السرد الشعري‏..‏ والقصة القصيدة‏!‏
سامي فريد 44 

ثمانية وعشرون قصة قصيرة أو فلنقل قصيدة نثرية تضمها هذه المجموعة في انتظار القادم للأديب السكندري محمد عطية محمود تعتمد كلها اسلوبا وصفيا دقيقا يعني بتفاصيل التفاصيل وكأننا نقرأ لكاتب يكتب بريشة فنان تشكيلي هدفه ان يضعنا امام لوحة العمل ‏(‏القصة القصيدة‏)‏ أو يضع لوحته المكتوبة أمامنا‏,

 

يقول المؤلف في قصته شرفة علي سبيل المثال: اخترق ضوء المصباح خصاص الشرفة لينبسط علي ارجاء الغرفة التي تبتلع سرير الفرد ومنضدة من الخوص المضفر وكرسيا مترنحا يستند بظهره إلي فم الباب المفغور علي باقي الشقة الواسعة المغلق علي عتمته.
هكذا يدخل محمد عطية قصته بوصف المشهد: الشقة واسعة والكرسي الهزاز يهتز وهي (الشقة) مغلقة علي عتمتها واتساعها لأنها لاتضم إلا زوجا وزوجته تقدم بهما العمر فصارا وحيدين يعيشان في هدوء.
من هذه المقابلة وفي لقطة واحدة وبضربات فرشاه المؤلف السريعة والمحكمة ندرك في خطفة بصرية تفاصيل كل شيء قصة كالومضة أو اللحظة الخاطفة تشرح علي ايجازها كل شيء وتصف حياة الزوجين السعيدين في نهاية العمر اشاعت فيه لمسة دفء عادلت ارتعاشاته, بينما تؤكد إليه الأخري علي وضع صينية شاي الصباح علي قمة السياج.
وبين الراوي والمونولوج وانتقال الحركة بين الضمائر ينتقل بنا المؤلف من قصة إلي قصة لايهم فيها الحدث فهو عادي أو متكرر نعيشه في كل لحظة لكن وربما دون ان نتنبه له, لكن محمد عطية يضعنا امامه ليرينا ما لم نكن نهتم به فلا نكاد نراه.
هذه هي الشقيقة الكبري العانس تفكر في التمرد علي حياتها مع شقيقها والغريبة (زوجته) لكنها لاتقوي علي هذا التمرد, وهذا هو تباع سيارة النقل الذي يعرف كل شيء لايعرفه السائق الامي, انه الصوت الصامت للبطل الثاني الذي هو البطل الحقيقي للقصة والذي يحكي عنه محمد عطية وبصوته وكأنه مونولوج البطل نفسه.
ومن قباري إلي سكرتير العيادة زميل الطبيب ايام الدراسة الأولي والذي يدير له عمله كما كان والده يعمل في عيادة الأب الطبيب ايضا وكأن الادوار الأولي ميراث والادوار الثانية ايضا ثم تأتي المفارقة.. فسكرتير عيادة الأطفال لم يرزق ايضا بطفل.. انه الحرمان فوق الحرمان.. هؤلآء هم ابطال محمد عطية.. المحرومون والمهمشون وكل من قد لانلتفت إليهم اولا يشغلون حيزا من تفكيرنا انهم موضوعه الأثير.. ومن فوزي سكرتير العيادة إلي ساكنة الدور العلوي التي تهبط إلي الدور الارضي بعد وصول الساكنة الغنية التي تدفع لها لتهبط السلم الاجتماعي وسلم المسكن ايضا!
قد يشرك محمد عطية المكان أيضا في نسيج قصته فهو هنا أيضا بطل محتمل خلف عتمة الباب تداخلت اخيلة أو (غافلهما الباب فانفتح مرة اخري علي امرأة قتلها النحيب) ان وصف المكان يتدخل وبشكل واضحخ في رسم الصورة بل والاحساس أيضا بسير الحدث ومكنونات ابطاله, ولايفوت المؤلف ان يشرح اللحظة أو حتي يفتتها (في تباطؤ تستدير, تغادر الحجرة تتمسح في بابها المطفأ البريق, تتلفت ممسكة بجديلتها المتدلية علي صدرها.. إلخ إنها ليست قصصا قصيرة.. إنها قصائد نثر تنتظر اللحظة المواتية للافصاح عن نفسها

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 73 مشاهدة
نشرت فى 19 سبتمبر 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,685,932