لضمان الجودة وتم تحديد الاحتياجات ووضع رسالة ورؤية وأهداف وخطط استراتيجية, وورش عمل لنشر ثقافة الجودة. كما تم إنشاء نظام داخلي للجودة بدءًا بالدورات التدريبية TOT, وتوصيف وتقرير جميع البرامج الدراسية بالكليات, وتقرير التقويم الذاتي السنوي. وتم وضع نموذج الجودة للتعليم العالي. وشمل تنفيذ النظام على ثلاث مراحل: 1) إعداد المؤسسات التعليمية؛ 2) التطوير بالمشاركة؛ 3) مرحلة الاعتماد (المجولي,2007)

وتم البدء في وضع المعايير حسب خصائص محددة وحسب منهجية عمل محددة. وتم الاتفاق على المصطلحات الأساسية (مثل المجال domain, والمعيار standard, المؤشرات indicators, والمقارنات المرجعية benchmarks, والوحدات القياسية rubrics). وتمت الاستعانة بمجموعات المناقشة ومسح الدراسات العالمية المقارنة لاستخلاص الدروس منها, كما عقدت جلسات مع كل الأطراف المعنية للتوصل لقائمة المعايير الأولية ثم تم التأكد من صدقها الداخلي والخارجي. وأخرجت المعايير في ثلاثة مجلدات, وبدأ العمل على تطبيقها في العام الدراسي 2003/2004. وكانت تلك هي المرحلة الثانية, واشتملت على وضع مفاهيم تحكم التطبيق؛ والتدريب المكثف للقيادات العليا, ومديري الإدارات التعليمية ووكلائهم, وعضوين من وحدة التدريب والتقويم بكل مدرسة, وللمديرين والمعلمين على مستوى الجمهورية, ورفع قدراتهم لتنفيذ المعايير, وإقامة مشاريع تجريبية للتطبيق.

أما المفاهيم والمنطلقات الأساسية لتطبيق المعايير فشملت تقديم نماذج للتحسين بحيث تكون المدرسة وحدة التطوير والتنفيذ school-based improvement في شكل تجمعات clustered models؛ والنظر للمعايير كأداة تشخيص واقع المدرسة وتعزيز ودعم قدراتها الذاتية والوصول لأعلى مستويات الجودة, وتحقيق سياسة الاعتماد التربوي؛ والتطبيق هو الأداة لاختيار المعايير وتنميتها؛ والاقتناع بأن تنمية المعايير نفسها عملية مستمرة ولكن لا تتم إلا من خلال الممارسة والتطبيق.

واحتوى مشروع المعايير القومية للتعليم في مصر على خمسة مجالات رئيسة للمعايير وهي:

أولًا: مجال المعلم: واحتوى على خمسة مجالات فرعية, بها 18 معيارًا, و95 مؤشرًا. وشملت المجالات:

- مجال استراتيجيات التعلم وإدارة الصف.

- مجال التخطيط.

- مجال المادة العلمية.

- مجال التقويم.

- مجال مهنية التعليم.

ثانيًا: المشاركة المجتمعية: واحتوى على خمسة مجالات فرعية, بها 16 معيارًا, و97 مؤشرًا. وشملت المجالات:

- مجال الشراكة مع الأسرة.

- مجال خدمة المجتمع.

- مجال تعبئة موارد المجتمع المحلي.

- مجال العمل التطوعي.

- مجال العلاقات العامة والاتصال بالمجتمع.

ثالثًا: المنهج ونواتج التعلم: واحتوى على ثلاث وثائق أساسية وهي وثيقة معايير المنهج (بصفة عامة), ووثيقة معايير المتعلم, التي تحدد المعايير والمؤشرات الخاصة بالمتعلم, ووثيقة المحتوى للمواد الدراسية, وشملت ثماني وثائق لثمان مواد دراسية.

رابعًا: المدرسة الفعالة: واحتوى على أربعة مجالات فرعية وشملت هذه المجالات:

- مجال الرؤية والرسالة للمدرسة.

- مجال المناخ الاجتماعي للمدرسة.

- مجال التنمية الاجتماعية للمدرسة.

- مجال التنمية المهنية داخل المدرسة.

- مجال المساءلة وتوكيد الجودة الشاملة.

خامسًا: الإدارة المتميزة: واحتوى على عدة مجالات فرعية, بها 12 معيارًا, و200 مؤشر. وشملت المجالات:

- مجال الثقافة المؤسسية.

- مجال المشاركة.

- مجال المهنية.

- مجال إدارة التغيير.

وذلك لكل مستوى من المستويات الإدارية (العليا-الوسطى-التنفيذية).

وقد قامت المشروعات التجريبية لتطبيق المعايير على مدخل تحسين المدرسة وفقًا للمعايير القومية للتعليم standards-based school improvement وهو مدخل يدل على التحول في نموذج الإصلاح على مستوى المدرسة, وهو الذي يؤهل المدرسة للتعامل مع عمليات توكيد الجودة ويجعل المدرسة قادرة على التقويم الذاتي وبناء خطط التطوير لنفسها. كذلك استخدم نموذج تجميع المدارس في مجموعات حيث يسهل تطبيق المنهج العلمي المرتبط بمدخل تحسين المدرسة. وهناك أربعة مشروعات رئيسة تطبق مدخل تحسين المدرسة اعتمادًا على المعايير القومية للتعليم وهي:

(1) اليونيسيف : مشروع mainstreaming في 90 مدرسة.

(2) البنك الدولي والاتحاد الأوربي: مشروع تحسين المدرسة في 100 مدرسة.

(3) USAID: مشروع المدرسة الفعالة وتفعيل المشاركة المجتمعية في مشروع المدارس الجديدة 50 مدرسة.

(4) المركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي: مشروع التقويم الشامل في 250 مدرسة.

ويجري العمل على إخراج دليل شامل لعملية التقييم الذاتي وطرق جمع وتحليل البيانات, وملخص لتحليل عملية التقييم الذاتي للمدارس, وخطط تحسين المدارس المشاركة, وبناء المرحلة الثانية من المعايير باستخدام وحدات قياسية والمقارنات المرجعية. لكل مؤشر في المعيار الواحد. وتطوير مجموعة من أدوات القياس وقواعد القياس المتدرج للمعلم والإدارة المتميزة والمنهج ونواتج التعلم (المحتوى، المتعلم والمواد الدراسية) (البيلاوي وآخرون, 2006).
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2967 مشاهدة
نشرت فى 24 ديسمبر 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,606,726