خروج الاقتصاد من عنق الزجاجة ممكن بشروط
بقلم: أحمد شوقى 122 

المطلع علي المشهد الاقتصادي المصري الآن‏,‏ يجد أن الوضع وصل إلي المرحلة الأخيرة وأصبح علي شفي الإفلاس‏,‏ فما نكاد نخرج من المطالب الفئوية واعتصامات العمال ورفضهم العمل حتي ندخل في الاعتداءات المتكررة علي السفارات مثلما حدث مع السفارتين الإسرائيلية والسعودية وما بعد ذلك واقعة ماسبيرو وأزمة مصنع موبكو‏,

 

وإغلاق ميناء دمياط لأكثر من10 أيام. وأخيرا وليس بآخر, الاعتصام المفتوح في ميدان التحرير والذي سوف يقضي تماما علي ما تبقي من البنية الأساسية للاقتصاد التي يمكن من خلالها العودة للعمل مرة أخري. ولكن ذلك مازال في علم الغيب, حيث إن ذلك يوحي بأن الثورة المصرية اختصرت فيما يحدث مؤخرا في شارع محمد محمود.
كل هذا أدي إلي عدد من النتائج السلبية لبعض المؤشرات الاقتصادية حتي هذه اللحظة ومنها علي سبيل المثال أن30% من الفنادق المصرية أغلقت أبوابها وبدأت في تسريح العاملين لديها, بل تجاوزت خسائر قطاع السياحة12.5 مليار دولار بخلاف بعض الإحصائيات التي صدرت من عدد من مراكز البحوث الاقتصادية وعلي رأسها مركز معلومات مجلس الوزراء, التي تؤكد أن إجمالي عدد المصانع التي أغلقت أبوابها خلال الستة شهور الأولي من العام المالي الحالي في شتي المناطق الصناعية بدءا من برج العرب في الشمال وحتي قنا وسوهاج في الجنوب قد تجاوز3500 مصنع. كما زاد عدد حالات الإفلاس في بعض الشركات بنسبة مرتفعة جدا وفي نفس الوقت تراجع معدل النمو إلي أقل من1% تقريبا. وتجاوزت خسائر البورصة منذ بداية الأحداث200 مليار جنيه.
ولعل إجراء المرحلة الأولي من الانتخابات قد أدت إلي أن يسترد المستثمرون جزءا من خسائرهم, بالإضافة لارتفاع معدلات البطالة إلي أكثر من21% بل إن الاحتياطي النقدي لدي البنك المركزي تآكل من36 مليار دولار حتي وصل الي نحو20 مليار دولار حتي نهاية سبتمبر الماضي. ولا يغطي سوي الاحتياجات الاستيرادية لـ4 شهور فقط بدلا من9 شهور, كما نجد أن العجز في الميزان التجاري ارتفع ليسجل22% بما يعادل18.2 مليار جنيه حتي اغسطس الماضي والنتيجة الطبيعية تراجع في موارد الدولة خلال الفترة الماضية. بل الأسوأ من ذلك تجاوز معدلات الدين المحلي85% من الناتج المحلي الإجمالي وهذه كارثة كبري, مما أدي لقيام المؤسسات الدولية إلي تخفيض التصنيف الائتماني لديون مصر ثلاث مرات حتي وصلت إليBB سالب.
وعلي أي حال فإن هناك مجموعة من الخطوات والإجراءات التي يجب أن تتم لنعود إلي ما كنا عليه من معدلات النمو المرتفعة وخروج الاقتصاد من عنق الزجاجة التي انحشر فيها. يأتي في مقدمة تلك الأمور عودة الأمن, وبشكل عاجل, والسيطرة علي الانفلات الأمني والعشوائية التي ضربت طول البلاد وعرضها حتي يعود الاستقرار لحياة المواطنين. وسوف تكون النتيجة الطبيعية لهذا الأمن هو عودة الاقتصاد للحياة خاصة للاستثمارات الأجنبية والسياحة والتجارة الداخلية, التي كادت تتوقف بسبب عشوائية السوق وعدم وجود الجهة الأمنية المسئولة عن فرض الأمن والنظام في الشارع.
ثاني هذه الأمور هو إيقاف سيول المطالب الفئوية التي كان سببها الأول والأخير هو قيام الحكومة بمنح زيادة في المرتبات بلغت15% في وقت كانت الأمور فيه مضطربة وادت إلي طمع الكثير من الفئات للحصول علي حقوقها المشروعة في الحال. وهذا كان بداية الكارثة الاقتصادية, لأنه ترتب عليه تعطيل الإنتاج وتفرغ العمال إلي الاعتصامات والإضرابات مما أدي إلي تراجع معدل النمو, وكان الأجدي علاج عشوائية نظام الأجور والمرتبات في مصر الذي نري أنه كالصندوق المغلق بداخله غابة عنكبوتية عشوائية من الأجور الأساسية والمكافآت الشاملة والكادرات الوظيفية الخاصة وبدل طبيعة العمل وحوافز الإنتاج وحوافز الإثابة وغيرها مما له علاقة أو ليس له علاقة بالعمل.
وعلي أي حال فإنه علي حكومة الإنقاذ الوطني الموكل إليها إدارة شئون البلاد خلال الشهور القليلة المقبلة تنفيذ خطة عاجلة في المديين المتوسط والطويل من اجل إعادة بناء الاقتصاد والرجوع بمعدلات النمو إلي ما كانت عليه قبل أحداث يناير(5%), وعلاج المشكلات المتفشية وفي مقدمتها الفساد والتفاوت الحاد في توزيع الدخل والقضاء نهائيا علي العشوائيات ووضع قواعد جديدة لنظام العمل والأجور والضرائب, وسياسات عمل محددة وواضحة لتحفيز الإنتاج, وكذلك رسم سياسة اقتصادية واضحة تستهدف مؤشرات النمو والتضخم والادخار والاستثمار والاقتراض العام وهو ما تحتاجه المرحلة المقبلة لبناء اقتصاد مصر الثورة, وايضا سياسة ضريبية جديدة تحقق العدالة الاجتماعية. وفي نفس الوقت تحفز علي النمو وتساعد علي جذب الاستثمار المحلي قبل الأجنبي, كما يجب أن تتضمن هذه الخطة شبكة واضحة للضمان الصحي والاجتماعي لكل المواطنين وإصلاح منظومة الدعم الذي يساعد علي وضع قواعد تنظيمية واقتصادية واضحة لدعم الإنتاج والاستهلاك, وفي نفس الوقت تساعد علي مضاعفة الدخل القومي للفرد. ونقل الاقتصاد المصري من مصاف الدول الناشئة في النمو إلي مصاف الدول التي نطمع أن نكون إحداها وهي الأكثر استقرارا اقتصاديا وسياسيا. ولكن هذا ايضا يعتمد علي إصلاح الجهاز الإداري للدولة والذي يحتاج مزيدا من الوقت قد لا يسعف حكومة الإنقاذ الوطني إلي تنفيذه ولكن عليها أن تبدأ فيه من خلال وضع البرامج والإجراءات اللازمة لذلك.

 

المزيد من مقالات أحمد شوقى<!-- AddThis Button BEGIN <a class="addthis_button" href="http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&pub=xa-4af2888604cdb915"> <img src="images/sharethis999.gif" width="125" height="16" alt="Bookmark and Share" style="border: 0" /></a> <script type="text/javascript" src="http://s7.addthis.com/js/250/addthis_widget.js#pub=xa-4af2888604cdb915"></script> AddThis Button END -->
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 71 مشاهدة
نشرت فى 15 ديسمبر 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,608,836