مفهوم الشخصية “Personality concept”


تنظير الشخصية | بعض أنماط الشخصية | الشخصية السوية | الشخصية المضطربة | الشخصية المعادية للمجتمع


الشخصية من أصعب الاصطلاحات فهماً وتفسيراً. وبإيجاز يعني مصطلح الشخصية " البناء الخاص بصفات الفرد وأنماط سلوكه الذي من شأنه أن يحدد لنا طريقته المتفردة في تكيفه مع بيئته، والذي يتنبأ باستجاباته".
للوراثة، والنضج، وأسلوب التنشئة خلال مرحلة الطفولة، والدوافع الاجتماعية التي تكتسب عن طريق التعلم مع الخبرات المكتسبة، دور كبير في تشكيل الشخصية حيث أن ما يصدر من قول أو فعل لا بد وأن يكون منسجما مع البناء الكلي للشخصية.


تنظير الشخصية
  نظريات الشخصية عبارة عن محاولات هدفها وصف البنيان العام للشخصية التي تدل على فردية الشخص وتميزه في السلوك.

هنالك نظريات عديدة الغرض منها تصنيف الشخصية، منها:

نظريات الأنماط  “trait theories” :
هنا تصنف الشخصية على حسب الأنماط الجسدية (أندوموف، ميز وموف، أكتو موف) والفسيولوجية (دموي، سوداوي، صفراوي)، والسلوكية (انطوائي، انبساطي).

نظريات السمات “type theories":
هنا بدلاً من محاولة تصنيف الأفراد وفق بعض الأنماط السلوكية المعينة، فهنا نعمل على تصنيفهم بناء على توفر بعض السمات لديهم على أساس أن كل سمة من السمات تمثل جانبا من جوانب الشخصية.
أشهر نظريات السمات تلك التي لـ:كاتل الخاصة بالسمات. لقد عرف كاتل الشخصية على "أنها بناء من السمات التي لها مستويات مختلفة، وهذه السمات مسئولة عن انتظام وثبات السلوك".
قسم كاتل السمات إلى سطحية ومركزية. أما السمات السطحية بالنسبة له فهي السمات الظاهرة التي تمثل السلوكيات العلنية التي تلاحظ بسهولة، مثلا" العدوانية". أما السمات المركزية أو المرجعية فهي تلك التي ينتج عنها السمات السطحية، مثلا "حب السيطرة". وكان كاتل يسعى لإيجاد عدد محدود من السمات المركزية المستقلة عن بعضها البعض بحيث يمكن وضعها في اختبار مناسب يساعد في قياس شخصيات الأفراد، مع التنبؤ بها. وقد نجح في تحديد ستة عشر من هذه السمات تعرف باسم "عوامل الشخصية الستة عشر".“16 Personality Factors”

نظريات التعلم “learning” :
نظريات التعلم تحاول إيجاد خبرات خاصة لها صلة بالعقاب والثواب يكون لها أثر في تكوين الشخصية.

نظرية لعب الأدوار “role playing”:
هي تعنى بوصف الأفراد من خلال الأساليب التي يعتمدونها قي قيامهم بالأدوار التي يفرضها عليهم المجتمع. مثلاً دور الأب مع أطفاله، ودور الابن مع والديه، ودور الأخ، والدور المهني، ودور الزوج، ودور الرجل الخ.. وعلى الفرد أن يتعلم طرق القيام بالأدوار المختلفة من خلال خبراته المكتسبة من بيئته.

النظريات التطورية “developmental” :
النظريات التطورية تعنى بدراسة شخصية الفرد في مراحل نموه المختلفة بضغوطها وصراعاتها. فمنذ اللحظات الأولى في حياة الفرد تبدأ شخصيته في التشكل بحيث يطرأ بنيان ثابت في نهاية مراحل النمو.

