ارحمونا وارحموا مصر الوطن
بقلم: حامد عمار 251 

ارحمونا يرحمكم الله‏,‏ فقد جاوزت التسعين وأريد أن ألقي الله ومصر الوطن بخير وعافية‏.‏ لقد أردت أن أتابع المقالين السابقين عن تأسيس مجتمع المعرفة‏,

 

وهو علي باب مدينة أحمد زويل, ومن بين أهم من يطرقونه خريجو مدارس المتفوقين في مشروع أحمد جمال الدين. وفيما قرأت وسمعت من برامج الأحزاب والائتلافات التي تسعي لخوض بحار الانتخابات السياسية, لم أجد التفاتا إلي هذا المنطلق الرئيسي في بناء مصر المستقبل, إلا في القليل والنادر منها.
واستغرق التفكير في محاولة الكتابة لكي يكون هذا هو العماد والعمود في بناء المجتمع الديمقراطي مهما كانت نهاية التوافق علي مرجعياته الأخري. وعقدت العزم علي أن يكون مقالي هذا دعوة ملحة ومؤكدة للأهمية البالغة لشق طريق مجتمع الحرية والعدالة والكرامة والمشاركة, ومعها السعي الجاد إلي مقومات مجتمع المعرفة العلمية والتكنولوجية: وهي حصاد تنمية التفكير العلمي بمختلف تجلياته في تعليمنا وثقافتنا واقتصادنا وسياساتنا الاجتماعية وعلاقتنا الدولية.
وهكذا تصورت أن يكون مقالي الحالي في سياق ما كان تضطرب به الساحة السياسية حول مقومات مجتمعنا الذي سعت إليه ثورة25 يناير, وما كنا نأمل أن يتمخض عنه من الوفاق الوطني. وفجأة تظهر لدينا ما عرف بوثيقة السلمي والتي يدور الحوار بل العراك والتهديدات حول مضمون عدد مما ورد فيها من نصوص من قبل بعض أطراف القوي السياسية.
ويحتد الخلاف ويتفاقم, ولا يترك للحوار مجالا للرشد أو التفاهم العقلاني. ومع هذا التشدد والتصلب في المواقف, قررت أن أتوقف عن الكتابة عما كنت أحلم به من إضافة بتنمية المعرفة العلمية كأحد مقومات المجتمع المصري, وأن كنت ما أزال أحرص علي أضافته, لكن ما أن تنتهي مليونية السبت بتاريخ2011/11/19 حتي تخلف من ورائها في نفس الليلة بعض فئات المحتجين والمعتصمين في ميدان التحرير معارك ضارية بينهم وبين قوات الشرطة, استخدم فيها مختلف الأسلحة النارية. تمخض عنها عشرات القتلي ومئات المصابين, فضلا عن حرائق للسيارات وقفل للطرق, ومساهمات تخريبية لا للبلطجية وأعداء الثورة ومن أطراف معلومة وغير معلومة. وخيل إلي في حرب أهلية لا يعرف أحد لها بداية أو نهاية, إلي غير ذلك مما ترتب عليها من تخريب وضحايا ومصادر للفتنة. وباختصار تبعث تلك الليلة وتوابعها ظاهرة محزنة تهدد الاستقرار الأمني للأفراد والمؤسسات في أرجاء مصر المحروسة, لقد اختلط في هذا التهديد الحابل بالنابل, إلي جانب اتهام بعض القوي الخارجية في إحداث كل ذلك الدمار. ومع ذلك أيضا انفرط عقد الأحزاب والقوي السياسية شيعا وفرقا متصارعة لا تسعي إلي التوافق, أو إلي بلوغ كلمة سواء. وأعلن بعضها توقف دعاياته الانتخابية حتي يستقر الأمن. وفي صبيحة تلك الليلة الليلاء تصورت ما يمكن أن تتمحض عنه من مخاطر جسام, تفاقمت في اليوم التالي ومع المخزون من مآسي الليلة السابقة واستمرارها في اليوم التالي لم امتلك أعصابي, وهاجت مشاعري لتنطلق صرختي( ارحمونا ارحمونا يرحمكم الله). وبعد فترة من الهدوء اندفعت إلي ذاكرتي مقولة حفظتها في المدرسة الثانوية في أواخر الثلاثينيات( الآن لقد بلغ السيل الزبي( الزبي وهي المناطق المرتفعة), وجاوز الحزام الطبيين( بدأت أتعري) فيا للهول ويا للمأساة. ورغم ذلك سأظل أتابع هذه الأحداث المأسوية لعل قدرا من العقلانية يصحح من مسارات الطريق إلي الانتخابات, لكنها ظلت في اليوم التالي مستمرة رغم استشهاد حوالي25 شابا وإصابات تجاوزت.1500
