الإنترنت‏..‏ قنبلة موقوتة في كل بيت
كتبت :سلوي فتحي 960 

‏بسبب الرقابة غير الكافية من قبل الأسرة علي الابنة المراهقة ذات الثالثة عشرة ربيعا والطالبة بالصف الأول الإعدادي بإحدي المدارس التجريبية للغات بالدقي تورطت في علاقة من رجل عمره‏36‏ عاما‏.

 

 زوج وأب لطفلين من خلال إحدي وسائل الاتصالات الحديثة عن طريق مكالمة هاتفية بالخطأ من تليفونها المحمول, وانتهي بها الحال للهروب من بيت أهلها بالدقي إلي مقر اقامة الرجل بمحافظة اسيوط بمساعدة احد أقاربه والذي انتظرها علي محطة القطار بالجيزة واعطاها مبلغ200 جنيه لتسافر الي اسيوط وقضت معه أسبوعا يعاشرها معاشرة الأزواج ثم اصطحبها معه إلي الاسكندرية وقضي معها اسبوعا آخر ثم عاد بها إلي اسيوط وارغمها علي التوقيع علي إقرار بالزواج العرفي منه وإقرارها ايضا انه لم يغتصبها وان ما حدث بينهما تم بإرادتها وموافقتها ورضاها إلي ان تمكنت من استرداد تليفونها المحمول في غفلة منه واتصلت بزميلاتها لتبلغهن عن اختطافها وليبلغون أهلها وتم القبض عليه بالفعل من خلال المباحث ومازالت النيابة في انتظار تقرير الطب الشرعي..
هذه الواقعة ليست من نسيج الخيال ولكنها حدثت بالفعل منذ أيام عقب انتهاء امتحانات الصف الأول الإعدادي وتم نشرها بالصحف, حادثة تدفع الي التفكير في مستقبل المراهقين وسلوكهم الذي تغير وتشكل بصورة لم نشهدها من قبل نتيجة توافر وسائل الاتصالات الحديثة والانترنت, هناك حقائق مثيرة قد تكون غائبة عن الأهل والمجتمع, في البداية يجب ان نعترف جميعا انه لولا الانترنت وتجميع الشباب علي الفيس بوك لما اشتعلت الثورة التي غيرت شكل مصر وهو ما يدفع الي التساؤل عن الموقف الذي يجب ان يتخذه الاهل فيما يتعلق باستخدام النت.
خاصة بالنسبة لبناتنا المراهقات وما هي التدابير الاحترازية التي يجب اتخاذها خاصة مع بداية الاجازة الصيفية حيث وقت الفراغ الهائل.
د. فادية ابو شهبة استاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعي والجنائية بدأت حديثها بالتعليق علي الحادثة التي بدأنا بها فأكدت انها ازعجتها كثيرا وان أول ما تبادر الي ذهنها فور قراءتها.. اين كانت الأسرة عندما اخذت حقيبتها وسافرت إلي اسيوط لمقابلة هذا الرجل معدوم الضمير واين كانت امها عندما كانت ابنتها تتحدث في المحمول وتتمادي في المكالمات وكيف لا تنتبه الأسرة إلي أن سن المراهقة من أخطر الأعمار ويحتاج توعية دائمة سواء للفتي أو للفتاة وخاصة وان هناك حاليا العديد من المؤسسات التي تؤثر في التنشئة الاجتماعية مع الأسرة كالانترنت والفضائيات.
وعندما سألت إحدي الأمهات وهي ام لاثنين من الابناء في عمر المراهقة الولد17 سنة والبنت16 سنة عن حكاية ابنيها مع النت قالت ابنتي تستأذن من والدها قبل ان تجلس الي النت لتحدث صديقاتها من خلال الشات وهو بدوره يوافقها وفي نفس الوقت يظل رايح جاي حولها, وكذلك اخوها الذي يبدي قلقه عندما يطول وقت جلوسها ويأخذ المايك من اذنها ويسمعه حتي يتأكد انها تتحدث مع بنت ولكنه في نفس الوقت لا يظهر شكه هذا وانما يتصرف بعفوية كما لو كان يريد ان يستخدم النت بسرعة, اما عن دوري كأم فاراقبها دائما عن بعد فاظهر امامها مثلا انني اقوم بتلميع الموبيليا واحاول أن أخلق لنفسي أي شغل في البيت في المكان التي تجلس فيه حتي اطمئن انها لا تحادث ولدا وعلي الرغم من ذلك تشعر أحيانا بمراقبتي لها وتغضب مني وتبكي وتقول أنت بتشكي في يا ماما وتخاصمني.. وهنا سألتها هل حدث تغيير قبل وبعد الثورة في نظرة الأسرة ككل للنت والمحمول فقالت: ليس هناك أي تغيير والرقابة هي هي بل تزيد مع الأيام.
