أزمة منتصف العمر
نورا عبدالحليم 406
تستعد المرأة مبكرا لازمة منتصف العمر، فهى تراقب منذ بلوغها الثلاثين، عدد الشعرات البيضاء فى رأسها، والخطوط الرفيعة التى تظهر على بشرتها، اما الرجل فيبدو كمن فوجيء بانه تجاوز الاربعين والخمسين. <="" div="" border="0">
دراسة امريكية جديدة أوضحت ان النساء اكثر تقبلا لبلوغهن هذه السن على عكس الرجال الذين يصابون بالاكتئاب والتعاسة.
ويبدو مستاء وضجرا ويختلف الرجال فى طريقة تعاملهم مع هذه المرحلة السنية الحرجة فالبعض يكتئب وينتظر الموت والبعض الاخر يصاب باعراض المراهقة المتأخرة لأنه يريد ان يثبت لنفسه أنه مازال شابا. الدراسة التى أجرتها الباحثة الامريكية «ايدا لوشيات» استمرت عامين وشملت عددا كبيرا من الرجال وكان هدفها الرئيسى الكشف عن الطريقة التى يتفاعل بها الرجال مع ازمة منتصف العمر وخرجت بعدة نتائج اهمها ان المرأة اكثر قدرة على تكوين الصداقات فى حين يجنح الرجال للعزلة. ونادرا ما يكون للرجل صداقة حقيقية كالتى تحظى بها زوجته.. لقد نشأ هذا الجيل على الاعتقاد بأن الرجل القوى يجب أن يحتفظ بمشاعره لنفسه فقط مما جعل من الصعب على الرجال أن تكون لهم علاقات حميمة مع الآخرين.
عاد.. مراهقا
الصورة الكلاسيكية لمن يعانى أزمة منتصف العمر وصفتها زوجة بالقاهرة فى بداية العقد الخامس من عمرها لطبيب نفسى فقالت: «بعد ربع قرن من الزواج وخمسة من الصبيان والبنات أصغرهم على أعتاب الجامعة بدأت أشك أن زوجى قد أصابه مس من الجنون.. لقد أصبح يأتى بتصرفات غريبة وأعمال محيرة لم يكن يأتى بها طوال فترة زواجنا، فقد كان وقورا.. هادئا.. عاقلا.. والان تبدلت أحواله.. أرتدى الـ «تى شيرت» الملون والقميص المزركش والجينز بألوانه وموضاته وأصبح شديد الحرص على قص شعره على أحدث موضة.. ولم يتوقف عند هذا الحد فقد أصبح يتردد يوميا على النادى الذى كان يرفض الذهاب إليه من قبل، ويقضى وقته فى متابعة الفتيات الصغيرات بعينيه. الزوجة عرفت فى عيادة الطبيب ان زوجها.. يمر بما أطلق عليه علماء الطب النفسى «أرمة منتصف العمر» أو مايعادل « سن اليأس» عند المرأة وكان الكثيرون يظنون أن هذه المرحلة من العمر بآثارها النفسية والفسيولوجية مقصورة فقط على المرأة وحدها، ولكن الأبحاث أكدت أن الرجال أيضا يمرون بهذه المرحلة. ويشرح د. عادل المدنى استاذ الطب النفسى والاعصاب بجامعة الازهر ان علماء الطب النفسى حددوا بداية هذه المرحلة عند الرجل من سن 54 إلى 55 عاما. وقد توصلوا إلى مجموعة من الحقائق فى هذا الصدد، فالرجل عند بلوغ هذه السن يكتشف فجأة أن السنوات المتبقية من عمره أقل مما فات ويداهمه هذا الشعور حين يصل الأبناء إلى سن الرشد ويستغنون عنه، أو تنشغل الزوجة فى عملها أو حياتها الاجتماعية، وكرد فعل طبيعى يصبح الزوج عصبى المزاج، قلقا ويحاول أن يهرب من تلك الأحاسيس بالتغيب عن المنزل مدعيا الانشغال بالعمل، أو يدخل فى مغامرة عاطفية وربما يصاب بحالة اكتئاب. ويؤكد أيضا د. عادل مدنى أن هذه المرحلة فى عمر الرجل تكون دلالاتها النفسية أكبر بكثير من دلالاتها الجسدية والهرمونية، حيث إن قدرة الرجل على الإنجاب قد تمتد مع امتداد عمره، ولكن التغيرات النفسية عند الرجل فى هذه المرحلة لاتقل أهمية عنها لدى المرأة، فيصبح حساسا.. متوترا.. سريع الغضب، وقد يحاول تعويض هذه الانفعالات الكامنة داخله. ببعض التصرفات الصبيانية فى محاولة لاستعادة شبابه فتظهر عليه مظاهر الاهتمام بالذات ويبحث عن التدليل والحنان. ويتوقف حجم المشاكل النفسية التى تحدث بين الزوجين فى هذه المرحلة من العمر على مدى درايتهما بما يحدث لكل منهما فى هذه المرحلة من حياتهما، وكذلك على فارق السن بينهما، حيث تقل المشكلات كلما كان هناك تقارب فى السن. ويوجه د. مدنى نصيحة لكل زوجين أن يبحثا معا عن متطلبات جديدة تنشط العلاقات الجسدية والفكرية والزوجية بينهما ويطمئن الطبيب النفسى كل زوجة يمر زوجها بهذه الازمة ان تعتبرها مجرد أزمة عابرة ولابد من نهاية لها. وقد أثبتت الإحصائيات أن 09% من الرجال يعودون إلى رشدهم إذا ما تفهموا طبيعة هذه المرحلة. وأما دور الزوجة فإنه حيوى ومهم حتى تتفادى حدوث المشاكل العائلية، وذلك بأن تشعره بالطمأنينة والأمان. وأن تؤكد له دائما أنها مازالت تحبه وفى حاجة إليه وإلى عطفه وحنانه، والعناية بمظهرها واناقتها لتبقى على العلاقة متوهجة.
ساحة النقاش