نمو جنسي/ سايكولوجى “Psychosexual”
تبعا لـ:فرو يد، يمر النمو عبر المراحل النفسية الجنسية التالية: الفموية، الشرجية، القضيبية، الكمون، والتناسلية.
أهمية المرحلة القضيبية تكمن في حدوث "قلق الخصاء"، و"حسد القضيب"، و"عقدة أوديب" أثناءها. ولذلك عندما يحدث تثبيت عند هذه المرحلة يحدث كثير من عدم النضج الجنسي والعاطفي في شخصية الراشد كما سنرى لاحقاً. أما المرحلة التناسلية فهي المرحلة النهائية في التطور الجنسي النفسي والتي تتبلور فيها شخصية الراشد.
واعتمادا على نظرية فرو يد، فإن الراشد قد يأخذ نمطاً معيناً للشخصية نتيجة التثبيت في أي مرحلة من المراحل السابقة. وتبعاً لظاهرة التثبيت أو انحباس التطور"صراع لم يحل"، فتتولد شخصيات معينة وفقا للمرحلة التي حدث فيها التثبيت. مثلاً:
 الشخصية الفموية، الشخصية الشرجية، الشخصية القضيبية، الشخصية التناسلية.
فهنا الشخص يبدو حبيسا لأنماط السلوك التي كان يقوم بها في تلك المراحل، أي يستجيب ويتصرف بأساليب أقل نضجاً مما هو متوقع منه حالياً.

نمو نفسي/ أجتماعى. “Psychosocial”
كما حددها" أريكسون". ويرى أريكسون أن التطور يمتد وراء حدود الجنسية الطفولية كما حددها فرويد الذي يعتقد أن خبرات الطفولة هي المحدد الأساسي لتطور الشخصية.
حدد أريكسون ثمانية مراحل نفسية اجتماعية للتطور الشخصي، أو تطور الأنا، وهى الحسية/ الفموية؛ العضلية/ الشرجية؛ التناسلية؛ الكمون؛ البلوغ والمراهقة؛ الشباب؛ الرشد؛ النضج.
وأوضح أريكسون أن هنالك أزمات نفسية اجتماعية أساسية يجب حلها خلال كل مرحلة، وتؤثر طريقة الحل على المرحلة التطورية التالية. وتمثل مرحلة النضج المرحلة الأخيرة لتكامل الأنا، أي نضوج الشخصية.

النظريات الديناميكية. “dynamic”
هذه النظريات ترى السلوك كمحصلة لعدد من العوامل المتشابكة والمتضاربة التي هي في حالة تصارع وحركة دائبة. من أهمها مدرسة التحليل النفسي التي تعتبر كنظرية تطورية وديناميكية في نفس الوقت. أوجد فرويد مفاهيم ألهو، والانا، والانا الأعلى كجوانب مختلفة للشخصية من ناحية تطورية تتفاعل وتتصارع فيما بينها ولكنها تجنح للتوافق لكي لا يحدث اضطراب في سلوك أو مشاعر الفرد.
أما "ألهو" فهو الجانب البدائي الذي يسعى للإشباع العاجل للدوافع الأولية( الجنسية والعدوانية) إذا ما أثيرت. فألهو تظهر في المراحل الأولى للتطور ولكن سرعان ما تكون تحت سيطرة" الأنا" الذي يحاول تهذيبها وكبحها.
أما "الأنا" فيولد لاحقا من ألهو، وهى تعتبر المحرك للسلوك الاجتماعي المقبول من الآخرين. الأنا تحاول دائما التحكم على ألهو، الذي يميل إلى الإشباع السريع للدوافع التي تبحث عن اللذة، وذلك بإشباع هذه الدوافع بطريقة مقبولة اجتماعياً. فهنالك صراع أزلي بين ألهو وهو يحاول إشباع الدوافع الأولية بدون أي قيد، و"الأنا" الذي يحاول السيطرة على" ألهو" ومحاولاته للإشباع السريع لهذه الدوافع. ففي حالة نجاح "الأنا" فقد يلجأ ألهو إلى إشباع هذه الرغبات عن طريق آخر، كأحلام النوم أو أحلام اليقظة عندما يكون الأنا في حالة استرخاء.
"الأنا" تمثل حياتنا الاجتماعية، وتتمشى مع الواقع والمنطق. فإذا ما كانت ألهو في خدمة "مبدأ اللذة" الذي يعنى الإشباع الفوري للدوافع الأولية، فإن الأنا في خدمة "مبدأ الواقع" الذي يعني تأجيل الإشباع الفوري لهذه الدوافع بما تسمح الظروف الاجتماعية به.
أما الجزء الثالث من الشخصية فهو" الأنا الأعلى" الذي يتولد من حصيلة الخبرات التي تمر بها الأنا نتيجة احتكاكها بالواقع الاجتماعي بما فيه من قيم ومعايير. وهو يمثل" الضمير" الإنساني التي يجعلنا نسلك وفقا للمعايير والأخلاقيات والقيم السائدة في المجتمع. فالأنا الأعلى دائما يسعى إلى الكمال، ويحاول توجيه الفرد إلى السلوك المقبول اجتماعياً. لذلك عندما يحدث صراع بين ألهو والانا الأعلى يبدو الأمر صعباً على الأنا ليتخذ قراراً، وهذا يوضح ترددنا في اتخاذ القرار في كثير من الأحيان.
عندما يواجه الأنا بصراع بين الأنا الأعلى ومثله الأخلاقية، وألهو برغباته البدائية، يلجأ الأنا إلى استعمال آليات دفاعه النفسية، أولا إلى الكبت، فأن لم ينجح في ذلك يلجأ إلى الآليات الأخرى مثل التمثيل، والإزاحة، والإسقاط والتحويل في محاولة منه لتشويه أو أخفاء الحقيقة بطريقة غير واعية لحماية الشخص من الشعور بالقلق نتيجة الصراع. وحتى إذا نجحت عملية الكبت تماماً في إخفاء أو السيطرة على هذه النزعات أو الرغبات البدائية، فإن الصراع بين رغبات ألهو ومحاولة سيطرة الأنا الأعلى مستمرة وقد يظهر ذلك في شكل أعراض نفسية أو أمراض نفس جسدية.


