اتفاقية السلام المصرية ـ الإسرائيلية في الميزان
بقلم : د‏.‏ أميرة الشنواني 547 

بداية لاشك ان الاعتداء الاسرائيلي علي حدودنا الشرقية وقتل خمسة من جنودنا الشرفاء هو عمل اجرامي بجميع المقاييس طبقا للقانون الدولي وايضا طبقا لاتفاقية السلام بين مصر واسرائيل‏.‏ وعقب هذا الاعتداء الاسرائيلي

 

الغادر, كثر الحديث عن اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية بين تأييد بقائها وبين تعديلها او الغائها. وحتي نحكم علي هذه الاتفاقية بموضوعية فاننا نذكر بالظروف التي احاطت بابراها وهذا يقتضي بنا ان نعود قليلا الي سبعينات القرن الماضي وعلي وجه التحديد الي حرب اكتوبر المجيدة التي حققت لمصر اعظم انتصار, ولكن.. فكما نعلم جميعا ـ أن حرب اكتوبر لم يقدر لها ان تستمر نظر للقرار الامريكي يوم13 اكتوبر بمد اسرائيل بالسلاح عبر جسر جوي نظرا لارتفاع خسائرها في الطائرات والمعدات الحربية والدبابات.
معني ذلك ان مصر لم تستطع ان تكمل تحرير باقي سيناء بسبب الجسر الجوي الامريكي ونذكر هنا مقولة الرئيس السادات المشهورة: انا لن احارب امريكا. فماذا كان يمكن لمصر ان تفعل لتحرير باقي سيناء المحتلة؟! هل كانت تدخل حربا جديدة تضحي فيها بمزيد من دماء ابنائها مع احتمالات الهزيمة, لان اي حرب لايمكن ابدا التنبؤ بنتيجتها مسبقا؟! لقد رأي الرئيس السادات انه يمكن ان يحرر باقي الاراضي المحتلة في سيناء وجميع الاراضي العربية الاخري التي احتلت في حرب1967 عن طريق السلام ولذلك قام بزيارته التاريخية الي القدس في نوفمبر1977 والتي مهدت لعقد اتفاقيات كامب ديفيد التي وقعت في17 سبتمبر1978 بعد محادثات سرية لمدة13يوما بين الرئيس السادات ورئيس وزراء اسرائيل بناحم بيجن في كامب ديفيد بولاية ميريلاند الامريكية. وتحت اشراف الرئيس الامريكي جيمي كارتر, والتي تعتبر اطارا لاتفاق سلام شامل بين مصر وجميع الدول العربية من جانب وبين اسرائيل من جانب آخر, حيث تتضمن اطارا لثلاث اتفاقيات: الاولي خاصة بالقضية الفلسطينية يتم بمقتضاها انسحاب اسرائيل من جميع الاراضي الفلسطينية المحتلة في عام1967, اي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية ويصبح للفلسطينيين فيها حكم ذاتي لمدة خمس سنوات تنتهي في عام1984, وبعد ذلك يكون للفلسطينيين حق تقرير المصير. ولكن للاسف فان هذه الاتفاقية لم تنفذ نظرا لرفض الفلسطينيين السلام مع اسرائيل ورفضهم ان يتفاوض السادات باسمهم وقد قطعت جميع الدول العربية ـ باستثناء عمان ـ العلاقات الدبلوماسية مع مصر/( اما اطار الاتفاقية الثانية فهي بين مصر واسرائيل والتي نتج عنها اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية التي وقعت في26 مارس.1979 اما اطار الاتفاقية الثالثة فهي خاصة بالسلام والعلاقات بين جميع الدول العربية والاسرائيل وهي لم يتم فيها أي شيء حتي الآن نظرا لرفض الدول العربية المعنية لها ورفضها للسلام مع اسرائيل الامر الذي ترتب عليه استمرار اسرائيل في احتلال الاراضي العربية الاخري سواء الاراضي الفلسطينية او مرتفعات الجولان السورية.
يتضح مما سبق ان اتفاقيات كامب ديفيد واتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية كانت الظروف تتطلبها من اجل تحرير باقي سيناء من الاحتلال الاسرائيلي بدلا من ان تظل اراضينا محتلة مثل الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية فضلا عن الجولان السورية والتي مازالت تحتلها اسرائيل جميعها علي الرغم من مضي أكثر من44 عاما منذ احتلالها في حرب1967!!
كما يتضح ايضا من اتفاقيات كامب دفيد انها كانت تسعي لسلام شامل بين جميع دول المنطقة واسرائيل وليس فقط اتفاقا منفرد بين مصر واسرائيل حتي لايزايد احد علي مصر واهتمامه بالقضية الفلسطينية.. وبالفعل انسحبت اسرائيل من باقي الاراضي المصرية التي احتلتها في سيناء في عام1967 طبقا لاتفاقية السلام باستثناء طابا التي راوغت اسرائيل في تسليمها وافتعلت منازعة بخصوصها, ولكن الدبلوماسية المصرية نجحت في استعادتها عن طريق التحكيم الدولي.
ولما كانت اسرائيل قد خرقت بنود هذه الاتفاقية اكثر من مرة باختراق حدودنا وقتل جنود مصر الابرار, فان الامر يتطلب اعادة النظر في هذه الاتفاقية والتي تسمح نصوصها بتعديلها بعد مضي25عاما بموافقة طرفيها, كما تسمح بذلك ايضا قواعد القانون الدولي طبقا لقاعدة تغير الظروف بالاضافة الي أن اسرائيل لم تنفذ قراري مجلس الامن رقمي338,242 كما هو منصوص عليه في مقدمة اتفاقية السلام المصرية الاسرئيلية, بعد ان كانت مصر قد وافقت آنذاك ـ بضغط من الولايات المتحدة ـ علي عدم ربط تنفيذ التزاماتها بقيام اسرئيل القرارين المذكورين بكل بنودهها علي اساس منح اسرائيل فرصة للتعرف علي مزايا السلام, فان ذلك لايعني ان تظل الحكومات المصرية المتعاقبة علي مدي اكثر من30عاما تنفذ جميع التزاماتها بمقتضي الاتفاقية ولاتطالب اسرائيل بتنفيذ التزاماتها ايضا بموجب القرارين339,242 هذا بالاضافة الي قيام اسرائيل بخرق هذه الاتفاقية تجاه مصر اكثر من مرة..ولكن لنترك الامر للمجلس العسكري طبقا للظروف التي يراها مناسبة سواء المحلية والاقليمية والدولية ـ لاثارة هذا الموضوع مع اسرئيل حيث قد يري انه من الافضل الانتظار حتي تستقر الاوضاع الداخلية في مصر بعد الثورة ووجود برلمان ودستور ورئيس لمصر.
واخيرا نقول.. ان لمصر مصلحة قوية في الحفاظ علي السلام الان حتي تتمكن من بناء مصر الجديدة الديمقراطية التي تسعي الي ان تكون في صفوف الدول المتقدمة.

 

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 91 مشاهدة
نشرت فى 23 سبتمبر 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,610,006