أم أخري لديها ابنة في الخامسة عشرة من عمرها سألتها ماذا ستفعلين اذا اكتشفت ان ابنتك متورطة في علاقة مع شاب عبر الانترنت قالت: في البداية سأنصحها حتي تتراجع عن هذه العلاقة واذا لم تأخذ بالنصيحة سأضطر أن ابلغ والدها والذي اعتقد انه سيقوم بالنصح في البداية ثم يعنفها لأنه يعطيها الحرية المسئولة, ولا يمانع أن تتحدث مع صديقاتها بشرط أن تكون تحت رقابة الأسرة كلها.
وتعترف أم أخري أنها استيقظت من النوم فجأة في الثالثة صباحا فوجدت غرفة أبنائها المراهقين الثلاثة مازالت مضيئة, فظنت انهم ناموا وتركوا النور فدخلت بدون استئذان لتطفئه وفوجئت بأولادها الثلاثة مستيقظين وأمامهم جهاز الكمبيوتر وتظهر علي الشاشة فتاة مراهقة تعرض جسدها امامهم من خلال كاميرا اللاب توب فصعقت وأسرعت الي زوجها لتوقظه كي يتصرف ويعنفهم ولكنها فوجئت انه تحدث معهم بكل هدوء عن الخطأ الكبير الذي يرتكبونه في حق انفسهم ودينهم وبالفعل اقتنعوا بكلامه بل وامتثلوا لأمره بمنع النت عنهم لمدة شهر كعقاب لهم علي هذا الخطأ واستمر في مراقبتهم من بعيد لبعيد.
أم لديها ثلاثة أولاد ايضا في عمر المراهقة أكدت أنها لا تهتم بمراقبة أبنائها اثناء استخدامهم للكمبيوتر وذلك من منطلق انهم صبيان وليسوا بنات علي حد تعبيرها.. وأكدت أنها لو كانت لديها بنات لكان الوضع مختلفا تماما ولكانت هناك رقابة مشددة ايضا.
ولخوفها علي ابنها الوحيد الطالب بالثانوية العامة اقنعت الأب أن يلغي النت تماما من البيت بعد اكتشافها عن طريق المصادفة ومن خلال الايميل الخاص به والذي تركه مفتوحا ونام أنه علي علاقة بفتاة أمريكية والتي كانت تنوي زيارة مصر وأقنعته هي أن يستضيفها في منزله مع اسرته.. وتقول للأسف ان المحادثات بينهما كانت تحتوي علي كلمات غير بريئة وصعقت وقتها ولكن لم أظهر أمامه شيئا, والغينا النت بحجة أنه لابد أن يتفرغ للمذاكرة حتي ينجح بتفوق في الثانوية العامة.
وهنا اسأل د. نادية جمال الدين استاذ اصول التربية بجامعة القاهرة: كيف يمكن للأسرة أن تنشيء ابناءها التنشئة العصرية السليمة بحيث يستفيدون من هذه التكنولوجيا, وتصبح نعمة بالنسبة لهم وليست نقمة عليهم؟!.. فردت قائلة: البنت والولد سواء وكلاهما معرض للخطر في هذه السن ولذا لابد من الرقابة من قبل الأسرة, فالمشكلة ليست فقط في البنت, فالولد يمكن أن يتورط في علاقات غير سوية أو ينضم الي عصابة أو جماعة متطرفة أو أي شيء يتسبب في ضياع مستقبله ولكن قبل أي شيء لابد من توافر الثقة والوضوح والصراحة والاحترام بين الأبوين والأبناء ولابد للأم أن تصاحب ابنتها حتي لا تخفي عنها شيئا وعلي الأم أن تعلم ابنتها كيف تحافظ علي كرامتها ولا تدلي بمعلومات عن نفسها وتراقبها بحذر بدون أن تشعر البنت أن امها تتلصص عليها.. واذا اكتشفت الأم أن هناك علاقة لابنتها مع ولد عبر الشات لاتصاب بالهلع ولكن تأخذها في حضنها وتحاول تفهم الموضوع وتقنعها بالتوقف وعدم التمادي, لأن حرمانها من النت ليس هو الحل, فالممنوع مرغوب, كما يمكن للابنة ان تستخدمه خارج البيت من خلال المحمول سواء في المدرسة أو النادي أو المنزل بغفلة الأسرة.. واذا فشلت الأم في احتواء الموقف عليها أن تبلغ الأب والذي يجب أن يعالج الأمر آخذا في اعتباره ان سن المراهقة سن خطر ويجب التعامل معه بحنكة وحنان وهدوء ويبعد تماما عن العنف.
ولكن ما الذي يدفع المراهقين الي التحدث عبر النت وهل ذلك سلوك سوي ومتي يصبح غير سوي ويصل بالبنت أو الولد الي درجة الإدمان للشات وما السبيل لإبعادهم عنه؟
يقول د. يسري عبد المحسن استاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة في هذا الصدد ان التواصل بين الشباب بين الجنسين من أساسيات الصحة النفسية, ونوع من التنفيس والتعبير وإخراج الطاقة النفسية الزائدة بشرط ان تكون في منظومة اخلاقية وتحت إشراف الأسرة فعندما لاتكون هناك رقابة يتطور الامر, وقد يصل لحد المحادثات غير الاخلاقية وباسلوب مبتذل وبه إيحاءات جنسية ثم يتطور الأمر إلي لقاءات.
