وللأدب دوره علي مر التاريخ
د‏.‏ بهاء حسب الله 37 

مرت علي مصر فترات من الضعف والانكسار والهوان والمذلة‏,‏ ومن تلك الفترة‏..‏ الفترات الوسيطة في عهود الدول الثلاث الكبري‏,‏ الفاطمية والأيوبية والمملوكية التي حكمت مصر قرابة خمسمائة عام كاملة‏,‏

 

وكانت تلك الحالات من الانكسار تمر علي مصر, وتتبادر الي( الحالة المزاجية المصرية) لأسباب عدة تتصل بالواقع الداخلي أحيانا, أو الظروف الخارجية في أحيان أخري, ففي القرن السادس الهجري( الثاني عشر الميلادي) في خلافة الخليفة المستنصر بالله, وهو ما عرف في كتب التاريخ بــ( الأزمة المستنصرية) عندما تراجع النيل عن الوصول الي مصر أصلا, فمات الزرع والنسل والحيوان, وكانت تخرج بمصر كما يقول المقريزي في كتابه الرائع( الخطط) مائة جنازة كل يوم لأطفال وشباب وشيوخ من أثر الجفاف... إلخ, ويعبر عن ذلك شاعر مصر الكبير ابن سناء الملك, ويكشف لنا كيف ان الناس قد فزعوا من جفاف النيل فبكوه يقول ابن سناء الملك:
بكت مصر بالنيل حتي طغي/ قديما وغرق اغلي الكتب. وتفني الدموع لطول البكا فالنيل في عامنا قد نضب. وأصبحت الارض محمرة/ وعن مائها بدلت باللهب وقد قتل الخصب في تربها/ فمحمرة بالدماء اختضب. وخاف البرية موت الصدي وألا يقيموا بموت السغب.
وعن انفراج الازمة عبر نفس الشاعر بقوله هنيئا لمصر انها حلها الندي/ وبشري لمصر انها جاءها البحر هنيئا لها ان يسر الله يسرها/ فلا عسر إلا جاء من بعده يسر لقد جاء مصرا نيلها في أوانه/ فليست تبالي ضن ام سمح القطر. وعاد الي صدر الاقاليم قلبة/ فعاش ولولا القلب لم يخلق الصدر اما العوامل الخارجية التي كانت تسبب للمصريين اصل ازماتهم وانكسارهم وهوانهم فهي عوامل الخوف من الاستعمار الخارجي الذي كان يهدد البلاد والعباد.. الاستعمار الصليبي, ومن بعده التتاري المغولي, إضافة الي خشيتهم من الفتن الداخلية والاقتتال الداخلي علي الخلافة, وهذا ما صوره الشعر بجدارة, كما صورنصرهم وعزتهم وكبرياءهم ووحدتهم وفخرهم بالانتماء الي اسم مصر الكبير, انظر الي قول الشاعر الكبير ـ الأبيوري ـ وهو يبكي مثله, مثل, كل المصريين والعرب لسقوط ـ بيت المقدس ـ في أيدي الصليبيين, وتحرك الجحافل الصليبية الي الحدود المصرية من ناحية بحر دمياط لغزو مصر واحتلالها بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا, وكيف ان النفوس انكسرت وان الارواح بلغت الحناجر, وأن الدموع امتزجت بالدماء, يقول الأبيوري: مزجنا دماء بالدموع السواجم/ فلم يبق منا عرضة للمراح. وشر سلاح المرء دمع يفيضه/ اذا الحرب شبت نارها بالصوارم وتلهب القصائد النفوس والعباد والجيوس بقيادة خيرة ابناء مصر, فيستعدون للفرنجة, راجين العزة والكرامة لأنفسهم ولأوطانهم ولكل ارض العروبة, ويصور الشعر فرحتهم بهذا النصر الكبير.. انظر الي قول ابن مطروح المصري: اتيت مصر تبتغي ملكها/ تحسب ان الزمر بالطبل ريح فساقك الحين إلي عسكر/ ضاق به عن ناظريك الفسيح. وكل أصحابك اودعتهم/ بسوء تدبيرك بطن الضريح. خمسون ألفا لا تري منهم/ الا قتيلا او أسيرا جريح ونقرا قريبا من هذا المعني قول الشاعر المصري الاصيل( بهاء الدين زهير). متغنيا بالنصر الكبير يقول: فيا ملكا سامي الملائك رفعة/ ففي الملأ الأعلي له أطيب الذكر. ليهنك ما أعطاك ربك انها/ مواقف هن الغر في موقف الحشر. ومن أجله اضحي المقطم شامخا/ ينافس حتي طور سيناء في القدر. ومافرحت مصر/ بذا الفتح وحدها لقد فرحت بغداد اكثر من مصر.
فهكذا كان الشعر يعكس في مصر حالات الأزمات والانكسار وهكذا عكس الشعر ايضا حالات العزة والكرامة بالنصر والفخر والفتح الكبير

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 115 مشاهدة
نشرت فى 2 أكتوبر 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,685,927