بعض أنماط الشخصية المتعارفة اجتماعياً
هذه المسميات للشخصية تتداول يومياً لتصف بعض الأشخاص تبعا لأنماط سلوكهم ولكنها غير متفق عليها علميا:

شخصية انبساطية “Extravert” :
أقترحها كارل يونج. وهي تصف الشخص الاجتماعي الذي يجد متعة في الاختلاط بالآخرين. لذلك يحب العمل الذي يتيح له التعامل مع الكثيرين. وهو يتميز بسهولة تعامله وانفتاحه على الآخرين.

شخصية انطوائية “Introvert” :
جاء بها يونج كذلك، وهى تصف الشخص الانطوائي، المنكمش على نفسه، ويتميز بالخجل وحب العمل منفرداً، أو بعيداً عن التعامل مع الجمهور، بعكس الانبساطي.

شخصية انفعالية “Emotionally labile” :
وصف للشخص المتوتر، القلق، المعكر أو المتقلب المزاج، الذي ينفعل بسرعة ويفقد السيطرة على مشاعر الغضب، مع الهيجان السريع.

شخصية فميه:
لدى الشخص اهتمامات فموية مثل الطعام، الشراب، والتدخين. أو يعض أو يمص بعض الأشياء كالأصابع والعلكة والأقلام. وهى مثال للتثبيت في المرحلة الفموية كما أوضح فرو يد.

شخصية وسواسيه “Obsessive” :
شخص مقتصد، منظم، مثابر، دقيق، محب للنظافة، مع إتقان العمل. وهي تعادل الشخصية الشرجية لفر ويد.

شخصية هسترية “Histrionic” :
تهوى الاستمتاع بالحياة ولفت الأنظار. تبالغ في إبداء عواطفها. تجيد لعب الأدوار والتصرف بطريقة مسرحية. منفتحة على الآخرين، نزوية، تلقائية. يصعب عليها التحكم في انفعالها عند إثارتها.
هي تعادل عند البعض" الشخصية القضيبية" على حسب تقسيم فرويد، وهي الشخصية التي تتكون عندما يكون التثبيت في" المرحلة القضيبية" من النمو النفسي الجنسي.
ملحوظة: أرجو التفريق بين هذه الشخصية والشخصية المضطربة، “ اضطراب الشخصية الهسترية".
“Histrionic personality disorder”

شخصية قهرية “Compulsive” :
تتصف بالسلوك النمطي أو ألطقوسي. مثلاً الذين يبالغون في النظافة، والمدققين بطريقة مبالغ فيها في العمليات الحسابية أو أي عمل يوكل إليهم نتيجة التشكك والتردد.