ويقر أستاذ الطب النفسي ان سن المراهقة من21-12 سنة اكثر سن معرضة لإدمان الشات وذلك عندما يصبح المراهق ليس لديه نشاط آخر غير الانترنت, ولذا ننصح الأبوين ان ينظما وقتا للرياضة ووقتا للزيارات للأهل والأصدقاء ووقتا للنادي إذا وجد ووقتا للجلوس مع الأسرة وتبادل الحوار ومناقشة امور الأسرة بوجه عام, مع مصاحبة الأم لابنتها ومصاحبة الأب لابنه والمشاركة في الحوار مع الابناء واصدقائهم عبر الشات مع المتابعة والتوعية المستمرة.. وإن كنت الاحظ- والكلام لايزال لاستاذ الطب النفسي انه اصبح هناك شيء من السماح من قبل الآباء لأبنائهم باستعمال الشات بعد الدور العظيم الذي لعبه الانترنت في ثورة52 يناير بل اصبحوا يتعلمون من ابنائهم كيفية التواصل عبر النت.
وهو ما يختلف معه د. رشاد عبداللطيف استاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية ونائب رئيس جامعة حلوان والذي يري أن الخوف مازال يلاحق الأهل من جلوس الأبناء علي النت خاصة البنت كأسرة شرقية مازالت تحافظ علي البنت كأنثي وتترك الحركة للولد بل بالعكس اصبح خوفهم اكثر بعد الثورة لماترتب بعدها من انفلات امني تحسبا لوقوع اي انحرافات أو شيء يسيء للأسرة.
ويحذر د. رشاد اي فتاة ان تعطي اي بيانات خاصة بها أو بأسرتها عبر النت حتي لاتستخدم استخداما سيئا ضدها وقد يؤدي الأمر إلي ابتزاز مادي... وينصح الأبناء بصفة عامة عند دخولهم الشات ان يكون الحديث عبارة عن تبادل المعرفة والمعلومات الثقافية حتي يصبح الحوار ثقافيا وليس شخصيا نظرا لأن الطرف الآخر مجهول في بياناته.. وينصح الأم ان تعطي الثقة في البداية لابنتها مع المراقبة وإذا لاحظت او شكت ان هناك حوارا فيه تجاوز فلابد للأم أن تتدخل قبل استفحال الأمر.
ويشير استاذ تنظيم المجتمع إلي أن هناك ملاحظات معينة من خلالها تكتشف الأم ان في الأمر شيئا وهو السرحان الدائم للابنة, وغلق جهاز الكمبيوتر بمجرد الاقتراب منها ويضيف بعض المراهقين يستغلون جهل آبائهم بالتكنولوجيا الحديثة ولذا لابد ان تكون هناك ثقة بين الأم وابنتها وتشعر الابنة بقيمتها واهميتها في العائلة وحب الاسرة لها لأن نبذها وتعنيفها المستمر من الأسرة علي كل صغيرة وكبيرة والشك في سلوكها والإهمال والتساهل في التربية والنزاع بين الوالدين في اسلوب التربية واسلوب القهر الذي يستخدم ضد الفتيات دون الأولاد يشعرهن بالتمييز ضدهن ويجعل البنت تريد اثبات انوثتها كنوع من الانتقام من نفسها ومن اسرتها.
ويدعو د. رشاد الي ضرورة وجود مكاتب استشارية للأسرة للعلاج الاجتماعي والأسري في كل منطقة للاكتشاف المبكر لحالات ادمان الشات والتوعية المستمرة في وسائل الإعلام المختلفة ودعوة الخبراء للحديث عن مخاطر وعيوب الأساليب الحديثة وليس فقط مميزاتها...
كما أن التوعية الدينية ضرورية جدا كما يري د. محمد المنسي استاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة حيث انه لابد ان ننتبه جميعا إلي خطورة المحادثة بين الفتيات والفتيان عبر الانترنت لأن كلا منهم لايعرف الآخر معرفة حقيقية ولايستطيع ان يمنع نفسه من الانجراف نحو اي موضوع أو أحاديث قد تؤدي به إلي الوقوع في المحظور, وتفتح مجالا يدخل منه الشيطان إلي الانسان...
وإذا كانت المحادثات تبدأ بريئة وتنتهي بغير ذلك ويترتب عليها مشكلات تؤدي إلي فساد الأخلاق وضياع الدين وارتكاب الكثير من الأمور والمعاصي والتعرف علي اصدقاء السوء وهذه كلها امور تدفع الإنسان بعيدا عن طريق الاستقامة وتقربه إلي طريق الشيطان وبالتالي تصبح محرمة... وكونها بريئة من البداية فذلك لايعني انها حلال لأنها تؤدي إلي الحرام وكل مايؤدي إلي الحرام فهو حرام.
[email protected]

 

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 82 مشاهدة
نشرت فى 23 يوليو 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,686,969