ويقف المرء متسائلا عن مبررات هذه الحرب الأهلية. هل لدينا ما ترسب عن أوضاع القبائل البدوية, من التنافس والتقاتل حول المرعي, مما استقر عادة من عادات العداوة والصراع, الرغبة في القتال, فإن لم يكن هناك من مبرر لأي صراع خارجي تخترع القبلية مصادر للخلاف مع من تؤاخي من القبائل علي حد قول الشاعر:
وأحيانا علي بدر أخينا إذا لم نجد إلا أخانا
هل هذه النزعة للاختلاف وسيلة لتحقيق مصالح مادية, أو تنافس علي السلطة والهيمنة, أم للتعويض والتنفيس عن ثارات قديمة توفر لها الأوضاع الجديدة فرصة للأخذ بالثأر واسترداد المكانة والسلطان؟ وهل هي تأكيد الذات لتظهر مكانتها في صحائف التاريخ الوطني, أو ادعاءات بالتفاخر بأنها سوف تأتي بما لم يأت به الأوائل؟ ويتساءل قبلي أمير الشعراء أحمد شوقي:
لماذا الخلف بينكم إلاما
وهذي الضجة الكبري علاما؟
لماذا يكيد بعضكم لبعض
وتبدون العداوة والخصاما؟
واعتقادي أن من سيحرز الأغلبية في الانتخابات القادمة, سوف يجد أن أوضاع المجتمع الحالية سوف تواجهه طالما أنه لم يتم توافق الأطراف في هذه المرحلة الحالية وبخاصة علي شئون الدستور والحكم. التوافق بين الكتل الحزبية وعدم الخلط بين الدين والسياسة وإقرار مبدأ المواطنة وحقوقها وواجباتها دون تمييز أو تحيز أيا كان مصدره ومبرراته. تتجلي ضرورة حتمية لأفكاك منها حاليا وقبل إجراء الانتخابات سوف يواجه صاحب الأغلبية نفس الاضطرابات والاعتصامات ومسيرة المليونات إلي غير ذلك مما يسود واقعنا الحالي من اضطرابات وعداوات وكوارث فئوية وطائفية.
أضف إلي ذلك أنه دون توافق منذ اليوم سوف لا يتمكنون من مواجهة أوضاعنا الاقتصادية الخطيرة المنذرة بالإفلاس أو باختلال التماسك الاجتماعي أو بمواجهة كل المشكلات المتراكمة من مخلفات الحكم التسلطي وإفرازاته من القهر والنهب والفساد والإفساد.
وأخيرا تلك رؤيتي وأرجو أن أكون مخطئا, في احتمالات ما قد ينوء به مجتمعنا من تفسخ وفقر وهوان وركود دون توافق عام بين كل أطيافه.
وختاما ادعو الله أن ترحمونا يا أحزاب بالتوافق والتوحد, وترحموا مصر الوطن ليتم استحقاقه من حياة الحرية والعدالة والكرامة. إنها مصر التي قال فيها زعيمنا الوطني مصطفي كامل.
لو لم أكن مصريا.. لوددت أن أكون مصريا

 

المزيد من مقالات حامد عمار<!-- AddThis Button BEGIN <a class="addthis_button" href="http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&pub=xa-4af2888604cdb915"> <img src="images/sharethis999.gif" width="125" height="16" alt="Bookmark and Share" style="border: 0" /></a> <script type="text/javascript" src="http://s7.addthis.com/js/250/addthis_widget.js#pub=xa-4af2888604cdb915"></script> AddThis Button END -->
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 114 مشاهدة
نشرت فى 8 ديسمبر 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,796,769