شخصية تسلطية “Authoritarian” :
يتميز بسلوك محافظ. يميل إلى الشك والاستهزاء بالآخرين، مع الرغبة في القوة والسيطرة والقيادة.

شخصية عدوانية “Aggressive” :
لها كثير من سمات الشخصية ضد المجتمع سأتناولها لاحقاً. من أهم الصفات القسوة والعدوانية وعدم أعطاء اعتبار لمشاعر أو حقوق الآخرين.


 الشخصية السوية "غير المضطربة"
" يصعب أن تحدد السواء في الشخصية لأن المعايير الخاصة بالسواء تختلف من مجتمع لآخر. ولكن بصورة عامة يمكن اعتبار السواء على أنه التكيف مع النفس ومع البيئة.
هلجارد يضع ستة مرتكزات أساسية للسواء:

1- الإدراك الفعال للواقع.
2- معرفة الذات، من حيث الحاجات والدوافع والمشاعر.
3- احترام وتقبل الذات.
4- السيطرة على السلوك والمشاعر.
5- القدرة على خلق واستمرارية علاقات أسرية واجتماعية وعاطفية سليمة.
6- القدرة على الإنتاجية.
إن الأسوياء لا يستعملون آليات الدفاع النفسية بكثافة لأن ذلك من شأنه تشويه أو الهرب من الحقيقة أو الواقع، ويدل على سوء التكيف.


الشخصية المضطربة “Disordered personality”
تعتبر الشخصية مضطربة عندما تكون سمات الشخصية صلبة، عنيدة، سيئة التكيف، وتسبب لصاحبها ألماً نفسياً أو تعوق تكيفه المهني والأسري والاجتماعي.

الخصائص المميزة لاضطراب الشخصية:
- يبدأ الاضطراب عادة في فترة المراهقة وبداية الرجولة.
- الاضطراب ملازم للشخص طيلة حياته.
- لا يشكو المصاب من أية أعراض، لأن دوافعه وأفكاره متقبلة من الأنا ومنسجمة مع مبادئها، لذا يغضبون إذا نصحوا بمقابلة معالج أو طبيب.
- تحملهم للضغوط متدني ولذلك يقلقون وينفعلون بسهولة.
- يجدون صعوبة في التكيف مع بيئتهم ومع من حولهم.
- قابليتهم كبيرة للإصابة بالمرض النفسي والعقلي.

الأسباب
1- الاستعداد الوراثي.
2- تجارب الطفولة المعززة بالسلوك المنحرف.
3- أسباب متعلقة بالدماغ.


توجد هناك حولي عشرة من الشخصيات التي توصف بأنها مضطربة أو مريضة ومن أكثرها اضطرباً الشخصية المعادية للمجتمع التي سنأتي على ذكرها لاحقا.


الشخصية المعادية للمجتمع “Anti social personality disorder”
السمة الرئيسية لهذا الاضطراب هي نمط من السلوك اللامسؤول والمعادي للمجتمع. يبدأ هذا الاضطراب في المراهقة ويستمر إلى الكهولة. ومن أعراضه.
- الخرق المكرر للقوانين مما ينتج عنه مساءلات قانونية.
- الغش والخداع.
- التهور والاندفاعية بدون اعتبار للنتيجة أو للسلامة أو سلامة ألآخرين.
- التعدي والقسوة الزائدة على الآخرين أو ممتلكاتهم.
- عدم تقدير المسؤولية مع الاستهتار الشديد.
- عدم إبداء أي اهتمام لمشاعر أو حقوق الآخرين.
هذه الشخصية تجدها في حوالي 5 % من الذكور الذين يفوقون الإناث في الإصابة به. وتكثر الإصابة بين الفئات الاجتماعية الدنيا. وكما ذكرت سابقا فأن المصابين" باضطراب سوء السلوك" و"اضطراب الحركة الزائدة مع قلة الانتباه" معرضون لهذا النوع من اضطراب الشخصية. كما أن الاستعداد الوراثي واضطرابات الدماغ قد تكون من المسببات.

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 214 مشاهدة
نشرت فى 26 أكتوبر 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,791,891